الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 يناير 2022

الطعن 637 لسنة 24 ق جلسة 5/ 7/ 1954 مكتب فني 5 ج 3 ق 285 ص 897

جلسة 5 من يوليه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: إبراهيم خليل, وإسماعيل مجدى، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل, المستشارين.

----------------

(285)
القضية رقم 637 سنة 24 القضائية

(أ) تحقيق.

ندب النيابة لمأمور الضبط القضائي لتحقيق أمور أبداها أحد مرؤوسيه. جوازه. تفتيش. إذن النيابة به. تقدير مبلغ جدية التحريات. متروك لها تحت رقابة المحكمة.
(ب) قبض. تفتيش.

وجود دلائل كافية على حيازة المتهم المخدر. جواز القبض عليه وتفتيشه.

----------------
1 - ليس في القانون ما يمنع النيابة من ندب أحد مأموري الضبط لتحقيق أمور أبداها أحد مرؤوسيه. فإذا كانت النيابة قد ندبت في حدود السلطة التي خولها لها القانون واحدا من مأموري الضبط القضائي لتحقيق مدى جدية التحريات التي قدمها أحد الكونستابلات وبعد أن اطلعت على هذا التحقيق أمرت بالتفتيش، وكانت محكمة الموضوع قد أقرت النيابة على ما رأته من قيام المبرر لاتخاذ إجراء التفتيش فلا يقبل من الطاعن ما يثيره من بطلان إذن التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات لتعلق ذلك بأمور تخضع لتقدير سلطة التحقيق ومحكمة الموضوع.
2 - لمأمور الضبط القضائي بمقتضى السلطة المخولة له بالمادتين 34/ 1 و46 من قانون الإجراءات الجنائية أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه بجناية إحراز مخدر وأن يفتشه دون حاجة إلى الأمر بذلك من سلطة التحقيق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة (حشيشا وأفيونا) بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33/ ا ب جـ و35 و37 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (ا) المحلق به. فصدر قرارها بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - بمعاقبة أحمد عطيه على العزازي بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه 3000 جنيه والمصادرة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يقول في طعنه إن الحكم المطعون فيه استند في إدانته إلى تفتيش باطل، وقد دفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات التي استند إليها لسببين: (الأول) أن الكونوستابل الذى قام بها لم يبدها إلا قبيل طلب الإذن، فهي في الواقع لا تعد تحريات بمعناها المفهوم. (الثاني) إن النيابة وقد أرادت التحقيق من جدية التحريات لم تحقق ذلك بنفسها بل عهدت به إلى الضابط طالب الإذن بالتفتيش، وقد رد الحكم على هذا الدفع بأن النيابة أمرت بالتفتيش بعد إجراء تحقيق اقتنعت منه بموجود تحريات جدية تبرر هذا الإجراء، وأن المحكمة ترى أن تقدير النيابة لهذه التحريات سليم، وأن رجال المباحث إذ أكدوا أنهم تحروا حقيقة أمر المتهم وتأكدوا أنه يتجر في المخدرات وأنه حضر من بلدته التي عينوها إلى بندر الزقازيق لتوزيع كمية منها على تجار القطاعي، كل هذه أقوال سليمة لا غبار عليها ولا مطعن فيها. هذا الذى قالته المحكمة في الرد على الدفع غير سديد، ذلك بأن تفتيش الأشخاص بقصد الحصول على دليل هو إجراء من إجراءات التحقيق تجرى عليه القواعد المقررة لتفتيش المساكن فلا تأمر به سلطة من سلطات التحقيق إلا لمناسبة جريمة ترى أنها وقعت، وصحت نسبتها إلى شخص معين بذاته، وأن هناك من الدلائل ما يبرر اقتحام مسكنه وتقدير كفاية تلك الدلائل, وإن كان من شأن سلطة التحقيق إلا أنه خاضع لرقابة محكمة الموضوع. وإذا كان الشارع قد اشترط أن يكون هناك تحقيق مفتوح فإنه بذلك، إنما قصد التحقيق الذى تتولاه النيابة، وليس ضروريا لتسويغ التفتيش أن يكون التحقيق قد قطع مرحلة، أو استظهر قدرا معينا من أدلة الإثبات بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق. وبتطبيق هذه المبادئ على واقعة الدعوى، يتضح أن كونستابل مكتب المخدرات حرر محضرا في الساعة 11 و25 دقيقة من صباح يوم 4 مارس سنة 1953، أثبت فيه أن الطاعن من تجار المخدرات المعروفين للمكتب, وأن التحريات أثبتت أن نشاطه في هذه التجارة قد اتسع في المدة الأخيرة اتساعا ملحوظا، وأنه وصل إلى علمه أن الطاعن حضر إلى بندر الزقازيق ومعه كمية من المخدرات، وأنه تأكد من وجود المخدر معه, ثم أشر معاون المكتب على هذا المحضر بعرضه يعلى وكيل النيابة لاستصدار الإذن بتفتيش الطاعن وضبط ما يحوزه من مخدرات، وفى الساعة الحادية عشر والنصف من نفس اليوم أشر وكيل النيابة على المحضر بإجراء التحقيق وندب لإجرائه معاون المكتب، وذلك لسؤال الكونوستابل عما جاء بمحضره ومدى جدية هذه التحريات. وبناء على ذلك فتح المعاون محضره في الساعة 11 أي بعد الإشارة السابقة بخمس دقائق، وسأل الكونستابل فقرر ما يفيد أنه تأكد من صحة التحريات وفى أعقاب ذلك مباشرة عرض المحضر على وكيل النيابة فأشر عليه في الساعة 11 و55 دقيقة بإصدار الإذن المطلوب. ولما كانت هذه الإجراءات هي في الواقع إجراءات صورية للتلاحق الزمنى السريع، وللتعارض الموجب للبطلان بتخويل ضابط البوليس صفات متعددة لا يصح الجمع بينها، فان هذه التحريات لا يمكن والحالة هذه أن تكون لها صفة الجدية التي عناها القانون، لا يقدح في ذلك أن يكون للنيابة العامة الحق في أن تندب مأمور الضبط القضائي للقيام بعمل أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم إذ مناط ذلك ألا تتخلى هي عن واجب الرقابة الذى فرضه عليها القانون, فلا يصح أن تكل إلى الضابط أن يكون رقيبا على نفسه بل كان واجب عليها أن تتولى هي التحقيق بنفسها للوقوف على جلية الأمر في التحريات التي عرضت عليها ومدى جديتها والا تصدر الأمر إلا بعد أن تثبت لديها هذه الجدية وتقتنع بكفايتها. والحكم المطعون فيه إذ عنى بالرد على قرينة الصورية المستفادة من التقارب الزمنى بين الخطوات التي سبقت اذن التفتيش، فإنه أغفل الرد على جوهر الدفع من الناحية القانونية, وما أثاره الطاعن بصدد عدم جواز ندب الضباط للتحقق من جدية التحريات، وبطلان الإذن تأسيسا على ذلك وهو دفع ودفاع جوهري يتعين الرد عليه والا كان الحكم مشوبا بالقصور ولا يعترض على ذلك بالقول إن التفتيش اسفر عن ضبط المخدر إذ العبرة في الحكم على جدية التحريات بالظروف والعناصر الماثلة وقت صدور الإذن فاذا كان القدر الموجود منها وقت إصداره غير ظاهر الجد كان الإذن باطلا ووجب القضاء بذلك، بغض النظر عن نتيجة التفتيش أو ما بوشر من تحقيقات تاليه لصدوره والثابت في الحكم أنه حين تحدث عن التحريات نسبها إلى رجال المباحث بصيغة الجمع على خلاف الثابت بالأوراق من أن مصدرها الوحيد هو الكونستابل الذى كلف المعاون بالتحقق من تحرياته، فجاء هذا الإجراء صوريا فضلا عن مخالفته للقانون ولم يكن ماثلا أمام وكيل النيابة وقت إصدار الإذن غير هذه العناصر التي لا يمكن أن تتوافر معها الجدية ومن ثم كان الإذن وما ترتب عليه من ضبط المخدر مشوبا بالبطلان المفسر لصحة الاستدلال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أمر النيابة بالتفتيش صحيحا قانونيا لصدوره في تحقيق فتحته، وندبت في حدود السلطة التي خلوها إياها القانون واحدا من مأموري الضبط القضائي لتحقيق مدى جدية التحريات التي قدمها أحد الكونستابلات، وبعد أن اطلعت على هذا التحقيق أمرت بالتفتيش فلا أساس لما يزعمه الطاعن من أن النيابة تخلت عن مهمتها، إذ ليس في القانون ما يمنعها من ندب ضابط لتحقيق أمور أبداها أحد مرؤوسيه، ولما كانت محكمة الموضوع قد أقرت النيابة على ما رأته من قيام المبرر لاتخاذ إجراء التفتيش فان المجادلة التي يثيرها الطاعن في هذا الشأن لا تقبل منه لتعلقها بأمور تخضع لتقدير سلطة التحقيق ومحكمة الموضوع، هذا إلى أن لمأمور الضبط القضائي بمقتضى السلطة المخولة له بالمادتين 34/ 1 و46 من قانون الإجراءات الجنائية أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه بجناية إحراز مخدر وأن يفتشه دون حاجة إلى أمر بذلك من سلطة التحقيق. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع ببطلان التفتيش لا يكون مخطئا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق