جلسة 14 من يناير سنة 1976
برياسة السيد المستشار
نائب رئيس المحكمة محمود عباس العمراوي؛ وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال
سليم، مصطفى الفقي؛ محمد البنداري العشري، أحمد سيف الدين سابق.
----------------
(53)
الطعن 159 لسنة 41
القضائية
(1، 2 ) نزع الملكية للمنفعة
العامة. ملكية.
(1)تخصيص ما يملكه الأفراد للمنفعة العامة. كيفيته. الملكية الخاصة
للدولة. طرق اكتسابها.
(2)نزع الملكية العامة. جواز حدوثه بطريق غير مباشر دون اتخاذ الإجراءات
القانونية. لذوي الشأن في هذه الحالة جميع الحقوق المنصوص عليها في القانون.
الالتزام بتعويضهم. مصدره القانون وليس العمل غير المشروع.
(3)تقادم "التقادم المسقط". مسئولية.
التقادم الثلاثي في
المادة 172 مدني. تقادم استثنائي. قصره على دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير
المشروع. الالتزامات الناشئة مباشرة من القانون يسري عليها التقادم العادي المنصوص
عليه في المادة 374 مدني.
----------------
1 - تخصيص ما يملكه
الأفراد للمنفعة العامة يقتضي أولاً إدخاله في ملكية الدولة أو الأشخاص المعنوية
العامة الأخرى فيصبح في الملك الخاص ثم ينتقل بعد ذلك إلى الملك العام بتخصيصه
للمنفعة العامة بطريق رسمي أو بطريق فعلي، وأن إدخاله في الملك الخاص للدولة يكون
بطريق من طرق اكتساب الملكية المبينة في القانون المدني أو بطريق نزع الملكية.
2 - نزع الملكية للمنفعة
العامة يكون نزعاً مباشراً إذا ما اتبعت القواعد والإجراءات التي نظمها القانون
الخاص الصادر بشأنه، وقد يحدث بطريق غير مباشر بأن تخصص الدولة العقار المملوك
لأحد الأفراد للمنفعة العامة دون اتخاذ الإجراءات المنوه عنها في هذا القانون
فتنتقل حيازته من المالك الأصلي إلى الدولة ويتحقق بذلك حكم نزع الملكية ويتولد
عنه أسوة بالصورة العادية المباشرة جميع الحقوق المنصوص عنها في القانون لأولي
الشأن، مؤدى ذلك وعلى ضوء ما قضى به الحكم الصادر في الدعوى السابقة - من اعتبار
مساحة الأرض موضوع النزاع من المنافع العامة غير مجملة بأي حق عيني - إسباغ صفة
قانونية على تخصيصها للمنفعة العامة وانتقال حقوق الملاك السابقين من الأفراد إلى
المطالبة بثمنها بحيث يكون مصدر التزام السكة الحديد بأداء هذا الثمن ولو نعته
المشرع بأنه تعويض هو القانون لا العمل غير المشروع.
3 - التقادم الثلاثي
المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى
التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع فلا يسري على الالتزامات التي تنشأ مباشرة
من القانون والتي تجرى عليها في شأن تقادمها أحكام التقادم العادي المنصوص عليه في
المادة 374 من القانون المدني ما لم يوجد نص خاص بتقادم آخر (1).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الناظر على وقف
المرحوم..... حاكم اليمن السابق رفع الدعوى 1955 لسنة 1953 مدني كلي القاهرة على
مدير مصلحة السكة الحديد بصفته طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 268386
جنيهاً و600 مليماً مع مقابل ريعه على أساس أن وقف شنن كان مستحكراً مساحة من
الأرض قدرها 12 فدان و11 قيراطاً و16 سهماً جارية في الوقف الذي يتولى نظارته، وقد
وضعت مصلحة السكة الحديد يدها على مساحة 3 أفدنة و4 قراريط و16 سهماً من تلك الأرض
وأقامت عليها طريقاً حديدياً وبعض المنشآت وظلت تدفع للوقف حكراً حتى عام 1930 حيث
امتنعت فرفع ناظره دعوى أمام محكمة مصر الشرعية الابتدائية قضى له فيها في 16 يونيه
1942 بجريان هذه المساحة مع ما عليها من التزامات في وقف.... حاكم اليمن وتأيد هذا
الحاكم استئنافياً في 23 مارس 1943، فرفعت مصلحة السكة الحديد - المطعون ضدها -
الدعوى رقم 2071 لسنة 1944 مدني كلي القاهرة وقضى فيها بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1945
باعتبار المساحة المذكورة من المنافع العامة غير محملة بأي حق عيني وجاء في أسباب
هذا الحكم أن الحقوق التي كانت على هذه المساحة تتحول إلى ثمن أو تعويضات يطالب
بها صاحبها، وقد تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر في الاستئناف 306 لسنة 63 قضائية
بالقاهرة بتاريخ 17 نوفمبر سنة 1946، ولما كانت مصلحة السكة الحديد لم تقم بدفع
ثمن هذه الأرض التي لا يقل ثمن المتر منها عن عشرين جنيهاً فقد رفع الدعوى بطلباته
السابقة، وبتاريخ 25 يناير سنة 1954 قضى بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعي فجعل
الطاعنان الأول والثاني الدعوى بصفتهما حارسين قضائي على أملاك الوقف. دفعت مصلحة
السكة الحديد بعدم سماع الدعوى أصلياً واحتياطياً بعدم قبولها لرفعها من غير ذي
صفة كما نازعت في تبعية الأرض موضوع النزاع لوقف حاكم اليمن فقضت المحكمة بتاريخ
22 نوفمبر سنة 1965 برفض الدفع بعدم سماع الدعوى وندبت خبيراً مهندساً لتحقيق
تبعية الأرض للوقف المذكور. وبعد أن قدم الخبير تقريره وفيه أن الأرض تابعة
لوقف.... حاكم اليمن وأن مساحتها فدانان و15 قيراطاً و5 أسهم دفعت مصلحة السكة
الحديد بعدم قبول الدعوى لرفعها من الحارسين القضائيين وبالتقادم فتدخل في الدعوى
جميع الملاك وهم الطاعنون من الثالث إلى الأخير ثم اختصم الطاعنون المطعون ضده
الثاني محافظ القاهرة بصفته بعد أن قررت مصلحة السكة الحديد أنه المسئول عن قيمة
تلك الأرض. وبتاريخ 11 يونيه سنة 1970 قضت المحكمة أولاً برفض الدفعين بعدم قبول
الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وعلى غير ذات صفة بالنسبة للسكة الحديد وبقبولها
ثانياً بسقوط الدعوى بالتقادم. رفع الطاعنون الاستئناف 2663 لسنة 87 قضائية
القاهرة عن هذا الحكم فيما قضى به من سقوط الدعوى بالتقادم وبتاريخ 9/ 2/ 1971 قضت
المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على
المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه
الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني مخالفة القانون والخطأ في
تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون أنه قضى بسقوط دعواهم بالتقادم الثلاثي وفق المادة
172 من القانون المدني استناداً إلى ما قاله من أنها دعوى تعويض عن عمل غير مشروع،
في حين أن تخصيص الأرض موضوع النزاع للمنفعة العامة ولو بغير صدور حكم بهذا
التخصيص وبغير اتباع الإجراءات التي نص عليها قانون نزع الملكية لا يكن لما فيه من
تغليب مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد مع قيام حق هذا الأخير في التعويض العادل -
وصفه بأنه عمل غير مشروع، وإنما يعتبر عملاً من أعمال السلطة العامة أو الإدارة تم
مخالفاً للقانون والمسئولية عنه مصدرها القانون مما لازمة تطبيق أحكام التقادم
الطويل عليها لا التقادم الثلاثي بما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في
محله، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي
فيما قضى به من سقوط دعوى الطاعنين بالتقادم على سند من القول بأنها دعوى تعويض عن
عمل غير مشروع تتقادم طبقاً للمادة 172 من القانون المدني بثلاث سنوات تسري عملاً
بالمادة 8 من هذا القانون من وقت العمل به في 15 من أكتوبر سنة 1949، وبين وجه
اعتبارها كذلك أي دعوى تعويض عن عمل غير مشروع بقوله "إن مصلحة السكة الحديد
خصصت العقار محل النزاع رأساً للمنفعة العامة قبل أن تنتقل ملكيته إليها فيكون هذا
منها غصباً غير مشروع ويكون للوقف الذي اغتصب ملكه وأضيف إلى المنافع العامة بغير
اتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية حق المطالبة بالتعويض". وما أورده
الحكم من ذلك خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن من المقرر أن تخصيص ما يملكه الأفراد
للمنفعة العامة يقتضي أولاً إدخاله في ملكية الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة
الأخرى فيصبح في الملك الخاص وينتقل بعد ذلك إلى الملك العام بتخصيصه للمنفعة
العامة بطريق رسمي أو بطريق فعلي، وأن إدخاله في الملك الخاص للدولة يكون بطريق من
طرق اكتساب الملكية المبينة في القانون المدني أو بطريق نزع الملكية وأن نزع
الملكية للمنفعة العامة يكون نزعاً مباشراً إذا ما اتبعت القواعد والإجراءات التي
نظمها القانون الخاص الصادر بشأنه، وقد يحدث بطريق غير مباشر بأن تخصص الدولة - العقار
المملوك لأحد الأفراد للمنفعة العامة دون اتخاذ الإجراءات المنوه عنها في هذا
القانون فتنتقل حيازته من المالك الأصلي إلى الدولة ويتحقق بذلك حكم نزع الملكية
ويتولد عنه أسوة بالصورة العادية المباشرة جميع الحقوق المنصوص عنها في القانون
لأولي الشأن، ومؤدى ذلك وعلى ضوء ما قضى به الحكم الصادر في الدعوى 2071 لسنة 1944
مدني كلي القاهرة واستئنافه 306 لسنة 63 قضائية القاهرة من اعتبار مساحة الأرض
موضوع النزاع من المنافع العامة غير محملة بأي حق عيني - إسباغ صفة قانونية على
تخصيصها للمنفعة العامة وانتقال حقوق الملاك السابقين من الأفراد إلى المطالبة
بثمنها بحيث يكون مصدر التزام السكة الحديد بأداء هذا الثمن ولو نعته المشرع بأنه
تعويض هو القانون لا العمل غير المشروع، لما كان ذلك وكان الطاعنون قد تمسكوا أمام
محكمة الموضوع بدرجتيها بأن أساس مطالبتهم بثمن الأرض ومقابل ريعه هو أن مصلحة
السكة الحديد لم تقم بدفع هذا الثمن الذي يلزمها القانون بدفعه بعد ما آلت إليها
الأرض وتحول ما كان لهم من حقوق عليها إلى ثمنها، وكان التقادم الثلاثي المنصوص
عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض
الناشئة عن العمل غير المشروع فلا يسري على الالتزامات التي تنشأ مباشرة من
القانون والتي تجرى عليها في شأن تقادمها أحكام التقادم العادي المنصوص عليه في
المادة 374 من القانون المدني ما لم يوجد نص خاص يقضي بتقادم آخر، فإن الحكم
المطعون فيه يكون - إذ قضى بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة
172 سالفة الذكر - قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه والإحالة.
(1) نقض جلسة 20/ 4/ 1971 مجموعة المكتب الفني س 22. ص 495.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق