الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يناير 2022

القضية 1 لسنة 13 ق جلسة 15/ 5 / 1993 دستورية عليا مكتب فني 5 ج 2 طلبات أعضاء ق 2 ص 407

جلسة 15 مايو سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله - أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

-------------------

قاعدة رقم (2)

الطلب رقم 1 لسنة 13 قضائية "طلبات أعضاء"

(1) دعوى. "تكييفها. مثال".
المحكمة الدستورية العليا بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح. مثال: المنازعة حول مقدار المكافآت التي يدعى الطالب استحقاقها عن ندبه وليس لها شأن بأصل الحق فيها، أو صلة بمصدره هي في حقيقة مرماها مطالبة بإجراء تسوية تستمد من القانون مصدرها المباشر وليست من قبيل دعاوى الإلغاء.
(2) قانون. "قانون المحكمة الدستورية العليا. هيئة المفوضين: ندب - مكافأة الندب".
قانون المحكمة الدستورية العليا حرص على تعيين السلطة المختصة بإصدار قرار الندب للعمل بهيئة المفوضين والشروط الإجرائية اللازمة لصدوره. خلو نصوصه من قاعدة ملزمة بتحديد مكافأة الندب، أثر ذلك: ترخص المحكمة في تقديرها بمراعاة الأعمال التي يؤديها المنتدبون وأوضاع ميزانيتها. القواعد التي تتقرر في هذا الشأن: طبيعتها: قواعد عرفية إدارية ملزمة.
(3) ندب - "أنواعه. التمييز في المعاملة المالية بين المنتدبين بسحب نوع الندب أساس ذلك".
الندب قد يكون طوال الوقت، وقد يكون لبعض الوقت. أحقية المنتدب لمكافأة في الحالة الثانية وحدها، أساس هذه التفرقة إعفاء المنتدب طوال الوقت من أعباء وظيفته الأصلية وانحصار جهده في العمل الذي ندب إليه، على خلاف المنتدب لبعض الوقت إذ يعتبر العمل المندوب له مضافا لأعباء الوظيفة الأصلية.
(4) ندب. "إنهاؤه".
حق المحكمة في العدول عن ندب عضو من جهته الأصلية للعمل بهيئة المفوضين بها، يقابله أن الندب لا يكون إلا بموافقته كما لا يعتبر الندب مانعا من إنهاء المنتدب له قبل اكتمال مدته إذا قدر أن ذلك أكفل لمصلحته وأصون لحقوقه المالية.

----------------
1 - إن المحكمة الدستورية العليا بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، متقصية في سبيل ذلك طلبات المدعى فيها، غير مقيدة بالمعنى الحرفي لألفاظها وعباراتها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها. وإذ كانت المنازعة الماثلة تدور حول مقدار المكافأة التي يدعى الطالب استحقاقها عن ندبه، ولا شأن لها بأصل الحق فيها، وليس لها من صلة بمصدره من الناحية القانونية، فإنها لا تعتبر في تكييفها القانوني الصحيح من قبيل دعاوى الإلغاء التي يتقيد رافعها بالميعاد المنصوص عليه في المادة 85 من قانون السلطة القضائية، بل هي في حقيقة مرماها مطالبة بإجراء تسوية تستمد من القانون مصدرها المباشر.
2 - إن قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد نص في مادته الثانية والعشرين على أنه "يجوز بقرار من رئيس المحكمة ندب أعضاء من الهيئات القضائية للعمل بهيئة المفوضين بها ممن تنطبق عليهم أحكام الفقرة السابقة، وذلك بعد أخذ رأى الجمعية العامة، وطبقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون الهيئة التي ينتمون إليها" ويستفاد من هذا النص، أن قانون هذه المحكمة - مؤيدا بما جرى عليه العمل في الهيئات القضائية - وإن حرص على تعيين السلطة التي يدخل إصدار قرار الندب في اختصاصها وكذلك الشروط الإجرائية اللازمة لصدوره، إلا أن النصوص التي تضمنها قانون المحكمة، خلت جميعها من أية قاعدة ملزمة تتحدد المكافأة - في مقدارها - على ضوئها. ولازم ذلك أن لهذه المحكمة السلطة الكاملة التي تقرر بها المكافأة التي يستحقها المنتدبون إليها بمراعاة الأعمال التي يؤدونها لديها، ونطاق أعبائها، وما يبذلونه من جهد في إنجازها، وأوضاع ميزانيتها. وترخصها في ذلك لا يعدو أن يكون التزاما من جانبها بقاعدة عرفية إدارية تستقل بموجبها في تقرير مكافأة المنتدبين إليها، وعلى تقدير أن القواعد العرفية الإدارية تنزل منزلة النصوص ذاتها، وتأخذ حكمها ولا تجوز مخالفتها.
3 - من المقرر أن ندب عضو من جهته الأصلية للعمل بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا مرهون بموافقته التي يوازيها حق الجهة التي يندب إليها في أن تعدل عن ندبه وأن تقرر إنهاءه قبل اكتمال مدته، وكان رئيس هذه المحكمة إذ قرر لأول مرة - وخلافا لما كان قد جرى عليه من قبل من قيام المنتدبين طوال الوقت بأداء أعمالهم في الهيئة دون مقابل - مكافأة للطالب عن ندبه إليها طوال الوقت مقدارها خمسة وسبعون جنيها شهريا، وكان تقرير المكافأة على هذا النحو واقعا في حدود سلطته التقديرية، ومعززا بواقعة أن ندبه طوال الوقت بهيئة المفوضين، لازمها إعفاؤه خلال مدة ندبه من أعباء وظيفته الأصلية، وانحصار جهده في العمل الذي ندب إليه، في حين يعتبر هذا العمل مضافا إلى أعباء الوظيفة الأصلية بالنسبة إلى من يندبون لبعض الوقت، وهى تفرقة تقوم بها فواصل التمييز بين صورتين من صور الندب، وتقتضى المغايرة بينهما من مقدار المكافأة على أساس من الحق والعدل. ولا محل بالتالي لأن تعامل هاتان الصورتان معاملة قانونية متكافئة، ذلك أن التمييز بينهما - في مجال مقدار المكافأة - يستند إلى أسس موضوعية تعتبر بذاتها نافية لشبهة التحكم في التقدير، نابذة مجانبته للصالح العام.
4 - ما قرره الطالب من أن المكافأة التي قدرها رئيس المحكمة على النحو المتقدم بيانه، أقل مما تقرر لأقرانه الذين ندبوا للعمل في جهات أخرى، وأن ندبه للعمل بهيئة المفوضين أدى إلى حرمانه مما كان يمكن أن يتقاضاه منها لو أنه ندب إليها إضافة إلى عمله الأصلي أو استقلالا عنه، مردود بأن المكافأة التي يقدرها رئيس المحكمة لمن يندبون للعمل بهيئة المفوضين لها ضوابطها النابعة من طبيعة العمل فيها وما رصد من اعتمادات مالية لمقابلة جهود المنتدبين إليها. كذلك فإن ندب القاضي مؤقتا للعمل بأعمال قضائية أو قانونية غير عمله أو بالإضافة إلى عمله، لا يكون إلا بموافقته، ولا يعتبر ندبه في أية جهة لمدة معينة، مانعا من إنهائه لها قبل اكتمالها والعودة إلى جهته الأصلية إذا قدر أن ذلك أكفل لمصلحته وأصون للحقوق المالية التي يتوقعها من ندبه للعمل في جهة غير هيئة المفوضين. وهو ما قام الدليل على نقيضه، إذ ظل الطالب قائما بالعمل طوال الوقت بهذه الهيئة - ودون ما اعتراض من جانبه - إلى أن قرر مجلس القضاء الأعلى إنهاء هذا الندب في 16 أكتوبر سنة 1989.


الإجراءات

بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1991 أودع السيد المستشار ...... هذا الطلب قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يؤدوا إليه مكافأة مقابل ندبه طوال الوقت بهيئة المفوضين بالمحكمة بنسبة 100% من راتبه الأساسي خلال الفترة من أول ديسمبر سنة 1985 حتى 16 أكتوبر سنة 1989.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الطلب لرفعه بعد الميعاد، واحتياطيا برفضه.
وبعد تحضير الطلب، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة 9 مارس سنة 1993. وبذات الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطالب أقام أمام المحكمة الدستورية العليا الطلب رقم 1 لسنة 13 قضائية "طلبات أعضاء". وقال شرحا له أنه ندب للعمل بهيئة المفوضين بهذه المحكمة طوال الوقت اعتباراً من 1 ديسمبر 1985 إبان شغله وظيفة مستشار بمحكمة استئناف القاهرة. وقد منح مكافأة شهرية مقابل هذا الندب مقدارها خمسة وسبعون جنيها إلى أن قرر مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 16 أكتوبر سنة 1989 إنهاء ندبه لهيئة المفوضين طوال الوقت، مع الموافقة على أن يكون ندبه لها لبعض الوقت. وأنه ظل طوال فترة ندبه بالهيئة يطالب بمساواته بزملائه المنتدبين طوال الوقت بمكتب المدعى الاشتراكي، والذين كانوا يتقاضون مكافأة مقدارها 200% من رواتبهم الأساسية، وأنه إذ تقدم إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة مطالبا بمستحقاته لديها، ولم يتلق ردا على طلبه، فقد أقام طلبه الماثل.
ومن حيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الطلب تأسيسا على أن الطلب الماثل هو في حقيقته طعن على قرار السيد المستشار رئيس المحكمة بتقرير مكافأة للطالب مقدارها خمسة وسبعون جنيها شهريا، وأنه طبقا لنص المادة 85 من قانون السلطة القضائية، يتعين أن يرفع الطلب خلال ثلاثين يوما من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو إعلان صاحب الشأن به أو عمله به علما يقينيا، وأنه ترتيبا على ذلك، كان يتعين عليه أن يقيم طلبه الماثل خلال ثلاثين يوما من تاريخ علمه بقرار منحه المكافأة علما يقينا في 1 ديسمبر سنة 1985. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى إذ كان الطالب قد طلب في 6 يناير سنة 1991 من السيد المستشار رئيس المحكمة تقرير مكافأة شهرية عن ندبه بواقع 100% من راتبه الأساسي، وكان عدم تلقيه ردا على طلبه يعتبر بمثابة قرار سلبى بالامتناع عن تقرير المكافأة التي طلبها، فقد كان يتعين عليه أن يقيم طلبه بإلغاء هذا القرار خلال الثلاثين يوما التالية لانقضاء ثلاثين يوما على تاريخ تقديم طلبه، وإذ كان الطالب قد أغفل التقيد بالميعاد المحدد لدعوى الإلغاء سواء بالنسبة لقرار منح المكافأة أم بالنسبة إلى قرار الامتناع عن تقريرها في الحدود التي طلبها، فإن طلبه في الحالتين يكون غير مقبول شكلا.
وحيث إنه هذا الدفع مردود بأن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، متقصية في سبيل ذلك طلبات المدعى فيها، غير مقيدة بالمعنى الحرفي لألفاظها وعباراتها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها. وإذ كانت المنازعة الماثلة تدور حول مقدار المكافأة التي يدعى الطالب استحقاقها عن ندبه، ولا شأن لها بأصل الحق فيها، وليس لها من صلة بمصدره من الناحية القانونية، فإنها لا تعتبر في تكييفها القانوني الصحيح من قبيل دعاوى الإلغاء التي يتقيد رافعها بالميعاد المنصوص عليه في المادة 85 من قانون السلطة القضائية، بل هي في حقيقة مرماها مطالبة بإجراء تسوية تستمد من القانون مصدرها المباشر.
وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد نص في مادته الثانية والعشرين على أنه "يجوز بقرار من رئيس المحكمة ندب أعضاء من الهيئات القضائية للعمل بهيئة المفوضين بها ممن تنطبق عليهم أحكام الفقرة السابقة، وذلك بعد أخذ رأى الجمعية العامة، وطبقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون الهيئة التي ينتمون إليها".
وحيث إنه يستفاد من هذا النص، أن قانون هذه المحكمة - مؤيدا بما جرى عليه العمل في الهيئات القضائية - وإن حرص على تعيين السلطة التي يدخل إصدار قرار الندب في اختصاصها وكذلك الشروط الإجرائية اللازمة لصدوره، إلا أن النصوص التي تضمنها قانون المحكمة، خلت جميعها من أية قاعدة ملزمة تتحدد المكافأة - في مقدارها - على ضوئها. ولازم ذلك أن لهذه المحكمة السلطة الكاملة التي تقرر بها المكافأة التي يستحقها المنتدبون إليها بمراعاة الأعمال التي يؤدونها لديها، ونطاق أعبائها، وما يبذلونه من جهد في إنجازها، وأوضاع ميزانيتها. وترخصها في ذلك لا يعدو أن يكون التزاما من جانبها بقاعدة عرفية إدارية تستقل بموجبها في تقرير مكافأة المنتدبين إليها، وعلى تقدير أن القواعد العرفية الإدارية تنزل منزلة النصوص القانونية ذاتها، وتأخذ حكمها ولا تجوز مخالفتها.
وحيث إن من المقرر أن ندب عضو من جهته الأصلية للعمل بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا مرهون بموافقته التي يوازيها حق الجهة التي يندب إليها في أن تعدل عن ندبه، وأن تقرر إنهاءه قبل اكتمال مدته، وكان رئيس هذه المحكمة إذ قرر لأول مرة - وخلافا لما كان العمل قد جرى عليه من قبل من قيام المنتدبين طوال الوقت بأداء أعمال في الهيئة دون مقابل - مكافأة للطالب عن ندبه إليها طوال الوقت مقدارها خمسة وسبعون جنيها شهريا، وكان تقرير المكافأة على هذا النحو واقعا في حدود سلطته التقريرية، ومعززا بواقعة أن ندبه طوال الوقت بهيئة المفوضين، لازمها إعفاؤه خلال مدة ندبه من أعباء وظيفته الأصلية، وانحصار جهده في العمل الذي ندب إليه، في حين يعتبر هذا العمل مضافا إلى أعباء الوظيفة الأصلية بالنسبة إلى من يندبون لبعض الوقت، وهى تفرقة تقيم بذاتها فواصل التمييز بين صورتين من صور الندب، وتقتضى المغايرة بينهما من مقدار المكافأة على أساس من الحق والعدل. ولا محل بالتالي لأن تعامل هاتان الصورتان معاملة قانونية متكافئة، ذلك أن التمييز بينهما - في مجال مقدار المكافأة - يستند إلى أسس موضوعية تعتبر بذاتها نافية لشبهة التحكم في التقدير، نابذة مجانبته للصالح العام.
وحيث إن ما قرره الطالب من أن المكافأة التي قدرها رئيس المحكمة على النحو المتقدم بيانه، أقل مما تقرر لأقرانه الذين ندبوا للعمل في جهات أخرى، وإن ندبه للعمل بهيئة المفوضين أدى إلى حرمانه مما كان يمكن أن يتقاضاه منها لو أنه ندب إليها إضافة إلى عمله الأصلي واستقلالا عنه، مردود بأن المكافأة التي يقدرها رئيس المحكمة لمن يندبون للعمل بهيئة المفوضين لها ضوابطها النابعة من طبيعة العمل فيها وما رصد من اعتمادات مالية لمقابلة جهود المنتدبين إليها. كذلك فإن ندب القاضي مؤقتا للعمل بأعمال قضائية أو قانونية غير عمله أو بالإضافة إلى عمله، لا يكون إلا بموافقته ولا يعتبر ندبه في أية جهة لمدة معينة، مانعا من إنهائه لها قبل اكتمالها والعودة إلى جهته الأصلية إذا قدر أن ذلك أكفل لمصلحته وأصون للحقوق المالية التي يتوقعها من ندبه للعمل في جهة غير هيئة المفوضين، وهو ما قام الدليل على نقيضه، إذ ظل الطالب قائما بالعمل طوال الوقت بهذه الهيئة - ودون ما اعتراض من جانبه - إلى أن قرر مجلس القضاء الأعلى إنهاء هذا الندب في 16 أكتوبر سنة 1989.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطلب شكلا، ورفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق