جلسة 9 من مايو سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار, وحافظ محمد بدوي.
--------------------
(95)
الطعن رقم 156 لسنة 28 القضائية
(أ) أشخاص اعتبارية. "حق التقاضي". "مصلحة التنظيم". مجالس بلدية.
الأشخاص الاعتبارية لها الشخصية المعنوية والحق في التقاضي، ولكل منها نائب يعبر عن إرادته. لم يمنح المشرع مصلحة التنظيم الشخصية الاعتبارية ولم يخول مديرها حق تمثيلها أمام القضاء. رفع الدعوى عليها في شخص مديرها أو في شخص وزير المالية أو وزير الأشغال يجعلها غير مقبولة. تبعية مصلحة التنظيم لمجلس بلدي القاهرة الذي يمثله محافظها في التقاضي. محافظ القاهرة هو وحده صاحب الصفة في تمثيل مصلحة التنظيم.
(ب) أشخاص اعتبارية. "حق التقاضي". "مصلحة التنظيم". نزع الملكية للمنفعة العامة.
مباشرة مصلحة التنظيم لإجراءات نزع الملكية لا يضفي - بذاته - عليها أهلية التقاضي. وليس في نصوص القانون 5 لسنة 1907 ما يسبغ على مصلحة التنظيم هذه الأهلية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 3950 سنة 1951 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنين وطلبوا فيها رفع ثمن العقار المنزوع من ملكيتهم إلى مبلغ 18500 جنيه مع إلزام المدعى عليهم (الطاعنين) بالأداء على هذا الأساس وقالوا في شرح دعواهم إنه في 14/ 12/ 1949 صدر مرسوم بنزع مساحة قدرها 556.25 متراً بما عليها من مباني في العقار رقم 3 بشارع مراد بالجيزة للمنفعة العامة (بقصد توسيع شارع مراد) وأن مجلس التثمين قدر ثمناً لم يرتضوه فأحالت مصلحة التنظيم طالبة نزع الملكية الأوراق إلى رئاسة المحكمة الابتدائية التي ندبت خبيراً قدر قيمة ما نزع ملكيته بمبلغ يقل عن تقدير مجلس التثمين وأنهم لذلك لم يجدوا مندوحة من إقامة دعواهم معارضين في تقدير مجلس التثمين، وبتاريخ 27/ 1/ 1955 قضت محكمة الدرجة الأولى بعد أن ندبت خبيراً هندسياً برفع المقابل إلى مبلغ 15368 ج و740 م ثم قضت بتاريخ 20/ 3/ 1956 بإلزام المدعى عليهم (الطاعنين) بأن يدفعوا للمطعون عليهم ما بقى لهم من المقابل المشار إليه. استأنف الطاعنون الحكم المذكور بالاستئناف رقم 812 سنة 73 ق القاهرة كما استأنفوا الحكم الصادر في 27/ 1/ 1955 بالاستئناف رقم 148 سنة 75 ق القاهرة وتمسكوا فيه بأن الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة لأن مصلحة التنظيم نازعة الملكية التابعة لبلدية القاهرة وأن الذي يمثل البلدية قانوناً هو محافظ القاهرة بصريح نص المادة 22 من القانون رقم 145 لسنة 1949 وأن الدعوى قد رفعت على المستأنفين دون أن تكون لهم صفة في تمثيل بلدية القاهرة وبتاريخ 22/ 2/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين: أولاً - في الاستئناف رقم 812 سنة 73 ق برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف وبقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصروفات. ثانياً - في الاستئناف رقم 148 سنة 75 ق قضت بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصروفات وبتاريخ 24 مايو سنة 1958 طعن الطاعنون في الحكم المذكور بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه. وبتاريخ 25 أبريل سنة 1961 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 18/ 4/ 1963 وفيها صممت النيابة على طلبها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - ذلك أنه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على وزارتي المالية والأشغال ومصلحة التنظيم مخالفاً بذلك أحكام المادتين 20 و22/ 2 من القانون رقم 145 لسنة 1949 وقرار وزير الشئون البلدية رقم 38 سنة 1951 ومؤداها جميعها أن مصلحة التنظيم التي باشرت إجراءات نزع الملكية ليست إلا إحدى إدارات بلدية القاهرة وليست شخصاً معنوياً وإنما الشخصية المعنوية هي لمجلس بلدية القاهرة الذي يمثله في التقاضي محافظ القاهرة وحده بصفته رئيساً له وأما وزيرا المالية والأشغال فليست لهما صفة في تمثيل مصلحة التنظيم في التقاضي.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 145 لسنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة القاهرة نصت على أنه "يشكل المجلس البلدي أولاً من محافظ القاهرة وتكون له الرئاسة" ونصت الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون المذكور على ما يأتي: "ويقوم الرئيس بتمثيل المجلس البلدي أمام المحاكم" كما نص قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 38 المنشور في 25/ 1/ 1951 على أنه "تلحق مصلحة التنظيم بالإدارة العامة لبلدية القاهرة وتكون تابعة لها" ومفاد هذه النصوص - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مصلحة التنظيم تتبع مجلس بلدي القاهرة الذي يمثله محافظها في التقاضي فهو وحده صاحب الصفة في تمثيل مصلحة التنظيم لما كان ذلك، وكانت المادة 52 من القانون المدني قد نصت على أن "الأشخاص الاعتبارية هي: الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها شخصية اعتبارية"، كما نصت المادة 53 من ذات القانون على أن "الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود التي قررها القانون فيكون له... حق التقاضي... ويكون له نائب يعبر عن إرادته" - لما كان ذلك، وكان القانون لم يمنح مصلحة التنظيم شخصية اعتبارية ولم يخول مديرها حق تمثيلها أمام القضاء، وكان لا صفة لوزارتي المالية والأشغال في تمثيل مصلحة التنظيم أمام القضاء فإن الدعوى الحالية وقد رفعت من المطعون عليهم في 20/ 2/ 1951 ضد مصلحة التنظيم ووزارتي الأشغال والمالية تكون غير مقبولة، ولا يقدح في صحة هذا النظر ما آثاره المطعون عليهم من أن مصلحة التنظيم هي التي قامت بمباشرة إجراءات نزع الملكية مما يستتبع في نظرهم جواز اختصام هذه المصلحة ذلك أنه لما كان القانون لم يمنح المصلحة المذكورة الشخصية الاعتبارية فإن مباشرتها لإجراءات نزع الملكية لا يضفي بذاته عليها أهلية التقاضي وليس في نصوص القانون رقم 5 لسنة 1907 المنطبق على واقعة الدعوى ما يسبغ على مصلحة التنظيم هذه الأهلية - هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن طالبة نزع الملكية في النزاع الحالي هي بلدية القاهرة التي يمثلها محافظ القاهرة فلا يصح اختصامها في شخص إحدى الإدارات التابعة لها كمصلحة التنظيم - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه وما سلف بيانه يتعين إلغاء الحكمين المستأنفين والقضاء بعدم قبول الدعوى.
(1) راجع نقض 1/ 11/ 1962 طعن 132 س 27 ق السنة 13 ص 961.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق