الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 20 يناير 2023

الطعن 79 لسنة 29 ق جلسة 26 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 177 ص 1231

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

---------------

(177)
الطعن رقم 79 لسنة 29 القضائية

حكم. "عيوب التدليل". قصور "ما يعد كذلك". أهلية. "عوارض الأهلية". "العته".
استناد الحكم في إثبات قيام حالة العته إلى التقرير الطبي الذي أثبت وجودها في نوفمبر سنة 1954 إرجاع الحكم هذه الحالة إلى ديسمبر سنة 1953 تاريخ حصول التصرف. خلو التقرير مما يعين على تأكيد ذلك. عدم إفصاح الحكم عن مصدر آخر استمد منه تأكيده رجوع حالة العته إلى ذلك التاريخ بالذات. قصور.

---------------
إذا كان الحكم المطعون فيه قد استند في إثبات قيام حالة العته لدى البائع إلى التقرير الطبي الذي أثبت وجودها في نوفمبر سنة 1954 ورتب الحكم على ما ورد في هذا التقرير أن هذه الحالة لا بد أن تكون راجعة إلى تاريخ حصول التصرف المطعون فيه أي في ديسمبر سنة 1953 وكان التقرير الطبي خلوا مما يعين على تأكيد إرجاع حالة العته التي أثبتها الطبيب في نوفمبر سنة 1954 إلى تاريخ ذلك التصرف، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يفصح عن مصدر آخر استمد منه تأكيده رجوع حالة العته إلى ذلك التاريخ بالذات وهو ما يجب ثبوته بيقين لإبطال التصرف، يكون قاصراً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 392 سنة 1955 مدني كلي دمنهور ضد الطاعنة وقالا إن مورثهما المرحوم الدكتور محمد علي الزرقا باع للطاعنة وهى زوجته 18 ف و22 ط و18 س بمقتضى عقد مسجل في 15/ 12/ 1953 وكان البائع وقت صدور هذا العقد في حالة عته شائعة ثم حكم بتوقيع الحجر عليه في 27/ 3/ 1955 وتوفى بعد توقيع الحجر عليه ولما كان صدور العقد من البائع وهو في حالة عته شائعة يجعله باطلاً فقد أقام المطعون عليهما الدعوى طالبين الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى حصتهما الميراثية شائعة في القدر المبيع وقدرها 3 ف و1 ط و13 س ومحو التسجيلات الموقعة على هذا القدر - ردت الطاعنة على الدعوى بأن البائع لم يكن في حالة عته شائعة وقت البيع بل كان في حالة عقلية سليمة وأنه قد صدر العقد منه قبل توقيع الحجر عليه بأكثر من سنة وأن الابن الأكبر للبائع أقر بصحة العقد المطعون فيه. قضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما أن البائع كان في حالة عته شائعة وقت صدور العقد المطعون عليه وصرحت للطاعنة بالنفي وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بتاريخ 17/ 3/ 1957 برفض الدعوى استناداً إلى أن المدعيين (المطعون عليهما) قد عجزا عن إثبات ادعائهما بصدور العقد في حالة عته شائعة لدى البائع استأنف المطعون عليهما هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 177 سنة 13 ق وبتاريخ 28/ 12/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المستأنفين (المطعون عليهما) إلى 3 ف و1 ط و13 س شيوعاً في 18 ف و19 ط و18 س المبينة الحدود والمعالم بعريضة افتتاح الدعوى وبالعقد الصادر من المرحوم الدكتور محمد علي الزرقا للمستأنف عليها (الطاعنة) والمسجل في 31/ 12/ 1953 برقم 4740 بحيرة واستند الحكم في ذلك إلى أن حالة العته كانت لدى المورث وقت حصول البيع فقررت الطاعنة بالطعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها متضمناً نقض الحكم وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بتاريخ 25/ 3/ 1962 فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة وعرض بجلسة 5/ 12/ 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه فساده في الاستدلال وفي ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن البائع لم يكن في حالة ضعف عقلي وقت صدور العقد المطعون عليه في 15/ 12/ 1953 واستدلت على ذلك بسلامة أقوال البائع أمام نيابة الأحوال الشخصية في 21/ 9/ 1954 عند تحقيق طلب الحجر المقدم ضده وكانت هذه الأقوال بعد صدور عقد البيع كما استدلت على ذلك أيضاً بأن الكشف الطبي وقع على البائع بعد سنة من التعاقد ولم يرد بالتقرير الطبي ما يدل على أن حالة البائع العقلية ترجع إلى وقت حصول البيع للمطعون فيه ولكن الحكم المطعون فيه قام على أن حالة عته البائع لم تكن طارئة وقت توقيع الكشف الطبي بل كانت موجودة وقت البيع نتيجة لما وصل إليه البائع تدريجياً من انحطاط صحي وعقلي لكبر سنة ولما كان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مبنياً على مجرد اعتراض ولا سند له من الأوراق فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن وصف أقوال البائع الواردة في محضر تحقيق النيابة المؤرخ 21/ 9/ 1954 بصدد طلب توقيع الحجر عليه بأن هذه الأقوال سديدة ومعقولة ظاهرياً قرر الحكم ما يلي: أن هذه الأقوال لا تصلح أن تكون مقياساً صحيحاً للحكم على أهلية المورث (البائع) ومدى تسلط الغير عليه وأن العبرة في ذلك بما أثبته الطبيب الشرعي في تقريره المؤرخ 11/ 11/ 1954 من أن المرحوم الدكتور محمد علي الزرقا به ضعف عقلي شيوخي وأنه سهل الانقياد وقد يقع تحت تأثير الغير وهو غير قادر على إدارة شئونه بنفسه - وبما أن هذه النتيجة التي انتهى إليها الطبيب الشرعي في تقريره وهو من رجال الفن المختصين هذه النتيجة إنما جاءت مطابقة لما ظهر له بعد أن قام بفحص المطلوب الحجر عليه طبياً واستجوابه على النحو الوارد في التقرير - وبما أن هذه الحالة التي وجد عليها مورث المستأنفين لم تكن وليدة ساعتها بل جاءت صورة واضحة لما وصل إليه المذكور تدريجياً من انحطاط صحي وعقلي في هذا السن التقدمية وقد ناهز التسعين من عمره ومن ثم فإن هذه الحالة ولو أنها لم تثبت رسمياً وطبياً إلا في شهر نوفمبر سنة 1954 إلا أنه من المؤكد أنها كانت سائدة قبل ذلك وعلى أقل تقدير خلال الفترة التي تم فيها عقد البيع المطعون عليه أي في ديسمبر سنة 1953. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في إثبات قيام حالة العته لدى البائع إلى التقرير الطبي الذي أثبت وجودها في نوفمبر سنة 1954 ورتب الحكم على ما وود في هذا التقرير أن هذه الحالة لا بد أن تكون راجعة إلى تاريخ حصول التصرف المطعون فيه أي في ديسمبر سنة 1953 كان التقرير الطبي خلوا مما يعين على تأكيد إرجاع حالة العته التي أثبتها الطبيب في نوفمبر سنة 1954 إلى تاريخ ذلك التصرف فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يفصح عن مصدر آخر استمد منه تأكيده رجوع حالة العته إلى ذلك التاريخ بالذات وهو ما يجب ثبوته بيقين لإبطال التصرف وبالتالي للقضاء للمطعون عليهما بطلب ملكيتهما لنصيبهما الميراثي في الأطيان المتصرف فيها يكون قاصراً بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق