باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع عشر من يناير سنة 2023م،
الموافق الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيدة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس
هيئة المفوضين وحضور السيد / محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 107 لسنة 38
قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري ببني سويف، بحكمها الصادر
بجلسة 20/ 7/ 2016، ملف الدعوى رقم 12118 لسنة 1 قضائية
المقامة من
عويس إبراهيم عويس
ضــــد
1- وزيـــر الداخليـــة
2- مدير أمن بني سويف
-----------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الخامس والعشرين من أكتوبر سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 12118 لسنة 1 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء
الإداري ببني سويف، بحكمها الصادر بجلسة 20/ 7/ 2016، بوقف الدعوى وإحالة الأوراق
بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية نصوص الفقرات الثالثة
والرابعة والخامسة من المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة
والذخائر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن وقائع الدعوى تتحصل - على نحو ما يتبين من حكم الإحالة
وســـائر الأوراق - في أن المدعي - في الدعوى الموضوعية - كان مرخصًا له بحمل سلاح
ناري، بصفته موظفًا عامًّا مفتش تموين، وقد تم إلغاء هذا الترخيص لبلوغه سن
الإحالة إلى المعاش، وقام بتسليم السلاح المملوك له إلى مديرية أمن بني سويف بتاريخ
3/ 3/ 2010، وأعلنته جهة الإدارة للتصرف في السلاح خلال المدة القانونيـــة، إلا
أنه أعرض عن ذلك، وتقدم - بصفته الشخصية - بطلب للترخيص لـه بحمـل سلاح ناري، وإذ
ووفق له على الترخيص، طلب تَسَلُّـم سلاحه الناري السابق إيداعه، إلا أن طلبه رفض؛
لانقضاء المدة القانونية التي كان يتعين عليه خلالها أن يتصرف في السلاح، فأقام
الدعوى التي صار قيدها برقم 12118 لسنة 1 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري ببني
سويف، ضد المدعى عليهما، طالبًا الحكم بإلزامهما بتعويضه عن الأضرار المادية
والأدبية التي لحقته من جراء ذلك. وبجلسة 20/ 7/ 2016، قضت تلك المحكمة بوقف
الدعوى وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية
نصوص الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة من المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة
1954 في شأن الأسلحة والذخائر.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن ما نصت عليه المادة (٣٠) من
قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، من أنه يجب أن يتضمن القرار الصادر
بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم
المادة (٢٩) من القانون ذاته، بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص
الدستوري المدعى مخالفته، وأوجه المخالفـة، مؤداه: أن المشرع أوجب لقبول الدعوى
الدستورية أن يتضمن قرار الإحالة بيانًا للنص التشريعي الذي ثار لدى محكمة الموضوع
عدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى مخالفته، وأوجه هذه المخالفة، باعتبار أن تلك
البيانــات الجوهريــة هي التي تنبئ عــن جديــة الدعــوى، وبهــا يتحــدد
موضوعهــا، فلا تثير - بماهيتها أو مداها - خفاء يحول دون إعداد ذوي الشأن جميعًا-
ومن بينهم الحكومة - لدفاعهم بأوجهه المختلفة خلال المواعيد القانونية التي حددتها
المادة (37) من قانون المحكمة الدستورية العليـا، بـل يكـــون بيانهـــا لازمًا
لمباشـرة هيئة المفوضين - بعد انقضاء هذه المواعيد - لمهامها في شأن تحضير جوانب
الدعوى، ثم إيداعها رأيًا محايدًا يكشف عن حكم الدستور والقانون بشأنها، وفقًا لما
تقضي به المادة (40) من هذا القانون. متى كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة
(4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر بعد استبدالها بالقانون
رقم 75 لسنة 1958، تنص على أنه وعلى المرخص له في حالتي السحب والإلغاء أن يسلم
السلاح إلى مقر البوليس الذي يقع في دائرته محل إقامته وله أن يتصرف فيه بالبيع أو
بغيره مــن التصرفــات إلى شخص مرخص له فــي حيازتــه أو تجارته أو صناعته خلال
أسبوعين من تاريخ إعلانه بالإلغاء أو السحب ما لم ينص في القرار على تسليمه فورًا
إلى مقر البوليس الذى يحدده، وكان حكم الإحالة قد جاء خلوًا من بيـان النص
الدستوري المدعى مخالفته، وأوجــه تلك المخالفـــة، في شــأن ما تضمنته هذه الفقرة
من أحكام، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة (4) من القانون رقم 394
لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر- المستبدلة أولاهما بالقانون رقم 75 لسنة 1958،
والمضافة ثانيتهما بالقانون رقم 26 لسنة 1978 - تنصان على أنه:
وللمرخص له أن يتصرف في السلاح الذي أودعه بقسم البوليس خلال سنة من
تاريخ تسليمه إلى البوليس فإذا لم يتيسر له التصرف خلال هذه المدة اعتبر ذلك
تنازلاً منه للدولة عن ملكية السلاح وسقط حقه في التعويض، وتحسب مدة السنة بالنسبة
إلى القُصّر وعديمي الأهلية اعتبارًا من تاريخ إذن الجهات المختصة بالتصرف في
السلاح.
وتخصص الأسلحة التي آلت إلى الدولة، لوزارة الداخلية.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على هاتين الفقرتين مخالفتهما أحكام
المادتين (35، 40) من الدستور، إذ نالا من الحماية المقررة لحق الملكية الخاصة،
وأجازا مصادرة المال الخاص بغير حكم قضائي.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها -
على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة
القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على
الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان المدعي في
الدعوى الموضوعية - وعلى إثر إلغاء الترخيص بسبب إحالته للمعاش - قد سلم السلاح
المملوك له إلى مديرية أمن بني سويف بتاريخ 3/ 3/ 2010، ولعدم تصرفه فيه خلال مدة
سنة من هذا التاريخ، اعتبر ذلك تنازلًا منه للدولة عن ملكية السلاح، وسقط حقه في
التعويض، وآلت ملكية السلاح إلى الدولة، وتم تخصيصه لوزارة الداخلية، إعمالًا لنص
الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن
الأسلحة والذخائر السالفتي البيان، فأقام دعواه الموضوعية طالبًا الحكم بتعويضه عن
الأضرار التي لحقته جراء ذلك. ومن ثم فإن الفصل في دستورية نص هاتين الفقرتين - في
الحدود المشار إليها - يرتب أثرًا مباشرًا وانعكاسًا أكيدًا على الطلبات في الدعوى
الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع بشأنها، الأمر الذي يتوافر معه شرط المصلحة في
الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها على النحو السالف البيان.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة
الدستورية المثارة في هذه الدعوى، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 6/ 2/ 2021، في الدعوى
رقم 92 لسنة 40 قضائية دستورية، القاضي أولاً: بعدم دستورية صدر الفقرة الرابعة من
المادة (4)، والفقرة الثانية من المادة (10) من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن
الأسلحة والذخائر، المستبدلتين بالقانونين رقمي 75 لسنة 1958 و 26 لسنة 1978، فيما
تضمنتاه من اعتبار عدم التصرف، خلال المدتين المبينتين بهما، في سلاح ناري أودع
لدى الشرطة لسحب أو إلغاء ترخيص حائزه، تنازلاً منه أو من ذوي الشأن، للدولة عن
ملكية السلاح، وسقوط الحق في التعويض عنه. ثانيًا: بسقوط عجز الفقــرة الرابعة
والفقـــرة الخامسة من المادة (4) من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه.
ثالثًا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال
أثره. ونُشر هـذا الحكم فـي الجريـدة الرسمية بالعدد 5 مكـرر (ج) بتاريخ 10/ 2/
2021. متى كان ذلك، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48، 49) من
قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون الأحكام والقرارات
الصادرة من المحكمة الدستورية العليا ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها
حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارهـا قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من
أي جهة كانت، وهـي حجية تحول بذاتهـا دون المجادلــة فيها أو إعادة طرحها عليها من
جديد لمراجعتها، الأمر الذى يتعين معه القضاء باعتبار الخصومة منتهية.
وحيث إن القضاء باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى المعروضة، لا يحول
دون استفادة المدعي في الدعوى الموضوعية، من الحكم الصادر في الدعوى رقم 92 لسنة
40 قضائية دستورية السالف البيان، ذلك أن المقصود بالمدعي الذي يستفيد من الحكم
الصادر بعدم دستورية نص تشريعي، حُدّدَ تاريخٌ لنفاذه، وفقًا لنص المادة (49) من
قانون هــذه المحكمة - وعلى ما جرى به قضاؤها - كل خصم اتصلت دعواه بإحدى جهات
القضاء، قبل صدور حكم هذه المحكمة بعدم دستورية نص تشريعي، متى كان النص المقضي
بعدم دستوريته واجب التطبيق في الدعوى الموضوعية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق