الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 يناير 2023

الطعن 361 لسنة 39 ق جلسة 7 / 4 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 148 ص 755

جلسة 7 من إبريل سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فتحي مرسي، ومصطفى سليم، وأحمد سيف الدين سابق، وفاروق سيف النصر.

---------------

(148)
الطعن رقم 361 لسنة 39 القضائية

 (1)حكم "إصدار الحكم". بطلان.
تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به بسبب قهري. توقيعه على مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه. حلول غيره محله وقت النطق به. وجوب إثبات ذلك في الحكم. جزاء مخالفته. البطلان.
 (2)خبرة. بطلان.
ترتب البطلان على عدم دعوة الخصوم للحضور في الاجتماع الأول الذي يحدده الخبير. الإجراءات التالية لهذه الدعوة. مناط بطلانها. أن يشوبها عيب جوهري يترتب عليه ضرر للخصم.
(3) حكم "تسبيب الحكم". نقض. "سلطة محكمة النقض".
القصور في الرد على دفاع قانوني للخصم. لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية إذا شابها خطأ أو قصور متى كان صحيحاً في نتيجته.
 (4)استئناف "الأحكام الجائز استئنافها". عقد "تكييف العقد". قوة الأمر المقضي.
قضاء الحكم الابتدائي - بندب خبير - في أسبابه بتكييف عقد الشركة أساس الدعوى. جواز الطعن فيه استقلالاً. م 378 مرافعات سابق. عدم استئنافه. أثره. اكتسابه قوة الأمر المقضي. وجوب تقيد المحكمة الاستئنافية بهذا القضاء.
(5) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع.
تفسير العقود. من سلطة محكمة الموضوع. لا رقابة عليها لمحكمة النقض متى كان تفسيرها مما تحتمله عبارات العقد.
(6) تأميم. شركات. محكمة الموضوع. عقد.
تأميم المصانع دون شركة المحاصة القائمة على استغلالها. انتهاء الحكم إلى انفساخ عقد الشركة واستحقاق الشريك لحصته فيها. تقدير كفاية الحصص اللازمة لاستمرار الشركة. من مسائل الواقع.
 (7)إثبات. محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الإثبات".
سكوت محكمة الموضوع عن اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات لم يطلب منها ولم ترى هي داعياً لاتخاذه. لا خطأ.

--------------
سكوت محكمة الموضوع عن اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات لم يطلب منها ولم ترى هي داعياً لاتخاذه. لا خطأ.
1 - مفاد نصوص المواد 167، 170، 178 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أنه إذا تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به بسبب مانع قهري فوقع على مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه وحل غيره محله وقت النطق بالحكم وجب إثبات ذلك في الحكم وإلا لحقه البطلان. وإذ كان الثابت من الحكم أنه بين في صدره الهيئة التي أصدرته - وهي الهيئة التي سمعت المرافعة واشتركت في المداولة - ثم نوه في خاتمته بأن عضو تلك الهيئة السيد المستشار...... الذي لم يحضر تلاوته قد اشترك في المداولة فيه ووقع على مسودته، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان يكون على غير أساس.
2 - المستفاد مما نصت عليه المادتان 236، 237 من قانون المرافعات السابق - الذي اتخذ الإجراء في ظله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - أن البطلان لا يترتب إلا على عدم دعوة الخصوم للحضور في الاجتماع الأول الذي يحدده الخبير للبدء في أعماله، وأن الإجراءات التي تتلو هذه الدعوة لا يلحقها البطلان إلا إذا شابها عيب جوهري يترتب عليه ضرر للخصم وذلك على ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون المرافعات السابق. وإذ كان الثابت أن الخبير أخطر الطاعن بالاجتماع الأول وفيه حضر بالفعل فإنه يكون قد اتبع إجراءات دعوة الخصوم التي نصت عليها المادة 236 من قانون المرافعات السابق، وكان الطاعن قد اطلع على تقرير الخبير وناقش ما جاء به ولم يبين وجه الضرر الذي لحقه من اطلاع الخبير في غيبته على دفاتر الشركة بعد علمه وحضوره الاجتماع الأول فإن البطلان المدعى به يكون على غير أساس.
3 - لا يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على دفاع قانوني للخصم إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكماله به إذا ما شابها خطأ أو قصور (3).
4 - متى كان يبين من حكم محكمة أول درجة الصادر بندب الخبير أنه قطع في أسبابه المرتبطة بمنطوقه في تكييف عقد الشركة أساس الدعوى باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل في النزاع واعتبره شركة محاصة للمطعون ضده 10% من أرباحها وخسائرها وأناط الخبير تصفية الحساب على هذا الأساس وإذ يعتبر هذا الحكم قطعياً في هذا الشق من الموضوع، وكان يجوز للطاعن وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق - التي تحكم واقعة الدعوى - الطعن فيه على استقلال ولكنه لم يستأنفه ومن هذا القضاء لا يعتبر مستأنفاً باستئناف الحكم الموضوعي، فإنه يكون قد اكتسب قوة الأمر المقضي، مما يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تتقيد بما تضمنه هذا الحكم من قضاء في شأن تكييف العقد بأنه شركة محاصة. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولا وجه للتحدي بما ساقه الحكم بعد ذلك من أسباب أخرى تأييداً لوجهة نظره لأنه استطرد زائد عن حاجة الدعوى يستقيم بدونه مما يكون معه النعي عليها بفرض صحته غير منتج.
5 - من المقرر أن تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها ولا خروج فيها عن المعنى الظاهر لها ولا تتقيد المحكمة بما تفيده عبارة معينة منها وإنما بما تفيده في جملتها.
6 - إذ كانت الشركة المحاصة - قد أنشئت لاستغلال مصانع الطاعن وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح أن التأميم قد انصب على تلك المصانع وليس على الشركة وأن من آثاره استحالة الاستمرار في تنفيذ عقدها وانفساخه وانتهى استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير إلى نفي الخسارة عنها وقضى تبعاً لذلك باستحقاق المطعون ضده للحصة التي قدمها فيها وهو المبلغ المقضي به وكان عقد الشركة لم يحدد حداً أدنى لقيمة الحصص اللازمة لإمكان استمرارها في مزاولة نشاطها، وكان تقدير ذلك من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق يكون على غير أساس.
7 - متى كان الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات تحقيقاً لما يثيره في نعيه - من مسائل الواقع - فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها طالما أنها لم تر من جانبها ما يدعو لذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 565 سنة 1963 تجاري كلي الإسكندرية ضد الطاعن بطلب الحكم باعتبار عقد الشركة المبرم بينهما مفسوخاً وإلزامه بأن يرد له مبلغ عشرة آلاف جنيه والفوائد، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1960 تكونت بينهما شركة محاصة لاستغلال المصانع المملوكة للطاعن وذلك لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 31/ 8/ 1960 وتنتهي في 31/ 8/ 1963. وقدم المطعون ضده حصة فيها وقدرها عشرة آلاف جنيه فضلاً عن عمله على أن يكون نصيبه في أرباحها أو خسائرها بنسبة 10%، وقامت الشركة بمباشرة نشاطها حتى صدر قانون التأميم رقم 118 لسنة 1961 وتبين له أن الطاعن لم يدرج بحسابات الشركة الحصة التي قدمها، ومن ثم لم تعترف الدولة به كشريك فيها واستحال عليه تبعاً لذلك الاستمرار في تنفيذ عقدها مما حدا به إلى إقامة دعواه بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 2/ 1964 قضت المحكمة بندب خبير لبيان نتيجة أعمال الشركة وصافي أموالها في تاريخ التأميم وتقسيم صافي الأرباح أو الخسائر بين الطرفين كل بحسب نصيبه وفقاً لعقد الشركة وبيان ما قد يستحقه المطعون ضده نتيجة لذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 10/ 5/ 1967 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ عشرة آلاف جنيه والفوائد. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 249 سنة 23 قضائية الإسكندرية وبتاريخ 30/ 4/ 1969 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بطلانه لمخالفته الحكم المادتين 167 و170 من قانون المرافعات ذلك أن الثابت من محضر جلسة 17 إبريل سنة 1969 أن الهيئة التي سمعت المرافعة وقررت حجز القضية للحكم كانت مكونة من السادة المستشارين...... و..... و.... و.... بينما الثابت في محضر جلسة 30 إبريل سنة 1969 والحكم المطعون فيه أن الهيئة التي أصدرته كانت مشكلة من السادة المستشارين..... و.... و.... وإذ جاء الحكم خلو من بيان أن السيد...... و..... الذي لم يحضر تلاوته قد اشترك في المداولة فيه ووقع على مسودته فإنه يكون مشوباً بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من أصل الحكم المطعون فيه أنه صدر بالعبارة الآتية "محكمة استئناف الإسكندرية الدائرة السادسة التجارية المشكلة علناً برياسة المستشار...... رئيس الدائرة وعضوية السيدين...... و....... المستشارين وحضور السيد/....... أمين السر أصدرت الحكم الآتي" ثم ختم الحكم بعد منطوقه بالعبارة الآتية "صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة 30 إبريل سنة 1969 الموافق 13 صفر سنة 1389 هجرية برئاسة السيد المستشار...... رئيس الدائرة وعضوية السيدين..... و...... أما السيد..... الذي سمع المرافعة وحضر المداولة فقد وقع على مسودة الحكم" كما أن البادي من محضر جلسة 30 إبريل سنة 1969 أن الهيئة التي نطقت به كانت مشكلة من السادة المستشارين....... و....... و..... ولما كانت المادة 167 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً" وكانت المادة 170 تنص على أنه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم" وكانت المادة 178 تنص على أنه "يجب أن يبين في الحكم المحكمة التي أصدرته وتاريخ صدوره ومكانه وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته. وإن عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم". وكان مفاد ذلك كله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا تخلف أحد القضاة الذين أصدروا الحكم عن حضور جلسة النطق به بسبب مانع قهري فوقع على مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه وحل غيره محله وقت النطق بالحكم وجب إثبات ذلك في الحكم وإلا لحقه البطلان. لما كان ذلك. وكان الثابت من الحكم أنه بين في صدره الهيئة التي أصدرته وهي الهيئة التي سمعت المرافعة واشتركت في المداولة - ثم نوه في خاتمته بأن عضو تلك الهيئة السيد المستشار....... الذي لم يحضر تلاوته قد اشترك في المداولة فيه ووقع على مسودته فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان يكون على غير أساس. أما ما أثاره الطعن في مذكرة رده في أن أمين سر الدائرة التي أصدرته أحدث تعديلات على متنه بالمحو والإضافة بعد التوقيع عليه خلافاً للحقيقة وعلى نحو مؤثم تلافياً لما وجه إلى الحكم من بطلان بسبب النعي فلا يقبل منه لأنه عار عن دليله.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان أعمال الخبير على أساس أنه بعد أن بدأ عمله وحدد يوم 22/ 1/ 1967 للانتقال إلى مقر الشركة بشارع عبد الخالق ثروت للاطلاع على دفاترها وأخطر بذلك الطاعن عاد في 18/ 12/ 1966 وغير مكان انتقاله إلى مقر الشركة بشارع طلعت حرب ولم يخطره بذلك وباشر المأمورية في غيبته دون علم منه إلا أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بقوله إنه لا يبطل عمل الخبير انتقاله إلى الجهة التي يعلم أن بها المستندات المراد الاطلاع عليها طالما أن أعماله مؤيدة بالأوراق المقدمة في الدعوى وهو من الحكم قصور في التسبيب إذ لم يواجه دفاعه فضلاً عن بطلانه لأنه أقيم على إجراءات باطلة.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المستفاد مما نصت عليه المادتان 236، 237 من قانون المرافعات السابق - الذي اتخذ الإجراء في ظله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن البطلان لا يترتب إلا على عدم دعوة الخصوم للحضور في الاجتماع الأول الذي حدده الخبير للبدء في أعماله، وأن الإجراءات التي تتلو هذه الدعوى لا يلحقها البطلان إلا إذا شابها عيب جوهري يترتب عليه ضرر للخصم وذلك على ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون المرافعات السابق. لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة أعمال الخبير أنه أخطر الطاعن بالاجتماع الأول الذي حدد في 21/ 9/ 1966 وفيه حضر بالفعل فإنه يكون قد اتبع إجراءات دعوة الخصوم التي نصت عليها المادة 236 من قانون المرافعات السابق، وكان الطاعن قد اطلع على تقرير الخبير وناقش ما جاء به ولم يبين وجه الضرر الذي لحقه من اطلاع الخبير في غيبته على دفاتر الشركة بعد علمه وحضوره الاجتماع الأول فإن البطلان المدعى به يكون على غير أساس، إذ كان ذلك، وكان لا يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على دفاع قانوني للخصم إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكماله به إذا ما شابها خطأ أو قصور، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أنه ليس ثمة بطلان في أعمال الخبير فإن النعي عليه بالقصور لعدم مواجهته دفاع الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الطاعن أقام دفاعه لدى محكمة الاستئناف على أن الشركة المنعقدة بينه وبين المطعون ضده ليست شركة محاصة وإنما شركة واقع لم تتوافر فيها إجراءات الشهر فأصبحت باطلة بطلاناً مطلقاً يشمل كل أحكام عقدها وتخضع لحكم القانون في شركات التضامن والتوصية وهو شيوع رأس المال وعدم اختصاص أي شريك بعين أو بحصة معينة حتى تجرى التصفية لتحديد نصيب كل شريك في رأس المال، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بأنه لا يقبل من الطاعن أن يجادل في شكل الشركة بعد أن أقر بأنها شركة محاصة وانتهى حكم محكمة أول درجة الصادر بندب الخبير إلى القطع بذلك وهذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه يخالف القانون ذلك أن التكييف القانوني للعقود حق للقاضي لا يتحدى قبله برأي طرفي الخصومة أو باتفاقهما، وأن حكم محكمة أول درجة الذي أسبغ على الشركة وصف المحاصة لا يحوز قوة الأمر المقضي لأن هذا الوصف لم يكن محل نزاع بين الطرفين، وأما ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك في وصف الشركة وما استخلصه من عقدها في أنها شركة محاصة فمشوب بفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه عرض لما أثاره الطاعن بشأن تكييف عقد الشركة ورد عليه في قوله "إن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 27/ 2/ 1964 والذي انتهى بندب مكتب الخبراء قد قطع في هذه النقطة واعتبر الشركة محاصة ولم يطعن أحد الطرفين على هذا الحكم. وقد أورد المستأنف في صحيفة الاستئناف في البند الأول من أسباب استئنافه أن هذا الحكم يعتبر قطعياً فيما جاء بأسبابه خاصاً بشكل الشركة وضرورة تحمل المستأنف عليه (المطعون ضده) نصيبه بقدر 10% في الخسائر وأشار المستأنف إلى أن هذا الحكم يعتبر نهائياً حائزاً لقوة الشيء المحكوم به وأنه كان يقبل الطعن عليه في المواعيد المحددة قانوناً ولكن أحداً من الخصوم لم يطعن عليه وانتهت مواعيد الطعن فلا يقبل بعد هذا كله من المستأنف أن يناقش في شكل العقد"، لما كان ذلك وكان يبين من حكم محكمة أول درجة الصادر في 27/ 2/ 1964 بندب الخبير أنه قطع في أسبابه المرتبطة بمنطوقه في تكييف عقد الشركة على أساس الدعوى باعتباره مسألة أولية لازمة للفصل في النزاع واعتبره شركة محاصة للمطعون ضده 10% من أرباحها أو خسائرها وأناط بالخبير تصفية الحساب على هذا الأساس، وإذ يعتبر هذا الحكم قطعياً في هذا الشق من الموضوع وكان يجوز للطاعن وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق - التي تحكم واقعة الدعوى - الطعن فيه على استقلال ولكنه لم يستأنفه، وكان هذا القضاء لا يعتبر مستأنفاً باستئناف الحكم الموضوعي، فإنه يكون قد اكتسب قوة الأمر المقضي مما يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تتقيد بما تضمنه هذا الحكم من قضاء في شأن تكييف العقد بأنه شركة محاصة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولا وجه للتحدي بما ساقه الحكم بعد ذلك في أسباب أخرى تأييداً لوجهة نظره لأنه استطراد زائد عن حاجة الدعوى يستقيم بدونه مما يكون معه النعي عليها بفرض صحته غير منتج. ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه استخلص من عقد الشركة أن الغرض منها استغلال مصانع الطاعن التي تظل ملكاً له وأنه ليس للمطعون ضده أي حق على أصولها ورتب الحكم على ذلك أن آثار التأميم إنما تنصرف إلى هذه المصانع وليس إلى شركة المحاصة ومن ثم حمل الطاعن وحده آثار التأميم وأعطى للمطعون ضده الحق في طلبه رد حصته التي قدمها للشركة بعد إضافة أو خصم الأرباح أو الخسائر، وهو من الحكم مخالفة للثابت في الأوراق وخطأ في تطبيق القانون ذلك أن مؤدى البند الثامن من عقد الشركة بمفهوم المخالفة أن للمطعون ضده قبل تاريخ انقضائها جميع الحقوق على أصولها ومن ثم فإن التأميم الحاصل قبل نهاية عقدها ينفذ في حق الشريكين كليهما على أصول المصانع، هذا إلى أن الحكم قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب إذ سوى في الحكم بين التأميم الكلي والنصفي من حيث أثرهما في قيام الشركة وذهب إلى أن من شأن التأميم النصفي حلها لعدم إمكان الاستمرار في مباشرة نشاطها في حين أن الشركة لا تنقضي بهذا التأميم النصفي بل تبقى بين الشريكين في نصف رأس المال ما لم يثبت أن استمرارها أصبح مستحيلاً أو غير ممكن الأمر الذي أغفله الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه من المقرر أن تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها ولا خروج فيها عن المعنى الظاهر لها ولا تتقيد المحكمة بما تفيده عبارة معينة منها وإنما بما تفيده في جملتها، إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في قضائه إلى أن المستفاد من عقد الشركة أن المستأنف (الطاعن) احتفظ بملكيته للمصانع وتوابعها وهو ما عبر عنه العقد "بالمنشأة" وإنما أنشئت الشركة لاستغلال هذه المصانع فقط بدليل أنه اشترط ألا يكون للمستأنف (المطعون ضده) أي حقوق على أصول المنشأة وإنما يتعلق حقه بحصته وبنصيبه في الأرباح، ولذلك فلا شك أن التأميم إنما وقع على منشأة المستأنف وليس على شركة المحاصة" وما قرره الحكم من ذلك هو استخلاص سائغ تؤدي إليه عبارات العقد في مجموعها ولا يخرج عن المعنى الذي تحتمله ولا تنقضه بمفهوم المخالفة العبارة الواردة بالبند الثامن منه على أنه "ليس للمطعون ضده أي حق على أصول المنشأة في 31 أغسطس سنة 1963 (تاريخ انقضاء الشركة) - وذلك أن المستفاد من عبارات العقد في جملتها أن الحصة التي قدمها الطاعن في الشركة عند إنشائها - وهي المصانع - تبقى على ملكه وأن حق الشركة وارد على مجرد استغلالها". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح أن التأميم قد انصب على مصانع الطاعن وليس على شركة المحاصة وأن من آثاره استحالة الاستمرار في تنفيذ عقدها وانفساخه ومن ثم انتهى - استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير - إلى نفي الخسارة عنها وقضى تبعاً لذلك استحقاق المطعون ضده للحصة التي قدمها فيها وهو المبلغ المقضي به. لما كان ذلك، وكان عقد الشركة لم يحدد حداً أدنى لقيمة الحصص اللازمة لإمكان استمرارها في مزاولة نشاطها فإن تقدير ذلك يكون من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، ولما كان الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات في هذا الشأن تحقيقاً لما يثيره في نعيه فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها طالما أنها لم تر من جانبها ما يدعو لذلك. وإذ كان ذلك فإن ما استخلصه الحكم في هذا الخصوص يكون استخلاصاً موضوعياً سائغاً لا مخالفة فيه للقانون وتحتمله عبارات العقد وظروف الدعوى وهو دعامة كافية لحمل قضائه - أما ما استطرد إليه تزيداً من تسوية في الحكم بين التأميم الكلي والنصفي فنافلة من القول يستقيم الحكم بدونها ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته في غير محله ويتعين رفضه.


 (1) نقض مدني 10/ 12/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1501.
نقض مدني 13/ 1/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 123.
 (2) نقض مدني 6/ 2/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 285.
نقض مدني 13/ 4/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 10 ص 813.
 (3) نقض مدني 16/ 12/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1398.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق