الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 يناير 2023

الطعن 1627 لسنة 41 ق جلسة 6 / 3 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 70 ص 301

جلسة 6 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود عطيفة، وإبراهيم الديوانى، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.

---------

(70)
الطعن رقم 1627 لسنة 41 القضائية

(أ) قانون. "نفاذ القانون". "تفسير القانون". "قانون دولي".
القانون الجنائي. طبيعته: استقلاله عن غيره من النظم القانونية الأخرى. مرماه ومهمته الدفاع عن أمن الدولة وحماية المصالح الجوهرية فيها. ما يجب على المحكمة مراعاته عند تطبيقه من التقيد بإرادة الشارع فيه بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد ومبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية.
(ب) اتفاقيات دولية. معاهدات دولية. مواد مخدرة. قانون. "تفسيره". "إلغاؤه". قرارات وزارية.
إلغاء النص التشريعي لا يجوز إلا بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد موضوع ذلك التشريع.
الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30 مارس سنة 1961 والصادر بالموافقة عليها القرار الجمهوري 1764 سنة 1966. غايتها قصر استعمال المخدرات على الأغراض الطبية والعلمية وقيام تعاون ومراقبة دوليين لتحقيقها. البين من استقرار نصوصها أنها لا تعدو مجرد دعوة إلى الدول للقيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات. هي لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمنا - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول التي تنضم إليها بل حرصت على الإفصاح عن عدم إخلال أحكامها بأحكام القوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية.
الشارع المصري لم يرد الخروج عن تعريف المواد المخدرة الواردة بالجداول الملحقة بالقانون 182 سنة 1960 من بعد العمل بتلك الاتفاقية بدلالة عدم صدور قرار وزاري طبقا للمادة 32 من القانون المذكور بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب في المواد الواردة بتلك الجداول.

)ج) إثبات. "خبرة" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". مواد مخدرة.
طلب إعادة تحليل المادة المضبوطة. عدم التزام المحكمة بإجابته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
(د) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.

-------------
1 - القانون الجنائي هو قانون جزائي له نظام قانوني مستقل عن غيره من النظم القانونية الأخرى وله أهدافه الذاتية إذ يرمى من وراء العقاب إلى الدفاع عن أمن الدولة، ومهمته الأساسية حماية المصالح الجوهرية فيها فهو ليس مجرد نظام قانوني تقتصر وظيفته على خدمة الأهداف التي تعنى بها تلك النظم. وعلى المحكمة عند تطبيقه على جريمة منصوص عليها فيه وتوافرت أركانها وشروطها أن تتقيد بإرادة الشارع في هذا القانون الداخلي ومراعاة أحكامه التي خاطب بها المشرع القاضي الجنائي فهي الأولى في الاعتبار بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد أو مبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية (1).
2 - من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع وإذ كان البين مما جاء بديباجة الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك بتاريخ 30 من مارس سنة 1961 والتي صدر القرار الجمهوري رقم 1764 سنة 1966 في 2 مايو سنة 1966 بالموافقة عليها أن غايتها قصر استعمال المخدرات على الأغراض الطبية والعلمية وقيام تعاون ومراقبة دوليين دائمين لتحقيق تلك الغاية وكان البين من استقراء نصوص الاتفاقية وأخصها المادتان الثانية - في دعوتها الدول لبذل غاية جهدها لتطبيق إجراءات الإشراف الممكنة على المواد التي لا تتناولها الاتفاقية والتي قد تستعمل مع ذلك في صنع المخدرات غير المشروع - والفقرة الأخيرة من المادة السادسة والثلاثين فيما نصت عليه من أن "لا تتضمن هذه المادة أى حكم يخل بمبدأ تعريف الجرائم التي تنص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقا للقوانين المحلية في الدول والأطراف المعنية"، فإن هذه الاتفاقية لا تعدو مجرد دعوة إلى الدول بصفتها أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فاعلية التدابير المتخذة ضده إساءة استعمال المخدرات لأن الاتفاقية لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمنا - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول التى تنضم إليها، بل لقد حرصت على الإفصاح عن عدم إخلال أحكامها بأحكام القوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. وإذ كانت المادة 32 من القانون رقم 182 سنة 1960 قد خولت الوزير المختص بقرار يصدره أن يعدل في الجداول الملحقة به بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها فإن عدم صدور قرار بشيء من ذلك من بعد العمل بتلك الاتفاقية يعنى أن الشارع المصري لم يرد الخروج عن تعريف المواد المخدرة الواردة بتلك الجداول(1).
3 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب إعادة تحليل المادة المضبوطة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
4 - من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. وإذ كانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة وكان لا يبين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن أصر في طلباته الختامية على طلب إجراء تحقيق في الدعوى فانه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن إجابته لطلب كان قد أبداه في جلسة سابقة ولم ترد عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16 أغسطس سنة 1969 بدائرة قسم الدقي محافظة الجيزة: أحرز جوهرا مخدرا "أمفيتامين" وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف والمواد الواردة بأمر الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و34/ جـ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 50 و51 و52 من الجدول رقم واحد المرفق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر - "أمفيتامين ومشتقاته" بقصد الإتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أطرح دفعه بانعدام الجريمة لأن المادة المضبوطة ليست واردة بالجداول الملحقة بالاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك بتاريخ 30 من مارس سنة 1961 والتي انضمت الجمهورية العربية المتحدة إليها وأصبحت سارية المفعول فيها بصدور القرار الجمهوري رقم 1764 في 2 مايو سنة 1966 بالتصديق عليها وبنشرها في الجريدة الرسمية بمقتضى قرار وزير الخارجية الصادر بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1966، وبسريانها تكون الجداول الملحقة بها ناسخة للجداول الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة 1960 لأن الدول الموقعة على الاتفاقية لا تملك - طبقا لقواعد القانون الدولي العام - إلا أن تلتزم التعريف والتحديد الواردين بها للمواد المخدرة فلا تخرج عنهما في تشريعها الداخلي ولا تملك تعديلهما إلا باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 3 من الاتفاقية. فضلا عن أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة إحراز وحيازة أحد مشتقات الأمفيتامين في حين أن من مشتقات تلك المادة ما لم يرد لها ذكر في الجدول الملحق بهذا القانون هذا إلى أن المدافع عن الطاعن قد استمسك بإعادة التحليل توصلا لمعرفة كنه المادة المضبوطة فصدقت المحكمة عن ذلك كما طلب سماع أقوال بعض الشهود للتدليل على صدور إذن التفتيش بعد الضبط، وطلب معاينة منزل الطاعن لبيان ما إذا كان يمكن للواقف أمام بابه أن يرى من بحجرة الجلوس على النحو الذى شهد به شاهدا الإثبات وقد التفتت المحكمة عن هذين الطلبين الجوهريين ولم تعرض لهما في حكمها إيرادا وردا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد - أن بين واقعة الدعوى - عرض لدفاع الطاعن في شأن ما يثيره من سريان الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك بتاريخ 30 مارس سنة 1961 والتي صدر القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 في 2 من مايو سنة 1966 بالموافقة عليها عملا بالفقرة الأولى من المادة 125 من دستور 1964 وصدر قرار وزير الخارجية في 22 من أغسطس سنة 1966 بنشرها والعمل بها اعتبارا من 19 من أغسطس سنة 1966، والذى نشر والاتفاقية بالعدد رقم 41 من الجريدة الرسمية في 20 من فبراير سنة 1967 - وقد أورد الحكم بعض نصوص الاتفاقية، وخلص إلى أن ما ورد بالجداول الملحقة بها من تحديد للجواهر المخدرة لم يرد على سبيل الحصر، وأن فيها ما يقطع باحتفاظها لكل دولة انضمت إليها بما تعتبره في قانونها الداخلي من المواد المخدرة ولو لم تتضمنها الجداول الملحقة بالاتفاقية. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي هو قانون جزائي له نظام قانوني مستقل عن غيره من النظم القانونية الأخرى وله أهدافه الذاتية إذ يرمى من وراء العقاب إلى الدفاع عن أمن الدولة ومهمته الأساسية حماية المصالح الجوهرية فيها. فهو ليس مجرد نظام قانوني تقتصر وظيفته على خدمة الأهداف التي تعنى بها تلك النظم وعلى المحكمة عند تطبيقه على جريمة منصوص عليها فيه وتوافرت أركانها وشروطها أن تتقيد بإرادة الشارع في هذا القانون الداخلي ومراعاة أحكامه التي خاطب بها المشرع القاضي الجنائي فهي الأولى في الاعتبار بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد أو مبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية، وكانت المادة التي دين الطاعن بحيازتها تعتبر من المواد المخدرة ومؤثمة طبقا للقانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها والجدول رقم 1 الملحق به، وكان من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وكان البين مما جاء بديباجة تلك الاتفاقية من أن غايتها قصر استعمال المخدرات على الأغراض الطبية والعلمية وقيام تعاون ومراقبة دوليين دائمين لتحقيق تلك الغاية، والبين من استقراء نصوص الاتفاقية وأخصها المادتان الثانية - في دعوتها الدول لبذل غاية جهدها لتطبيق إجراءات الإشراف الممكنة على المواد التي لا تتناولها الاتفاقية والتي قد تستعمل مع ذلك في صنع المخدرات غير المشروعة، والفقرة الأخيرة من المادة السادسة والثلاثين فيما نصت عليه من أن "لا تتضمن هذه المادة أي حكم يخل بمبدأ تعريف الجرائم التي تنص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقا للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية". لما كان ذلك، فإن هذه الاتفاقية لا تعدو مجرد دعوة إلى الدول بصفتها أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضده إساءة استعمال المخدرات "لأن الاتفاقية لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمنا - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول التى تنضم إليها، بل لقد حرصت على الإفصاح عن عدم إخلال أحكامها بأحكام القوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قد خولت الوزير المختص بقرار يصدره ان يعدل في الجداول الملحقة به بالحذف وبالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها، فإن عدم صدور قرار بشيء من ذلك من بعد العمل بتلك الاتفاقية يعنى أن الشارع المصري لم يرد الخروج عن تعريف المواد المخدرة الواردة بذلك الجدول. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في إطراحه دفاع الطاعن هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكان الجدول رقم 1 والمعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 وقرارات وزارية قد اعتبر في بنوده 50 و51 و52 مواد مخدرة على التوالي : الامفيتامين "البنزورين" وأملاحه ومستحضراته بذاته مثل أكندرون. ديسامفيتامين وأملاحه ومستحضراته بذاته مثل ماكسيتون وديكسيدرون. ميثيل أمفيتامين وأملاحه ومستحضراته بذاته مثل ميثدرين. وكان البين أن المشرع قد جرم حيازة هذه المواد متى كانت غير مختلطة بمادة أخرى، وكان الحكم المطعون فيه قد رد الواقعة إلى أن ما ضبط لدى الطاعن هو سائل يحتوى على الأمفيتامين ومشتقاته من الديسامفيتامين والميثيل أمفيتامين بذاتها أي غير مختلطة بمادة أخرى واعتد في ذلك بما أثبته تقرير التحليل وشهادة من قام به وما شهد به مدير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي - وكان المشرع قد جرم حيازة هذه المواد فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قطع بالدليل الفني أن المادة المضبوطة هي من المواد المخدرة المبينة حصرا في الجدول الملحق بالقانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب إعادة تحليل المادة المضبوطة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها وكان ما يسوقه الطاعن من مطاعن في تقرير المعمل الكيماوي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل بما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. وإذ كانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة، وكان لا يبين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن أصر في طلباته الختامية على طلب إجراء تحقيق في الدعوى فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن إجابته لطلب كان قد أبداه في جلسة سابقة ولم ترد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعا.


(1) هذا المبدأ مقرر أيضا في الطعن رقم 1404 لسنة 41 ق - جلسة 31/ 1/ 1972.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق