جلسة 26 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد/ الحسيني
العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل
جبران، ولطفي علي، وصبري فرحات.
---------------
(176)
الطعن رقم 78 لسنة 29
القضائية
(أ) دعوى. "تكييف
الدعوى".
العبرة في تكييف الدعوى
بما تتبينه المحكمة من وقائعها ومن تطبيق القانون عليها لا بما يصفه بها الخصوم.
(ب) اختصاص. "اختصاص
ولائي". "التعويض عن أعمال الإدارة المخالفة للقوانين واللوائح".
العبرة في اختصاص المحاكم
العادية بالتعويض عن أعمال الإدارة المخالفة للقوانين واللوائح هي بمجرد الادعاء
بالمخالفة لا بوقوعها بالفعل. وقوع المخالفة شرط للمسئولية لا للاختصاص.
---------------
1 - العبرة في تكييف
الدعوى ليس بما يصفه بها الخصوم بل بما تتبينه المحكمة من وقائعها ومن تطبيق
القانون عليها (1).
2 - العبرة في اختصاص
المحاكم العادية بالتعويض عن أعمال الإدارة المخالفة للقوانين واللوائح وفقاً لنص
المادة 18 من القانون 147 لسنة 1949 بنظام القضاء هي بمجرد الادعاء بالمخالفة وليس
بتحقق وقوعها إذ أن وقوع المخالفة فعلاً إنما هو شرط للمسئولية لا للاختصاص. وإذ
كان طلب الشركة الطاعنة الحكم لها بمبلغ معين بصفة تعويض لها عما لحقها من ضرر
بسبب حرمانها من الإعانة بقرار إداري مدعى بمخالفته للقوانين واللوائح - هذا الطلب
لا يهدف إلى وقف أو تأويل القرار الإداري الصادر برفض صرف الإعانة إليها، كما أن
الفصل في موضوع ذلك الطلب لا يقتضي التعرض لهذا القرار بتعطيل أو تأويل إذ يقتصر
الأمر على تحري ما إذا كان القرار المذكور قد صدر بالمخالفة للقوانين واللوائح أو
بالموافقة لها وما إذا كان في حالة تحقق المخالفة قد أضر بالمدعية، فإن الحكم
المطعون فيه يكون فيما انتهى إليه من عدم اختصاص المحاكم العادية بنظر دعوى
الطاعنة بوصفها دعوى بطلب تعويض عن إجراء إداري مدعى بوقوعه مخالفاً للقوانين
واللوائح قد أخطأ في تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه في 7 من مارس سنة 1953
أقامت الشركة الطاعنة ضد المطعون عليهم الدعوى رقم 2079 سنة 1953 كلي القاهرة
وانتهت فيها إلى طلب إلزامهم بأن يدفعوا لها مبلغ 7972 جنيهاً، و866 مليماً وفوائده
القانونية وقالت الطاعنة في بيان دعواها إنه في سبيل تشجيع شركات الغزل والنسيج
على تصدير منتجاتها للخارج أصدر مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 4 من سبتمبر سنة
1949 قراراً بالموافقة على مذكرة وزارتي التجارة والمالية بشأن منح إعانة تصدير
للغزل والمنسوجات في حدود مبلغ نصف مليون من الجنيهات وطبقاً للفئات المبينة بتلك
المذكرة وعلى أن يقصر المنح على ما يصدر خلال السنة المالية 49/ 1950 التي تنتهي
في آخر فبراير سنة 1950 وأن لا يتجاوز ما يصدر من ذلك ستة آلاف طن. وتنفيذاً لهذا
القرار أصدر وزير التجارة قراراً بتنظيم صرف تلك الإعانة وبيان كيفية فحص الرسائل
المصدرة وتم صرف الإعانة فعلاً إلى كثير من الشركات من بينهما المدعية عن الرسائل
التي تم فحصها وتصديرها قبل انقضاء الأجل المحدد لمنح الإعانة وقد لاحظت الوزارة
بعد انتهاء هذا الأجل أن الاعتماد المقرر لما يستنفد فطلبت من المجلس الترخيص لها
بالاستمرار في صرف الإعانة على الأسس السابقة ووافق المجلس على ذلك بجلسته
المنعقدة في 18 من يونيه سنة 1950 ونفذ هذا القرار بالنسبة إلى كميات الغزل التي
سبق للوزارة فحصها قبل تصديرها وانتفعت الشركة المدعية بذلك وصرفت لها إعانة
التصدير عن ثلاث رسائل صدرت بعد آخر فبراير سنة 1950 غير أنه حدث أن بعض الشركات
ومن بينها الشركة المدعية كانت قد صدرت كميات من الغزل بعد هذا التاريخ دون أن
يسبق ذلك فحص هذه الرسائل بمعرفة وزارة التجارة وهذا على اعتبار أن الأجل المحدد
لصرف الإعانة كان قد انقضى ولم يعد بعد ثمت ما يدعو لعرض هذه الرسائل على الوزارة
لفحصها فلما قرر مجلس الوزراء استمرار الصرف بعد انتهاء هذا الأجل من فائض
الاعتماد الباقي استفتت الوزارة مجلس الدولة في شأن تلك الرسائل وذلك لمناسبة طلب
كانت قد قدمت به الشركة العربية لصرف الإعانة عن رسائلها التي من هذا القبيل فأفتى
المجلس بالصرف إلى هذه الشركة حتى ولو لم يسبق فحص رسائلها قبل تصديرها وذلك
اكتفاء بشهادة من المستورد تفيد أن البضاعة التي صدرت كانت مطابقة للاشتراطات التي
سبق الوزارة وضعها واستناداً إلى هذه الفتوى صرفت الوزارة الإعانة إلى الشركة
المذكورة كما أن الوزارة أخذت في تطبيق هذا المبدأ على سائر الشركات التي كانت لها
رسائل صدرت بدون فحص بعد آخر فبراير سنة 1950 فكتبت في 19 نوفمبر سنة 1950 إلى
غرفة صناعة الغزل والمنسوجات طالبة موافاتها بكميات الغزل والمنسوجات التي صدرتها
الشركات المختلفة بدون فحص في المدة من أول مارس سنة 1950 حتى تاريخ هذا الكتاب
ولم تكتف الوزارة بذلك بل إنها طلبت هذا البيان من الشركات مباشرة وحررت في 14
يناير سنة 1951 خطاباً إلى المدعية لتقديم المستندات المبينة في هذا الخطاب
تمهيداً لصرف الإعانة إليها وأكدت ذلك بخطاب ثان حررته للمدعية في 7 مارس سنة 1951
أرفقت به نموذجين لطلب وإقرار عن رسائل الغزل التي صدرت بدون فحص في المدة 1/ 3/
1950 حتى 19/ 11/ 1950 وطلبت من المدعية في هذا الخطاب تحرير طلب وإقرار مطابقين
للنموذجين عن كل رسالة من الرسائل المصدرة في الفترة المذكورة وقامت المدعية
بتنفيذ ذلك وأرسلت وزارة التجارة الأوراق والمستندات الخاصة بالشركة المدعية إلى
وزارة المالية طالبة منها الموافقة على الصرف من المبلغ الفائض من الاعتماد السابق
تقريره لهذا الغرض إلا أن وزير المالية أصدر قرار أبلغه إلى وزارة التجارة في 2 من
أكتوبر سنة 1952 يقضى بعدم صرف أي إعانات للشركات من المبلغ المتبقي بأمانات وزارة
التموين لحساب هذه الإعانة وبناء على هذا الإقرار رفضت وزارة التجارة صرف الإعانة
للمدعية عن رسائلها سالفة الذكر وأبلغتها بذلك في 20 من أكتوبر سنة 1952 وانتهت
المدعية إلى أن تصرف وزارة المالية لا سند له من القانون ولا من قرارات مجلس
الوزراء لأنه ما دام المجلس قد قرر الصرف إذا توافرت شروط معينة وقد توافرت هذه
الشروط بالنسبة لرسائلها التي طالبت بالإعانة عنها وما دام هناك فائض من الاعتماد
المقرر فلا وجه بعد ذلك لامتناع وزارة المالية عن الصرف، لهذا رفعت المدعية دعواها
بطلب إلزام وزارات التجارة والصناعة والمالية والتموين (المطعون عليهم) بالمبلغ
الذي طلبت إلزامهم به على أساس أنه قيمة المستحق لها من الإعانة عن الرسائل التي
صدرتها بغير فحص في المدة من أول مارس سنة 1950 حتى نوفمبر سنة 1950. وقد طلب
الحاضر عن الحكومة أمام المحكمة الابتدائية في بادئ الأمر رفض الدعوى موضوعاً
تأسيساً على أن مطالبة الطاعنة لا تستند إلى أساس من القانون ثم عاد ودفع في جلسة
12 فبراير سنة 1957 بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى استناداً إلى أنها
تهدف بطريق غير مباشر إلى إلغاء القرار الإداري الصادر من وزير التجارة والمبلغ
للمدعية في 20/ 10/ 1952 برفض منح الإعانة إليها وإلى تفسير هذا القرار تفسيراً
يؤدي إلى إعدام أثره كما تتضمن الدعوى الطعن في القرار الصادر من وزير التجارة
بوضع نظام خاص لفحص الرسائل المصدرة مما يخرج الدعوى عن اختصاص المحاكم العادية
ويجعلها من اختصاص القضاء الإداري وبتاريخ 25 إبريل سنة 1957 حكمت المحكمة
الابتدائية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وحددت
جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت في 17 من ديسمبر سنة 1957 برفض الدعوى فاستأنفت الشركة
الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها
الابتدائية وقيد هذا الاستئناف برقم 200 سنة 75 ق وتمسك الحاضر عن الحكومة أمام
محكمة الاستئناف بالدفع بعدم الاختصاص وبتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1958 حكمت محكمة
الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر
الدعوى وبعدم اختصاصها بنظرها. فطعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 14 من أكتوبر 1962 وفيها صممت النيابة على
الرأي الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والمتضمن نقض الحكم وقررت دائرة الفحص
إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه
الطاعنة في سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله كما
شابه فساد في إسناده وعيب في استدلاله وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنه كان مما
ذكرته أمام المحكمة الابتدائية في مقام تفنيد الدفع بعدم الاختصاص أن طلبها المبلغ
الذي رفعت به دعواها قد يكيف بأنه طلب تعويض مكافئ لحرمانها من الإعانة التي
تستحقها تنفيذاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 4 سبتمبر سنة 1949، 28 يونيه سنة
1950 بتقرير الإعانة وبامتداد أجل استحقاقها أو يكيف بأنه مطالبة بحق مالي مستحق
لها بموجب القرارين المذكورين وأنه على كلا الفرضين يكون الاختصاص بنظر النزاع
ثابتاً للمحاكم القضائية وأردفت ذلك بقولها إنها تغلب التكييف الثاني على الأول
دون تشبث منها بأحدهما وقد أخذت المحكمة الابتدائية بالتكييف الأول وقضت بناء عليه
برفض الدفع بعدم الاختصاص ولدى محكمة الاستئناف تمسكت الطاعنة في مذكرتها الختامية
بما ورد بالحكم الابتدائي في شأن الرد على الدفع بعدم الاختصاص وأضافت أن دعواها
ترمي إلى اعتبار الحكومة مسئولة مدنياً عن عدم أداء الإعانة إليها لوقوع مخالفة
للقوانين واللوائح من جانب الجهات الإدارية وأن كون الحكومة قد أخطأت أو لم تخطئ
لا يؤثر على الاختصاص وإنما يكون بحثه عنه نظر الموضوع - ولم تقتصر الطاعنة في
دفاعها سواء أمام المحكمة الابتدائية أو أمام محكمة الاستئناف على وصف واحد للمبلغ
الذي تطالب به وإنما صرحت بأنه يستوي لديها أن يوصف هذا المبلغ بأنه تعويض أو
تنفيذ لالتزام مالي في ذمة الحكومة متولد مباشرة عن قراري مجلس الوزراء المقررين
لإعانة التصدير لأن محل المطالبة على كلا الوصفين هو مبلغ محدد من المال تراه
المدعية حقاً لها ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في تفنيد القول باعتبار
الدعوى متضمنة المطالبة بتعويض مالي عن الضرر الذي حل بالمدعية نتيجة للقرار
الوزاري الذي رفض صرف الإعانة إليها. استند في ذلك إلى أن هذا القول لا يستقيم مع
ما أكدته الطاعنة في دفاعها الوارد في مذكرتها المقدمة منها للمحكمة الابتدائية
فإن هذا الذي استند إليه الحكم لا يتفق مع كامل الدفاع الذي عرضته الطاعنة على
المحكمة بل فيه اختزال معيب للصورة الصحيحة المتكاملة لهذا الدفاع وإسقاط شق منه
وافتراض التنازل عنه على خلاف الواقع في الدعوى كذلك أخطأ الحكم المطعون فيه فيما
قرره في أسبابه من أن دعوى الطاعنة لا تعتبر من دعاوى المسئولية المدنية التي
يرفعها الأفراد على الحكومة بسبب إجراءات إدارية مخالفة للقوانين واللوائح والتي
كانت المحاكم العادية مختصة بنظرها قبل صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 وذلك لأن
تلك الدعوى حسبما شرحتها المدعية في صحيفتها وفي مذكرتها تقوم على أساس أن لها
حقوقاً تستند إلى قراري مجلس الوزراء وأنها تطالب بهذه الحقوق تنفيذاً لهذين
القرارين دون أن تسند إلى الحكومة أية مخالفة لقانون أو لائحة. كما اخطأ الحكم في
القانون فيما قرره من أن ما تطلبه الطاعنة من إلزام الحكومة بقيمة الإعانة فيه
إيقاف للقرار الإداري الذي رفض منحها الإعانة أو تأويل له على الأقل - ووجه الخطأ
في هذين التقريرين - على ما تقول الطاعنة - إنها على خلاف ما ذكره الحكم - قد
تمسكت في دفاعها في مختلف مراحله بأن وزارة المالية قد خرجت على مقتضى القوانين
واللوائح حيث امتنعت عن صرف الإعانة التي استحقتها بموجب قراري مجلس الوزراء كما
أنها لم تطلب في دعواها إلغاء أو وقف القرار الإداري الذي قضى برفض صرف الإعانة
إليها وإنما طلبت أن يقضى لها بالمبلغ الذي طلبته إما على اعتبار أنه تعويض لها
بقدر الإعانة التي حرمت منها بالقرار الوزاري المذكور الذي صدر مخالفاً لقراري
مجلس الوزراء لأن الوزير باعتباره سلطة أدنى من مجلس الوزراء لا يملك مخالفة ما
يقرره هذا المجلس. وإما على اعتبار أن أداء هذا المبلغ التزام مترتب على قراري
المجلس سالفي الذكر.
وحيث إن هذا النعي صحيح
ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعدم الاختصاص على ما قرره فيما
يأتي "وحيث إن القول بأن الدعوى الحالية ما هي إلا مطالبة بتعويض مالي عن
الضرر الذي حل بالشركة المستأنفة (الطاعنة) نتيجة للقرار الإداري الذي رفض صرف
الإعانة إليها لا يستقيم مع ما تتمسك به الشركة في دفاعها آنف الذكر (يعني دفاعها
الوارد في مذكرتها المقدمة للمحكمة الابتدائية) كما أنه مردود في ذاته بأن دعاوى
التعويض التي كانت المحاكم المدنية مختصة بها مع مجلس الدولة قبل صدور القانون رقم
165 لسنة 1965 الذي قصر الاختصاص بنظرها على مجلس الدولة وحده هي الدعاوى المحددة
في البند الثاني من المادة 18 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 بأنها دعاوى
المسئولية المدنية المرفوعة على الحكومة بسبب إجراءات إدارية وقعت مخالفة للقوانين
واللوائح فهل هذه الدعوى بمكن اعتبارها كذلك؟ إن الدعوى حسبما شرحتها الشركة المدعية
في صحيفة افتتاحها وفي مذكرتها أمام محكمة أول درجة وفي عريضة الاستئناف وفي
مذكرتها لهذه المحكمة قائمة على أساس أن للشركة المستأنفة حقوقاً تستند إلى قراري
مجلس الوزراء وأنها تطالب بهذه الحقوق تنفيذاً لهذين القرارين ولم تسند إلى
الحكومة أية مخالفة لقانون أو لائحة"... ثم انتهى الحكم بعد أن رد على
التكييف الآخر للدعوى بقوله "ومتى كان الأمر كما ذكر فإن قرار وزير المالية
الذي أبلغه وزير التموين للشركة المستأنفة (الطاعنة) برفض صرف الإعانة إليها هو
قرار إداري يمتنع على المحاكم المدنية تطبيقاً للمادة 18/ 2 من قانون نظام القضاء
رقم 147 لسنة 1949 أن تؤوله أو توقفه. وحيث إن ما تطلب الشركة الحكم به من إلزام
الحكومة بأداء قيمة الإعانة فيه من غير شك إيقاف لهذا القرار أو تأويل له على
الأقل ومن ثم تكون المحاكم المدنية غير مختصة بنظر الدعوى" ولما كان يبين من
الأوراق المقدمة في الطعن والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع أن الشركة الطاعنة
طلبت إلزام الحكومة بمبلغ معين باعتباره قيمة الإعانة المستحقة لها بموجب قرار
مجلس الوزراء الصادر في 4 من سبتمبر سنة 1949 بتقرير إعانة تصدير للغزل والنسيج
وقرار المجلس الصادر في 28 من يونيه سنة 1950 بمد الأجل المحدد في القرار الأول
لصرف هذه الإعانة وذكرت الطاعنة في مذكرتها المقدمة للمحكمة الابتدائية في مقام
الرد على الدفع بعدم الاختصاص أن دعواها إما أن تكيف بأنها مطالبة بحق مالي مصدره
القراران المذكوران وشأنهما في ذلك شأن أي تشريع آخر يرتب حقوقاً لأصحاب الشأن
وإما أن تكيف بأنها دعوى تعويض عن الضرر الذي حل بها نتيجة للقرار الإداري الذي
رفض منحها الإعانة يقاس فيها الضرر بقيمة الإعانة التي حرمت منها وأن الدعوى على
أي التكيفين اللذين تغلب هي أولهما على ثانيهما - تكون من اختصاص المحاكم القضائية
لأن الدعوى لا تتضمن طلب إلغاء قرار إداري أو تأويله - وبعد أن صدر الحكم
الابتدائي آخذاً بالتكييف الثاني ومعتبراً الدعوى من دعاوى التعويض التي تختص
بنظرها المحاكم العادية عملاً بنص المادة 18 من قانون نظام القضاء تمسكت الطاعنة
في الاستئناف في مذكرتها الختامية بما ورد بالحكم المذكور في شأن الرد على الدفع
بعدم الاختصاص وأضافت أنها ترمي بدعواها إلى اعتبار الحكومة مسئولة مدنياً عن عدم
أداء إعانة تصدير الغزل إليها وأن مبنى هذه المسئولية وقوع مخالفة من جانب الجهات
الإدارية للقوانين واللوائح وأن الدعوى على هذا الاعتبار تدخل في ولاية المحاكم
القضائية أما كون الحكومة قد أخطأت أو لم تخطئ فإن هذا هو البحث في الموضوع لا في
الاختصاص - لما كان هذا هو الثابت في الأوراق فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض اعتبار
الدعوى من دعاوى التعويض المشار إليها في المادة 18 من قانون نظام القضاء والتي كانت
المحاكم العادية تختص بنظرها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 165 لسنة 1955 - وأبقى
هذا القانون الأخير لها ولاية الفصل فيما كان منظوراً أمامها من هذه الدعاوى وقت
العمل به - إذ رفض الحكم ذلك استناداً إلى ما قاله من أن تكييف الدعوى بهذا الوصف
لا يستقيم مع دفاع الطاعنة وإلى أن هذه الطاعنة لم تسند إلى الحكومة أية مخالفة
لقانون أو لائحة فإنه يكون قد خالف الثابت في الأوراق وشابه عيب في الاستدلال في
هذا الخصوص ولا يشفع له أن تكون الطاعنة قد عرضت على المحكمة إلى جانب تكييفها
للدعوى بأنها من دعاوى التضمينات عن الإجراءات الإدارية المخالفة للقوانين
واللوائح تكييفاً أخراً وأن تكون قد صرحت في بادئ الأمر بترجيحها لهذا التكييف ذلك
أنه علاوة على أن هذا الترجيح من جانبها ليس من شأنه أن يؤدي إلى إسقاط تكييفها
الأول وافتراض التنازل عنه وعلاوة على أنه ما كان يجوز للمحكمة أن تعول في حكمها
على هذا الترجيح بعد أن عدلت الطاعنة نفسها عنه في الاستئناف علاوة على هذا وذاك
فإن العبرة في تكييف الدعوى ليس بما يصفه بها الخصوم بل بما تتبينه المحكمة من
وقائعها ومن تطبيق القانون عليها - لما كان ذلك، وكانت العبرة في اختصاص المحاكم
العادية بالتعويض عن أعمال الإدارة المخالفة للقوانين واللوائح وفقاً لنص المادة
18 من القانون رقم 147 سنة 1949 بنظام القضاء هي بمجرد الإدعاء بالمخالفة وليس
بتحقق وقوعها إذ أن وقوع المخالفة فعلاً إنما هو شرط للمسئولية لا للاختصاص - وكان
طلب الشركة الطاعنة الحكم لها بمبلغ معين بصفة تعويض لها عما لحقها من ضرر لسبب
حرمانها من الإعانة بقرار إداري مدعى بمخالفة للقوانين واللوائح هذا الطلب لا يهدف
- خلافاً لما قرره الحكم - إلى وقف أو تأويل القرار الإداري الصادر برفض صرف
الإعانة إليها كما أن الفصل في موضوع ذلك الطلب لا يقتضي التعرض لهذا القرار
بتعطيل أو تأويل إذ يقتصر الأمر على تحري ما إذا كان القرار المذكور قد صدر
بالمخالفة للقوانين واللوائح أو بالموافقة لها وما إذا كان في حالة تحقق المخالفة
قد أضر بالمدعية - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون فيما انتهى إليه
من عدم اختصاص المحاكم العادية بنظر دعوى الطاعنة بوصفها دعوى بطلب تعويض عن إجراء
إداري مدعي بوقوعه مخالفاً للقوانين واللوائح - قد أخطأ في تطبيق القانون بما
يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه النعي.
وحيث إن الموضوع صالح
للحكم فيه فيما يختص بالدفع بعدم الاختصاص.
وحيث إنه لما سلف بيانه
يتعين رفض هذا الدفع والقضاء باختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
(1) راجع نقض 29/ 12/ 1955 طعن 156 س 22 ق مجموعة 25 سنة ص 628.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق