الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 مايو 2023

الطعن 249 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 12 ص 111

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(12)
الطعن رقم 249 لسنة 27 القضائية

(أ) ملكة "أسباب كسب الملكية". تقادم. "التقادم المكسب".
كسب الملكية بالتقادم الطويل المدة سبب قانوني مستقل للتملك.
(ب) تقادم "التقادم المكسب". نقض "أسباب الطعن". الأسباب الواقعية". إثبات. "الإثبات بالقرائن".
استظهار الحكم لأسباب سائغة أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والهدوء والاستمرار ونية التملك. لا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقها بأسباب واقعية. اتخاذ الحكم من حصول رهن قرينة على وضع اليد الظاهر بنية التملك على الأعيان محل النزاع. بطلان الرهن - يفرض تحققه - ليس بذي آثر على قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها.
(ج) تقادم "التقادم المكسب". هبة. "انعقادها". عقد. "العقد الباطل". "آثاره".
بطلان عقد هبة العقار لعدم إفراغه في شكل رسمي لا يمنع من تملك الموهوب له الأعيان الموهوبة بالتقادم الطويل المدة. عقد قسمة الأعيان الموهوبة بالعقد الباطل يلحقه البطلان كذلك. لا يمنع هذا من صحة البيع الذي يتضمنه عقد القسمة عن أعيان لم تؤل ملكيتها للبائع أو لمورثه بسبب عقد الهبة الباطل وإنما بسبب آخر غير مترتب عليه ولا صلة له به، باعتباره عقداً مستقلاً وارداً في عقد القسمة المذكور.

-------------------
1 - كسب الملكية بالتقادم الطويل المدة يعتبر بذاته سبباً قانونياً مستقلاً للتملك فإن كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على التملك بالتقادم المكسب دون أن يستند إلى العقد المدعي بصوريته فلا حاجة للخوض في بحث تلك الصورية ويكون ما أورده الحكم في هذا الشأن تزيداً منه يستقيم الحكم بدونه.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استظهر - بصدد التدليل على تملك المطعون عليه بالتقادم المكسب الطويل المدة - أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والاستمرار والهدوء ونية التملك وأثبت توافرها وكان استخلاصه هذا سائغاً من شأنه أن يؤدى في مجموعه إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا سبيل للجدل في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي. ولا عبرة بما يثيره الطاعن من بطلان عقد رهن الأعيان محل النزاع الذي اتخذ الحكم من حصوله قرينة على وضع اليد الظاهر بنية التملك على تلك الأعيان ذلك أن الحكم لم يكن بصدد مسألة تتعلق بصحة العقد أو بطلانه، كما أن بطلان العقد - بفرض تحققه - ليس بذي أثر في قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها في هذا المقام.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقديراته أنه على الرغم من بطلان عقد البيع باعتباره هبة سافرة لم تتم في شكل رسمي فإن أحد الموهوب لهم قد وضع يده على الأعيان الموهوبة المدة الطويلة واستوفى وضع يده الأركان القانونية التي تجعله سبباً لكسب الملكية، فإن مؤدى ذلك أنه قد تملك تلك الأعيان بالتقادم المكسب لا بالعقد الباطل ومن ثم فإذا كان عقد قسمة تلك الأعيان قد لحقه البطلان لاستناده إلى عقد الهبة الباطل إلا أنه إذ تضمن بيعاً من والد الموهوب له لحفيده عن نصيبه الميراثي في تلك الأعيان التي لم تؤول ملكيتها للبائع أو لمورثه بسبب عقد الهبة الباطل وإنما بسبب آخر غير مترتب عليه ولا صله له به، فإن هذا البيع لا يمتد إليه البطلان بل يبقى صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً وإن كان وارداً في عقد القسمة المذكور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 10 سبتمبر سنة 1907 ومسجل في 27 سبتمبر سنة 1911 باع علي محمد خفاجي لأولاده محمد وفاطمة وزينب ونفيسة وصديقه ولزوجته فاطمة حسن صيام 6 ف و20 ط و16 س أطياناً زراعية ومنزلين ونصف منزل. وخص ولده محمد في المبيع بمقدار 4 ف و2 ط و16 س في الأطيان وبمنزل ونصف ونص في العقد على أن البيع نظير مبلغ 450 جنيهاً وأن البائع سامح المشترين في هذا المبلغ وأنه قد أخلى يده من الأطيان المبيعة وأصبح من حق المشترين التصرف فيها بكافة التصرفات ونقل تكليفها إلى أسمائهم كما ذكر في العقد أن البائع تلقى ملكية ما باعه بطريق الشراء من والده محمد خفاجي الكبير - وقد تم نقل تكليف الأطيان المبيعة إلى أسماء المشترين بعد تسجيل العقد - وفي سنة 1913 أقام محمد خفاجي الكبير بالدعوى رقم 205 سنة 1913 ضد ولده على البائع وضد آخرين طالباً تثبيت ملكيته إلى 8 ف و5 ط و16 س أطياناً زراعية ومنزلين يدخل فيها ما بيع بعقد 10 / 9/ 1907 وقضى له بطلباته في 8 مايو سنة 1913 غير أن هذا الحكم لم ينفذ حتى توفى المحكوم له وورثة ابنه علي - وبتاريخ 28 أبريل سنة 1924 توفى محمد علي خفاجي والد المطعون عليه الأول وفي 5 مارس سنة 1929 أجرى علي محمد خفاجي قسمة الأعيان التي كان قد باعها لأولاده ولزوجته بعقد 10 سبتمبر سنة 1907 وحرر لهذا الغرض عقد قسمة بينه بصفته الشخصية وبوصفه ولياً على حفيده عبد المنعم (المطعون عليه الأول) وبين بناته وقد أقر في هذا العقد بتنازله عن حصته الميراثية في نصيب ابنه محمد في المبيع - وقدرها 16 ط و10 و2/3 سهم في الأطيان و30 و26 متراً في المنازل - إلى حفيده عبد المنعم القاصر المشمول بولايته نظير مبلغ 45 جنيهاً قبضه من القاصر المذكور كما أقر بتنازله عن حصته الميراثية في نصيب ابنته فاطمة التي كانت قد توفيت سنة 1912 إلى أخواتها البنات الأخريات واختص عبد المنعم في هذه القسمة بمقدار 4 ف و2 ط و16 س من الأطيان المبيعة، 160 م و30 س في المنازل وذكر في عقد القسمة أن هذه المقادير من تكليف مورثه محمد علي خفاجي - وسجل عقد القسمة في 9 مارس سنة 1929 - وبتاريخ 6 مارس سنة 1929 حرر علي محمد خفاجي إقراراً على نفسه صدق عليه من محكمة طنطا في 9 من الشهر المذكور ذكر فيه أنه بصفته وارثاً لوالده محمد خفاجي الكبير قد تنازل عن الحكم الصادر لمورثه المذكور في القضية رقم 205 سنة 1913 كلي طنطا واستئنافها وأن هذا الحكم أصبح لاغياً ولا يجوز له تنفيذه وأنه قد تصرف لأولاده ولحفيده عبد المنعم القاصر في بعض المحكوم به لوالده بعقد تم تسجيله - وفي أواخر سنة 1941 قام نزاع بين علي محمد خفاجي وبين حفيده عبد المنعم أدى بالأول إلى أن يرفع بتاريخ 4 مارس سنة 1942 الدعوى رقم 202 سنة 1942 كلي طنطا ضده حفيده عبد المنعم في شخص وصى الخصومة عليه السعيد أحمد خفاجي كما اختصم في الدعوى بناته نفيسة وزينب وصديقة وزوجته فاطمة صيام وطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى الأطيان والعقارات المبينة بالعريضة وهي ذات الأعيان الواردة في عقد 10 سبتمبر سنة 1907 كما طلب الحكم ببطلان هذا العقد على أساس أنه يتضمن هبة سافرة تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً لعدم حصولها بعقد رسمي وبتاريخ 25 يونيه سنة 1942 - حكمت محكمة طنطا الابتدائية ببطلان العقد المؤرخ 10 سبتمبر سنة 1907 وبثبوت ملكية المدعى إلى الأرض والمنازل الموضحة بالعريضة فيما عدا الـ 16 ط و10 و2/ 3 س في الأطيان و26 م و30 س في المنزلين الموضحة بعقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 وقد أسست المحكمة قضاءها باستبعاد هذين المقدارين - وهما قيمة ما آل إلى علي خفاجي بطريق الميراث عن ابنه محمد من نصيب الأخير في العقارات المبيعة بعقد سنة 1907 - أسست المحكمة قضاءها بذلك على أن علي خفاجي قد باع حصته هذه إلى حفيده عبد المنعم وقبض منه الثمن على ما هو ثابت من إقراره بذلك الوارد في عقد القسمة - وقد رفع الوصي علي عبد المنعم استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 199 سنة 60 ق مصر طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى جده علي محمد خفاجي - ورفع الأخير بدوره استئنافاً عن الحكم قيد برقم 207 سنة 60 ق مصر طالباً إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به لصالح حفيده عبد المنعم - وقد توفى رافع الاستئناف الثاني بعد رفعه وحل محله فيه ورثته - وضمت محكمة استئناف القاهرة الاستئنافين وحكمت فيهما بتاريخ 21 فبراير سنة 1945 أولاً - في الاستئناف المرفوع من الوصي على القاصر عبد المنعم بقبوله وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10 سبتمبر 1907 وبقبول الدفع وسقوط الحق في رفع دعوى البطلان بمضي المدة ورفض دعوى المرحوم علي محمد خفاجي بالنسبة لطلب تثبيت ملكيته للأعيان الموضحة بعريضة الدعوى فيما يختص بنصيب القاصر المذكور ثانياً - في الاستئناف المرفوع من المرحوم علي محمد خفاجي برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت ملكية القاصر عبد المنعم للقدر المحكوم له به ابتدائياً - وقد طعنت السيدة جميلة أحمد عبد الله بصفتها وصية على ابنيها القاصرين عبد الحميد وعلي ولدي علي محمد خفاجي في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 124 سنة 15 ق وبتاريخ 5 ديسمبر سنة 1946 قضت فيه محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه تأسيساً على أنه قد خالف القانون بقضائه بسقوط الحق في رفع دعوى بطلان عقد الهبة موضوع الدعوى بالتقادم ذلك لأن العقد المشوب ببطلان أصلى متعلق بالنظام العام لا ينقلب صحيحاً مهما طال عليه الزمن ومن ثم لا يسقط الحق في رفع الدعوى ببطلانه بالتقادم كما شاب الحكم قصور في تسبيب قضائه برفض طلب تثبيت ملكية مورث الطاعنين المرحوم علي محمد خفاجي فيما يختص بنصيب القاصر عبد المنعم ذلك أنه استند في ذلك إلى أن القاصر المذكور قد كسب ملكية هذا النصيب بالتقادم وقد استخلص الحكم وضع اليد المكسب للملك من مجرد ما ذكر في عقد البيع من رفع يد البائع المرحوم علي محمد خفاجي عن المبيع ومن نقل التكليف مع أن هذا - كما قالت محكمة النقض - ليس من شأنه أن يفيد بذاته حصول وضع اليد الفعلي ولا توافر أركانه المكونة له كما أن الحكم من جهة أخري لم يتعرض إلى الرد على دلالة الأحكام التي قدمتها الطاعنة إلى محكمة الموضوع إثباتاً للصورية وقد زعم الحكم أنه ليس للطاعنة إثبات هذه الصورية كمورثها إلا بالكتابة في حين أن الوارث يعتبر من الغير بالنسبة إلى تصرفات المورث الضارة به - وبتاريخ 16 من إبريل سنة 1957 حكمت محكمة استئناف طنطا من جديد في الاستئنافين اللذين قيدا بجدولها برقمي 250 و251 سنة 1 ق بقبولهما شكلاً وفي موضوع الاستئناف الأول المرفوع من عبد المنعم محمد علي خفاجي برفض الدفع سقوط الخصومة والدفع بسقوط الحق في رفع دعوى البطلان بمضي المدة وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10/ 9/ 1907 وبإلغائه فيما قضي به من تثبيت ملكية المرحوم علي محمد خفاجي للأعيان الموضحة بعريضة الدعوى بالنسبة لنصيب عبد المنعم محمد علي خفاجي المبين بعقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 والمسجل في 9/ 3/ 1929 وبرفض هذا الطلب بخصوص ذلك وفي موضوع الاستئناف الثاني المقام أصلاً من المرحوم علي محمد خفاجي برفضه بالنسبة للقدر المحكوم به لعبد المنعم (المطعون عليه الأول) بموجب الحكم المستأنف مع إلزام ورثة المذكور بجميع مصاريف الدعوى عن الدرجتين، 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما - وبتاريخ 26 من يونيه سنة 1957 طعن كل من علي علي محمد خفاجي عن نفسه وبصفته وارثاً لأخيه المرحوم عبد الحميد والسيدة جميلة أحمد عبد الله بصفتها وارثة أيضاً لأبنها عبد الحميد المذكور في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الحالي وطلب الطاعنان نقض الحكم المطعون فيه فيما عدا ما قضى به من رفض الدفعين المنوه عنهما في منطوقه وفيما عدا ما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10/ 9/ 1907 والحكم بتثبيت ملكية المرحوم علي محمد خفاجي لجميع الأعيان الموضحة بصحيفة الدعوى الابتدائية رقم 202 سنة 1942 مدني كلي طنطا مع إلزام المطعون ضدهما الأول والأخير بصفته بكافة المصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والتي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 3 يناير سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه على أن المطعون عليه الأول قد تملك الأعيان المبيعة لوالده بعقد 10/ 9/ 1907 بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بمقولة إن والده ظل واضعاً اليد على هذه الأعيان بصفة مالك من تاريخ تحرير هذا العقد حتى تاريخ وفاته وقد خلفه في وضع اليد المطعون عليه الأول واستمر واضعاً اليد حتى تاريخ رفع الدعوى وقد دلل الحكم على ذلك بما ورد في العقد المذكور من أن يد المرحوم علي محمد خفاجي قد رفعت عن الأعيان المبيعة منه إلى أولاده - وبنقل التكليف من اسم البائع المذكور إلى اسم والد المطعون عليه لأول منذ تاريخ العقد. وبإقرار المرحوم علي محمد خفاجي في عقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 بأن الأعيان الواردة به تركة موروثة عن ابنه المرحوم محمد علي خفاجي وإقراره أيضاً في 6/ 3/ 1929 بالتنازل عن الأحكام الصادرة لصالح مورثه المرحوم محمد خفاجي الكبير في سنة 1913 وبتعهده بعدم تنفيذها كما استدل الحكم أيضاً على ذلك بأن والد المطعون ضده الأول قام برهن تلك الأطيان للبنك الزراعي المصري في 27/ 2/ 1912 وأن تكليف هذه الأطيان نقل لاسم المطعون ضده الأول بعد وفاة والده وفي حياة جده المرحوم علي محمد خفاجي وأن هذا الجد باع للحكومة في 20 يناير سنة 1935 ثلاثة قراريط مما اختص به حفيده المطعون ضده الأول وصدر منه هذا البيع بصفته ولياً طبيعياً على حفيده المذكور ونص في العقد على أن الملكية آلت إلى القاصر بطريق القسمة بالعقد المؤرخ 5/ 3/ 1929 فيما آل بالميراث عن والده المرحوم محمد علي خفاجي المالك بالشراء من علي محمد خفاجي بعقد 10/ 9/ 1907 ويقول الطاعنان إنه بالنسبة للاستدلال بعقد 10/ 9/ 1907 ونقل التكليف وعقد القسمة والإقرارات المنوه عنها جميعاً فقد سبق لمحكمة النقض أن قررت في الطعن السابق رقم 124 سنة 15 ق أن هذا كله ليس من شأنه أن يفيد بذاته حصول وضع اليد الفعلي ولا توافر أركانه المكونة له أما عن استدلال الحكم بقيام والد المطعون ضده الأول برهن العقارات المبيعة إلى البنك الزراعي في 27/ 2/ 1912 فإنه غير مجد ذلك أن عقد الرهن المستند إلى عقد البيع المؤرخ 10/ 9/ 1907 هو عقد باطل لاستناده إلى عقد باطل بطلاناً مطلقاً فضلاً عن أنه يبين من شهادة ميلاد والد المطعون ضده الأول التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع أنه ولد في 4 فبراير سنة 1893 وأن عقد الرهن مؤرخ في 27 فبراير سنة 1912 أي أن المدين الراهن المذكور قد رهن العقار وهو لما يبلغ تسعة عشر عاماً (كذا) مما يجعل الرهن باطلاً لصدوره من قاصر ناقص الأهلية ثم إن قيام والد المطعون ضده الأول بالرهن لا يفيد بذاته وضع اليد الفعلي المستكمل لشرائطه القانونية وانتهى الطاعنان إلى أن استناد الحكم إلى ما تقدم بيانه في القول بالتملك بوضع اليد هو استناد قاصر لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهي إليها الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتملك المطعون عليه الأول الأعيان الموهوبة لوالده بعقد 10/ 9/ 1907 - الذي وصف بأنه عقد بيع - بالتقادم المكسب الطويل المدة على قوله "وحيث إن وضع يد محمد علي خفاجي والد عبد المنعم (المطعون عليه الأول) على الأعيان الموهوبة إليه من والده علي خفاجي بصفته مالكاً ظاهراً ثابت من إقرار والده في عقد 10/ 9/ 1907 برفع يده عن الأعيان ومن نقل تكليفها إليه منذ تسجيل العقد في سنة 1911 وبقائها كذلك حتى نقلت لاسم ابنه عبد المنعم في سنة 1929 ومن رهنه للأطيان وقد أقر الوالد على خفاجي وضع يد ابنه هذا بما قرره في عقد القسمة وفي إقراره المسجل في سنة 1929 وتأخذ المحكمة من تصرفه بالبيع في جزء من الأطيان للحكومة باعتباره ولياً على القاصر عبد المنعم ابن ابنه وتصرفه بهذه الصفة لأولاده أن وضع يده كان بصفته ولياً على القاصر وبالتالي وضع اليد انتقل من محمد خفاجي لابنه عبد المنعم - وحيث إن المحكمة تستخلص من كل ذلك أنه رغم بطلان عقد البيع المحرر في سنة 1907 فقد ظل والد عبد المنعم إلى أن توفى في سنة 1924 وجه بصفته ولياً عليه واضعين اليد على تلك الأعيان بصورة ظاهرة لا منازع فيها بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملك وحيث إن إقرار باقي ورثة علي خفاجي وهو نفيسة وأخواتها بعدم وضع يدهن على نصيبهن لا يؤثر على حق عبد المنعم إذ أن الإقرار حجة قاصرة عليهن لا تتعدى للغير" وقال الحكم في موضع آخر بعد أن استعرض الأحكام المقدمة من الطاعنة الثانية للتدليل على صورية عقد سنة 1907 "إن دعاوى الاسترداد المقدمة أحكامها ليست دليلاً على نفي وضع يد عبد المنعم إذ لم يكن هو طرفاً في أي من هذه الدعاوى كما لم يكن يمثل فيها جده بصفته ولياً عليه" وأشار الحكم في تقريراته إلى مستند يثبت أن والد المطعون ضده الأول المرحوم محمد علي خفاجي قد رهن الأطيان الموهوبة له بعقد سنة 1907 إلى البنك الزراعي المصري في 27/ 2/ 1912 كما أشار إلى مستند آخر يتضمن أن جد المطعون عليه الأول المرحوم علي خفاجي باع للحكومة في 20/ 1/ 1935 ثلاثة قراريط مما اختص به المطعون عليه الأول في عقد القسمة المحرر في 5/ 3/ 1929 وقد صدر منه هذا البيع بصفته ولياً على حفيده المذكور ونص في العقد على أن الملكية آلت إلى القاصر بطريق القسمة بالعقد المؤرخ 5/ 3/ 1929 المسجل في 9/ 3/ 1929 فيما آل إليه بالميراث عن والده - وأشار الحكم أيضاً إلى مستند ثالث تقدم إلى محكمة الاستئناف يثبت أن محمد علي خفاجي والد المطعون عليه الأول توفى في 28 من أبريل سنة 1924 - ولما كان يبين مما قرره الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم ذكره أنه لم يقف في تدليله على تملك المطعون عليه الأول الأعيان التي قضى بأنه تملكها بالتقادم المكسب الطويل المدة عند حد الأسباب التي كان قد استند إليها الحكم الاستئنافى الأول المنقوض والتي اعتبرتها محكمة النقض في الطعن السابق رقم 124 سنة 15 ق غير كافية بذاتها لإفادة حصول وضع اليد الفعلي وتوافر أركانه - بل إن الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى تلك الأسباب أسباباً أخرى أهمها قيام والد المطعون عليه الأول برهن الأعيان المذكورة في سنة 1912. وتصرف جد المطعون عليه المذكور بصفته ولياً عنه في بعض هذه الأعيان بالبيع وإقراره في عقد البيع بأن ما باعه مملوك لحفيده المذكور بطريق الميراث عن والده محمد علي خفاجي كما استظهر الحكم المطعون فيه أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والاستمرار والهدوء ونية الملك وأثبت توافرها كما أثبت أن المطعون عليه الأول وسلفه قد وضعا اليد على الأطيان محل النزاع منذ سنة 1907 حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية في 4 مارس سنة 1942. لما كان ذلك، وكانت الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص سائغة ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهي إليها فإنه لا سبيل إلى الجدل في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي - ولا عبرة بما يثيره الطاعنان من بطلان عقد الرهن الذي عقده والد المطعون عليه الأول في سنة 1912 وذلك أن الحكم لم يكن بصدد مسألة تتعلق بصحة أو بطلان هذا العقد وإنما هو قد اتخذ من حصول الرهن قرينة استدل بها على وضع يد والد المطعون عليه الأول بصفته مالكاً ظاهراً على الأعيان التي رهنهاً - وليس بطلان عقد الرهن - بفرض تحقق البطلان المدعى به - بذي أثر على قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها في هذا المقام.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بالنسبة لما قضى به من رفض الطعن بالصورية ذلك أنه توهم أن هذا الطعن ينصب على عقد 10/ 9/ 1907 ورد عليه على هذا الأساس بأن القول بأنه قصد بالصورية التهرب من النفقة المستحقة للطاعنة الثانية ينقضه أن هذه الطاعنة لم تتزوج بالمرحوم علي محمد خفاجي إلا في 9/ 6/ 1924 وأن أحكام النفقة التي استصدرتها ضد زوجها المذكور لم تبدأ إلا في سنة 1928 - ويقول الطاعنان إن طعنهما بالصورية إنما ينصب على عقد القسمة المحرر في 5/ 3/ 1929 وعلى الإقرار المعاصر له المؤرخ 6/ 3/ 1929 الذين صدرت أحكام النفقة في تاريخ سابق عليهما - هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد وقع في ذات الخطأ الذي وقع فيه الحكم السابق نقضه وذلك بتقريره أن الطاعنة الثانية وهي وارثة حكمها حكم المورث فلا يجوز لها إثبات صورية سند صادر من مورثها إلى الغير إلا بالكتابة مخالفاً بذلك ما قررته محكمة النقض في الطعن السابق من أن الوارث يعتبر من الغير بالنسبة إلى تصرفات المورث الضارة به - وقد كان لزاماً على الحكم المطعون فيه أن يتبع حكم النقض في هذه المسألة القانونية وأن يصرح بالتالي للطاعنة الثانية بإثبات صورية عقد وإقرار سنة 1929 بكافة طرق الإثبات أما وقد خالف حكم النقض السابق في تلك المسألة فإنه يكون مخالفاً للقانون كما أنه بعدم تصريحه بإثبات الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية يكون مشوباً بالقصور - ويضيف الطاعنان أنه حتى لو صح أن الكتابة لازمة لإثبات الصورية المدعاة فإنه كان يوجد مانع أدبي يحول دون الحصول على هذه الكتابة - هو القرابة القائمة بين المطعون ضده الأول وجده المرحوم علي خفاجي مما يبرز جواز الإثبات بالبينة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه بتملك المطعون عليه الأول للأعيان التي قضى بملكيته لها على أنه كسب هذه الملكية بعقد 10 من سبتمبر سنة 1907 وبعقد القسمة أو الإقرار المعاصر له وإنما على أساس أنه كسب الملكية بالتقادم المكسب الطويل المدة الذي يعتبر بذاته سبباً قانونياً مستقلاً للتملك فإنه سواء انصب الطعن بالصورية على العقد الأول أو على المحررين الآخرين فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى الخوض في بحث الصورية المدعاة ويعتبر كل ما قاله في شأنها تزيداً منه لم يكن يقتضيه تسبيب قضائه ومن ثم فإنه بفرض تحقق القصور والخطأ في القانون المدعى بهما في أسباب الحكم المتضمنة الرد على الطعن بالصورية فإن ذلك لا يعيب الحكم إذ هو يستقيم بدون هذه الأسباب.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأ في القانون فيما قضى به من رفض الاستئناف المرفوع من مورثهما المرحوم علي محمد خفاجي ذلك أنه أسس قضاءه بذلك على ما ورد في عقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 من أن تنازل هذا المورث عن القدر الذي تنازل عنه لحفيده عبد المنعم المطعون عليه الأول والذي آل إليه بالميراث عن ابنه محمد والد المطعون عليه المذكور هذا التنازل تم نظير مبلغ 45 جنيهاً قبضه المتنازل من حفيده - مما اعتبره الحكم مكوناً لعقد بيع تام صحيح متوافر الأركان - في حين أن عقد القسمة المذكور هو عقد باطل لاستناده إلى عقد باطل بطلاناً مطلقاً هو عقد 10/ 9/ 1907 وإجازة الحكم للثمن الوارد في عقد القسمة معناه إجازة الأصل وهو عقد البيع المذكور ومن ثم تكون هذه الإجازة الخاصة بالثمن باطلة قانوناً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقريراته أنه على الرغم من بطلان عقد 10 سبتمبر سنة 1907 فإن والد المطعون عليه الأول قد وضع يده على الأعيان الموهوبة له بهذا العقد من تاريخ تحريره إلى أن توفى في سنة 1924 وقد استوفى وضع يده عليها أركانه القانونية التي تجعل منه سبباً لكسب الملكية فإن مؤدى ذلك أن والد المطعون عليه الأول يكون قد تملك هذه الأعيان قبل وفاته بالتقادم المكسب الطويل المدة وليس بعقد سنة 1907 ومن ثم فلا تثريب على المحكمة بعد ذلك إذا هي اعتبرت تنازل الجد المرحوم علي محمد خفاجي عن نصيبه الميراثي في هذه الأعيان إلى حفيده مقابل مبلغ قبضه من هذا الحفيد مكوناً لعقد بيع صحيح لهذا النصيب ولا يقدح في سلامة هذا النظر أن يكون هذا العقد قد تضمنه عقد القسمة المؤرخ في سنة 1929 ذلك أن البطلان لا يلحق عقد القسمة المذكور إلا فيما كان منه مستنداً إلى عقد سنة 1907 ولما كان البيع قد وقع على أعيان لم تؤل ملكيتها للبائع أو لمورثه الذي تلقى عنه ملكية المبيع بسبب العقد المذكور وإنما بسبب آخر غير مترتب على هذا العقد ولا صلة له به فإن هذا البيع لا يمتد إليه البطلان بل يبقى صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً وارداً في عقد القسمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق