جلسة 26 من مارس سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز أحمد حمادة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا والدكتور أحمد مدحت علي ومحمد عبد الرحمن سلامة والدكتور أحمد محمود جمعة - المستشارين.
--------------
(98)
الطعن رقم 307 لسنة 34 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الضمنية.
المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المشرع أقام قرينة قانونية مقتضاها اعتبار العامل مستقيلاً استقالة ضمنية إذا انقطع عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية بغير إذن ودون أن يقدم عذراً مقبولاً - هذه القرينة مقررة لصالح الجهة الإدارية إن شاءت أعملتها واعتبرت خدمته منتهية في هذه الحالة اعتباراً من تاريخ الانقطاع وإن شاءت تغاضت عنها واتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع بحسب ما تراه محققاً للمصلحة العامة - هذا الميعاد يحسب من تاريخ تحقق تلك القرينة أي من اليوم السادس عشر للانقطاع لا يجوز لجهة الإدارة أن تتخذ الإجراءات التأديبية قبل تحقق هذه القرينة وإلا اعتبر تصرفها على هذا النحو غير كاشف عن إرادتها من عدم إعمال القرينة في عدم اعتبار العامل في هذه الحالة مستقيلاً استقالة ضمنية ما دامت هذه القرينة لم تكن قد تحققت في تاريخ اتخاذ الإجراء التأديبي - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 5 من يناير سنة 1988 أودع السيد الأستاذ/....... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 307 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) في الدعوى رقم 310 لسنة 42 قضائية المرفوعة من السيد/........ ضد محافظ القاهرة والذي قضى بجلسة 16/ 11/ 1987 بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع إدارة مصر القديمة التعليمية عن إنهاء خدمة المدعي وتسليمه شهادة تفيد ذلك الإنهاء وخلو طرفه ومدة خبرته وألزمت الإدارة المصروفات في هذا الشق من الدعوى وأمرت بإحالة الموضوع إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير فيه.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده طبقاً للقانون، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقرير بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت الطعن دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 7/ 11/ 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 3/ 1/ 1989 حيث نظرته المحكمة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ثم أرجأت إصدار الحكم فيه لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قدم في الميعاد واستوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل حسبما هو ثابت من الأوراق بأن السيد/........ (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 310 لسنة 42 قضائية بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة التسويات أ) بتاريخ 18/ 10/ 1987 ضد محافظ القاهرة، يطلب الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع إدارة مصر القديمة التعليمية عن إنهاء خدمته ومنحه شهادة تفيد ذلك ومدة خبرته وخلو طرفه، ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار، وما يترتب على ذلك من آثار، ومع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة. وشرحاً لدعواه قال المدعي (المطعون ضده) أنه يعمل في وظيفة مدرس بمدرسة القاهرة الفنية للبنات التابعة لإدارة مصر القديمة التعليمية وقد انقطع عن عمله اعتباراً من 1/ 10/ 1983، غير أن الجهة الإدارية امتنعت عن إعطائه شهادة تفيد إنهاء خدمته وخلو طرفه ومدة خبرته رغم أنها لم تتخذ ضده الإجراءات التأديبية وذلك بالمخالفة لحكم المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ومن ثم فقد أقام دعواه بطلب الحكم له بالطلبات سالفة الذكر.
وبجلسة 16/ 11/ 1987 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع إدارة مصر القديمة التعليمية عن إنهاء خدمة المدعي (المطعون ضده) وتسليمه شهادة تفيد ذلك الإنهاء وخلو طرفه ومدة خبرته، وألزمت الإدارة المصروفات في هذا الشق من الدعوى، وأمرت بإحالة الموضوع إلى هيئة مفوضي الدولة وتحضيره وإعداد تقرير فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة لركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أن الثابت من ظاهر الأوراق أن المفوض الأصلي طلب الإلغاء لأن المدعي قد انقطع عن العمل دون إذن اعتباراً من 20/ 8/ 1983 ثم استمر منقطعاً عن العمل عازفاً عن الوظيفة وأن الإدارة قد أحالته إلى إدارة الشئون القانونية بتاريخ 1/ 9/ 1983 أي قبل انتهاء المدة المقررة للإحالة ثم أصدرت بتاريخ 5/ 11/ 1983 قراراً بعدم إنهاء خدمته بالمخالفة لصحيح حكم القانون لأنها لا تملك رفض إنهاء خدمة المدعي، وأنه من ثم فإن خدمته تعتبر بحسب الظاهر من الأوراق منتهية من تاريخ الانقطاع وفقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978، وأنه كان على الجهة الإدارية إصدار قرار بإنهاء خدمة المدعي وإعطائه شهادة تفيد ذلك وخلو طرفه ومدة خبرته وأية بيانات وظيفية أخرى يطلبها الموظف من ملف خدمته وفقاً لحكم المادة 263 من اللائحة المالية لميزانية الحسابات ويكون امتناع الإدارة عن ذلك مخالفاً للقانون بما توافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تؤسس طعنها الماثل بالنعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله استناداً إلى أنها قد اتخذت ضده الإجراءات التأديبية حيث أحالته إلى التحقيق بتاريخ 1/ 9/ 1983 بعد أن انقطع عن العمل اعتباراً من 8/ 8/ 1983 أي خلال الشهر التالي للانقطاع وأنها بذلك تكون قد تمسكت برابطة التوظف القائمة بينهما، ولا يعتبر امتناعها التالي عن إنهاء خدمته يشكل قراراً سلبياً يجوز طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إنه عن هذا النعي فإنه مردود، ذلك أن الميعاد القانوني الواجب اتخاذ الإجراءات التأديبية خلاله والذي يكشف عن مسلك الجهة الإدارية في عدم إعمال القرينة القانونية المستفادة من حكم المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على اعتبار العامل الذي ينقطع عن عمله المدد المنصوص عليها في هذه المادة مستقيلاً استقالة ضمنية إنما يحسب هذا الميعاد من تاريخ تحقق تلك القرينة وهو اليوم السادس عشر من تاريخ الانقطاع المتصل على نحو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة بحيث إنه إذا بادرت الجهة الإدارية إلى اتخاذ الإجراءات التأديبية قبل بدء الميعاد المذكور فإنها تكون على هذا الوجه قد خالفت القانون إذ نصت المادة 98 المشار إليها على أنه (يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية: -
(1) إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن الانقطاع كان بعذر مقبول..... فإذا لم يقدم أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل... (2)... ولا يحق اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل...، وأن مفاد هذا النص أن المشرع أقام قرينة قانونية مقتضاها اعتبار العامل مستقيلاً استقالة ضمنية إذا انقطع عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية بغير إذن ودون أن يقدم عذراً مقبولاً، وأن هذه القرينة مقررة لصالح الجهة الإدارية إن شاءت أعملتها واعتبرت خدمته منتهية في هذه الحالة اعتباراً من تاريخ الانقطاع، وإن شاءت لم تعملها واتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع بحسب ما تراه محققاً للمصلحة العامة، وأن هذا الميعاد يحسب من تاريخ تحقق تلك القرينة أي في اليوم السادس عشر للانقطاع بما مؤداه أنه لا يجوز لها أن تتخذ الإجراءات التأديبية قبل تحقق هذه القرينة وإلا اعتبر تصرفها على هذا النحو غير كاشف عن إرادتها في عدم إعمال القرينة القانونية المشار إليها في عدم اعتبار العامل في هذه الحالة مستقيلاً استقالة ضمنية ما دامت هذه القرينة لم تكن قد تحققت في تاريخ اتخاذ الإجراء التأديبي ضده.
ومتى كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضده قد انقطع عن عمله اعتباراً من 20/ 8/ 1983 ثم أحالته الجهة الإدارية إلى التحقيق بتاريخ 1/ 9/ 1983 أي قبل تحقق القرينة القانونية المستفادة من حكم المادة 8 سالفة الذكر على النحو سالف البيان، والتي تحقق في هذه الحالة في اليوم السادس عشر للانقطاع، فإن الجهة الإدارية تكون بذلك قد اتخذت الإجراءات التأديبية ضد المطعون ضده قبل حلول الميعاد المنصوص عليه في هذه المادة وهو الشهر التالي للانقطاع محسوباً من تاريخ تحقق تلك القرينة، وإذا ذهب الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ومن ثم فإن النعي عليه وهذا الوجه لا يكون قائماً على أساس سليم من القانون يتعين الرفض.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، فإنه يتعين الحكم برفض الطعن موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق