جلسة 12 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.
------------------
(130)
الطعن رقم 699 لسنة 35 القضائية
(أ) دعوى - صفة في الدعوى - الهيئة القومية للبريد.
القانون رقم 19 لسنة 1982 بشأن الهيئة القومية للبريد - أكسب القانون رقم 19 لسنة 1982 الهيئة القومية للبريد شخصية اعتبارية مستقلة ونص على أن يكون رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها مع الغير - صاحب الصفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء هو رئيس مجلس إدارتها دون وزير المواصلات - الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير المواصلات - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالهيئة القومية للبريد - ترقيتهم.
قرار وزير المواصلات رقم 70 لسنة 1982 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد - أوردت لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد حكماً خاصاً في مجال الترقية بالاختيار لا مثيل له بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة - يجوز للعامل بالهيئة الذي يبدي كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى ولو لم تتوافر شروط شغلها أن يندب بقرار من رئيس مجلس الإدارة لشغل تلك الوظيفة الأعلى مع استحقاقه مميزاتها المقررة لها من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها كانت له الأولوية في الترقية إليها - توافر مثل هذه القدرات المتميزة في العامل لا بد أن يكون له صدى في الأوراق ودلائل تشير إليه وقرائن تكشف عنه وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها الهيئة بقرار الندب أساس ذلك: القول بغير ذلك مؤداه أن يضحى ندب العامل إلى الوظيفة الأعلى ثم ترقيته إليها بالاختيار رهين بمشيئة الجهة الإدارية دون ضابط تتحقق به الضمانات التي تكفل حماية المصلحة العامة وحقوق الأفراد في ذات الوقت بما يجاوز الهدف الأصلي المتبقي من النص - نتيجة ذلك: لا يسوغ تخطي الأقدم إلى الأحداث سواء في الندب أو الترقية إلا عند توافر الأساس اليقيني الجاد بأفضلية الأحدث وتميزه الظاهر على الأقدام منه طالما أن الندب لوظيفة أعلى طبقاً للائحة هو مقدمة للترقية إليها - تطبيق.
(ج) تشريع - سريانه من حيث الزمان.
ندب عامل بالهيئة القومية للبريد لشغل وظيفة أعلى - صدور لائحة نظام العاملين بالهيئة في تاريخ لاحق على قرار الندب - خضوع ندبه لنص المادة 56 من قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978 باعتباره الشريعة العامة - عدم استفادته من نص المادة 41 من قرار وزير النقل رقم 70 لسنة 1972 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد التي تجيز النقل لوظيفة أعلى وما يترتب عليه من آثار من أولويته في الترقية للوظيفة الأعلى - تطبيق.
(د) عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالهيئة القومية للبريد - ترقيتهم.
المادتان 71، 84 من قرار وزير المواصلات رقم 70 لسنة 1982 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد - حظر ترقية العامل المعار أو الذي يحصل على إجازة بدون مرتب إلا بعد عودته وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر - حظر الترقية ينصرف إلى العامل الذي انقطعت خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية تنفيذاً للإعارة أو الإجازة - لا ينصرف هذا الحظر إلى العامل قبل تنفيذ إعارته أو إجازته طالما كان قائماً بالعمل فعلاً - نتيجة ذلك: احتفاظ العامل بكافة حقوقه الوظيفية - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 7/ 2/ 1989 أودع الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل المحامي نائباً عن الأستاذ فاروق أحمد دياب المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 699 لسنة 35 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 1/ 1988 في الدعوى رقم 3897 لسنة 40 قضائية - المقامة من الطاعن - والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول "وزير المواصلات" لرفعها على غير ذي صفة ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصرفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 70 الصادر في 16/ 1/ 1986 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف.
وقدم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 70/ 1986 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 11/ 6/ 1990 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات، وحضر محامي هيئة قضايا الدولة عن المطعون ضده الأول وقدم مذكرة بدفاعه كما حضر محامي الهيئة القومية للبريد وقدم حافظتي مستندات ومذكرة انتهى فيها إلى طلب رفض الطعن موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعات تتلخص في أن المدعي السيد/ ........ أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 31/ 5/ 1988 والتي اختصم فيها كل من.
1 - السيد وزير المواصلات.
2 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد وطلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 70 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 16/ 1/ 1986 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليها بالمصاريف، وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل بالهيئة القومية للبريد ومعار إلى معهد البريد الثانوي بالمملكة العربية السعودية، وبتاريخ 3/ 4/ 1986 أخطرته الإدارة التي يعمل بها بصورة كتاب الإدارة العامة لشئون العاملين بما يفيد تخطيه في الترقية للدرجة الأولى بالقرار الإداري رقم 70 الصادر في 16/ 1/ 1986 وتعللت الهيئة بأن التخطي تم لوجوده بإجازة خاصة بدون مرتب طبقاً للمادتين 71، 84 من لائحة العاملين بالهيئة، وأضاف المدعي أنه لم يقم بالإجازة المشار إليها إلا اعتباراً من 21/ 1/ 1986 بعد صدور قرار الترقية ومن ثم فلا يجوز تخطيه لهذا السبب وخاصة وأنه هو الأقدم في ترتيب الأقدمية في الفئة الثانية ممن شملهم هذا القرار وملف خدمته يشهد له بالنشاط والحزم والمثابرة في عمله الذي يؤديه بكل كفاءة وإخلاص، كما أن تقارير كفايته عن السنوات الثلاث السابقة كلها بمرتبة ممتاز، وقد فوجئ بترشيحه للإعارة دون أن يتقدم بطلب لذلك، ومن البديهي أن حركة الترقيات هذه سبقتها إجراءات للإعداد تزامنت مع ترشيحه للإعارة وكانت الهيئة تعلم بأقدميته وبأحقيته في هذه الترقية، وأضاف بأنه تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 19/ 4/ 1986، ومن ثم انتهى المدعى إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
وقدم محامي الهيئة القومية للبريد مذكرة أشار فيها أن لائحة العاملين بالهيئة الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1989 والتي تسري اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1982 تنص في المادة 44 على أن الترقية إلى الدرجة الأولى والوظائف العليا بالاختيار وتنص في المادة 41 على أنه إذا أظهر العامل تميزاً ظاهراً يجوز لرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بأعباء وظيفة أعلى فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية، كما نصت المادة 71 على أنه لا يجوز ترقية العامل إلا بعد انتهاء الإعارة، وتنص المادة 84 على أنه يسري في شأن العامل الذي يحصل على إجازة خاصة ما يسري بشأن العامل المعار عند الترقية، وأضافت الهيئة بأنه وإن كان المدعي له أقدمية في الدرجة الثانية من 1/ 5/ 1974 بينما أقدمية آخر المرقين وهو إبراهيم مصيلحي حسن مصطفى في هذه الدرجة ترجع إلى 1/ 11/ 1974 إلا أنه اكتسب خبرة في الوظيفة المرقى إليها بالدرجة الأولى بحكم ندبه لها بالقرار الإداري رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 وأظهر كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً فله الأولوية في هذه الترقية كما أن المدعي لا تجوز ترقيته لأنه كان قد تصرح له بإعارة اعتباراً من 21/ 12/ 1985 وبذلك فإن قرار تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى والمطعون فيه يعد قراراً مشروعاً ومن ثم انتهت الهيئة المدعى عليها إلى طلب الحكم برفض الدعوى موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 19/ 12/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول لرفعها على غير ذي صفة ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعى المصروفات وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت أن القرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 1986 صدر بتاريخ 16/ 1/ 1986 فتظلم منه المدعي بتاريخ 19/ 4/ 1986 بالتظلم رقم 89 لسنة 1986 إلى السيد مفوض الدولة بالهيئة القومية للبريد وإذ لم يبت في التظلم أقام المدعي دعواه بتاريخ 31/ 5/ 1986 ومن ثم يكون قد أقامها في الميعاد المقرر لذلك قانوناً باعتبارها من دعاوى الطعن بالإلغاء وفقاً لنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وإذ استكملت الدعوى باقي أوضاعها الشكلية فمن ثم تكون مقبولة شكلاً، ومن حيث إنه عن تحديد صاحب الصفة في الدعوى فإنه وإن كان الأصل أن كل وزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره هو الذي يتولى الإشراف على شئون وزارته والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إلا أن المشرع قد يسند صفة النيابة في وحدة إدارية إلى رئيسها فتكون لهذا الأخير عندئذ هذه الصفة دون الوزير وذلك بالقدر وفي الحدود التي نص عليها القانون، ولما كانت الهيئة القومية للبريد منشأة بالقانون رقم 19 لسنة 1982 والذي نص فيه على إنها تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة وأن رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير، ولما كانت هذه الهيئة هي الجهة الإدارية المتصلة بالدعوى باعتبار أن القرار المطعون فيه صادر منها وليس من وزير المواصلات، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول "وزير المواصلات" مما يتعين معه عدم قبولها بالنسبة إليه لرفعها على غير ذي صفة.
وأضافت محكمة القضاء الإداري أنه عن موضوع الدعوى فإن لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982 والمعمول بها اعتباراً من أول ديسمبر 1982 وضعت ضوابط معينة لترقية العامل المعار أو العامل الذي يحصل على إجازة خاصة بدون مرتب وهي عدم جواز ترقيته خلال مجموع مدد الإعارة أو الإجازة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة بالأقدمية أما بالنسبة للترقية بالاختيار فلا يجوز ترقيته إلا بعد عودته من الإعارة أو الإجازة وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر بعد عودته إلى عمله الأصلي، وبتطبيق ذلك على حالة المدعي يبين أنه حصل على إجازة خاصة بدون مرتب اعتباراً من 21/ 12/ 1985 تاريخ موافقة رئيس مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها للعمل بالمملكة العربية السعودية، وأن القرار المطعون فيه صدر بعد ذلك التاريخ في 16/ 1/ 1986، ولما كانت الترقية إلى الدرجة الأولى هي ترقية بالاختيار فلا يجوز ترقية المدعي إلى هذه الدرجة ضمن المرقين إليها بالقرار المطعون فيه إلا بعد عودته من الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب ووضع تقدير كفاية عن عمله بعد عودته لمدة لا تقل عن ستة أشهر على الأقل الأمر المنتفي تماماً في شأن المدعي وقت صدور القرار المطعون فيه، ومن ثم يكون هذا القرار مطابقاً لصحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض الدعوى وانتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ القانون في تطبيقه وتأويله ذلك أن تخطي المدعي بالقرار المطعون فيه غير قائم على سند من القانون، فالمدعي - الطاعن - يسبق المطعون على ترقيته في الأقدمية وتقارير كفايته جميعها بمرتبة ممتاز بإقرار الجهة الإدارية ذاتها، ومن المستقر عليه في أحكام المحكمة الإدارية العليا أنه وإن كانت الجهة الإدارية تترخص في الترقية بالاختيار إلا أنه يجب أن يكون قرارها مستمداً من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها فإذا لم يقع الأمر على هذا النحو فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه كما أن المبدأ العادل يجري على أن الحد الطبيعي للترقية بالاختيار هو عدم تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان هذا الأخير ظاهر الامتياز وأنه عند التساوي في درجة الكفاءة يرقى الأقدم، كما أن الندب لا يكسب العامل حقاً في الوظيفة المنتدب إليها عند التزاحم في الترقية إليها، ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب في قضائه صحيح حكم القانون حينما انتهى إلى عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول، المطعون عليه الأول - وزير المواصلات، تأسيساً على أن الجهة الإدارية ذات الصلة بالدعوى هي الهيئة القومية للبريد وقد اكسبها القانون رقم 19 لسنة 1982 شخصية اعتبارية مستقلة وقضى بأن يكون رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها مع الغير، فيكون هو صاحب الصفة في تمثيلها في المنازعة المعروضة دون وزير المواصلات ومن ثم يتعين تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير المواصلات لأسبابه سالفة السرد.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد استندت في تخطيها للطاعن في الترقية إلى وظيفة من الدرجة الأولى بالقرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 1986 إلى سببين أولهما أن آخر المرقين بهذا القرار سبق ندبه بالقرار رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 إلى الوظيفة المرقى إليها بحيث تكون له الأولوية في هذه الترقية وثانيهما أن الطاعن كان بإجازة خاصة عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بحيث لا تجوز ترقيته.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الأول فإنه بالرجوع إلى لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982 والتي تسري اعتباراً من أول ديسمبر عام 1982 حيث إنها تنص في المادة 41 على أنه إذا أظهر العامل كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى من وظيفته وإن لم تتوافر فيه شروط شغلها أو الترقية إلى الدرجة المخصصة لها بسبب مدد الترقية فلرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بالقيام بأعباء هذه الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق المميزات المقررة للوظيفة الأعلى من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية قبل أعمال الأقدمية في نسبة الاختيار.
كما نصت المادة 44 من هذه اللائحة على أن تكون الترقية للدرجة الأولى والوظائف العليا بالاختيار على أساس ما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد بملفات خدمتهم وغيرها من الأوراق المتصلة بعملهم والتي تكشف عن عناصر الامتياز........ ويشترط للترقية بالاختيار أن يكون العامل قد قدرت كفايته بمرتبة ممتاز في العامين الأخيرين ويفضل من يحصل على مرتبة ممتاز في العام السابق مباشرة عليهما فإن لم يوجد جاز الاكتفاء بالحصول على تقرير بمرتبة ممتاز في العام الأخير بشرط أن يكون التقريران السابقان عليه بمرتبة جيد وذلك كله مع التقيد بالأقدمية عند التساوي في مرتبة الكفاية ودون إخلال بالأولوية المقررة في المادة 41 من هذه اللائحة.
ومن حيث إنه ولئن كانت الأحكام السابقة التي نصت عليها لائحة العاملين. بالهيئة القومية للبريد تتفق في مجموعها مع الأحكام المقررة للترقية بالاختيار المنصوص عليها في المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 إلا أن المادة 41 من هذه اللائحة أوردت حكماً خاصاً مغايراً لا مثيل له في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة قوامه أن العامل الذي يبدي كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى ولو لم تتوافر بشأنه شروط شغلها يجوز ندبة بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة لتلك الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق المميزات المقررة لها من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها كانت له الأولوية في الترقية إليها، وعلى ذلك فإن هذا الحكم الخاص هو الواجب التطبيق على العاملين بالهيئة دون الحكم العام الوارد بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وذلك إعمالاً لهذا القانون ذاته الذي نص في مادته الأولى على أن يعمل في المسائل المتعلقة بنظام العاملين المدنيين بالدولة بالأحكام الواردة بهذا القانون وتسري أحكامه على العاملين بالهيئة العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة لهم، ولا تسري هذه الأحكام على العاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين والقرارات.
ومن حيث إنه ولئن كان نص المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد هو الواجب التطبيق على هؤلاء العاملين وفق ما سلف، إلا أن هذا النص يشكل حكماً استثنائياً يرتهن تطبيقه بشروط وأوضاع خاصة تستلزم تحقق قدرات خاصة غير عادية في العامل تتمثل فيما يبديه في عمله من كفاية ملحوظة وتميز ظاهر وهو ما لا يتحقق بطبيعة الحال إلا في فئة معينة من العاملين بما يسوغ للجهة الإدارية تطبيقاً لهذا النص بإيثارهم بالندب إلى الوظيفة الأعلى رغم عدم توافر شروط شغلها في شأنهم، وذلك توطئة لترقيتهم إليها إذا أحسنوا القيام بأعبائها، ولا جدال في أن توافر هذه القدرات المتميزة في العامل لا بد وأن يكون له صدى في الأوراق ودلائل تشير إليه وقرائن تكشف عنه، ولا يكون في هذا الصدد مجرد قول مرسل من الجهة الإدارية بتوافر تلك القدرات الخاصة في عامل دون آخر وبغير أن يستند ذلك إلى تقارير الكفاية التي أعدتها الجهة الإدارية ذاتها بواسطة مسئوليها وفق الإجراءات المقررة في لائحة العاملين بالهيئة بالنسبة لمن يخضع من العاملين لتلك التقارير أو أن تكشف الأوراق عن توافر ذلك التميز والكفاية الخاصة بالنسبة لمن لا يخضعون لتلك التقارير حتى يمكن إيثار أمثال هؤلاء العاملين المتميزين - دون الآخرين ممن توافرت في شأنهم شرائط الترقية بالاختيار من حيث الكفاية والأقدمية طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في اللائحة المشار إليها - مستمداً من أصول ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها الجهة الإدارية من أفضلية الأولين في الترقية على الآخرين - والقول بغير ذلك مؤداه أن يضحى ندب العامل إلى الوظيفة الأعلى.
ثم ترقيته إليها بالاختيار رهن مشيئة الجهة الإدارية دون ما ضابط تتحقق به. الضمانات التي تكفل حماية المصلحة العامة وحقوق الأفراد في ذات الوقت وتعصم الجهة الإدارية ذاتها من الغلو أو الزلل في استخدام تلك الرخصة بما يجاوز الهدف الأصلي المبتغى منها.
ومن حيث إنه من المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كانت الترقية بالاختيار إلى الوظائف العليا من الملاءمات التي تترخص فيها الإدارة إلا أن مناط ذلك أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها وأن تجرى مفاضلة جادة وحقيقية بين العاملين على أساس ما تحويه ملفات خدمتهم وما يبديه الرؤساء عنهم وذلك للتعرف على مدى تفاوتهم في مضمار الكفاية بحيث لا يتخطى الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير أكثر كفاية وهو أمر تمليه دواعي المشروعية فإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه، ولا ريب أن هذا المبدأ القانوني العادل الذي جرى به قضاء هذه المحكمة إنما يسري أيضاً على قرارات الندب إلى الوظائف الأعلى توطئة للترقية إليها والتي تصدر طبقاً للمادة 41 من اللائحة المشار إليها، وما يعقبها من قرارات الترقية لهذه الوظائف بالاختيار بمراعاة الأولوية التي يوفرها الندب المشار إليه في حالة ما إذا أحسن العامل القيام بواجبات الوظيفة المنتدب إليها، ذلك أن كافة هذه القرارات يجب أن تكون مستمدة من عناصر صحيحة مودية إليها ومن أصول ثابتة في الأوراق بحيث لا يسوغ تخطي الأقدم إلى الأحدث في الندب أو الترقية إلا عند توافر الأساس اليقيني الجاد بأفضلية الأحدث وتميزه الظاهر على الأقدم وفق ما سلف.
طالما أن الندب لوظيفة أعلى طبقاً لأحكام هذه اللائحة هو مقدمة للترقية إليها.
ومن حيث إنه في خصوصية الواقعة المعروضة فإن الجهة الإدارية استندت إلى قرار الندب رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 للقول بأنه يوفر الأولوية في الترقية إلى من صدر لصالحه دون الطاعن إعمالاً للمادة 41 من اللائحة سالفة الذكر، إلا أن الملاحظ أن وقائع الدعوى لا تساير هذا الادعاء ذلك أن قرار الندب المشار إليه لم يصدر بالتطبيق لنص المادة 41 من هذه اللائحة بما يحويه حكمها من اعتبار العامل المنتدب للوظيفة الأعلى قد اختير لكفايته الخاصة وتميزه الظاهر في أداء أعمال وظيفته وأن الأثر المترتب على هذا الندب مآلاً هو أولويته في الترقية للوظيفة الأعلى إذا ما أحسن القيام بأعبائها طبقاً لحكم لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد إذ لم تكن هذه اللائحة قد صدرت أو عمل بها بعد عند صدور قرار الندب فهذا القرار صدر في 16/ 8/ 1982 بينما صدرت اللائحة وعمل بها في أول ديسمبر 1982 وإنما صدر هذا القرار تطبيقاً لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 ولائحته التنفيذية وذلك وفق ما ورد في ديباجة قرار الندب ذاته. ومن ثم جاء هذا الندب في حقيقته بالتطبيق للقاعدة العامة الواردة في المادة 56 من نظام العاملين المدنيين بالدولة التي أجازت ندب العامل للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، ودون أن تقصد الجهة الإدارية بقرار الندب المشار إليه ترتيب الآثار المنصوص عليها في المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة السالفة، مما يجعل هذا الندب خارجاً عن نطاق حكم هذه المادة.
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإن الثابت بالأوراق أن الطاعن يسبق المطعون على ترقيته وهو آخر المرقين بالقرار المطعون فيه في أقدمية الدرجة الثانية، ويتساوى معه في الحصول على تقدير ممتاز في تقارير الكفاية الثلاث الأخيرة ولم يثبت أن تفضيل المطعون على ترقيته على الطاعن في الترقية بالقرار المطعون فيه مستمد من أصول ثابتة في الأوراق تؤدى على وجه يقيني بصحة النتيجة التي انتهت إليها الإدارة لإجراء هذا التخطي، ومن ثم فإن تذرع الجهة الإدارية بأولوية أو بأفضلية المطعون على ترقيته على الطاعن في هذه الترقية يعد غير صحيح قانوناً للأسباب السالفة.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني الذي تذرعت به الجهة الإدارية وهو كون الطاعن في إعارة أو إجازة خاصة عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بحيث لا تجوز ترقيته فإن المادة 71 من اللائحة المشار إليها تنص على أنه لا تجوز ترقية العامل خلال مجموع مدد الإعارة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة وفي نسبة الأقدمية، كما لا تجوز ترقيته بعد انتهاء الإعارة إلا بعد تقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر، وتنص المادة 84 من هذه اللائحة على أن العامل الذي يحصل على إجازة بدون مرتب تسري في شأنه ترقيته الأحكام المقررة للعامل المعار.
ومن حيث إنه ولئن كانت الترقية إلى الدرجة الأولى طبقاً لأحكام اللائحة المشار إليها هي بالاختيار بحيث لا تجوز ترقية العامل المعار أو الذي يحصل على إجازة بدون مرتب إلا بعد عودته وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر، إلا أن هذا السبب الذي تذرعت به الجهة الإدارية في الواقعة المعروضة يستبين أيضاً عدم صحته ذلك أن حظر الترقية المشار إليه في المادتين 71، 84 من اللائحة المذكورة إنما ينصرف إلى العامل الذي انقطعت خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية بالإعارة أو الإجازة بدون مرتب أي العامل الذي نفذ بالفعل قرار إعارته أو إجازته بدون مرتب بخروجه في الإعارة أو الإجازة المصرح بها وانقطاع خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية، فلا ينصرف بطبيعة الحال إلى العامل قبل تنفيذ قرار إعارته أو إجازته طالما كان قائماً بالعمل بالجهة الإدارية التي يعمل بها إذ يظل العامل محتفظاً بكافة حقوقه الوظيفية.
ومن حيث إنه رغم صدور قرار الموافقة على الإجازة بدون مرتب بتاريخ 21/ 12/ 1985 وتحرير الطاعن إقرار بأنه سوف يقوم بهذه الإجازة اعتبار من 4/ 1/ 1986، إلا أن الثابت أن إدارة النقل والحركة التي يعمل بها أرسلت كتاباً إلى مدير شئون العاملين في 1/ 1/ 1986 أخطرته فيه بأن الطاعن ما زال مستمراً في ممارسة عمله نظراً لعدم إتمام الإجراءات الرسمية لسفره بالسفارة السعودية وأنها سوف تخطر عند قيامه بالإجازة في حينه، ثم أخطرت مدير شئون العاملين بعد ذلك بقيامه بالإجازة في 21/ 1/ 1986، وهو الأمر الذي ثبت يقيناً وفق البيانات الواردة بالقرار رقم 1182 الموقع من مدير شئون العاملين ذاته في 11/ 9/ 1989 بتسوية الإجازة المشار إليها باعتبارها بدأت في 21/ 1/ 1986 وانتهت في 31/ 7/ 1989.
وبالبناء على ما تقدم فإن الثابت أنه عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بتاريخ 16/ 1/ 1986 كانت خدمة الطاعن ما زالت مستمرة بالهيئة وكان قائماً بالعمل فيها ولما كان المناط في سريان حظر الترقية بالاختيار على العامل المعار أو من في إجازة خاصة هو بنفاذ قرار إعارته أو إجازته الخاصة وانقطاع صلته مؤقتاً بوظيفته الأصلية لأن هذا الانقطاع هو العلة الحقيقية لحظر ترقيته طبقاً للحكم المشار إليه في المادتين 71 و84 من اللائحة المذكورة، أما قبل ذلك ومع استمرار العامل في أداء واجبات وظيفته فإنه لا يسوغ حرمانه من أي حق من حقوقه الوظيفية دون نص تشريعي خاص وإلا كان ذلك باطلاً ومخالفاً للقانون، الأمر الذي يبين معه عدم مشروعية السبب الثاني الذي تذرعت به الجهة الإدارية لتخطي الطاعن أو حرمانه من الترقية المشار إليها.
ومن حيث إنه استبان مما سلف كله فساد الأسس التي استند إليها لقرار المطعون فيه فإنه يعد مخالفاً للقانون وغير مشروع ومتعين الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وانتهى إلى رفض طلب إلغاء هذا القرار تضمنه من تخطي للطاعن في الترقية مستنداً في ذلك إلى مشروعية هذا القرار، وهو ما استبان عدم صحته فإن هذا الحكم يكون قد جانب الصواب وخليقاً بالإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى موضوعاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة من الدرجة الأولى وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق