الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 مايو 2023

الطعن 323 لسنة 33 ق جلسة 30 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 101 ص 982

جلسة 30 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد أمين المهدي ومحمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان - المستشارين.

-----------------

(101)

الطعن رقم 323 لسنة 33 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - قرار اعتقال أحد ضباط القوات المسلحة.
يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بطلب التعويض عن قرار اعتقال أحد ضباط القوات المسلحة - أساس ذلك: إن اعتقال الضابط يكون مثل اعتقال أي فرد من الأفراد - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 27/ 12/ 1986 أودع الأستاذ/........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن قيد برقم 323 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) في الدعوى رقم 5736 لسنة 37 ق بجلسة 30/ 11/ 1986 والقاضي "بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى اللجنة القضائية لضباط القوات البرية لنظرها بإحدى جلساتها وأبقت الفصل في المصروفات وطلب للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها مجدداً بطلبات الطاعن مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب.
وقد أعلن الطعن على الوجه المبين بالأسباب وقدم المستشار/..... مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعن وقد رأت للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى في شقها الخاص بطلب التعويض عن قرار الاعتقال وبإعادة الدعوى في هذا الشق إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه وبرفض الطعن فيما عدا ذلك من طلبات مع إلزام طرفي الخصومة بالمصروفات مناصفة فيما بينهما.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4/ 12/ 1989 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 2/ 4/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره جلسة 26/ 5/ 1990 حيث نظرته بهذه الجلسة وفيما تلاها من جلسات وبجلسة 22/ 12/ 1990 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الطعن في الشق الخاص بالطعن فيما قضى به الحكم من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب التعويض عن قرار إحالته إلى المعاش وإحالة الدعوى في هذا الشق إلى اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة المختصة مع إلزام الطاعن بمصاريف هذا الشق وأمرت بإعادة الطعن للمرافعة لجلسة 26/ 1/ 1991 في الشق الخاص بطلب التعويض عن قرار اعتقال الطاعن لمناقشة الطرفين ونظرته المحكمة في هذه الجلسة والجلسات التالية وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من مرافعات وإيضاحات قررت حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم 30/ 3/ 1991 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة سبق بيانها تفصيلاً في الحكم الصادر من المحكمة بجلسة 22/ 12/ 1990 وتخلص في أنه بتاريخ 14/ 9/ 1982 قد أقام الطاعن الدعوى رقم 5736 لسنة 37 القضائية طالباً الحكم على المطعون ضدهما بأن يدفعا له مبلغ خمسين ألف جنيه كتعويض عن اعتقاله ثم إحالته إلى التقاعد من وظيفته العسكرية دون سبب مشروع وأوضح في عريضة دعواه أنه تخرج من الكلية الحربية سنة 1948 والتحق ضابطاً بسلاح المشاة وظل يقوم بعمله بكفاءة واشترك في الحروب التي دخلتها مصر وظل يترقى حتى بلغ رتبة العقيد في سنة 1965 وعقب النكسة بمصر سنة 1967 والخلاف الذي نشب بين رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة أطيح بعدد من ضباط القوات المسلحة فصدر قرار اعتقاله ليلة 23/ 7/ 1967 وأودع الكلية الحربية وظل معتقلاً حتى 29/ 5/ 1968 دون أن ينسب إليه جرم أو يوجه إليه اتهام كما اتخذ قرار اعتقاله ذريعة لإنهاء خدمته بغير الطريق القانوني حيث صدر القرار الجمهوري رقم 1469 - 1965 بتاريخ 15/ 8/ 1967 بإحالته إلى المعاش دون أي سند قانوني لذلك وأضاف أنه لحقه من جراء اعتقاله ثم إحالته إلى المعاش أضراراً بالغة بعضها مادي وأهمها وأكثرها أدبي وقد تعدت آثار هذه الأضرار شخصه إلى أفراد أسرته وأولاده خاصة وأن الجو الذي كان يسود البلاد من إرهاب وظلم كان يستحيل معه عليه أن يلجأ إلى القضاء لينصفه ويعوضه عما لحقه من ظلم وما أصابه من أضرار مادية ومعنوية من جراء اعتقاله ثم إحالته إلى المعاش والذي يقدره كحد أدنى بمبلغ خمسين ألف جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقت به وبجلسة 30/ 11/ 1986 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة البرية وأقامت قضاءها على أن الملابسات التي صدر فيها القرار المطعون فيه بالاستغناء عن خدماته بالقوات المسلحة في 15/ 8/ 1967 وما صاحب القرار المشار إليه من إجراءات وتحقيقات تكون قد أجريت سابقة على صدوره تجرد واقعة الاعتقال - إن صحت - من استقلالها وتربطها بالقرار الصادر بالاستغناء عن خدماته مما يجعل الواقعة برمتها من اختصاص اللجان القضائية للقوات المسلحة. وإذ طعن الطاعن في هذا الحكم فقد أصدرت هذه المحكمة بجلستها المنعقدة في 22/ 12/ 1990 حكمها السابق الإشارة إليه برفض الطعن في الشق الخاص بالطعن فيما قضى به الحكم من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب التعويض عن قرار إحالته إلى المعاش وإحالة الدعوى في هذا الشق إلى اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة المختصة مع إلزام الطاعن بمصاريف هذا الشق وأعادت الدعوى للمرافعة في الشق الخاص بالتعويض على قرار اعتقاله لمناقشة الخصوم يؤيد ذلك على أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالنسبة لربط واقعة الاعتقال بقرار إحالته إلى التقاعد على افتراضات لا يظهر من الأوراق مدى ما يقوم عليها من دليل ولا يوجد لها سند من الأوراق فضلاً أن واقعة اعتقال الطاعن لا يمكن أن تدرج في عداد المنازعات المتعلقة بضباط القوات المسلحة التي ينعقد الاختصاص بنظرها للجنة القضائية المختصة بالقوات المسلحة طبقاً لأحكام القانونين رقمي 96/ 1971 و71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة ذلك أن مناط اعتبار المنازعة من عداد المنازعات الإدارية المنوه عنها أن تتعلق بأمر من أمور الضباط الوظيفية التي تنظمها قوانين شروط هيئة الضباط الأمر الذي لا تتوافر في حالة اعتقال الضباط لأسباب سياسية حيث لا يعدو الضابط إزاء القرار الصادر باعتقاله في هذه الحالة أن يكون مثله في ذلك مثل أي فرد عادي من الأفراد مما يعقد الاختصاص بشأن المنازعة في قرار اعتقاله إلى القضاء الإداري.
ومن حيث إن من المبادئ الأساسية المقررة في ظل النظام القانوني المصري والدساتير المصرية المتعاقبة منها دستور سنة 1964 الذي صدر في ظله قرار اعتقال الطاعن أن الحرية الشخصية مصونة، وأن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع العقوبات إلا وفقاً للقانون وبأحكام من السلطة القضائية، وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، وأن الإدارة العاملة تخضع لمبدأ الشرعية وسيادة القانون (المواد 25، 26، 27، 28 من دستور سنة 1964).
ومن حيث إنه من المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال بالنظر إلى أنه طبقاً للتنظيم الإداري ووفقاً للقواعد واللوائح المنظمة لأداء الوظيفة الإدارية وبصفة خاصة تلك المنظمة لشئون الأفراد فإنه تحتفظ الإدارة في غالب الأمر بالوثائق والمستندات الخاصة بكل شئون العاملين لديها وبصفة خاصة بالوثائق والمستندات ذات الأثر الحاسم في المنازعات الإدارية لديها فإن من المبادئ المستقرة في القضاء الإداري المصري أن الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجاباً أو نفياً متى طلب منها ذلك وقد رددت قوانين مجلس الدولة المتعاقبة ذلك فإذا نكلت عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي تلقي عبء الإثبات على عاتق الحكومة.
ومن حيث إن جهة الإدارة لم تقدم ما لديها من أوراق خاصة بواقعة الاعتقال وإنما اتخذت موقفاً سلبياً طوال مراحل نظر النزاع مكتفية بما أبدته من دفاع في شقها الخاص بالتعويض عن قرار إحالته إلى التقاعد من وظيفته العسكرية متمسكة بدفعها بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى بشقيها ولا يسوغ قانوناً لجهة الإدارة أن تستفيد من هذا الموقف السلبي بعدم تقديم الأوراق الخاصة بقرار اعتقال الطاعن والملابسات والأسباب التي قام عليها لإقامة قرينة على عدم صحة واقعة اعتقال الطاعن خاصة بعد أن قدم في حافظة مستنداته الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (في الطعن رقم 34 لسنة 24 قضائية عليا بجلسة 28/ 5/ 1983) والذي تتماثل وقائعه مع وقائع الدعوى الماثلة وصادر في الدعوى التي أقامها العميد متقاعد...... والذي أحيل إلى التقاعد بموجب القرار الجمهوري رقم 147 لسنة 1967 الذي أحيل بمقتضاه الطاعن إلى التقاعد بهدف تعويضه عن قرار إحالته إلى التقاعد وعن قرار اعتقاله خلال الفترة من 24/ 7/ 1967 حتى 26/ 5/ 1968 وهي تطابق تقريباً الفترة التي يطالب الطاعن بالتعويض عن اعتقاله خلالها وقد قضت لصالحه المحكمة الإدارية العليا في حكمها المشار إليه بالتعويض المؤقت عن قرار اعتقاله الأمر الذي يقيم قرينة لصالح الطاعن على صحة ما أورده بشأن واقعة اعتقاله ولا يجوز لجهة الإدارة اتخاذ هذا الموقف السلبي بالنسبة للطاعن للتوصل إلى نفي أو إنكار واقعة اعتقاله خلال الفترة التي يطالب بالتعويض عنها.
ومن حيث إن أوراق الدعوى تكشف عن أن المدعي اعتقل خلال الفترة من 23/ 7/ 1967 وظل معتقلاً حتى 29/ 5/ 1968 ولم تقدم جهة الإدارة ما لديها من أوراق تنفي صحة هذه الواقعة أو لبيان سلامة الأسباب والمبررات التي قام عليها حتى تبسط عليها المحكمة رقابتها الأمر الذي يخلص منه أن قرار اعتقال الطاعن خلال الفترة المشار إليها لم يقم على سند صحيح من الوقائع ويعتبر بالتالي قد صدر مخالفاً للقانون الأمر الذي يتحقق معه ركن الخطأ في المسئولية الإدارية.
ومن حيث إنه تفريعاً على مبدأ سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه أن الدولة مسئولة عن التعويض عن الأضرار الناجمة عن قرارات الإدارة العاملة التي تصدر غير مشروعة ومشوبة بالمخالفة للقانون مسئولية الإدارة بالتعويض عن القرارات الإدارية منوطة بأن يكون القرار غير مشروع وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين عدم مشروعية القرار - أي بين خطأ الإدارة - وبين الضرر الذي أصاب المضرور.
ومن حيث إن خطأ جهة الإدارة ثابت بإصدارها قرار اعتقال الطاعن دون سند صحيح من القانون ومما لا شك فيه أن هذا القرار قد ألحق بالطاعن أضرار أدبية ومادية تتمثل بصفة عامة في فقده دون سبب مشروع لحريته الشخصية وهي من الحقوق الطبيعية التي حرصت الدساتير المتعاقبة على صيانتها وعدم المساس بها باعتبارها أثمن ما يعتز به الإنسان فضلاً عن آلام النفس التي تحمل بها وتحملت بها أسرته وأطفاله الذين لهم حقوق طبيعية في أن يعيشوا في كنف أسرة متكاملة الأفراد على قمتها رب الأسرة الذين يكونون في أشد الحاجة إلى رعايته هذا فضلاً عما ألحقه هذا الاعتقال بشخصه من أضرار كما أنه مما لا شك فيه أن أسرته تحملت خلال فترة اعتقاله نفقات ما كانت تتحمل بها إذا لم يكن قد تم اعتقال الطاعن ومن ثم يكون الطاعن محقاً في طلب التعويض عن اعتقاله والذي تقدره المحكمة بمبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه شاملاً التعويض عن جميع الأضرار الأدبية والمادية التي لحقت بالطاعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا المذهب في شقه الخاص بالتعويض عن قرار اعتقال الطاعن فيكون قد صدر مخالفاً للقانون ويتعين لذلك إلغاؤه في هذا الشق منه مع الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي (الطاعن) مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه كتعويض شامل عن قرار اعتقاله مع إلزام جهة الإدارة بمصروفات هذا الشق في الدعوى إعمالاً لنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص القضاء الإداري بنظر التعويض عن قرار اعتقاله وإلزام المطعون ضدهما بأداء ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه للطاعن كتعويض شامل عن الأضرار التي أصابته بسبب اعتقاله الفترة من 23/ 7/ 1967 حتى 29/ 5/ 1968 وألزمت المطعون ضدهما مناصفة بمصروفات هذا الشق من الدعوى.


(1) راجع الحكم الصادر بجلسة 22/ 12/ 1990 في الطعن رقم 323 لسنة 33 ق القاضي بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر طلب التعويض عن قرار إحالة ضابط بالقوات المسلحة إلى المعاش، ورفض فكرة الارتباط بين قرار الاعتقال وقرار الإحالة للمعاش كأساس لعدم الاختصاص بقرار الاعتقال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق