الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 مايو 2023

الطعن 1327 لسنة 36 ق جلسة 9 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 79 ص 769

جلسة 9 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

-------------------

(79)

الطعن رقم 1327 لسنة 36 القضائية

تراخيص - ترخيص مزاولة نشاط إلحاق العمالة المصرية للعمل في الخارج - تجديد الترخيص.
قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 - قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 100 لسنة 1982 باللائحة التنفيذية لتنظيم إلحاق المصريين للعمل في الخارج.
حظر المشرع مزاولة نشاط تشغيل العمال المصريين في الخارج دون الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة - نظم المشرع مزاولة هذا النشاط استجابة لمقتضيات حماية اليد العاملة المصرية باعتبارها من مصادر الثروة القومية - يختلف هذا النوع من التراخيص عن تلك التي تمنح للأفراد للانتفاع بجزء من المال العام على سبيل التسامح والتفضل - الترخيص بمزاولة نشاط إلحاق العمالة المصرية بالخارج هو نوع من التراخيص الإدارية يقصد بها تمكين الجهة الإدارية من الإشراف على تنظيم عملية ممارسة هذا النشاط لضمان الرقابة على المنشآت التي تزاوله حماية للعمالة المصرية - يصدر الترخيص لمدة محددة يجوز تجديده بعدها - لا وجه للقول بأنها مجرد تراخيص مؤقتة يجوز سحبها أو تعديلها في أي وقت - رفض تجديد الترخيص يجب أن يقوم على سبب قائم وثابت لا يكفي مجرد الادعاء بأن صاحب المنشأة يتقاضى مبالغ مالية من العمال بعد أن صدرت أحكام جنائية ببراءته استناداً إلى أن الاتهام قائم على شكاوى كيدية - لا يكفي مجرد الادعاء بفقدان صاحب المنشأة شرط حسن السمعة ما دام لم يقم دليل على ذلك - تحديد مدلول حسن السمعة والسيرة الحميدة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 15 من مارس سنة 1990 أودع الأستاذ الدكتور محمد عاطف البنا المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن.... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1327 لسنة 36 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 16 من يناير سنة 1990 في الدعوى رقم 1122 لسنة 44 القضائية والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الصادر من الإدارة العامة للهجرة والاستخدام الخارجي بوزارة القوى العاملة والتدريب برفض تجديد ترخيصه رقم 31 لسنة 1983 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة في الطعن انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 24 من سبتمبر سنة 1990 وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة السابع من يناير سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة التاسع من فبراير سنة 1991 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق التاسع من مارس سنة 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطاعن قد اختصم في هذا الطعن كل من السيد وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب ومدير الإدارة العامة للهجرة والاستخدام الخارجي، ومن حيث إنه طبقاً لأحكام المادة 157 من الدستور فإن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته وهو الذي يتولى رسم السياسة الخاصة بوزارته في إطار السياسة العامة للدولة وهو الذي يقوم بتنفيذها ولذلك فإن الوزير وحده هو الذي يمثل الوزارة أمام القضاء وفي مواجهة الغير وعلى ذلك يجري نص قانون المرافعات المدنية والتجارية حيث توجه صحائف الدعاوى إلى الوزراء المختصين وتعلن لهم بهيئة قضايا الدولة (م 13 من قانون المرافعات) ومن ثم فإنه لا صفة للمطعون ضده الثاني في اختصامه في هذا الطعن مع السيد وزير القوى العاملة والتدريب ويتعين بالتالي إخراج المطعون ضده الثاني من هذا الطعن.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سبق يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً قبل المطعون ضده الأول وحده.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه في الرابع من ديسمبر سنة 1986 أقام.......... الدعوى رقم 1122 لسنة 44 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر من الإدارة العامة للهجرة والاستخدام الخارجي بوزارة القوى العاملة والتدريب بالامتناع عن تجديد ترخيص المدعي رقم 31 لسنة 1983 وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه منذ عام 1978 وهو يزاول نشاطه في إلحاق العمالة المصرية بالعمل بالخارج من خلال مؤسسة (ايتا للتجارة والمقاولات) حتى اكتسب شهرة واسعة وسمعة طيبة في هذا المجال وظل على هذا الحال حتى صدر القانون رقم 119 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام قانون العمل رقم 127 لسنة 1981 حيث حصل وفقاً لأحكامه على الترخيص رقم 31 لسنة 1983 بمزاولة هذا العمل لمدة ثلاث سنوات من 21/ 6/ 1983 حتى 20/ 6/ 1986 وقبل انتهاء مدة الترخيص تقدم بطلب تجديده وفقاً لأحكام المادة 8 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالقرار رقم 100 لسنة 1982 وأرفق بهذا الطلب جميع المستندات المطلوبة إلا أنه أخطر بالكتاب المؤرخ 20/ 11/ 1986 بقرار لجنة البت الصادر في 30/ 9/ 1986 بعدم الموافقة على منحه الترخيص لعدم انطباق الشروط التي استلزمها القانون فتقدم بتظلم إلى السيد الوزير الذي قرر بدوره رفض التظلم الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، وردت جهة الإدارة على الدعوى بإيداع ملف الترخيص الخاص بالمدعي والتقرير المتضمن بحث تظلمه وطلبت رفض الدعوى.
وبجلسة 14 من إبريل سنة 1987 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل برفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقدم تقريراً بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في موضوع الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم برفض الدعوى، وبجلسة 6 من يناير سنة 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يبين من مطالعة أحكام القانون رقم 119 لسنة 1982 بتعديل قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أن المادة 28 مكرراً قد حظرت على أي شخص طبيعي أو معنوي بالذات أو بالواسطة أو الوكالة مزاولة عمليات إلحاق المصريين بالعمل في الخارج إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة والتدريب، كما حظرت المادة 28 مكرراً (3) تقاضي أي مقابل من العامل نظير إلحاقه بالعمل في الخارج، وأن المادة 28 مكرراً (4) قضت بإلغاء الترخيص إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط الترخيص أو إذا تقاضى المرخص له من العامل أي مقابل نظير تشغيله.
وأضافت محكمة القضاء الإداري أن من المبادئ المسلمة أن الترخيص إنما هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه وهو تصرف مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك، ولم يكن مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة وسواء أكان الترخيص مقيداً بشروط أو محدداً بأجل وإذ كان الثابت في الأوراق وما أوضحه الملحقون العماليون بكل من (جدة) و(قطر) و(أبو ظبي) أن المدعي تقاضى مبالغ مالية تتراوح ما بين 300 و1000 جنية من عمال مقابل إلحاقهم بأعمال لدى بعض المؤسسات والشركات بكل من السعودية وقطر وأبو ظبي، كما نسب إليه أنه يتعامل مع شركة بمالطة لإلحاق عمال مصريين للعمل بليبيا مقابل مبالغ مالية حصل عليها منهم وذلك كله بالمخالفة لحكم المادة 28 مكرراً من القانون 119 لسنة 1982 المشار إليه مما جعل الجهة الإدارية - وفقاً لما ثبت لديها من دلائل جدية بتقاضي المدعي مبالغ مالية من بعض العمال نظير إلحاقهم بالعمل في الخارج - ترفض تجديد الترخيص الممنوح للمدعي.
وخلصت المحكمة مما تقدم إلى أن القرار المطعون فيه قد قام على أسباب صحيحة تبرره ومتفقاً مع حكم القانون مبرأ من كل عيب وبالتالي تكون الدعوى قد قامت على غير أساس صحيح من القانون خليقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر معيباً لصدوره مخالفاً لصحيح الواقع والقانون وذلك لأسباب ثلاثة:
أولاً: أن الترخيص بمزاولة نشاط إلحاق المصريين بالعمل في الخارج ليست سلطة تقديرية للإدارة تستقل بتقدير منحه أو منعه أو سحبه أو تعديله حتى ولو كان مقيداً بشروط أو محدداً بأجل، وإنما الصحيح أنه تصرف يرتب مراكز قانونية ثابتة ومستقرة ويصدر عن اختصاص مقيد، بحيث لا يجوز المساس بها إلا لأسباب وبشروط وأوضاع قانونية محددة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
ثانياً: إنه إذا كان لجهة الإدارة أن ترفض الترخيص إلا أنه يشترط ثبوت الحالة الواقعية المبررة لهذا الإجراء خاصة وأن قانون العمل ينص في المادة 28 مكرر 4، وتنص اللائحة التنفيذية في المادة 11 على حالات محددة لإلغاء الترخيص أو رفض تجديده ولم يقم بالطاعن أي سبب يبرر رفض تجديد الترخيص، كما أنه لا وجه لما قيل من أن سبب الرفض هو ورود تقارير من بعض الملحقين العماليين أو قيد بعض القضايا ضده، ذلك أن رفض تجديد الترخيص يجب أن يقوم على وقائع محددة يواجه بها ذوو الشأن إذ لا ترقى التقارير والشكاوى إلى مرتبة الدليل خاصة وأن الشكاوى قد حفظت لعدم صحتها والدعاوى حكم فيها بالبراءة حسبما هو ثابت من المستندات، فقد حكم ببراءته في الجنحة رقم 5785 لسنة 1985 مصر القديمة، كما حكم استئنافياً ببراءته في الجنحة رقم 1211 لسنة 1986 مصر القديمة عما نسب إليه من تقاضي مبالغ من العمال الذين الحقوا بالعمل بالخارج أما القضية رقم 1179 لسنة 1986 مصر القديمة فقد ثبت أنه لم يكن من بين المتهمين فيها، ومما سبق يتضح عدم صحة الوقائع التي نسبت إليه والشكاوى التي قدمت ضده، وخلو الأوراق من أي دليل على ثبوت تقاضيه أي مقابل من العمال.
ثالثاً: أن القرار المطعون فيه معيب بالانحراف بالسلطة وإساءة استعمالها، لما هو ثابت من المستندات من استناد القرار المطعون فيه إلى شكاوى قدمت ضد الطاعن دون تحقيق جدي، بل ودون مواجهته بها وتمكينه من الرد عليها ودحضها فضلاً عن أن الادعاءات التي وجهت ضده بتقاضي مبالغ من العمال لم يثبت صحتها بل وأن هناك إقرارات موثقة من العمال تفيد عدم تقاضيه أية مبالغ منهم، كما أن الثابت أن الوزارة ظلت تعامل الطاعن ووافقت على الطلب المقدم منه لتحرير عقود للعمال الذين وقع الاختيار عليهم بديوان عام الوزارة بمقتضى إجراءات باشرها الطاعن وموظفوه وذلك لسفر هؤلاء العمال للعمل خلال موسم الحج، الأمر الذي يدل على انعدام الباعث المعقول لدى جهة الإدارة لرفض تجديد الترخيص.
وانتهى الطاعن إلى طلب قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء القرار الصادر برفض تجديد الترخيص رقم 31 لسنة 1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما الأتعاب والمصروفات.
ومن حيث إن قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 قد نص في المادة 28 مكرراً المضافة بالقانون رقم 119 لسنة 1982 على أنه "مع عدم الإخلال بحق وزارة القوى العاملة في تنظيم إلحاق العمالة المصرية الراغبة في العمل بالخارج، يحظر على أي شخص طبيعي أو معنوي بالذات أو بالواسطة أو الوكالة مزاولة عمليات إلحاق المصريين بالعمل في الخارج إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة والتدريب ويسري الترخيص لمدة ثلاث سنوات، ويجوز تجديده لمدد مماثلة ويصدر وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب قراراً بتحديد قواعد وإجراءات ورسوم منح الترخيص وتجديده على ألا تجاوز ألف جنيه..".
ونص القانون المذكور في المادة 28 مكرراً (1) على أنه "يشترط للحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة السابقة:
1 - أن يكون طالب الترخيص مصري الجنسية وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
2 - أن يكون لدى طالب الترخيص بطاقة ضريبية.
3 - ألا يكون طالب الترخيص قد سبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة أو ممن ثبت أنه أساء استغلال العمال المصريين تحت ستار تسفيرهم إلى الخارج.
4 - أن يتخذ النشاط المرخص به شكل المكتب أو المنشأة وأن يكون له مقر في جمهورية مصر العربية تتوافر فيه الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية.
5 - أن يكون للمكتب أو المنشأة مدير مسئول مصري الجنسية، وذلك في الأحوال التي لا يتولى فيها المرخص له إدارة النشاط بنفسه.
6 - أن يتقدم طالب الترخيص بخطاب ضمان صادر من أحد البنوك بمبلغ عشرين ألف جنيه لصالح وزارة القوى العاملة والتدريب يظل سارياً طوال مدة الترخيص الأصلية أو المجددة".
ونص ذات القانون في المادة 28 مكرراً (2) على أن "يقدم المسئول عن المكتب أو المنشأة إلى وزارة القوى العاملة والتدريب نسخة من عقود العمل لمراجعتها والتأكد من مناسبة الأجر وملاءمة شروط العمل على أن تقوم الوزارة بإبداء رأيها خلال شهر من تاريخ تقديم العقود وإلا اعتبر موافقاً عليها".
ونص في المادة 28 مكرراً (3) على أن "يحظر تقاضي أي مقابل من العامل نظير إلحاقه بالعمل في الخارج ومع ذلك يحق للمكتب أن يحصل على أتعاب عن ذلك من صاحب العمل".
ثم نص القانون في المادة 28 مكرراً (4) على أن "يلغى الترخيص في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط الترخيص.
2 - إذا تقاضى المرخص له من العامل أي مقابل نظير تشغيله. ويجوز إلغاء الترخيص بقرار من وزير القوى العاملة والتدريب في الحالتين الآتيتين:
1 - مخالفة المرخص له أحكام القرارات الصادرة تنفيذاً لأحكام هذا الفصل.
2 - إذا قدم بيانات في طلب الترخيص أو تجديده واتضح بعد حصوله عليها عدم صحتها.
ولا يخل إلغاء الترخيص في الحالات السابقة بتوقيع العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون".
وتنص اللائحة التنفيذية لتنظيم إلحاق المصريين للعمل في الخارج والصادر بقرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 100 لسنة 1982 في المادة 11 منها على أن "يلغى الترخيص بقرار من الوزير المختص في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط الترخيص.
2 - إذا تقاضى المرخص له من العامل أي مقابل نظير إلحاقه بالعمل في الخارج.
ويجوز إلغاء الترخيص بقرار من الوزير المختص في الحالتين الآتيتين:
أ - مخالفة المرخص له أحكام القانون أو القرارات الصادرة تنفيذاً له.
ب - إذا قدم طالب الترخيص بيانات في طلب الترخيص أو تجديده اتضح بعد حصوله عليه عدم صحتها.
ويجوز لمن ألغى ترخيصه أن يتظلم من ذلك إلى الوزير المختص خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بإلغاء ترخيصه".
وتنص تلك اللائحة في المادة 18 على أنه "يحظر على المنشأة ما يلي:
أ - إخفاء أية بيانات أو معلومات على أية جهة حكومية تطلبها.
ب - تقاضي أية مبالغ أو هدايا أو مكافآت من العمال في سبيل إلحاقهم للعمل بالخارج أو تسجيلهم.
ج - الإضرار بالمصريين أو إدخال الغش في أية بيانات أو اشتراطات تتعلق بهم سواء عند الترشيح أو التعاقد.
د -..........".
ومن حيث إن المستفاد من استعراض النصوص المتقدمة أن المشرع وهو بصدد تنظيم إلحاق العمالة المصرية الراغبة في العمل بالخارج قد حظر مزاولة نشاط تشغيل العمال المصريين بالخارج دون الحصول على ترخيص بذلك من وزارة القوى العاملة، وتكفل المشرع بتحديد الشروط الواجب توافرها للحصول على هذا الترخيص، وأناط باللائحة التنفيذية تحديد قواعد وإجراءات ورسوم منح الترخيص وتجديده.
ومن حيث إن هذا التنظيم إنما فرضه التشريع استجابة لمقتضيات حماية اليد العاملة المصرية باعتبارها أغلى أجزاء الجسد القومي، وهي قوته وقوام حياته وثروته فالقوى العاملة المصرية هي المنوط بها مهام توفير الإنتاج والخدمات اللازمة لجميع أفراد المجتمع وهي التي يعلق عليها الوطن آماله وأحلامه ويستند إليها في تحقيق غاياته وطموحاته، فاليد العاملة ولو دون موارد طبيعية ذات قيمة تحقق الدول أرقى مدارج الحضارة وبغير القوى العاملة القادرة تصبح أغنى الدول من حيث الموارد الطبيعية في ضعف وتخلف أو تصبح نهباً للطامع المغير أو حقلاً لحصاد الآخرين واستغلال المعتدين.
ولقد حرصت الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان على أن تجعل حق العامل في أجره كاملاً حقاً مؤكداً يتعين على جميع الدول احترامه ورعايته وحمايته، ومن بين تلك الاتفاقيات، الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/ 12/ 1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/ 8/ 1967 وحرر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981، وقد نصت هذه الاتفاقية في المادة 6 على أن: "1 - تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بالحق في العمل الذي يتضمن حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصة كسب معيشته عن طريق العمل الذي يختاره أو يقبله بحرية، وتتخذ هذه الدول الخطوات المناسبة لتأمين هذا الحق. 2 - تشمل الخطوات التي تتخذها أي من الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية للوصول إلى تحقيق كامل لهذا الحق من وضع برامج وسياسات ووسائل للإرشاد والتدريب الفني والمهني من أجل تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي وثقافي مطرد وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تؤمن للفرد حرياته السياسية والاقتصادية".
ومن حيث إن مقتضى هذا النص أنه على جميع الدول أن تتخذ الخطوات المناسبة لتأمين حق كل فرد في فرصة العمل في ظل شروط تؤمن له حرياته السياسية والاقتصادية، ومؤدى ذلك أن تؤمن الدولة لأبنائها توفير فرصة العمل دون استغلال من أي نوع كان، ولا شك أن من بين أبغض صور استغلال العامل أن تفرض عليه أعباء مالية يتحملها في مقابل الحصول على العمل الذي يصلح له، وهو الأمر الذي ينطوي على إهانة واستغلال لطالب العمل الذي يوضع في موقف المستجدي لفرصة العمل وهو ما يتعارض مع كرامة المواطن التي لا شك يهدرها أساليب الابتزاز والاستغلال التي قد تخضعه لها حاجته إلى العمل والتي تستخدم ما معه لمشاركته جبراً في نتاج عمله وعرقه، وقد أعلى الدستور المصري كرامة الإنسان العامل ووضع النصوص اللازمة لحمايتها حيث نصت وثيقة إعلان الدستور المصري على أن "كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن، ذلك أن الفرد هو حجر الأساس في بناء الوطن، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته" والتزام بهذه المبادئ الأساسية وتأكيداً لهذا المفهوم واتساقاً مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحمي حق العمل وحق العامل في الأجر الذي يستحقه عما يؤديه من عمل فقد نص الدستور المصري في المادة 13 على أن "العمل حق، وواجب وشرف تكفله الدولة" ولا يمكن أن يكون العمل شرف إلا إذا ما حصل عليه العامل بكرامة وإعزاز كذلك نص الدستور في المادة 23 على أن "ينظم الاقتصاد القومي وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة، وزيادة فرص العمل وربط الأجر بالإنتاج، وضمان حد أدنى للأجور..." وفي سبيل ذلك حرص المشرع على أن يجعل من تقاضي منشأة تشغيل العمال المصريين بالخارج أية مبالغ نقدية أو عطايا عينية منهم مخالفة جسيمة توجب حرمان المنشأة من ترخيص قيامها بهذا النشاط، لأن ارتكاب هذه المخالفة لا يمثل عدواناً على نص تشريعي فحسب وإنما يمثل قبل ذلك وفوق ذلك عدواناً على نص دستوري بل وعلى نصوص الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.
ومن حيث إنه من أجل تحقيق ذلك فقد حرص المشرع في قانون العمل على أن يتطلب في صاحب منشأة تشغيل العمال المصريين في الخارج جملة الشروط التي من مقتضاها تأمين تعامل العمالة المصرية معه وكفالة كرامتها وحقها في أجورها المتعاقد عليها كاملة بكل نوعيات خبراتها وقدراتها وتخصصاتها وفي مقدمة هذه الشروط حسن السمعة وذلك اعتباراً بأن هذا الترخيص في الوقت الذي يتيح لصاحبه فرصة كسب مشروع من أرباب الأعمال التي يلتحق العمال المصريون لديهم إنما يباشر صاحبه من خلاله الإسهام في توفير فرص العمالة للمصريين بالخارج وهي مهمة اقتصادية واجتماعية تتعلق بجموع غفيرة من المواطنين الراغبين في العمل بالخارج ويجب أن تكون الغايتان المذكورتان محل التزام ورعاية المرخص له بصورة لا يجب أن يضحى معها بغاية النفع والصالح العام في سبيل تحقيق نفعه الخاص، وعلى نحو يجب أن تهدر فيه جهة الإدارة بالنفع الخاص للمرخص له إذا ثبت تعارض هذا النفع الخاص مع المصلحة العامة والنفع العام لجموع المتعاملين مع المرخص له ومقتضى ذلك أنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تحرم المرخص له من الترخيص مضحية بمصدر رزقه إلا إذا ما ثبت لها حقاً وصدقاً أنه قد أخل بواجبه تجاه المتعاملين معه على نحو ما حدده القانون ذلك أن الترخيص بمزاولة هذا النشاط ليس من قبيل التصرفات التي تجريها الإدارة بناء على سلطة تقديرية مطلقة لا رقابة عليها حيث لا توجد مثل هذه السلطة في أية دولة تخضع لسيادة القانون وهو ما نصت عليه صراحة أحكام المادتين 64، 65 من الدستور وأكدته المادة 68 منه عندما حظرت النص في القوانين على تحقيق أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وهو ليس كذلك من التصرفات القانونية التي تجريها جهة الإدارة على سبيل التسامح والتفضل والمؤقتة بطبيعتها والقابلة للسحب أو التعديل في أي وقت على النحو الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه على غير سند من القانون وإنما وفقاً لصريح أحكام قانون العمل فإنه ينشىء القرار الصادر بمنح الترخيص الخاص بتشغيل العمال مركزاً قانونياً ذاتياً لطالب الترخيص يكسبه حقاً لا يجوز المساس به إلا في حدود القانون فإن تنكرت جهة الإدارة لهذا الحق بقرار لاحق دون مقتضى وبالمخالفة لأحكام القانون، كان ذلك من قبيل الاعتداء غير المشروع على المركز الذاتي للمرخص له الذي يبدي طلب إلغائه لمخالفته القانون.
ومن حيث إن الترخيص محل هذا النزاع إنما يختلف عن التراخيص التي تمنح للأفراد للانتفاع بجزء من المال العام على سبيل التسامح والتفضل، ذلك أن هذه التراخيص حسبما استقرت أحكام هذه المحكمة تختلف في مداها وفيما تخوله للأفراد من حقوق على المال العام بحسب ما إذا كان هذا الانتفاع (عادياً) أو (غير عادي) ويكون الانتفاع عادياً إذا كان متفقاً مع الغرض الأصلي الذي خصص من أجله المال كما هو الشأن في أراضي الجبانات وأراضي الأسواق العامة وما يخصص في شاطئ البحر لإقامة الكبائن والشاليهات، ويكون الانتفاع غير عادي إذا لم يكن متفقاً مع الغرض الأصلي الذي خصص له المال العام كالترخيص بشغل الطريق العام بالأدوات والمهمات والأكشاك، ففي الانتفاع غير العادي يكون الترخيص للأفراد باستعمال جزء من المال العام من قبيل الأعمال الإدارية المبينة على مجرد التسامح والتفضل بصفة مؤقتة ومن ثم تتمتع الإدارة بالنسبة لهذا النوع من الانتفاع بسلطة تقديرية واسعة، فيكون لها إلغاء الترخيص في أي وقت بحسب ما تراه متفقاً مع المصلحة العامة وليس في ذلك سوى إعادة المال العام إلى أصله وإزالة الاستثناء الذي ورد على استخدامه من قبيل التسامح والتفضيل المؤقت لاعتبارات وملاءمات الصالح العام وأولويات رعاية أغراضه في استخدامه وذلك باعتبار أن المال العام لم يخصص في الأصل لمثل هذا النوع من الانتفاع وأن الترخيص باستعماله على خلاف هذا الأصل عارض وموقوت بطبيعته لحتمية إعادة المال العام إلى طبيعته وطبيعة أغراض استخدامه المخصص لها، ومن ثم يكون هذا التسامح والتفضل وإن أطلق عليه وصف الترخيص قابلاً للإلغاء أو التعديل في أي وقت لداعي المصلحة العامة أما إذا كان المال قد أعد بطبيعته لينتفع به الأفراد انتفاعاً خاصاً بصفة مستقرة وبشروط معينة فإن الترخيص به يتم من الجهة الإدارية المنوط بها الإشراف على المال العام ويصطبغ الترخيص في هذه الحالة بصبغة العقد الإداري وتحكمه الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع وهي ترتب للمنتفع على المال العام حقوقاً تختلف في مداها وقوتها بحسب طبيعة الانتفاع وطبيعة المال المقرر عليه، على أنها في جملتها تتسم بطابع من الاستقرار في نطاق المدة المحددة في الترخيص، أما إذا لم تكن ثمة مدة محددة، فإن هذه الحقوق تبقى ما بقي المال مخصصاً للنفع العام، وبشرط أن يقوم المنتفع بالوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقه وتلتزم الإدارة باحترام حقوق المرخص له في الانتفاع بحيث لا يجوز لها إلغاء الترخيص كلياً أو جزئياً خلال المدة المحددة لسريانه ما دام كان المنتفع قائماً بتنفيذ التزاماته، وذلك ما لم تقم اعتبارات متعلقة بالمصلحة العامة تقتضي إنهاء تخصيص المال العام لهذا النوع من الانتفاع، ودون إخلال بما للجهة الإدارية من حقوق في اتخاذ الإجراءات التي تكفل صيانة الصحة العامة والسكينة العامة والأمن والنظام العام ولو تعارض ذلك مع مصلحة المنتفعين.
ومن حيث إن الترخيص بمزاولة مهنة، كما هو الشأن بالنسبة لترخيص بمزاولة نشاط إلحاق العمالة المصرية بالخارج فإن هذا الترخيص من التراخيص الإدارية التي يقصد بها تمكين الجهة الإدارية من الإشراف على تنظيم عملية ممارسة هذا النشاط لضمان الإشراف والرقابة على المنشآت التي تزاوله لكفالة تحقيق المصالح العامة التي كفلتها نصوص القانون والترخيص يصدر وفقاً له لمدة محددة يجوز تجديده بعدها، ومن ثم لا يصح القول بأنها مجرد تراخيص مؤقتة لا تلتزم بها الإدارة ويجوز لها سحبها أو تعديلها في أي وقت لما في هذا من مجافاة لطبيعة هذه التراخيص والغاية من تنظيم المشرع لإصدارها إلا أن النظام الأساسي للدولة يقوم على حماية الدستور والقانون للنشاط الاقتصادي الفردي ما دام يتحقق منه الخير العام للمجتمع ويوفر لصاحبه الكسب المشروع ولا سبيل لتنفيذ هذا النشاط إلا لتوفير الكفاية والعدل مما يحول دون الاستغلال ويؤدي إلى تقريب الفوارق بين الدخول (م 4، 32 من الدستور) ولا يغير من ذلك أن المشرع قد حدد مدة سريان هذا الترخيص بثلاث سنوات فإن هذا لا يعني زعزعة للمراكز القانونية المستقرة وتغيير طبيعة هذا الترخيص وتحويلها إلى مجرد عمل من أعمال التسامح والتفضل من الجهة الإدارية المختصة وإنما يعني أن المشرع يقصد ضمان استمرارية الإشراف الذي منحه المشرع لوزارة القوى العاملة على تلك المنشآت من خلال التمكن دورياً من التحقق من مدى دوام استمرار تمتع المرخص له بالشروط اللازمة لمنح الترخيص واستمرار تنفيذه لواجباته وتجنبه لكل محظور عليه ومن بين هذه المحظورات أن يتقاضى من العمال المصريين أية عطايا نقدية أو عينية.
ومن حيث إن الجهة الإدارية فيما يتعلق بالنزاع الماثل قد رفضت تجديد الترخيص رقم 31 لسنة 1983 الصادر للطاعن استناداً إلى فقدانه لشرط من شروط الترخيص وهو شرط أن يكون محمود السيرة حسن السمعة لثبوت حصوله على مبالغ مالية من العاملين الذين ألحقهم بالعمل بالخارج.
ومن حيث إنه عن اتهام الطاعن بالحصول على مبالغ مالية من العمال الذين ألحقهم بالعمل بالخارج فإن الثابت من الأوراق المودعة ملف الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه أن هذا الاتهام كان محلاً للدعوى رقم 5785 لسنة 1986 جنح مصر القديمة وقد قضي فيها بجلسة 12/ 1/ 1987 حضورياً ببراءة المتهم (الطاعن) مما أسند إليه كما حكم استئنافياً ببراءته في الجنحة رقم 1211 لسنة 1986 مصر القديمة وذلك تأسيساً على أن الشكوى التي قدمت ضده ما هي إلا أقوال مرسلة وأنها جميعها حررت في تاريخ واحد مما يستدل منه على أنها كيدية بالإضافة إلى ما قدمه المتهم (الطاعن) من إقرارات تؤيد أنه لم يتقاضى أية مبالغ من العمال، الأمر الذي يجعل الأوراق خالية من دليل يدين المتهم.
ومن حيث إنه من المبادئ الأساسية المسلم بها في حجية الأحكام الجنائية أن القضاء المدني والإداري يتقيد بما أثبته الحكم الجنائي من وقائع فصل فيها سواء من حيث وقوعها بالفعل أو نسبتها إلى متهم بصفته أو نفي هذا الحدوث أو الوقوع من إنسان محدد وفي ذات الوقت لا يقيد محاكم مجلس الدولة بالتكييف القانوني لتلك الوقائع أو ينصرف تكييف الحكم الجنائي إلى مجال التأثيم والعقاب الجنائي دون غيره من المجالات التي يختص بنظرها والفصل فيها القاضي الإداري، وحيث إن الحكم المشار إليه قد انتهى إلى براءة الطاعن من هذه التهمة بعدما ثبت لدى المحكمة أن الشكاوى المقدمة ضده كيدية فإنه يتعين التقيد بتلك الحقيقة التي انتهى إليها القضاء الجنائي عند الحكم في المجال الإداري احتراماً لحجية الحكم الجنائي على النحو سالف البيان.
ومن حيث إنه يؤكد تلك الحقيقة القضائية التي قررها الحكم الجنائي أن الثابت من كتاب مدير منطقة القوى العاملة المؤرخ 3/ 11/ 1985 بشأن ما نسب للمدعي من تقاضيه (1000) جنيه من كل من عامل ممن قام بإلحاقهم بالعمل في أبو ظبي أنه "بإجراء التحريات على المكتب قبل وبعد تقديم الشكاوى لم يستدل على شيء يدين المكتب وأنه لم يفد أحد العمال بحصول الطاعن على أية مبالغ منهم" كما تضمن تقرير وحدة مباحث مصر القديمة المؤرخ في 12/ 6/ 1986 أنه "بإجراء التحريات والكشف تبين عدم وجود سوابق ولا اتهامات مقيدة ضد الطاعن وأن المذكور حسن السير والسلوك وسمعته طيبة بالمنطقة التي يقيم بها، وأنه ليس لدى المباحث مانع من الموافقة على تجديد الترخيص الممنوح له".
ومن حيث إنه عما ادعته جهة الإدارة من فقدان الطاعن شرط حسن السمعة كسند لقرارها بعدم تجديد الترخيص الممنوح له فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن حسن السمعة والسيرة الحميدة هي تلك المجموعة من الصفات والخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس وتجنبه وصمة السوء وما يمس الخلق، أي أنها تلتمس أصلاً في الشخص نفسه فهي لصيقة به ومتعلقة بسيرته وسلوكه ومن مكوناته الشخصية وبغيرها لا تتوافر الثقة في الشخص وبها يلتمس الأمان لديه.
ومن حيث إنه وإن كان لا شك في صحيح حكم القانون إنه لو ثبت قيام أحد المرخص لهم بتشغيل العمالة المصرية في الخارج في ابتزازهم وتقاضي مبالغ نقدية أو مزايا عينية منهم مقابل تشغيلهم بهذا الفعل المثبت يفقد المرخص له الذي يثبت قبله شرط حسن السمعة، إنما يتعين لفقدان هذا الشرط وفقاً لصريح نصوص قانون العمل أن يثبت قبل المرخص له هذا الفعل الذي يجوز لخطورته بناء على ثبوته سحب الترخيص منه وكذلك يمتنع تجديد الترخيص لما يترتب على ارتكاب هذا الفعل قبل المرخص له من فقدانه لشرط حسن السمعة في مجال النشاط المرخص به، ومن حيث إنه كما سلف البيان لم يثبت قبل الطاعن ارتكابه هذا الفعل.
ومن حيث إن جهة الإدارة لم تقدم من الأوراق ما يرقى لأن يكون من الأدلة أو الدلائل أو الشواهد التي تفيد دفع سلوك الطاعن بالخروج عن الصفات والخصال التي توفر له حسن السمعة على نحو يقدم سنداً لما تدعيه الجهة الإدارية من فقدان الطاعن لشرط حسن السمعة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون فاقداً لركن السبب.
ومن حيث إنه ينبني على ما تقدم أنه وقد صدر القرار المطعون فيه برفض تجديد الترخيص للطاعن من غير سند إذ صدر خالياً من السبب الصحيح الذي تثبته أصول سائغة، ومن ثم فإن الطعن على هذا القرار يكون في محله الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغاء القرار الطعين وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلتزم بالمصروفات إعمالاً لأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً في مواجهة المطعون ضده الأول وحده، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق