جلسة 10 من يناير سنة 1963
برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.
------------------
( 8 )
الطعن رقم 292 لسنة 27 القضائية
حكم. "حجية الحكم". "قضاء قطعي". إثبات. "إجراءات الإثبات". "حجية الأمر المقضي".
قضاء الحكم في منطوقة وأسبابه بأن الأساس الذي يقوم عليه تقدير أجرة الحكر هو قاعدة النسبة بين الحكم القديم وثمن الأرض وقت التحكير. قضاء قطعي لا يجوز العدول عنه بحكم آخر يقرر أساساً مغايراً. نطاق تطبيق المادة 165 مرافعات مقصور على الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات ولا تتضمن قضاء قطعياً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل في أن وزارة الأوقاف (المطعون عليها) رفعت على الطاعنين الدعوى رقم 982 سنة 1951 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبة الحكم أولاً - بجعل الحكر السنوي 1403.691 جنيهات ابتداء من مارس سنة 1950 - وإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا لها ما يستجد حتى الإخلاء والتسلم والإزالة. ثانياً - بفسخ عقد الحكر في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم مع إلزام الطاعنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة في تبيان دعواها إن لوقف سيدي جابر الخير قطعة أرض مساحتها 9357.94 ذراعاً مربعاً كائنة بشارع تانيس برمل الإسكندرية وأن هذه الأرض محكرة للطاعنين بأجرة سنوية قدرها 10.750 جنيهات ولما كان الحكر يتغير بتغير الصقع والزمان والمكان فقد قدر قومسيون الوزارة بقراره الصادر في 6/ 10/ 1949 الأجرة السنوية للحكر 1403.961 جنيهات ولما كان الطاعنون لم يستغلوا الأرض المحكرة منذ مدة طويلة مما يخلوها حق الفسخ فقد رفعت هذه الدعوى للحكم بالطلبات السابقة - دفع الطاعنون الدعوى بعدم قبولها تأسيساً على أنه بتاريخ 12/ 1/ 1945 قضت المحكمة الابتدائية المختلطة برفع أجرة الحكر من 1.380 جنيه إلى 10.750 جنيهات وتأيد هذا الحكم استئنافياً وأن حجية هذا الحكم تحول دون معاودة رفع هذه الدعوى وبتاريخ 5/ 5/ 1952 أصدرت محكمة الإسكندرية الابتدائية حكماً قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبرفض طلب الوزارة الخاص بالفسخ والتسلم وبندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الحكر ابتداء من 10 مايو سنة 1951 على أساس أجر المثل وقد قدم مكتب الخبراء تقريره إلا أنه إزاء المطاعن التي وجهت إلى هذا التقرير وعلى وجه الخصوص عدم أخذه في تقرير أجرة الحكر بقاعدة النسبة بين أجرة الحكر وقيمة الأرض عند التحكير عند تقدير أجرة الحكر وقت التصقيع فقد رأت المحكمة إطراح تقدير الخبير وأصدرت حكماً في 28 من يونيو سنة 1953 بندب خبير لتقدير قيمة الأرض المحكرة قياساً على أجر المثل ثم تحديد الحكر طبقاً للنسبة التي روعيت في تقديره عند التحكير وقد قدم الخبير تقريره مقدراً ثمن الأرض موضوع النزاع بمبلغ 53896.006 جنيهاً وتحديد أجرة الحكر على أساس النسبة بين قيمة الأرض سنة 1282 هـ وأجرة حكرها في ذلك التاريخ بمبلغ 1293.504 جنيهاً سنوياً وعلى أساس أجرة المثل بمبلغ 1684.429 جنيهاً وقد قضت المحكمة الابتدائية في 23 من يناير سنة 1955 بجعل الحكر السنوي لقطعة الأرض التابعة لوقف سيدي جابر الأنصاري هو مبلغ 1403 جنيهات و690 مليماً اعتباراً من مايو سنة 1951 وذلك على أساس أجرة المثل في حدود طلبات الوزارة مقررة في أسباب حكمها عدولها عن الأساس الذي أمرت الهيئة السابقة الخبير بمراعاته بالحكم الصادر في 28 من يونيو سنة 1953 وذلك إعمالاً للحق المخول لها بموجب المادة 165 من قانون المرافعات رفع الطاعنون استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 311 سنة 11 ق مدني وكان من بين أسباب استئنافهم أنه ما كان يجوز للمحكمة الابتدائية أن تعدل عن القاعدة التي رسمها الحكم الصادر بتاريخ 28/ 6/ 1953 وهي قاعدة النسبة المنوه عنها في هذا الحكم ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 21 من فبراير سنة 1957 بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلب نقض الحكم السابق إبداؤه بمذكرتها.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أن المحكمة الابتدائية قضت في 28 من يونيو سنة 1953 قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الحكر على أساس مراعاة قاعدة النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير إلا أنها عادت في 23 من يونيو سنة 1955 وقضت في الموضوع بتحديد أجرة الحكر على أساس القيمة الايجارية مصرحة في أسباب حكمها بعدولها عن الأساس الذي اتخذه الحكم السابق عملاً بنص المادة 165 من قانون المرافعات ويرى الطاعنون أن المادة 165 المشار إليها لا تجيز العدول إلا عن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات ولم يكن كذلك الحكم الصادر في 28 من يونيو سنة 1953 فيما تضمنه من مراعاة قاعدة النسبة بل كل قضاؤه في هذا الخصوص قضاء قطعياً ولا يجوز العدول عنه.
ومن حيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المحكمة الابتدائية قضت في 28 من يونيو سنة 1953 قبل الفصل في الموضوع بندب خبير للانتقال إلى العين المحكرة وتقدير حكرها على ضوء الأسس المبينة بأسباب هذا الحكم وقد ورد بتلك الأسباب بعد استعراض أحكام القضاء التي أخذت بقاعدة النسبة "وحيث إنه لذلك تري المحكمة ندب خبير آخر تعهد إليه تقدير قيمة الأرض المحكرة قياساً على أجر المثل الحالي ثم بعد ذلك يحدد الحكر طبقاً للنسبة التي روعيت في تقديره عند التحكير" ويبين من هذا الحكم أنه قطع في منطوقة وأسبابه بأن الأساس الذي يجب أن يقام عليه تقدير أجرة الحكر هو قاعدة النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير ومن ثم يكون قضاؤه في هذا الخصوص قضاء قطعياً فلا يجوز العدول عنه بحكم آخر يقرر أساساً مغايراً وأما استناد الحكم إلى نص المادة 165 من قانون المرافعات لتبرير هذا العدول فإنه غير سديد ذلك أن المادة 165 من قانون المرافعات المشار إليها قد نصت على أنه "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول في المحضر" وظاهر أن مناط أعمالها مقصور على الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات والتي لا تتضمن قضاء قطعياً ولما كان الحكم المطعون فيه بتأييده الحكم الابتدائي قد جرى على غير هذا النظر وأقام قضاءه بتحديد أجرة الحكر على أساس آخر مغاير للأساس الذي قطع فيه حكم 28 من يونيو سنة 1953 فإنه يكون مخالفاً للقانون مستوجباً نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق