جلسة 12 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو - المستشارين.
------------------
(126)
الطعن رقم 2205 لسنة 31 القضائية
(أ) دعوى الإلغاء - قبولها - ميعاد الستين يوماً.
دعاوى التسوية تقوم بالنظر إلى المصدر الذي يستمد العامل منه حقه - إذا كان الحق مستمد أصلاً من قاعدة تنظيمية حددت أصل الحق وشروطه وتاريخه والآثار المالية المترتبة عليه وتاريخ استحقاقها وكانت القرارات الصادرة من الجهة الإدارية في هذا الشأن كاشفة عن هذا الحق ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تنفيذية تهدف بها الإدارة إلى مجرد تطبيق أحكام القاعدة التنظيمية على حالة العامل تكون الدعوى طعناً على هذه القرارات من دعاوى التسوية التي لا تتقيد بالميعاد - إذا كان الحق مع توافر شروطه لا يصل إلى صاحبه إلا بالقرار الصادر من السلطة المختصة والمنشئ لهذا الحق فإن الدعوى تكون في هذه الحالة من دعاوى الإلغاء التي تتقيد بالضرورة بالمواعيد المقررة قانوناً - إذا كان طلب إرجاع الأقدمية في الدرجة الأولى مصدره قرار الترقية الذي فات اختصاصه عن طريق إجراءات دعوى الإلغاء المقررة قانوناً فإن طلب إرجاع الأقدمية إلى تاريخ هذا القرار يمثل في حقيقته طعناً على القرار الذي لم يتم اختصامه في المواعيد المقررة قانوناً - الحكم بعدم قبول الدعوى - تطبيق.
(ب) دعوى - دعوى التعويض.
الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعه بعد الميعاد لا يمنع من فحص مشروعيته بالنسبة لطلب التعويض عن ذات القرار - أساس ذلك: وجوب الوقوف على مدى توافر ركن الخطأ الموجب للمسئولية من عدمه لبحث توافر أركان المسئولية أساس التعويض - تطبيق.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - ترقية بالاختيار - ضوابط الترقية بالاختيار.
المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - أجاز القانون للسلطة المختصة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين إضافة بعض الضوابط للترقية بالاختيار بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحده - شروط مشروعية الضوابط الإضافية - يشترط في الضوابط الإضافية أن تلتزم حدود الحق إذا ما توافرت مقوماته بحيث لا تنقلب ستاراً يطوي الحق ويهدده بحيث تضحى مانعاً من موانع الترقية.
(د) دعوى التعويض - تقدير التعويض.
توافر أركان مسئولية الإدارة - التعويض عن القرار الخاطئ - ركن الضرر المادي يتحدد فيما فات على المدعي من فروق مالية مقررة - لا وجه للتعويض عن الضرر الأدبي ما دام المدعي كان في وسعه أن يتوقاه لو أقام دعواه بالطعن على قرار الترقية الخاطئ في المواعيد المقررة قانوناً - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 16/ 5/ 1985 أودع الأستاذ بكري أحمد بكري المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2205 لسنة 31 قضائية وطلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب إرجاع أقدمية الطاعن في الدرجة الأولى إلى تاريخ القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد والحكم بقبول هذا الطلب شكلاً وإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981، وتعديل الحكم فيما قضى به من تعويض الطاعن إلى مبلغ عشرين ألف جنيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 29/ 6/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير التعليم العالي قلم كتاب المحكمة الإدارة العليا تقرير طعن برقم 2744 لسنة 31 قضائية عليا عن ذات الحكم المطعون فيه - الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 802 لسنة 37 قضائية بجلسة 2/ 5/ 1985 - وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره ألفان من الجنيهات ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي القانوني أولهما عن الطعن رقم 2205 لسنة 31 قضائية عليا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفض طلب الطاعن إرجاع أقدميته إلى 8/ 8/ 1981، وبتعديل الحكم المطعون فيه بالنسبة لشق التعويض، وبتعويض الطاعن عن الضرر المادي الذي أصابه من تخطيه في الترقية بمقدار الفرق بين ما تقاضاه من رواتب وما كان يجب أن يتقاضاه منها في المدة من 8/ 8/ 1981 وحتى 30/ 11/ 1982 بحد أقصى عشرين ألف جنيه.
وثانيهما عن الطعن رقم 2744 لسنة 31 قضائية عليا وارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت الدائرة ضم الطعنين رقمي 2744 لسنة 31 قضائية عليا ورقم 2205 لسنة 31 قضائية عليا ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 11/ 2/ 1991 قررت إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرهما بجلسة 24/ 3/ 1991، وقد نظرت الطعنان بهذه الجلسة، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن/....... بتاريخ 30/ 11/ 1982 أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات والترقيات قيدت برقم 802 لسنة 37 قضائية طالباً في ختامها الحكم بإلغاء قرار وزير التعليم العالي الصادر بتاريخ 8/ 8/ 1981 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى التخصصية وترقيته إلى تلك الدرجة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي له مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات كتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة تخطيه في الترقية المذكورة وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج في كلية التربية عام 1958 وعين بوزارة التعليم العالي وتدرج في وظائفها إلى أن نقل للعمل ملحقاً ثقافياً بالمكتب الثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية بباريس بموجب القرار رقم 299 لسنة 78 وفي 8/ 8/ 1981 أصدرت وزارة التعليم العالي حركة ترقيات للدرجة الأولى شملت من هم أحدث منه وأنه لم يخطر رسمياً بهذا القرار ولكنه علم فيما بعد أن عدم ترقيته كان بسبب انتدابه ندباً كاملاً طبقاً للضوابط التي أقرتها لجنة شئون العاملين المعتمدة من الوزير في 8/ 8/ 1981 ومنها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً من الترقية بالاختيار، وهي ضوابط مخالفة للقانون باعتبار أن العمل بالمكاتب الثقافية عمل أصيل من اختصاصات وزارة التعليم العالي، وأن تخطيه في الترقية غير صحيح وأضاف المدعي أنه ترتب على القرار المطعون فيه أضرار مادية حيث إن ترقيته للدرجة الأولى كان يترتب عليه تعديل مرتبه في الخارج وبدلات التمثيل المقررة للدرجة حيث يستحق المرقى للدرجة الأولى بدل مستشار طبقاً للائحة وزارة الخارجية المطبقة على العاملين بالمكاتب الفنية، فضلاً عن الأضرار الأدبية، ويقدر المدعي تعويضه بمبلغ عشرين ألف جنيه، وقد طلب المدعي إرجاع أقدميته إلى الدرجة الأولى التخصصية التي رقي إليها بالقرار رقم 888 في 8/ 9/ 1983 إلى تاريخ تخطيه في 8/ 8/ 1981 وبجلسة 2/ 5/ 1985 حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول طلب إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى تاريخ القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب. ثانياً: بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضا قدره 2000 جنيه ألفان من الجنيهات وألزمت المدعي والمدعى عليه المصروفات المناسبة.
وقد أقامت المحكمة قضاءها - على أن طلب المدعي بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى التخصصية إلى 8/ 8/ 1981 هو طعن على القرار الصادر في هذا التاريخ، وحيث إن المدعي تقدم بعدة تظلمات منه أولها بتاريخ 9/ 9/ 1981 وتراخى في إقامة دعواه حتى 30/ 11/ 1982 الأمر الذي تكون معه دعواه قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً. وعن طلب التعويض أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن سبب عدم ترقية المدعي يرجع إلى انتدابه ندباً كاملاً بالمكتب الثقافي بباريس طبقاً للضوابط التي وضعتها لجنة شئون العاملين المعتمد من الوزير في 8/ 8/ 1981 - وعلى ذلك تكون قد صدرت بعد أن كان المدعي قد ندب عام 1978 ومن ثم لا يكون معمولاً بها عند صدور قرار الندب ومن ثم لا يعمل بها بشأنه، وبذلك يكون تخطيه في الترقية استناداً إلى هذه الضوابط مخالفاً للقانون وهو ما يكون ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية، أما ركن الضرر فيتمثل فيما فات المدعي من فروق في الراتب والبدلات بين ما يستحق للدرجة التي يشغلها والدرجة الأولى التي تخطى في الترقية إليها وذلك على مدى عامين وشهر، فضلاً عن الأضرار الأدبية الناتجة عن تخلفه عن أقرانه ومن هم أحدث منه. وقدرت المحكمة التعويض بمبلغ القيمة من الجنيهات.
ويقوم الطعن الأول على الحكم (المقام من المدعي) على أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه حيث قضى بعدم قبول طلب إرجاع الأقدمية في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 وهو طلب تسوية وليس من قبيل طلبات الإلغاء، وعن التعويض فإن الأضرار التي لحقته تفوق عشرة أضعاف المبلغ المحكوم به وفقاً للمعاملة المالية للملحقين الثقافيين.
ويقوم الطعن الثاني على الحكم (المقام من وزير التعليم العالي) على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث أن المادة 37 من القانون 47 لسنة 1978 قد أجازت لجهة الإدارة وضع ضوابط وشروط ومعايير للترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة وأن ما وضعته الوزارة من ضوابط منها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً من الترقية بالاختيار متفق مع أحكام القانون ومعتمد من السلطة المختصة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه متفق مع حكم القانون وهو ما ينفي ركن الخطأ الموجب لمسئولية الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 891 لسنة 1981 بتاريخ 19/ 8/ 1981 بترقية بعض العاملين بالوزارة إلى الدرجة الأولى اعتباراً من 8/ 8/ 1981 ولم يشمل القرار/ ......... (الطاعن) حيث تظلم من هذا القرار في 9/ 9/ 1981 ثم اتبع هذا التظلم بتظلمات أخرى آخرها في 21/ 1/ 1982، وأنه لم يتلق رداً من الجهة الإدارية على تظلمه الأول المقدم في 9/ 9/ 1981 فإنه وفقاً لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 كان يتعين عليه أن يعتبر مرور ستين يوماً على تاريخ تقديمه للتظلم الأول بمثابة رفض ضمني لتظلمه وأن ينشط لإقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لتاريخ الرفض الضمني، إلا أنه لم يقم دعواه إلا في 30/ 11/ 1982 ومن ثم تكون قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً.
ولا يغير من ذلك ما ذكره الطاعن من أنه قام بتعديل طلباته لتكون إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 بعد أن رقي فعلاً إلى هذه الدرجة، وأن هذا الطلب يعتبر من قبيل طلبات التسوية التي لا يتقيد رافعها بمواعيد دعوى الإلغاء، ذلك أن دعوى التسوية تقوم بالنظر إلى المصدر الذي يستمد العامل منه حقه، فإذا كان الحق مستمد أصلاً من قاعدة تنظيمية حددت أصل الحق وشروطه وقدره وتاريخه والآثار المالية المترتبة عليه وتاريخ استحقاقها، وكانت القرارات الصادرة عن الجهة الإدارية في هذا الشأن كاشفة عن هذا الحق، ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تنفيذية تهدف بها الإدارة إلى مجرد تطبيق أحكام القاعدة التنظيمية على حال العامل، فإنه في هذه الحالة تكون الدعوى من دعاوى التسويات التي لا تتقيد بميعاد دعوى الإلغاء، أما إذا كان الحق حتى مع توافر شروطه لا يصل إلى صاحبه إلا بالقرار الصادر من السلطة المختصة والمنشئ لهذا الحق، فإن الدعوى في هذه الحالة تكون من قبل دعاوى الإلغاء التي تتقيد بالضرورة المواعيد المقررة لها. وحيث إن حق الطاعن في إرجاع أقدميته في الدرجة الأول التخصصية إلى 8/ 8/ 1981 مصدره قرار الترقية الصادر من السلطة المختصة في هذا التاريخ، وهو القرار الذي كان يتعين اختصامه عن طريق إجراءات دعوى الإلغاء المقررة قانوناً، وطلب إرجاع الأقدمية إلى تاريخ هذا القرار يمثل في حقيقته طعناً على القرار المذكور وهو ما لم يتم في المواعيد المقررة لهذا الطعن، ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه ولئن قد قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب تعديل أقدمية الطاعن إلى 8/ 8/ 1981 في الدرجة الأول التخصصية - لرفعه بعد الميعاد، إلا أنه للقضاء في طلب التعويض عن القرار المطعون عليه فإن الأمر يقتضي بالضرورة التعرض لمدى مشروعية القرار المذكور فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية، وذلك للوقوف على مدى توافر ركني الخطأ الموجب للمسئولية من عدمه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أفصحت عن أسباب تخطي المدعى وحددتها في أنها إعمالاً للمادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وضعت ضوابط ومعايير الترقية بالاختيار ومنها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً واشتراط الممارسة الفعلية للوظيفة بأحد أجهزة الوزارة بالداخل لاستحقاق هذه الترقية وأن المدعى لم يستوف هذا الضابط - ومن ثم فإن هذا السبب هو الذي يخضع لرقابة المشروعية التي يسلطها القضاء الإداري على القرارات الإدارية، وله في سبيل ذلك إعمال رقابته للتحقق من مدى مطابقة هذا الضابط أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي وصل إليها القرار المطعون عليه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ولئن كانت المادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بعد أن حددت الشروط القانونية للترقية بالاختيار، أجازت للسلطة المختصة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين إضافة بعض الضوابط للترقية بالاختيار بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة إلا أن مناط مشروعية هذه الضوابط يتوقف على (1) ألا يكون من شأن هذه الضوابط الإخلال بالشروط القانونية للترقية بالاختيار التي أوردها المشروع صراحة بالنص سواء أكانت شروط صلاحية أو شروط تفضيل. (2) أن تكون هذه الضوابط من العموم والتجريد بحيث لا تقتصر على فئة أو فئات من العاملين دون غيرهم (3) ألا يكون من شأن الضابط المضاف إضافة مانع من موانع الترقية إلى الموانع الواردة على سبيل الحصر في القانون (4) أن تكون معلومة لدى أصحاب الشأن ليحددوا مراكزهم القانونية في ضوئها (5) أن يتفق الضابط المضاف مع ظروف وطبيعة نشاط كل وحده ويتغاير بين الوحدات تبعاً لذلك. ذلك أن الضوابط الإضافية للترقية بالاختيار ينبغي أن تلتزم حدود الحق إذا ما توافرت مقوماته بحيث لا تنقلب ستار يطوي الحق ويهدده.
ومن حيث إن ضوابط الترقية التي وضعتها لجنة شئون العاملين بوزارة التعليم العالي واعتمدت من الوزير وقام على أساسها قرار الترقية المطعون عليه والتي تقضي باستبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً ويوجب القيام الفعلي بأعباء الوظيفة بأحد أجهزة الوزارة في الداخل إنما استهدف عدم ترقية المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً وهو أمر غير جائز على إطلاقه من الناحية القانونية ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب أو الندب كل الوقت لا تصلح سبباً في تبرير التخطي في الترقية بالاختيار ذلك أن الممارسة الفعلية للوظيفة المرقى منها أو إليها العامل ليست هي مناط الصلاحية لاستحقاق العامل للترقية. وعندما يريد المشرع الخروج على هذا الأصل يخرج بالنص الصريح، حيث ورد النص بالقانون رقم 108 لسنة 1981 على عدم جواز ترقية العامل المعار أو الممنوح إجازة خاصة بدون مرتب إلا بعد العودة من الإعارة أو الإجازة بالنسبة للترقية إلى الوظائف العليا ما لم تكن الإعارة لمصلحة قومية، أما بالنسبة لباقي الوظائف فإن الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب لا تصلح سبباً للتخطي للترقية إلا بالنسبة للإعارات أو الإجازات التي تزيد مدتها على أربع سنوات عملاً بالتعديل الوارد في هذا الشأن بالقانون رقم 115 لسنة 1983، ومتى كان ذلك فإن الحرمان من الترقية بسبب عدم الممارسة الفعلية للوظيفة يعتبر مانعاً من موانع الترقية ولا تملك السلطة المختصة إضافته.
ومن حيث إنه متى كان ذلك يكون تخطى الطاعن في الترقية وقد قام على أحد الضوابط التي وضعتها السلطة المختصة - وهو ندبه ندباً كاملاً كملحق ثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية بباريس - وقد ثبت عدم مشروعيته فإن قرار تخطيه في الترقية يوصف بعدم المشروعية ويتوافر من ثم ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة.
ومن حيث إنه عن ركن الضرر المادي فإنه يتحدد فيما فاته من فروق مالية عن المدة من 8/ 8/ 1981 وحتى تاريخ ترقيته إلى وظيفة من الدرجة الأولى بالقرار رقم 888 لسنة 1983 الصادر في 8/ 9/ 1983 وتتمثل في الفرق بين المعاملة المالية المقررة للملحقين الثقافيين شاغلي الدرجة الثانية وما يتقاضاه الملحقون الثقافيون شاغلو الدرجة الأولى حيث يتم المغايرة في المعاملة ارتباطاً بالدرجة المالية التي يشغلها الملحق، أما في الضرر الأدبي فإن الطاعن كان يمكن أن يتوقاه ولو سعى إلى إقامة دعواه خلال المواعيد المقررة وتقدر المحكمة التعويض الذي يستحقه المدعي بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد ذهب هذا المذهب في تقرير مبدأ التعويض إلا أنه قضى بتعويض المدعى بمبلغ ألفين من الجنيهات فإنه يتعين تعديل الحكم بالنسبة لقدر التعويض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون أولاً: بعدم قبول طلب إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ثانياً: إلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه. وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق