جلسة 13 من إبريل سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل ومحمد عبد الغني حسن ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.
-----------------
(112)
الطعن رقم 3380 لسنة 32 القضائية
مأذون - قرار عزل المأذون - سلطة وزير العدل - ميعاد الطعن في القرار.
المادة (46) من لائحة المأذونين الصادرة سنة 1955 - القرارات الصادرة بغير العزل نهائية - قرار عزل المأذون - يعرض قرار عزل المأذون على وزير العدل للتصديق عليه - للوزير التصديق على القرار كما أن له أن يعدله أو يلغيه - عندما يؤيد الوزير قرار العزل يكون القرار في الحقيقة والواقع هو قرار دائرة المأذونين بمحكمة الأحوال الشخصية - أساس ذلك: إن إرادتها بالعزل هي التي أعملت ولم يكن لإرادة الوزير من دخل سوى تأكيد نظر وإرادة دائرة المأذونين - في حالة تعديل قرار العزل تكون الإرادة المعتبرة والنافذة هي إرادة وزير العدل دون إرادة دائرة المأذونين - حساب ميعاد الطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية العليا من التاريخ الذي يتحدد فيه المركز القانوني للطاعن والذي لا تتضح معالمه بصورة جلية ومحددة إلا بصدور قرار وزير العدل - نتيجة ذلك: اعتباراً من تاريخ صدور قرار وزير العدل تحسب مواعيد الطعن فيه - إذا ثبت انتفاء إعلان الطاعن أو علمه علماً يقينياً بقرار التصديق على قرار العزل قبل إقامته الطعن عليه أمام المحكمة التأديبية التي قضت بعدم اختصاصها فإن ذلك الطعن يقطع الميعاد ويظل الميعاد موقوفاً طيلة نظر الطعن - من تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها يسري ميعاد جديد للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - تطبيق (1).
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 8/ 1986 أودع الأستاذ/ نبيل حسن متولي المحامي نائباً عن الأستاذ/ محمد سليمان كيلاني المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد بجدولها برقم 3380 لسنة 32 ق طعناً على القرار الصادر من دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة قنا الابتدائية (ولاية على النفس) بجلسة 26/ 3/ 1984 في المادة 12 لسنة 1983 مأذونين قنا المقامة ضد الطاعن والذي قضى:
أولاً: بعزل المأذون..... مأذون ناحية البراهمة مركز قفط (الطاعن) عن أعمال تلك المأذونية مع عرض الأمر على السيد المستشار وزير العدل.
ثانياً: بوقف المأذون المذكور عن أعمال المأذونية حتى يصدر بشأنه قرار من وزير العدل وعرض الأمر على السيد القاضي الجزئي لإحالة مأذونية البراهمة لأقرب مأذونية لها طبقاً للمادة 15 من اللائحة.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بعريضة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من دائرة المأذونين بمحكمة قنا الابتدائية للأحوال الشخصية بتاريخ 26/ 3/ 1984 في المادة 12 لسنة 1983 وما ترتب على ذلك من آثار وعلى وجه الخصوص اعتبار القرار التنفيذي الصادر من وزير العدل رقم 2062 لسنة 1984 كأن لم يكن مع إلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضده بصفته بتاريخ 21/ 8/ 1986 على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن ارتأت فيه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 15/ 6/ 1986 في الطعن رقم 104 لسنة 13 ق فيما قضى به من عدم اختصاصها بنظر الطعن وباختصاصها بنظره وإحالته إليها لتقضي فيه مجدداً من هيئة أخرى.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة اعتباراً من جلسة 14/ 11/ 1990 على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها بجلسة 26/ 12/ 1990 دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن وطلبت الحكم أصلياً بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 15/ 6/ 1986 في الطعن رقم 104/ 13 فيما قضى به من عدم اختصاصها بنظر الطعن وباختصاصها بنظره واحتياطياً برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات والأتعاب، وبجلسة 13/ 2/ 1991 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 2/ 3/ 1991، وقد تم نظره بهذه الجلسة حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بمذكرات لمن شاء خلال أسبوع واحد وأودع الطاعن مذكرة خلال الأجل صمم فيها على طلباته وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع المنازعة تخلص - على ما يبين من سائر الأوراق - في أن المدعو..... مأذون النجوع وعزب البراهمة تقدم بشكويين ضد..... مأذون البراهمة (الطاعن) ناسباً إليه تعديه على أعمال مأذونيته بإجراء عقود زواج وطلاق من ضمنها عقد زواج المدعوة..... بالمدعو..... و..... من نجع محروس التابع لمأذونيته في 14/ 2/ 1982 و.... من نجع العرب بالمدعو....، وقد تضمنت الشكوى الثانية قيام المشكو في حقه (الطاعن) بالتعدي على اختصاص الشاكي أيضاً وقيامه بعقد زواج..... بالمدعو..... وكلاهما من نجع العرب بالبراهمة التابعة لمأذونيته وذلك بتاريخ 17/ 3/ 1982، وقد ورد التحري من مركز شرطة قفط بأن محل إقامة الزوجة المذكورة هو نجع العرب (كتاب مركز شرطة قفط المؤرخ 15/ 12/ 1982) وقد أمر السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة قنا الكلية للأحوال الشخصية بإحالة الأمر إلى دائرة المأذونين وقيدت الواقعتان برقمي 12، 13 لسنة 1983 مأذونين قنا وتداولت الدائرة نظر المادتين بالجلسات على النحو الوارد بمحاضرها حيث مثل المأذون المشكو في حقه (الطاعن) بجلسة 7/ 3/ 1983 وطلب أجلاً لتقديم مذكرة فأجيب لطلبه، إلا أنه تخلف بعد ذلك عن الحضور، وبجلسة 26/ 3/ 1984 أصدرت دائرة المأذونين بمحكمة قنا الكلية للأحوال الشخصية قراراها المطعون فيه على النحو الوارد فيما سبق.
وقد أقامت الدائرة المذكورة قضاءها على ما تبين لها من الاطلاع على سجل المأذونين ومذكرة مدير الإدارة بنيابة قنا الكلية للأحوال الشخصية المؤرخة 1/ 2/ 1983 من أن المأذون المشكو في حقه (الطاعن) قد جوزي ثماني مرات بسبب التعدي في الفترة من 21/ 2/ 1965 (المادة 4/ 1965) حتى 14/ 6/ 1982 (المادة 19/ 1982) بالإنذار مرتين والإيقاف ست مرات لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر حتى ستة أشهر، وأنه لم يرتدع، ومن ثم فقد ارتأت الدائرة أن استمرار المشكو في حقه في تعديه على اختصاص غيره بالمخالفة للمادة (20) من لائحة المأذونين رغم مجازاته أكثر من مرة بالإنذار ثم بالإيقاف ست مرات ومع ذلك لم يرتدع، فقد ارتأت توقيع جزاء العزل عليه ردعاً له ولغيره واستتباباً لانتظام العمل بتلك المأذونية وقد أرسلت الأوراق للسيد وزير العدل حيث أصدر في 5/ 5/ 1984 القرار رقم 2062/ 1984 بالتصديق على قرار العزل. وإذ لم يصادف هذا القرار قبولاً لدى الطاعن فقد طعن عليه في 4/ 3/ 1985 أمام المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي وقيد طعنه برقم 28/ 19 ق طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 2062/ 1984 الصادر من وزير العدل بعزله من مأذونية البراهمة مركز فقط مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وإحالته للمحكمة التأديبية بأسيوط للاختصاص، حيث قيد لديها برقم 104/ 13 ق، وبجلسة 15/ 6/ 1986 حكمت المحكمة التأديبية بأسيوط بعدم اختصاصها بنظر الطعن على سند من اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظره لكون القرار المطعون عليه هو القرار الصادر من دائرة المأذونين وأن القرار الصادر من وزير العدل برقم 2062 لسنة 1984 ليس إلا تنفيذاً لما انتهت إليه تلك الدائرة.
ومن حيث إنه وبعد إذ قضت المحكمة التأديبية بأسيوط بعدم اختصاصها أقام الطاعن طعنه الماثل طاعناً في القرار التأديبي الصادر من دائرة المأذونين بمحكمة قنا السالف الإشارة إليه وذلك استناداً إلى الأسباب الآتية:
أولاً: انعدام السبب لأن الواقعة التي نسبت للطاعن غير صحيحة لأن الزوج والزوجة يقيمان في دائرة اختصاص الطاعن بل هما قد توجها إليه في مكتبه ليكتب لهما العقد، وهما أمران متوافران معاً، ومن ثم فلا يثبت ارتكاب الطاعن لأية مخالفة مما ينهار معه ركن السبب في القرار ويقع لذلك باطلاً خليقاً بالإلغاء.
ثانياً: إن الجزاء الذي وقع على الطاعن بفرض ثبوت المخالفة في حقه هو أقصى الجزاءات جميعها وهو العزل من المأذونية وقطع مصدر رزقه الوحيد، ومتى ثبت عدم التناسب بين الخطأ والجزاء فإن القرار التأديبي يعتبر غير مشروع ومخالفاً للقانون وباطلاً وخليقاً بالإلغاء.
ثالثاً: بطلان قرار تقسيم المأذونية أصلاً والذي يترتب عليه الادعاء بمخالفة هذا القرار، وقد اعتبرت الإدارة الطاعن أحد السياسيين المعارضين لها، إذ كانت له مواقف سياسية أغضبت السلطة مما يجعل قرار تقسيم المأذونية والاتهام باطلين ومشوبين بالانحراف بالسلطة.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن، فهو مردود ذلك أن المادة 46 من لائحة المأذونين لسنة 1955 إذ نصت على أن تكون القرارات الصادرة بغير العزل نهائية، أما قرار العزل فيعرض على وزير العدل للتصديق عليه وله أن يعدله أو يلغيه، فإن وزير العدل عندما تعرض عليه القرارات الصادرة بعزل المأذونين إما أن يؤيد ما ذهبت إليه من عزل، وهكذا يكون القرار في الحقيقة والواقع هو قرار دائرة المأذونين بمحكمة الأحوال الشخصية، لأن إرادتها بالعزل هي التي أعملت، ولم يكن لإرادة الوزير من دخل سوى تأكيد نظرة وإرادة دائرة المأذونين، وإما أن يعدل قرار العزل، وهكذا تكون الإرادة المعتبرة والنافذة هي إرادة وزير العدل دون إرادة دائرة المأذونين.
وبتطبيق ذلك على الحالة المطروحة يكون القرار الصادر من دائرة المأذونين بمحكمة قنا للأحوال الشخصية بعزل الطاعن هو القرار محل الاعتبار ومحل الطعن فتختص هذه المحكمة بنظر الطعن عليه وفقاً لما جرى به قضاءها (الطعن رقم 28/ 29 ق بجلسة 15/ 12/ 1985 - الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972 معدلاً بالقانون 136/ 1984) الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدفع وباختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن المعروض.
ومن حيث إنه ولئن كان ذلك كذلك، إلا إنه لما كان المركز القانوني للطاعن لا تتضح معالمه بصورة جلية محددة إلا بقرار وزير العدل فإنه اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار تحسب مواعيد الطعن، وإذا كان الثابت بالأوراق أن قرار وزير العدل رقم 2062/ 1984 بتأييد قرار العزل قد صدر بتاريخ 5/ 5/ 1984 إلا أن الأوراق قد خلت مما يثبت إعلان الطاعن بهذا القرار وعلمه به علماً يقينياً قبل إقامته للطعن عليه أمام المحكمة التأديبية للرئاسة (الطعن 28/ 19 ق) في 4/ 3/ 1985، وإذ انتهى المطاف بهذا الطعن إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للاختصاص فقضت بجلسة 15/ 6/ 1986 بعدم اختصاصها على النحو السالف الإشارة إليه، فإن ذلك الطعن يقطع الميعاد ويظل الميعاد موقوفاً طيلة نظر ذلك الطعن وحتى التاريخ الذي قضت فيه المحكمة التأديبية بأسيوط بعدم اختصاصها أي 15/ 6/ 1986 ومن هذا التاريخ يسري ميعاد جديد للطعن ويضم ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن وبملاحظة أن وقفة عيد الأضحى صادفت يوم 15/ 8/ 1986 وبدأت عطلة عيد الأضحى (16، 17، 18/ 8/ 1986) وقد قام الطاعن بإيداع طعنه في عقبها مباشرة (19/ 8/ 1986) ومن ثم فإن طعنه يكون مقاماً خلال الميعاد، وإذ استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن السببين الأول والثالث من أسباب الطعن (انعدام السبب/ الانحراف بالسلطة) فهما مردودان إذ الثابت بالأوراق أن القرار المطعون عليه قد قام على صحيح سببه وهو تعدي الطاعن على اختصاص الشاكي......... بقيامه بإجراء زيجات تخرج عن نطاق اختصاصه وتقع في دائرة اختصاص الشاكي إذ الثابت من تحريات الشرطة (كتاب شرطة مركز قفط/ وحدة البحث الجنائي المؤرخ 5/ 12/ 1982).
وإنه قام بعقد قران..... على.....، و...... حالة كون محل إقامة الزوجة نجع محروس ضمن اختصاص الشاكي، وأنه قام بقيد زواج.... على...... حالة كون محل إقامة الزوجة نجع العرب ضمن اختصاص الشاكي أيضاً، وبذلك يبين أن سبب القرار قد توافر على وجه صحيح، خاصة وأن ما جاء بدفاع الطاعن من أنهم توجهوا إليه في مكتبه كان مجرد دفاع مرسل لم يقم عليه دليل بالطعن، كما أن ما ذهب إليه من ادعاء عوار القرار بالانحراف بالسلطة لم يقم عليه دليل من الأوراق، بل جاءت الأوراق كلها ناطقة بتعوده التعدي على اختصاص غيره من المأذونين منذ عام 1965.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب الطعن (الغلو في الجزاء) فإنه وقد ثبت من الأوراق (كشف جزاءات الطاعن المستخرج من واقع سجل قيد أسماء المأذونين - نيابة قنا للأحوال الشخصية - المؤرخ 1/ 2/ 1983) أن الطاعن وقعت عليه في الفترة من 21/ 2/ 1965 حتى 14/ 6/ 1982 ثمانية جزاءات منها اثنان بالإنذار وستة بالإيقاف عن العمل، ومن هذه الستة ثلاثة بالإيقاف لمدة ستة أشهر كان آخرها في 14/ 6/ 1982 (المادة 19/ 82) وكل هذه الجزاءات كانت عن تعديات على اختصاص غيره، فإنه من ثم لا تكون عقوبة العزل التي أوقعها القرار على الطاعن قد شابها أي غلو، بعد إذ استشعرت الدائرة التي انتهت إلى ذلك القرار أن الطاعن لم يرتدع رغم كل الجزاءات السابقة ورأت توقيع جزاء العزل عليه ردعاً له ولغيره، فإنها لا تكون قد غالت في تقدير الجزاء، بل جاء متناسباً والجرم المسند إلي الطاعن في ظل ظروف وملابسات الواقعة السالفة الإشارة إليها.
ومن حيث إنه تلقاء ما تقدم جميعه فإن الطعن الماثل قد جاء على غير ذي سند متعين الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
(1) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا - دائرة توحيد المبادئ - في الطعن رقم 28 لسنة 29 ق بجلسة 15/ 12/ 1985 والذي يقضي باختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في قرارات مجالس التأديب التي لا تخضع للتصديق من جهات إدارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق