الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 مايو 2023

الطعن 370 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 16 ص 141

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

------------------

(16)
الطعن رقم 370 لسنة 27 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. تعويض."تقديره".
وجوب مراعاة قيمة الزيادة أو النقص في الجزء الذي لم تنزع ملكيته عند تقدير قيمة الجزاء المنزوعة ملكيته - على ألا يزيد المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته عن نصف القيمة التي يستحقها المالك (م 13 و14 ق 5 لسنة 1907). المقصود بزيادة القيمة هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء للمنفعة العامة وسواء كانت هذه المنفعة مقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده أم كان يشترك معه فيها آخرون.

----------------
تنص المادة 14 من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 5 لسنة 1907 (التي يقابلها نص المادة 19 ق 577 لسنة 1954 الذي حل محل القانون السابق) على أنه إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم ينزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة فيجب مراعاة هذه الزيادة أو النقصان على ألا يزيد المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته في أي حال على نصف القيمة التي يستحقها المالك. ولما كان في ورود هذا النص بصفة عامة ومطلقة تدل على أن ما قصد إليه الشارع من عبارة "زيادة القيمة" الواردة به هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء لأعمال المنفعة العامة، فلا محل للقول بأن ما عناه النص هو المنفعة المقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده والتي لا يشترك معه فيها آخرون إذ في هذا التفسير تخصيص للنص بما لا تحتمله عبارته. ومن ثم فالحكم المطعون فيه إذ رفض خصم ما طرأ من زيادة القيمة على الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرض المطعون عليه تأسيساً على أن المنفعة التي عادت من أعمال نزع الملكية كانت عامة ولم تقتصر على الجزء المذكور، يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام قبل الطاعنين الدعوى رقم 49 سنة 1951 كلي دمنهور الابتدائية طالباً إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 880 ج ومقابل الانتفاع بالفدانين الموضحين بعريضة الدعوى من ديسمبر سنة 1949 حتى تاريخ الحكم - مع المصروفات - وبني المدعي دعواه على أن تفتيش ري البحيرة التابع لوزارة الأشغال استولى على فدانين من أطيانه عندما قام التفتيش بإنشاء المشروع المعروف باسم مسقة فاضل الجديدة وتم هذا الاستيلاء غصباً وقد ترتب على ذلك تعطيل انتفاعه بهذه الأطيان كما ترتب عليه إتلاف محصولاتها وإزالة كباس كان بها - وقدر المدعي تعويضه عن ذلك جميعه بالمبلغ المرفوعة به الدعوى - وذلك على أساس أن ثمن الفدان 400 ج وثمن المحصول التالف 40 ج وقيمة الكباس 40 ج - ومقابل الانتفاع بواقع ريع الفدان 30 ج في السنة - وطلب المدعى عليهما رفض الدعوى فيما زاد عن مبلغ 282 ج و732 م على أساس أن مساحة الأرض المستولى عليها هي 1 فدان و17 سهماً مقدرة قيمتها بواقع 250 ج للفدان وأن قيمة المحصول التالف هي 6 ج و354 م وقيمة الساقية مبلغ 19 ج وبتاريخ 1/ 4/ 1952 حكمت المحكمة: أولاً - بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) بأن يدفعا للمدعي (المطعون عليه) مبلغ 282 ج و732 م (وهو ما أقر به الطاعنان) والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. ثانياً - وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب الخبير الزراعي بمكتب الخبراء لبيان القدر المستولى عليه وثمنه وقت الاستيلاء وما كان قائماً على الأطيان من زراعة وتقدير ثمنها وثمن الساقية والريع السنوي للجزء المستولى عليه بحسب أجر المثل - وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن مساحة المستولى عليه تبلغ فداناً و17 سهماً وقيمتها 308 ج و853 م - وقيمة التالف من الزراعة 6 ج و354 م وثمن الساقية 25 ج وقيمة الريع في السنوات من 1950 حتى 1954 مبلغ 121 ج و778 م - وأخذت المحكمة بتقرير الخبير وقضت في 13/ 10/ 1955 بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى مبلغ 179 ج و253 م والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد استأنف الطاعنان الحكم الأول في شقه الخاص بندب الخبير - والحكم الثاني بالاستئناف رقم 188 سنة 12 ق الإسكندرية - وبتاريخ 21/ 3/ 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمبلغ المقتضي دفعه وإلزام المستأنفين متضامنين بأن يدفعا للمستأنف عليه (المطعون عليه) مبلغ 107 ج و582 م والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك مع المقاصة في أتعاب المحاماة عن الدرجة الاستئنافية - وقد طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين نعياً على الحكم المطعون فيه أنه رفض طلبهما الخاص باحتساب الزيادة التي عادت على باقي أرض المطعون عليه بسبب أعمال المنفعة العامة تطبيقاً للمادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 مقيماً قضاءه في ذلك على ما ذهب إليه من أن زيادة المنفعة الحاصلة للمطعون عليه هي من قبيل الزيادة العامة ذلك أن المشروع إذ أفاده من ناحية وأضره من ناحية أخرى فإن هناك آخرين قد استفادوا منه دون أن يلحق بهم ضرر ومثل هذه الزيادة للمطعون عليه - أي ما ناله من فائدة المشروع - ليست مما يجوز عدالة مساءلته عنها - واستطرد الحكم قائلاً إنه على فرض أن المطعون عليه استفاد بالمشروع في طريقة ريه الأصلية لما كفى ذلك لجواز إجراء المقاصة التي يطلبها الطاعنان وإنما كانت تلك المقاصة ممكنة لو أن المنفعة خصته وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون ذلك أنه يبين من صريح نص المادة 14 سالفة الذكر أن الشارع لم يفرق في تطبيق هذا النص بين الزيادة التي تعود على المجموع والزيادة التي تخص فرداً معيناً دون باقي الأفراد بل جاء النص عاماً - ومن المقرر أنه لا تخصيص للنص بغير مخصص - هذا فضلاً عن أن التفرقة التي قال بها الحكم تتعارض والغرض من قانون نزع الملكية (رقم 5 لسنة 1907) الذي قصد منه تحقيق المنفعة العامة للكافة حتى لو عادت المنفعة بالفعل على فئة من الأفراد أو أحدهم بالذات ممن نفذ المشروع في أرضهم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين طلبا أمام محكمة الاستئناف مراعاة خصم مقابل الزيادة في قيمة أرض المطعون عليه المترتبة على مشروع الري الذي نفذته الحكومة - وقد رفضت المحكمة هذا الطلب وردت عليه بقولها "إن زيادة المنفعة الحاصلة للمستأنف عليه هي من قبيل الزيادة العامة لأن المشروع إذا أفاده من ناحية وأضره من ناحية أخرى فإن هناك آخرين قد استفادوا منه فقط دون أن يلحق بهم أي ضرر ومثل هذه الزيادة للمستأنف عليه (أي ما ناله من فائدة المشروع) ليست مما يجوز عدالة في ظل ذلك القانون (قانون سنة 1907) مساءلته عنها - بل إنه لو فرض وكان هذا المستأنف عليه قد استفاد ميزة ما بالمشروع الحكومي علي طريقة ريه الأصلية لما كفي ذلك لجواز إجراء المقاصة التي يطلبها المستأنف عليه وإنما كانت تمكن تلك المقاصة لو أن المنفعة (خصته) فهذه وحدها هي ما تنطبق عليه المادة 14 من ذلك القانون" - ولما كانت المادة 14 من قانون نزع الملكية للمنافع العامة (رقم 5 لسنة 1907) - المنطبق على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك بحسب أحكام المادة السابقة" - وقد جاء هذا النص بصيغة عامة مطلقة تدل على أن ما قصد إليه الشارع من عبارة زيادة القيمة الواردة بالنص هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء لأعمال المنفعة العامة - ومن ثم فلا محل للقول بأن ما عناه النص هو المنفعة المقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده والتي لا يشترك معه فيها آخرون إذ في هذا التفسير تخصيص للنص بما لا تحتمله عبارته - يؤيد هذا النظر ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 577 لسنة 1954 الذي حل محل القانون رقم 5 لسنة 1907 في تعليقها على المادة 19 من القانون الأول التي أوردت حكمها مماثلاً لحكم المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 مع استثناء مشروعات التنظيم داخل المدن - إذ جاء في هذه المذكرة ما يلي "أن القانون رقم 5 لسنة 1907 قد قصر خصم مقابل التحسين الذي يعود على العقارات - نتيجة أعمال المنفعة العامة على الأجزاء الباقية من العقار الذي يؤخذ منه جزء للمشروع كما قصر ما يخصم مقابل ذلك التحسين بحيث لا يتجاوز نصف الثمن للجزء المأخوذ وفي هذا النص قصور كبير إذ أنه يخرج من تحمل مقابل التحسين للعقارات التي تستفيد من المشروعات العامة والتي لا يؤخذ منها أي جزء وبذلك يفوز ملاك هذه العقارات بالفائدة دون أن يتحملوا أي نصيب في التكاليف - كما أن الذين تؤخذ أجزاء من العقارات المملوكة لهم هم وحدهم الذين يخصهم منهم مقابل التحسين الذي يعود على باقي الملك وهذه التفرقة في المعاملة لا تتفق مع العدالة - لذا رؤى أن من العدالة التسوية بين جميع من يستفيدون من تنفيذ المشروعات العامة سواء دخلت أجزاء ممتلكاتهم في هذا التنفيذ أم لم تدخل. وقد قصرت هذه القاعدة على العقارات التي تؤخذ في مشروعات التنظيم في المدن" ومفاد ذلك أن المشرع قصد إعمال القاعدة التي نصت عليها المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 سواء كان التحسين الذي ما عاد من تنفيذ المشروعات العامة قاصراً على العقارات التي أخذ جزء منها بسبب هذا التنفيذ أو شمل عقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء - وإنه عند وضع القانون رقم 577 لسنة 1954 أقر المشرع هذا الوضع بالنسبة لنزع الملكية بسبب أعمال المنفعة العامة فيما عدا مشروعات التنظيم داخل المدن فقد خصها المشرع في القانون المذكور بحكم جديد يهدف إلى تحقيق المساواة بين جميع من يستفيدون من تنفيذ تلك المشروعات سواء دخلت أجزاء من ممتلكاتهم في هذا التنفيذ أم لم تدخل - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض ما طلبته الطاعنة من خصم ما طرأ من زيادة القيمة على الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرض المطعون عليه تأسيساً على أن المنفعة التي عادت من أعمال نزع الملكية كانت عامة ولم تقتصر على الجزء المذكور فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق