جلسة 19 من مارس سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز أحمد حمادة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا حنا و الدكتور: أحمد مدحت علي ومحمد عبد الرحمن سلامة والدكتور: أحمد محمود جمعة - المستشارين.
-----------------
(90)
الطعن رقم 512 لسنة 34 القضائية
إصلاح زراعي - اللجان القضائية للإصلاح الزراعي - قراراتها - ميعاد الطعن فيها (علم يقيني) المادتان 13 مكرراً من القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي و26 من لائحته التنفيذية
- المنازعة في قرار الاستيلاء - النشر الذي يعتد به في جريان ميعاد الاعتراض هو الذي يتم بمراعاة ما فصلته المادة 26 من اللائحة من بيانات في هذا الشأن - مخالفة ذلك: يفتقد النشر الأثر الذي يرتبه القانون من حيث جريان ميعاد الخمسة عشر يوماً ويصبح غير منتج في هذا الخصوص - نشر قرار الاستيلاء الابتدائي في الجريدة الرسمية ليس إجراء مقصود بذاته وإنما هو في غايته وسيله الإخبار لذوي الشأن بالقرار واتصال علمهم به - علم ذوي الشأن بالقرار يقوم مقام النشر في الجريدة الرسمية - يتعين لكي يرقى هذا العلم إلى مرتبة النشر في هذا الخصوص ويغني عنه أن يحقق الغاية منه - يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً وأن يكون شاملاً لجميع محتويات القرار جامعاً لكل العناصر التي يستطيع على هداها أن يتبين طريقه إلى الطعن فيه بعد أن يتضح له مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار - لا يجري الميعاد في حق صاحب الشأن إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني الشامل - يثبت هذا العلم من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة - للقضاء الإداري في إعمال رقابته القانونية التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر الذي يمكن ترتيبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره حسبما تتبين المحكمة من أوراق الدعوى وظروف الحال - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 19 من يناير سنة 1988 أودع السيد الأستاذ/......... المحامي نائباً عن السيد/....... رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 512 لسنة 34 قضائية في القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 633 لسنة 1985 المقام من كل من 1 -......، 2 -...... ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، والذي قضى بجلسة 22/ 11/ 1987 بما يأتي: -
أولا - بقبول الاعتراض شكلاً. ثانياً - وفي الموضوع بإلغاء الاستيلاء الواقع على المساحة موضوع الاعتراض والبالغ مقدارها - س 6 ط - ف (ستة قراريط) الواقعة بحوض الغربية 24 قسم أول مسطح القطعة 90 بزمام ميت - سلسيل مركز المنزلة دقهلية الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة رقم (3) من تقرير الخبير وذلك قبل الخاضع/....... بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، والإفراج عنها للمعترضين.
وطلبت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي (الطاعنة) للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات وأتعاب المحاماة.
وبعد إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهما، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الاعتراض شكلاً، وإلزام المعترضين المصروفات عن الدرجتين.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) جلسة 16/ 5/ 1990 حيث نظرته بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو الموضح بمحاضر الجلسات أودع خلالها المطعون ضدهما مذكرة دفاع وبجلسة 19/ 9/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 23/ 10/ 1990 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية قدم خلالها المطعون ضدهما مذكرة دفاع وبجلسة 18/ 12/ 1990 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر فيها الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد واستوفى باقي أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل حسبما هو ثابت بالأوراق في أن المطعون ضدهما(......، ......) أقاما الاعتراض المقيد بسجل اللجان القضائية للإصلاح الزراعي تحت رقم 633 لسنة 1985 بتاريخ 4/ 12/ 1985 ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طالباً فيه الاعتداد بعقد البيع المؤرخ في 12/ 1/ 1945 وإلغاء قرار الاستيلاء على نصف المساحة موضوع هذا العقد، وشرحاً للاعتراض قال المعترضان (المطعون ضدهما) إنه بموجب عقد بيع مؤرخ في 12/ 1/ 1945 اشتريا مساحة زراعية مقدارها اثنا عشر قيراطاً (12 قيراطاً) من البائعة السيدة/....... وكائنة بحوض الغربية قسم أول رقم 16 قديم ورقم 24 حديث بزمام ميت سلسيل مركز المنزلة بمحافظة الدقهلية، وقاما بوضع اليد عليها منذ تاريخ الشراء بصفة هادئة ومستقرة، غير أنهما فوجئا في عام 1981 بحضور مندوب الإصلاح الزراعي والذي أخبرهما أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد استولت على مساحة مقدارها ستة قراريط من المساحة محل العقد العرفي المشار إليه باعتبار أن المساحة المستولى عليها من أملاك الخاضع/........ وأجبرهما على التوقيع على عقد إيجار لهذه المساحة ومن ثم فقد أقاما الاعتراض المشار إليه استناداً إلى أن الخاضع المذكور لم تكن له صلة بالمساحة موضوع العقد عند تحريره، كما أنها لم تكن خاضعة لقانون الإصلاح الزراعي في أي يوم، وحيازتهما للأرض ظاهرة للجيران وكبار السن منهم، وقد توفيت البائعة المذكورة وأحد الشهود على واقعة الشراء ويدعى/...... قبل صدور المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952.
وبجلسة 23/ 3/ 1986 قررت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي - قبل الفصل في شكل الاعتراض وموضوعه - ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنصورة ليندب أحد الخبراء الزراعيين المختصين لمعاينة الأرض محل النزاع على الطبيعة ومطابقتها على مستندات المعترضين وتحقيق ما إذا كانت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد قامت بالاستيلاء عليها أو على جزء منها طبقاً لأي قانون من قوانين الإصلاح الزراعي، وباسم الخاضع المستولي قبله وما إذا كان هذا الاستيلاء ابتدائياً أم نهائياً مع إثبات الاطلاع على إجراءات النشر واللصق ومضمون كل منهما وتاريخه إن كان قد تم شيء من ذلك مع تحقيق وضع اليد عليها وسببه ومدته واستظهار الشرائط القانونية للحيازة من حيث الهدوء والظهور ونية التملك بصفة متصلة وتحقيق ما إذا كان التصرف العرفي سند الاعتراض قد ورد مضمونه وروداً كافياً في أي ورقة رسمية وثابت تاريخها رسمياً قبل نفاذ قانون الإصلاح الزراعي المطبق في الاستيلاء مع بيان نوع هذه الورقة وتاريخها وما اشتملت عليه من بيانات عن التصرف العرفي المشار إليه.
وقدم الخبير تقريره في الاعتراض ورد فيه ما يأتي: -
1 - إن العين موضوع الاعتراض ومساحتها ستة قراريط تقع بحوض الغربية رقم 24 قسم أول مسطح القطعة رقم 90 بزمام ميت سلسيل مركز المنزلة دقهلية وهي أرض زراعية.
2 - إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قامت بالاستيلاء على هذا الجزء قبل الخاضع........ بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ في 27/ 11/ 1976 تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وذلك ضمن المساحات المستولى عليها قبل الخاضع المذكور وجملتها 21س 1ط 17ف استيلاء ابتدائي.
3 - غير مرفق بملف الخاضع المذكور إجراءات النشر واللصق.
4 - لم يسبق رفع اعتراضات عن ذات الأرض محل الاعتراض من المعترضين أو غيرهما.
5 - جاء بملف الخاضع أن المالك للعين موضوع الاعتراض هو الخاضع/....... وهو صاحب التكليف والمكلفة برقم 579/ 1204 قديم و578 حديث بناحية حوض الغربية 24 قسم أول بزمام ميت سلسيل مركز المنزلة وغير وارد بالملف سند الملكية وسببها.
6 - إن واضع اليد على العين موضوع الاعتراض في تاريخ نفاذ المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 هما المعترضان (........، ........) ويرتكنان في وضع يدهما إلى عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 12/ 1/ 1945 الصادر إليهما من السيدة/.......، وأن وضع يدهما ثابت بشهادة الشهود ومن محضر الاستيلاء الابتدائي المؤرخ في 27/ 11/ 1976 وذلك منذ الشراء في عام 1945 وحتى الآن وضع يد ظاهر وهادئ ومستمر.
7 - لم يرد ذكر التصرف العرفي سند الاعتراض في أية ورقة رسمية.
8 - إن الخاضع/........ لم يقدم إقراره تطبيقاً للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، وأن خضوعه تم بناء على كتاب الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 2451 بتاريخ 1/ 8/ 1976 والمتضمن ضرورة تطبيق الاستيلاء قبل المرحوم/........ بالقوة الجبرية على الأطيان الخاضعة للاستيلاء بناء على ما جاء بتقرير لجان بحث التهرب الخاص بحالة الخاضع المذكور تنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952.
ومن حيث إنه بجلسة 22/ 11/ 1987 أصدرت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي قرارها المطعون فيه ويقضي بما يأتي: -
أولاً: - بقبول الاعتراض شكلاً.
ثانياً: - وفي الموضوع بإلغاء الاستيلاء الواقع على المساحة موضوع الاعتراض والبالغ مقدارها ستة قراريط الواقعة بحوض الغربية 24 قسم أول مسطح القطعة 90 بزمام ميت سلسيل مركز المنزلة دقهلية وذلك قبل الخاضع...... بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، والإفراج عنها للمعترضين.
وأقامت اللجنة قرارها المطعون فيه على أنه ثبت من تقرير الخبير والذي تأخذ به اللجنة وتطمئن إليه للأسباب التي بني عليها أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قامت بالاستيلاء الابتدائي على المساحة موضوع الاعتراض بوضع يد المعترضين (.......، ........) بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ في 27/ 11/ 1976 وذلك قبل الخاضع/....... بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، وأن المعترضين هما الواضعي اليد عليها منذ عام 1945 بالشراء من السيدة/...... بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 12/ 1/ 1945، وأن ذلك تأيد بشهادة الشهود ومن محضر الاستيلاء الابتدائي المؤرخ في 27/ 11/ 1976 وأضافت اللجنة القول بأنه لما كانت الأرض موضوع الاعتراض في حيازة المعترضين منذ 12/ 1/ 1945 تاريخ شرائها واستكملت الحيازة المدة القانونية اللازمة لكسب الملكية بالتقادم في يناير سنة 1960 أي قبل الاستيلاء عليها فعلياً بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ في 27/ 11/ 1976، فإنه من ثم تكون الملكية ثابتة للمعترضين طبقاً للمادة 968 من القانون المدني وبصرف النظر عما إذا كان العقد العرفي المشار إليه ثابت التاريخ أم لا، وأنه بالتالي يكون استيلاء الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على تلك المساحة بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بحسبان أنها في تاريخ نفاذ هذا القانون من أملاك الخاضع المذكور قد جاء على غير سند من القانون متعين الإلغاء، لأن الخاضع المذكور لم يكن مالكاً لها في ذلك التاريخ.
ومن حيث إن الهيئة الطاعنة تبني طعنها الماثل بالنعي على القرار المطعون فيه بمخالفة للقانون بمقولة إنه قضى بقبول الاعتراض شكلاً على حين أنه أقيم بعد الميعاد حيث توافر لدى المعترضين العلم اليقيني بقرار الاستيلاء الابتدائي الموقع في 27/ 11/ 1976 إذ أقر المعترضان بصحيفة الاعتراض أن الهيئة استولت على الأرض محل النزاع منذ أربع سنوات قبل تاريخ إقامة الاعتراض، وأنهما علماً بهذه الواقعة عندما أفادتهما إدارة الاستيلاء بالهيئة أن هذه الأرض ربطت عليهما بالإيجار.
كما تنعى الهيئة الطاعنة على القرار المطعون فيه بالقصور في التسبيب بمقولة إن الخاضع/....... كان متهرباً من أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 لأنه لم يقدم إقراره رغم تجاوز ملكيته الحد الأقصى طبقاً لهذا القانون، وأنه بذلك يكون المعترضان قد وضعا يدهما على ملك الغير وهي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالاستيلاء على الأرض محل النزاع كما وأن تقرير الخبير لم يبين سند ملكية البائعة لهما والتي تكون هي الأخرى قد تصرفت في مساحة لا تملكها وأنه فضلاً عن ذلك فإن تقرير الخبير الذي اعتمدت عليه اللجنة القضائية قد استند إلى شهادة الشهود فقط دون أن تؤيد بقرائن الحال حيث إن حيازة الأرض الزراعية تتطلب التعامل مع مختلف الجهات الرسمية لتوفير الأسمدة ومستلزمات الإنتاج المتوفرة في الجمعيات الزراعية وبنك التسليف الزراعي، وكذلك لم يوضح تقرير الخبير تسلسل حيازة الأرض من السلف إلى الخلف ونوع هذه الحيازة وهل هي بغرض الملك أم الإيجار.
ومن حيث إنه فيما تنعى به الهيئة الطاعنة على القرار المطعون فيه بمخالفته للقانون بمقولة إنه قضى بقبول الاعتراض شكلاً، على حين أنه أقيم بعد الميعاد لتوافر العلم اليقيني لدى المعترضين بقرار الاستيلاء الابتدائي الموقع في 27/ 11/ 1976 إذ أقر المعترضان بصحيفة الاعتراض أنهما علما بواقعة الاستيلاء منذ أربع سنوات قبل إقامة الاعتراض بتاريخ 4/ 12/ 1985 عندما أفادتهما إدارة الاستيلاء بالهيئة أن الأرض محل النزاع قد ربطت عليهما بالإيجار، فإنه عن هذا النعي فهو مردود بأن المستفاد من المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي أنها قد ناطت باللجان القضائية التي تشكل على الوجه الذي رسمته دون غيرها الفصل فيما يثور من منازعات في شأن ملكية الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها، أو تلك التي تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك، وذلك لتعيين ما يجب الاستيلاء عليه وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي، وكفالة استقرار الملكية الزراعية ومنعاً من أن تظل قرارات الاستيلاء الصادرة بالتطبيق لأحكام هذا القانون في طور الزعزعة وعدم الثبات، فقد نصت تلك المادة بألا تقبل المنازعة في هذا الخصوص بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية عن قرار الاستيلاء الابتدائي على الأراضي وأحالت في تحديد ما ينشر من بيانات عن قرارات الاستيلاء في الجريدة الرسمية إلى اللائحة التنفيذية التي نصت في المادة 26 بأن (ينشر باسم اللجنة العليا للإصلاح الزراعي في الجريدة الرسمية بيان عن قرارات الاستيلاء الابتدائي يتضمن أسماء الأشخاص المستولى لديهم والمساحة الإجمالية للأرض المستولى عليها والنواحي التي توجد بها وبعرض البيان التفصيلي عن الأراضي المستولى عليها وأسماء المستولى لديهم في كل منطقة على الباب الرئيسي لمقر عمدة الناحية ومكتب الإصلاح الزراعي ومركز البوليس المختصين وذلك لمدة أسبوع من تاريخ النشر، ويجب أن يكون النشر في الجريدة الرسمية مقروناً بأن البيان التفصيلي عن الأراضي وأسماء المستولى لديهم معروض في الجهات المشار إليها لمدة أسبوع من تاريخ النشر وكذلك بإعلانهم بأن الالتجاء إلى اللجنة القضائية لا يقبل بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية عن القرار محل الاعتراض تطبيقاً لنص المادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي). وواضح من هذا النص أن النشر الذي يعتد به في جريان ميعاد الاعتراض إنما هو الذي يتم بمراعاة ما فصلته المادة 26 من اللائحة التنفيذية به سالفة الذكر من بيانات في هذا الشأن وإلا افتقد الأثر الذي يرتبه القانون عليه من حيث جريان ميعاد الخمسة عشر يوماً المشار إليه وأضحى غير منتج في هذا الخصوص. وليس من شك أن نشر قرار الاستيلاء الابتدائي في الجريدة الرسمية على الوجه المبين بحكم تلك المادة ليس إجراء مقصوراً لذاته، وإنما هو في غايته وسيلة الإخبار لذوي الشأن بالقرار واتصال علمهم به، وإذا كان علم ذوي الشأن بهذا القرار يقوم مقام النشر في الجريدة الرسمية، فإنه يتعين لكي يرقى هذا العلم إلى مرتبة النشر في هذا الخصوص ويغني عنه، أن يحقق الغاية منه بأن يكون علماً يقينياً لا ظنياً أو افتراضياً وأن يكون شاملاً لجميع محتويات القرار جامعاً لكل العناصر التي يستطيع على هداها أن يتبين طريقه إلى الطعن فيه بعد أن يتضح له مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار ولا يجري الميعاد في حق صاحب الشأن في هذه الحالة إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني الشامل على النحو السالف البيان، ويثبت هذا العلم من أنه واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة، وللقضاء الإداري في إعمال رقابته القانونية التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر الذي يمكن ترتيبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره وذلك حسبما تستبينه المحكمة من أوراق الدعوى وظروف الحال.
ومتى كان ما تقدم، وكان الثابت من تقرير الخبير المودع في الاعتراض الصادر فيه القرار المطعون فيه أنه لم تتم إجراءات نشر قرار الاستيلاء الابتدائي على الأرض محل النزاع والصادر في 27/ 11/ 1976 وكذلك إجراءات اللصق وفق ما تتطلبه المادة 26 من اللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، ومن ثم فإن ميعاد الاعتراض المنصوص عليه في المادة 13 مكرراً من هذا القانون لا يسري في حق المعترضين ويظل الميعاد بالنسبة لهما للطعن على هذا القرار مفتوحاً، ولا وجه قانوناً لما تتذرع به الهيئة الطاعنة بالقول أن المعترضين قد أقرا بصحيفة الاعتراض أنهما قد علما بقرار الاستيلاء الابتدائي منذ أربع سنوات قبل رفع الاعتراض في 4/ 12/ 1985 عندما أفادتهما إدارة الاستيلاء بالهيئة أن الأرض محل النزاع قد ربطت عليهما بالإيجار، وأنهما بذلك يكونا قد علما بقرار الاستيلاء علماً يقينياً، ولا وجه قانوناً لما تتذرع الهيئة الطاعنة بهذا الوجه، لأن المعول عليه في العلم اليقيني بالقرار والذي يقوم مقام النشر في الجريدة الرسمية، أن يكون هذا العلم شاملاً لجميع البيانات التي ورد النص عليها في المادة 26 من اللائحة التنفيذية سالفة البيان وهي مساحة الأرض المستولى عليها، واسم المستولى لديه وجميع العناصر اللازمة ليتبين صاحب الشأن مركزه القانوني بالنسبة لقرار الاستيلاء ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه في الطعن عليه، ومن ثم فإن ربط الأرض بالإيجار من جانب الهيئة الطاعنة على المعترضين لا يصلح قرينة كافية على تحقق علم المعترضين بقرار الاستيلاء علماً يقينياً لافتقاد هذه الواقعة عن أي بيان من البيانات التي حددتها المادة 26 سالفة البيان، وإذ قضى القرار المطعون فيه بقبول الاعتراض شكلاً، فإنه بذلك لا يكون قد خالف القانون وبالتالي يكون نعي الهيئة الطاعنة في هذا الشأن غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما تنعى به الهيئة الطاعنة على القرار المطعون فيه بالقصور في التسبيب بمقولة إن المعترضين قد وضعا يدهما على الأرض محل النزاع واستمرت حيازتهما لها على الرغم من خضوع مالكها الأصلي لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي حيث إنه كان متهرباً من أحكام هذا القانون ولم يقدم إقراره رغم تجاوز ملكيته الحد الأقصى طبقاً لهذا القانون، وأن المعترضين بذلك يكونا قد وضعا يدهما على ملك الغير وهي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ولأن القرار المطعون فيه قد اعتمد على تقرير الخبير المودع في ملف الاعتراض والذي يبين سند ملكية البائعة للمعترضين والتي أصبحت هي الأخرى قد تصرفت في مساحة لا تملكها، كما وأن القرار المطعون فيه قد قضى بأحقية المعترضين في كسب ملكية الأرض محل النزاع بالحيازة المدة الطويلة استناداً إلى شهادة الشهود دون أن تؤيد هذه الشهادة بقرائن الحال، كما وأن تقرير الخبير لم يوضح تسلسل حيازة الأرض من السلف إلى الخلف ونوع هذه الحيازة.
ومن حيث إنه عن هذا النعي فهو مردود ذلك أن الثابت من الأوراق أن المعترضين قد وضعا يدهما على أرض النزاع منذ عام 1945 تاريخ شرائهما لها من السيدة/........ بموجب العقد العرفي المؤرخ في 12/ 1/ 1945، وقد استمرت حيازتهما للأرض دون انقطاع المدة الطويلة المكسبة للملكية ومقدارها خمس عشرة سنة وهما يجهلان أن مالكها الأصلي وهو/........ قد خضع لأحكام قانون الإصلاح الزراعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 إذ الثابت أن البائعة المذكورة قد أقرت بعقد البيع المذكور بأن ملكيتها للمساحة المبيعة قد آلت إليها بطريق الميراث الشرعي عن زوجها المرحوم/......... وأنها واردة في تكليف زوجها المرحوم وأخيه....... ومن ثم فإن المعترضين يكونا قد اكتسبا ملكيتها في عام 1960 أي قبل صدور قرار الاستيلاء الابتدائي عليها في 27/ 11/ 1976 وذلك طبقاً للمادة 968 من القانون المدني والتي تنص على أن (من حاز عقاراً دون أن يكون مالكاً له، أو حاز حقاً عينياً على عقار دون أن يكون هذا الحق خاصاً به، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة)، وبالتالي فإنه لا يرد على هذه الأرض الاستيلاء قانوناً طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي ما دام الثابت أن المعترضين قد اكتسبا ملكيتها بالحيازة المدة الطويلة المكسبة للملكية طبقاً للمادة 968 من القانون المدني قبل صدور قرار الاستيلاء المشار إليه، وإذ ذهبت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بقضائها بإلغاء الاستيلاء الواقع على هذه الأرض بحسبان أنها لم تكون داخلة في ملكية الخاضع/......... في تاريخ صدور قرار الاستيلاء في 27/ 11/ 1976، فإن اللجنة بذلك تكون قد طبقت صحيح حكم القانون، ويكون النعي على قضائها بذلك من جانب الهيئة الطاعنة على غير أساس سليم من القانون متعين الرفض، ولا احتجاج على اللجنة إذا هي خلصت إلى توافر الحيازة القانونية استناداً إلى أقوال الشهود الذين سئلوا في محاضر أعمال الخبير إذ الأصل أن الحيازة وضع مادي يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن، ومع ذلك فإن المعترضين قدما المستند الذي يؤيد صحة ما انتهى إليه الخبير فقد قدما عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 23/ 1/ 1945، وتبين للخبير من اطلاعه على سجلات الجمعية الزراعية أن الأرض محل النزاع مقيدة بسجلات الجمعية منذ عام 1971.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، فإنه يتعين الحكم برفض الطعن موضوعاً، وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق