جلسة 7 من إبريل سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله ومحمود عادل محجوب الشربيني والطنطاوي محمد الطنطاوي - المستشارين.
----------------
(109)
الطعنان رقما 946 و955 لسنة 35 القضائية
(أ) تعويض - أركانه - ركن الخطأ.
صدور حكم بإلغاء قرار إنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل تأسيساً على عيب شكلي هو عدم إنذار العامل قبل إصدار القرار - هذا الإجراء (الإنذار) لو كان قد روعي لكان قرار إنهاء الخدمة صحيحاً - لا وجه لنسبة الخطأ إلى جهة الإدارة في إنهاء الخدمة متى ثبت الانقطاع وللمدة التي يحق لها أن تنهي خدمة العامل من أجلها متى ارتبط إنهاء الخدمة موضوعياً بانقطاع العامل عن العمل - ركن الضرر - إذا فرض ولحق العامل ضرر من إنهاء خدمته فإن ذلك مرده أساساً الانقطاع عن العمل وليس لخطأ ينسب لجهة الإدارة في إنهاء الخدمة دون اتباع إجراء شكلي هو الإنذار - نتيجة ذلك: انتفاء السند القانوني لما يطالب به العامل من تعويض - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - المعاش - حصة الحكومة والعامل.
المادتان 42 و43 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 - قرار إنهاء خدمة العامل للانقطاع عن العمل لا يعد قراراً بالفصل من الخدمة تأديبياً أو بغير الطريق التأديبي - نتيجة ذلك: لا يسري على قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة حكم المادتين 42 و43 من القانون رقم 79 لسنة 1975 - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 26/ 2/ 1989 أودع الأستاذ عبد الستار قنديل المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 946 لسنة 35 القضائية، طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 12/ 1988 في الدعوى رقم 4500 لسنة 39 القضائية المقامة من الطاعن ضد وزير العدل ووزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية لمصلحة خبراء وزارة العدل ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات، والذي قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع لرفعها على غير ذي صفة، وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 353 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى اعتباراً من 30/ 6/ 1983، وبحيث يكون سابقاً في الأقدمية لكل من..... و.....، و.....، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي تعويضاً مقداره خمسمائة جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام كل من المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون عليه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم من الثاني حتى الرابع لرفعها على غير ذي صفة والقضاء بقبولها، وفي الموضوع بإلغاء الحكم فيما قضى به من إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي له تعويضاً مقداره خمسمائة جنيه والقضاء بأحقيته في تعويض جابر لكامل الضرر الذي ألم به يكون موازياً لأجره خلال المدة من فصله حتى عودته للعمل فضلاً عن التعويض الأدبي المتروك للمحكمة تقديره وإلغاء الحكم المطعون عليه، فيما قضى به من رفض باقي طلباته المتمثلة في إلزام جهة الإدارة أو الخزانة بحصة المعاشات المستحقة عنه في المدة من تاريخ فصله حتى تاريخ عودته بنوعيها، وهي حصة صاحب العمل والعامل والقضاء بإلزام جهة الإدارة أو الخزانة العامة بتلك الحصة عن المدة المذكورة مع إلزامها بأن ترد له الأقساط سابقة الخصم من راتبه، مع إلزام المدعى عليهم المصروفات عن الدرجتين.
وبتاريخ 27/ 2/ 1989 قدمت هيئة قاضيا الدولة بالنيابة عن وزير العدل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد تحت رقم 955 لسنة 35 القضائية في ذات الحكم المشار إليه، طلب فيه قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى فيه بالتعويض وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرين في الطعنين، فارتأت في تقريرها عن الطعن رقم 946 لسنة 35 القضائية قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الطاعن بتحمل الخزانة العامة اشتراكات التأمين المستحقة عن مدة فصله والقضاء بإلزام الخزانة العامة بتحمل اشتراكات التأمين المستحقة عن مدة فصل الطاعن ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الطاعن والإدارة المصروفات، وارتأت بالنسبة للطعن رقم 955 لسنة 35 القضائية قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الإدارة المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص المطعون بهذه المحكمة فقررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارة العليا "الدائرة الثانية" حيث حدد لنظرهما أمامها جلسة 3/ 3/ 1991، وفيها استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 21/ 5/ 1985 أقام السيد/...... الطاعن الدعوى رقم 4500 لسنة 39 القضائية ضد وزير العدل ووزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات، طلب فيها تسوية حالته بوضعه على الدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 7/ 1972، وصرف راتبه عن الفترة من 1/ 6/ 1979 تاريخ فصله من الخدمة حتى 26/ 1/ 1985 تاريخ عودته إلى الخدمة واستلامه العمل مضافاً إليه كافة البدلات والمزايا التي حصل عليها زملاؤه وكذلك التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء فصله من الخدمة، وإلزام الجهة الإدارية بدفع حصتها وحصته في التأمين والمعاشات عن الفترة من تاريخ فصله حتى تاريخ عودته للعمل، وتحملها بفوائد التأخير، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال شرحاً لدعواه: إنه بتاريخ 1/ 11/ 1984 صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1009 لسنة 37 القضائية المقامة منه ضد وزير العدل وآخرين، والذي قضى بإلغاء القرار رقم 654 لسنة 1979 بإنهاء خدمته اعتباراً من 1/ 6/ 1979 وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذاً لهذا الحكم صدر القرار رقم 50 لسنة 1985 بإعادته إلى العمل، وتسوية حالته على الدرجة الثانية من عدم صرف أية فروق مالية قبل استلامه العمل، فتظلم من هذا القرار بتاريخ 18/ 3/ 1985 لما أصابه من ضرر من جراء عدم تنفيذ الحكم على النحو الصحيح، ولما لم يجب إلى تظلمه بادر بإقامة دعواه تأسيساً على أن القرار المطعون فيه أخطأ في تسوية حالته على الدرجة الثانية إذ أن زملاءه المعينين معه حصلوا على الدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 7/ 1982، وإذ كان لم يوضع عنه تقارير كفاية خلال فترة خدمته، فإن ذلك كان بسبب يرجع إلى الجهة الإدارية ولا دخل له في ذلك، وكذلك فإن عدم صرف فروق مالية قبل مباشرته العمل حرمه من مرتبه من تاريخ إنهاء خدمته حتى عودته إلى العمل وهو الأمر الذي لا يتفق مع القانون، ويحق له أن يطالب بكافة البدلات والمزايا التي منحت لزملائه في العمل خلال هذه الفترة والتي يقدرها بمبلغ 12 ألف جنيه بالإضافة إلى التعويض عن الضرر الأدبي الذي أصابه نتيجة إنهاء خدمته. وأضاف إلى طلباته أن مصلحة الخبراء تعسفت معه في سداد مستحقات الهيئة العامة للتأمين والمعاشات وقيمتها 7176.711 جنيهاً بقسط شهري مقداره 39.217 جنيهاً تم خصمه من راتبه فعلاً عن شهر إبريل سنة 1985 بعد كتابته إقراراً بالخصم وقد تظلم من هذا الوضع، وإنه كان من المفروض أن تتحمل الجهة الإدارية حصتها في التأمين عن الفترة من 1/ 6/ 1979 حتى 26/ 1/ 1985 وأن يدفع حصته بالعملة المصرية. وقام المدعي بعد ذلك وأثناء تحضير الدعوى بتعديل طلباته، مطالباً بتسوية حالته على الدرجة الأولى اعتباراً من 30/ 6/ 1983 وبأثر رجعي وبأقدمية تسبق كلاً من زملائه...... و....... و...... الذين تم ترقيتهم إلى الدرجة الأولى في التاريخ المشار إليه بالقرار رقم 353 لسنة 1983 الصادر في 9/ 7/ 1983 من كافة الفروق المالية المستحقة له نتيجة لذلك، وكذلك صرف أية علاوات تشجيعية تكون قد صرفت لزملائه المذكورين، والبدلات والمزايا التي صرفت لزملائه في الفترة من 1/ 6/ 1979 حتى 25/ 1/ 1985 أو التعويض المناسب الذي تقدره عدالة المحكمة والحكم له أيضاً برد ما دفعه من مبالغ نظير ضم مدة خدمته في الفترة المذكورة للهيئة العامة للتأمين والمعاشات وتحميل الجهة الإدارية لحصتها وحصته المستحقة للهيئة عن الفترة المشار إليها، وأية فوائد أو غرامات تأخير حتى تاريخ السداد.
وبجلسة 29/ 12/ 1988 حكمت محكمة القضاء الإداري:
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدع عليهم الثاني والثالث والرابع لرفعها على غير ذي صفة.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 353 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى اعتباراً من 30/ 6/ 1983، وبحيث يكون سابقاً في الأقدمية لكل من..... و...... و..... وما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي تعويضاً مقداره خمسمائة جنيه.
رابعاً: رفض ما عدا ذلك من طلبات.
خامساً: إلزام كل من المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
وأسست المحكمة حكمها على أن المدعي أحق بالترقية إلى الدرجة الأولى من المذكورين بالقرار رقم 353 لسنة 1973، ولا يغير من ذلك أنه لم يكن موجوداً بالخدمة في تاريخ صدور القرار، وبالنظر إلى أن مقتضى إلغاء قرار إنهاء الخدمة اعتبار مدة خدمته متصلة، وبالتالي يستحق الترقيات والعلاوات المستحقة له خلال فترة إنهاء الخدمة ويتعين إلغاء القرار رقم 353 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى وإرجاع أقدميته فيها إلى 30/ 6/ 1983 بدلاً من 1/ 1/ 1986 تاريخ ترقيته إليها، وما يترتب على ذلك من فروق مالية اعتباراً من تاريخ استلامه العمل في 25/ 1/ 1985 وبحيث يكون سابقاً لكل من السادة/...... و..... و.....، أما العلاوة التشجيعية التي يطالب بها المدعي، فإنها لا تستحق بقوة القانون، ولا تعتبر من الآثار التي تترتب على إلغاء قرار إنهاء الخدمة، وبالتالي يكون طلبه بشأن العلاوة التشجيعية جديراً بالرفض، وعن طلبه صرف البدلات والمزايا عن الفترة من 1/ 6/ 1979 تاريخ إنهاء خدمته وحتى 25/ 1/ 1985، فإنه لا يستحق صرف هذه البدلات والمزايا، نظراً لأنها ليست من آثار إلغاء قرار الفصل، وإن كان المدعي يستحق تعويضاً مناسباً عن الأضرار التي لحقته من جراء قرار إنهاء خدمته الخاطئ الذي ترتب عليه حرمانه من راتبه المستحق له خلال فترة فصله من الخدمة وبالنظر إلى أنه كان يعمل بالخارج خلال فترة الفصل، فقد راعت المحكمة ذلك في تقديرها للتعويض عن الأضرار، فقدرته بمبلغ خمسمائة جنيه، وعن تحمل جهة الإدارة بحصة المدعي وحصتها في المعاش عن فترة انقطاعه عن العمل، والفوائد والغرامات المستحقة حتى تاريخ السداد، فإن أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 (المادتان 42 و43) لا تجيزان تحمل جهة الإدارة بحصة المدعي وحصتها في المعاش، ومن ثم رفضت طلب المدعي في هذا الشأن - ومن حيث إن طعن السيد/....... الطاعن يتأسس على أن الحكم خالف القانون والواقع حيث أقامت المحكمة قضاءها في تقدير التعويض عن قرار الفصل الخاطئ بمبلغ 500 جنيه بمراعاة أمر احتمالي هو أنه يعمل بالخارج، في حين أنه قدم مستندات تفيد أنه عانى من عدم السماح له بالرجوع من ليبيا، ولم يحقق أي كسب مادي، ويتعين والحالة هذه طالما ثبت خطأ جهة الإدارة أن يعوض عما لاقاه من أضرار مادية وأدبية، وأما رفض المحكمة طلبه الخاص بتحميل جهة الإدارة بحصته وحصتها في المعاش تأسيساً على عدم انطباق حكم المادتين 42 و43 من قانون التأمين الاجتماعي على حالته، فإن ذلك القضاء يتعارض مع نص المادتين الذي لم يفرق بين حالات الفصل مما يتعين معه إلغاء الحكم في هذا الشق وأضاف الطاعن في تقرير الطعن تمسكه بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع تأسيساً على أن قبول الدعوى بالنسبة لهم يقيه من مطالبتهم له بأية مستحقات عن فترة الفصل، فضلاً عن إلزامهم بضم مدته الكلية في المعاش.
ومن حيث إن طعن جهة الإدارة يتأسس على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك في قضائه بتعويض المدعي بمبلغ خمسمائة جنيه، حيث إن إنهاء خدمة المدعي كانت لانقطاعه عن العمل، وألغي قرار إنهاء الخدمة لعيب شكلي هو عدم إنذار المدعي السابق على إصدار القرار وهو لا ينفي عن المدعي خطأه ولا يحمل جهة الإدارة بالخطأ، يضاف إلى ذلك قصور الحكم في التسبيب والفساد في الاستدلال، فطالما أن الحكم أورد في أسبابه أن المدعي حقق كسباً مادياً خلال فترة الفصل حيث كان يعمل في الخارج، فكان يتعين عدم تعويضه عن الضرر، طالما نفت المحكمة أي ضرر لحق المدعي، كما وأنه وقد ألغي قرار الفصل، وعاد المدعي إلى عمله وسويت حالته من ترقيات وعلاوات، فكان يتعين أن يعتبر ذلك خير تعويض عن الضرر المادي والأدبي الذي يدعيه.
ومن حيث إنه عن طلب المدعي قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع وهم وزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية لمصلحة الخبراء، ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، فإن طلبات المدعي وقد تمثلت في تسوية حالته الوظيفية والمعاشية بما يتفق مع إلغاء قرار إنهاء خدمته بسبب الانقطاع عن العمل، فإن الجهة الإدارية صاحبة الصفة فيما يقضى به من تسوية حالته الوظيفية تثبت لوزير العدل، كما تثبت الصفة فيما يقضى به من تسوية حالته المعيشية لرئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات وبالنظر إلى أن الحكم الطعين قد قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الهيئة المشار إليه، فيتعين قبول الطعن المدعي في هذا الشق والقضاء بقبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، ورفض طعنه لقبول الدعوى بالنسبة لوزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية لمصلحة الخبراء لعدم ثبوت صفتهما في تنفيذ ما طالب به المدعي من طلبات فيما لو قضي له بها.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعنان بشأن ما قضى به الحكم الطعين من تعويض فإن الفيصل في هذا النزاع هو حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 1009 لسنة 37 القضائية المقامة من المدعي ضد وزير العدل، والذي قضى بإلغاء القرار رقم 654 لسنة 1979 الصادر بإنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار، واستند الحكم في قضائه إلى أن المدعي وإن كان قد انقطع عن عمله، حيث لم يعد بعد انتهاء مدة إعارته التي بلغت سبع سنوات، إلا أن جهة الإدارة لم تقم بإنذار المدعي وفقاً للمادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وهو إجراء جوهري استلزمه القانون، ورتب على عدم مراعاته البطلان.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الحكم الصادر بإلغاء قرار إنهاء خدمة المدعي الذي صدر بسبب انقطاعه عن العمل، ولم يستند على خطأ أو تعسف من جهة الإدارة أو انتفاء سبب القرار، وإنما تم بسبب عيب شكلي اعترى قرار إنهاء الخدمة وهو عدم إنذار المدعي مسبقاً، وهو الإجراء الذي لو روعي لكان قرار إنهاء الخدمة صحيحاً، ولا مأخذ على جهة الإدارة، وطالما كان ذلك فإنه من الناحية الموضوعية لا يتسنى نسبة خطأ إلى جهة الإدارة في إنهاء خدمة المدعي، حيث ثبت أنه انقطع عن العمل دون عذر تقبله جهة الإدارة، وللمدة التي يحق لها أن تنهي خدمته من أجلها، ومتى كان التعويض يستند على خطأ وضرر وعلاقة سببية، ارتبط إنهاء الخدمة موضوعياً بانقطاع المدعي عن العمل، بالإضافة إلى أنه إذا فرض ولحق المدعي ضرر من إنهاء خدمته فإن ذلك الضرر مرده أساساً انقطاعه عن العمل وليس لخطأ الإدارة في إصدار قرار إنهاء خدمة لم تراع فيه إجراءات شكلية ومتى كان ذلك فلا يكون هناك سند قانوني لما يطالب به المدعي من تعويض.
وحيث إن الحكم الطعين لم يأخذ بهذا النظر في شأن التعويض، مما يتعين معه قبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين في هذا الشق ورفض طلب المدعي التعويض عن قرار إنهاء خدمته.
ومن حيث إنه عن طلب المدعي تحمل جهة الإدارة بحصته وحصتها في الاشتراك عن المعاش فإن نص المادة 42 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 يقضي بأنه:
"في حالات الفصل بالطريق التأديبي، إذا ألغي أو سحب قرار فصل المؤمن عليه.... يلتزم صاحب العمل بالاشتراكات المستحقة عن مدة الفصل...." وتقضي المادة 43 بأنه:
"إذا فصل المؤمن عليه بغير الطريق التأديبي... ثم أعيد إلى العمل بحكم قضائي أو بحكم القانون.... بالنسبة لصاحب المعاش تؤدي الخزانة العامة للصندوق قيمة المعاشات التي تم صرفها".
ومن حيث إن القرار رقم 654 لسنة 1979 الصادر من مصلحة الخبراء بوزارة العدل بإنهاء خدمة المدعي للانقطاع عن العمل لا يعد قراراً بالفصل من الخدمة تأديبياً أو بالطريق غير التأديبي، ومن ثم لا يسري عليه حكم المادة 42 المشار إليه.
أما مقتضى حكم المادة 43 الذي يتعلق بحالة الفصل بغير الطريق التأديبي وهو ما لا ينطبق على الحالة الماثلة، فإن الخزانة العامة تؤدي للصندوق قيمة المعاشات التي تم صرفها ولا يوجد ثمة التزام على صاحب العمل بالاشتراكات المستحقة عن مدة الفصل.
ومن حيث إن الحكم الطعين أخذ بهذا النظر فيما يتعلق بطلب المدعي تحمل جهة الإدارة لحصته وحصتها في الاشتراك في المعاش، فيكون قد صادف صحيح حكم القانون في هذا الشق، مما يتعين معه قبول طعن المدعي شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إن المدعي والحالة هذه يكون قد خسر طعنه، مما يلزمه مصروفاته ومصروفات طعن جهة الإدارة.
ومن حيث إن الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية معفاة، من الرسوم القضائية فيما يرفع منها أو عليها من دعاوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، وبقبول الدعوى بالنسبة له وكذلك بإلغائه فيما قضى به من تعويض للمدعي وبرفض دعوى المدعي في هذا الشق، وبرفض طعن المدعي فيما قضى به الحكم الطعين من عدم تحمل جهة الإدارة حصته وحصتها في الاشتراك في المعاش وألزمت المدعي مصروفات الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق