باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر مــــن مايو سنة
2023م، الموافق الثالث والعشرين من شوال سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 109 لسنة 37
قضائية دستورية
المقامة من
هشام محمود محمد الدردير
ضــد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزير العدل
3- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية
4- رئيس مجلس إدارة صندوق التأمين الخاص للعاملين ببنك الاستثمار العربي
5- رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب التنفيذي لبنك الاستثمار العربي
-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ السادس عشر من يونيه سنة 2015، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة السادسة
عشرة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية
غير المصرفية، والمواد المرتبطة به.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول
الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وقدم كل من المدعى عليهما الثالث والخامس مذكرة طلب فيها الحكم
أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعي كان من العاملين ببنك الاستثمار العربي، وأقام أمام محكمة جنوب القاهرة
الابتدائية الدعوى رقم 249 لسنة 2012 عمال كلي، ضد المدعى عليه الخامس وآخرين،
طلبًا للحكم - وفق طلباته الختامية - أولاً: بحل اللجنة النقابية للعاملين ببنك
الاستثمار العربي وتسليمها إلى اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابات
العمالية، للدعوة إلى انتخابات حرة لحين صدور قانون النقابات المهنية الجديد.
ثانيًا: بوقف جميع القرارات التي يمكن صدورها من قِبَل صندوق التأمين الخاص
للعاملين ببنك الاستثمار العربي. ثالثًا: بإلزام البنك بإصدار التقرير السنوي
للمدعي وفقًا لأحكام القانون، وإلغاء ندبه من العمل بإدارة أمناء الاستثمار
وإلحاقه مجددًا بالإدارة القانونية، مع الحكم بالتعويض عن الأضرار المادية
والأدبية. رابعًا: بإلزام رئيس مجلس إدارة صندوق التأمين الخاص للعاملين بالبنك
بأن يؤدي للصندوق المبالغ التي صرفت منه لرؤساء مجالس إدارة البنك السابقين.
خامسًا: بإلزام البنك بأن يؤدي له نصف راتبه عن شهري أبريل ومايو عام 2012
وعلاواته، والحوافز التي صرفت للعاملين خلال عام 2012، وبطلان كافة القرارات
الصادرة من البنك بشأنه. وذلك على سند من القول بأن إدارة البنك أصدرت العديد من
القرارات التي تؤثر على حقوق ومصالح العاملين به دون مشاركة اللجنة النقابية
للعاملين بالبنك، كما أصدرت قرارات تنال من حقوقه المالية والشخصية والتي انتهت
بفصله من العمل، وحال نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية المادة السادسة عشرة من
القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير
المصرفية. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى
الدستورية، فأقام المدعي دعواه المعروضة، ناعيًّا على النص المطعون فيه مخالفته
أحكام المواد (33 و35 و92 و94 و97 و99 و100) من الدستور.
وحيث إن المادة السادسة عشرة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم
الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفيـة، تنص على أنـه لا يجوز اتخاذ
إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في
القوانين المذكورة في المادة الثالثة من هذا القانون إلا بناءً على طلب كتابي من
رئيس الهيئة، ويجوز لرئيس الهيئة التصالح عن هذه الجرائم في أية حالة كانت عليها
الدعوى مقابل أداء مبلغ للهيئة لا يقل عن مثلي الحد الأدنى للغرامة، ويترتب على
التصالح انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة التي تم التصالح بشأنها، وتأمر
النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة
الحكم باتًّا .
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 2009 المار ذكره، قد
حددت حصرًا القوانين التي تخضع الجرائم المرتكبة بالمخالفة لأحكامها لقيد الطلب في
تحريك الدعوى الجنائية، والتي يجوز لرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية التصالح
بشأنها وهي: قانون الإشراف والرقابة على التأمين الصادر بالقانون رقم 10 لسنة
1981، وقانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، وقانون الإيداع
والقيد المركزي للأوراق والأدوات المالية الصادر بالقانون رقم 93 لسنة 2000،
وقانون التمويل العقاري الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2001، وقانون التأجير
التمويلي الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1995؛ المستبدل بالقانون رقم 176 لسنة 2018
بإصدار قانون تنظيم نشاطي التأجير التمويلى والتخصيم .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية وهي شرط لقبولها،
مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين
المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية
على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتحدد مفهوم هذا الشرط
باجتماع شرطين، أولهما: أن يقيم المدعي - في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون
عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو
مجهلاً. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه،
بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من
ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق
التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن
إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن
يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها، إذ
لا يُتصور أن تكون مصلحة المدعي في الدعوى الدستورية محض مصلحة نظرية غايتها إعمال
النصوص التي تضمنها الدستور إعمالاً مجردًا، تعبيرًا في الفراغ عن ضرورة التقيد بها،
وما إلى ذلك قصد المشرع بالخصومة الدستورية التي أتاحها للمتداعين ضمانًا لمصالحهم
الشخصية المباشرة ، فلا تعارضها أو تعمل بعيدًا عنها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى الموضوعية تدور رحاها حول
مطالبة المدعي بحقوق نقابية وتأمينية وعمالية، وتعويضه عن الأضرار المادية
والأدبية التي لحقت به، وكانت الأوراق قد خلت من نظر محكمة الموضوع لجريمة مما نص
عليه في القوانين التي حددتها المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 2009 المار
بيانها، أو طعن في قرار أصدره رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية
بالتصالح في جريمة من الجرائم السالفة البيان. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية النص
المطعون عليه لن يكون له أثر أو انعكاس على الحكم في الدعوى الموضوعية، الأمر الذي
تنتفي معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في الدعوى المعروضة، ولزامه القضاء
بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي
المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق