الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 مايو 2023

الطعن 1447 لسنة 33 ق جلسة 9 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 77 ص 752

جلسة 9 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

------------------

(77)

الطعن رقم 1447 لسنة 33 القضائية

مبان - البناء على الأراضي الزراعية - شروط الترخيص به (أراض زراعية) (ترخيص).
المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 والمضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983، والمواد 4، 8، 9 من قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984.
حظر المشرع إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو ما في حكمها من الأراضي البور - أجاز المشرع رعاية لاعتبارات المصلحة العامة استثناء في حالات محددة إقامة مبان أو مشروعات في هذه الأرض وفقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة - هذه الاستثناءات التي حددها المشرع لا يجوز التوسع في تفسيرها بما يؤدي إلى الإخلال بالأصل المقرر من حظر إقامة أية مبان أو منشآت على الأراضي الزراعية - من بين هذه الاستثناءات إجازة إقامة المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة - حدد وزير الزراعة هذه المشروعات بأنها المشروعات التي تتصل بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني - هذا التحديد لا يكفي بمفرده لإجازة إقامة هذه المشروعات بل يشترط في هذه المشروعات أن تحقق خدمة الإنتاج الزراعي أو الحيواني وفقاً لما نص عليه المشرع صراحة - نتيجة ذلك: لا يكفي للتصريح بمثل هذه المشروعات أن تكون متصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي أو الحيواني إذا لم تحقق مثل هذه المشروعات خدمة الإنتاج الزراعي أو الحيواني - إقامة مشروع لطحن الدقيق الناتج عن غلات الأرض الزراعية يتصل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي لأنه يقوم على ما تنتجه الأرض من غلات كما يحقق خدمة الإنتاج الزراعي والحيواني في القرية المصرية في مجالات متعددة - أثر ذلك: يجوز التصريح به لخدمة الإنتاج الزراعي والحيواني وفقاً للشروط والإجراءات المقررة في قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22/ 3/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن السيدين/ محافظ الشرقية ومدير الزراعة بالشرقية بصفتيهما سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 1447 لسنة 33 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة المنصورة) في الدعوى رقم 1013 لسنة 6 القضائية بجلسة 22/ 1/ 1987 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعى عليه الأول المصروفات وانتهت في تقرير الطعن إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات والأتعاب.
وقد تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق وقدم السيد المستشار محمد متولي مفوض الدولة تقريراً مسبباً برأي هيئة مفوضي الدولة القانوني في الطعن وقد رأت هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة بتقريرها الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الطاعن الأول بصفته بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12/ 12/ 1989 وتدوول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 19/ 11/ 1990 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت لنظره جلسة 15/ 12/ 1990 وفي هذه الجلسة حضر الأستاذ/ محمد محمود المحامي وقدم شهادة وفاة المطعون ضدها في 6/ 6/ 1987 وطلب أجلاً لإحضار سند الوكالة من الورثة حيث قدم بجلسة 2/ 2/ 1991 توكيلاً خاصاً رقم 190 ههيا من الورثة وهم....... و........ و...... و...... وبعد أن استمعت المحكمة إلى المرافعة وما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت حجز الدعوى للحكم لجلسة 9/ 3/ 1991 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن مقام من كل من محافظ الشرقية ومدير الزراعة بالشرقية بصفتيهما ومن حيث إنه طبقاً لأحكام قانون الإدارة المحلية فإن المحافظ هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء في مواجهة الغير وليس لمدير الزراعة بالمحافظة أية صفة في تمثيلها أمام المحاكم أو أية جهة أخرى.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإنه يتعين استبعاد السيد مدير الزراعة بالشرقية بصفته عند النظر فيها.
ومن حيث إنه بمراعاة ما سبق فإن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدها قد أقامت هذه الدعوى ابتداء بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 3/ 6/ 1984 وطلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقالت في بيان دعواها إنه أصدر السيد محافظ الشرقية بتاريخ 25/ 3/ 1984 قراراً برفض طلب الترخيص للطالبة بإنشاء مبنى ماكينة طحين بمساحة قيراط من أرضها الزراعية برغم أن هذه الحالة ليست من الأحوال التي يجوز فيها التصريح ونعت على هذا القرار أنه صدر مخالفاً للقانون ومشوباً بالتعسف للأسباب الآتية:
1 - إن التصريح بالبناء في الأرض الزراعية بحكم القانون رقم 53 لسنة 1966 وهو يجيز للمالك أن يبني في الأرض الزراعية إذا كان البناء يخدم الإنتاج الزراعي ولا شك أن ماكينة الطحين وضرب الأرز من المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي.
2 - إن من التعسف حرمان المالكة من استغلال ملكها في حدود القانون والمساحة المراد البناء عليها مساحة قيراط واحد لا تلحق أي ضرر للمصلحة العامة خاصة وأن الأرض تجاور جبانة ولا تصلح للزراعة.
3 - إن اللجنة المشكلة بتفتيش الزراعة بالمركز واللجنة المشكلة بمديرية الزراعة وافقت على التصريح للطالبة ببناء ماكينة على هذه المساحة إلا أن السيد المحافظ انفرد برفض الطلب.
4 - إن الطالبة حصلت على موافقة جهة الري والصرف المغطى والآلات التجارية وبعد ذلك تكلفت نفقات الإنشاء والآلات فأصبحت هذه الأموال معرضة للخطر الموجب لوقف تنفيذه حتى يفصل في الموضوع.
وقدمت المدعية تأييداً لدعواها ثلاث حوافظ مستندات طويت على: 1 - خطاب صادر من مديرية الزراعة بالشرقية مؤرخ 17/ 4/ 1984 برفض الترخيص لها بإنشاء ماكينة الطحين. 2 - صورة نموذج طلب الترخيص بإقامة مبان ومنشآت بأراض زراعية مؤرخ في 11/ 2/ 1984 يفيد موافقة مالك الأرض المراد إقامة البناء عليها على المساحة المطلوبة. 3 - إقرار صادر عن اللجنة الفردية بناحية الأحراز مركز أبو كبير يقر موقعوه بأن المنطقة محرومة من مشروع ماكينة لطحن الحبوب والغلال وأنهم في حاجة إلى المشروع. 4 - صورة ضوئية من عقد بيع مصدق عليه بالشهر العقاري مؤرخ 10/ 3/ 1984 يفيد شراء المدعية لمساحة (12 س 4 ط) بحوض الشوكة/ 3. 5 - صورة ضوئية لكتاب الإدارة العامة للقمح ومنتجاته إدارة المطاحن مؤرخ 13/ 12/ 1984 بأن ليس هناك مانع من إقامة المطحن المشار إليه بشرط توافر الشروط المنظمة لمطافي المواني. 6 - موافقة الهيئة العربية للتصنيع بتاريخ 26/ 2/ 1985 على إقامة المشروع بطاقة إنتاجية 9000 إردب قمح سنوياً، و 6000 إردب ذرة سنوياً مع عدم إقامة المشروع على أرض زراعية إلا بموافقة وزارة الزراعة. وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بتقديم حافظة طويت على صورة من قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 بشأن الحالات التي يرخص فيها بإقامة منشآت على أراض زراعية ومذكرة المستشار القانوني بالرد على الدعوى والتي جاء بها أنه يشترط للموافقة على المشروع أن يكون متصلاً بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني وفقاً للقرار الوزاري المشار إليه وأن يكون مشروعاً إنتاجياً في هذين المجالين وأن ماكينة الطحين المراد التصريح بها ليست من المشروعات المتصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي أو الحيواني بالإضافة إلى أنها ليست مشروعاً إنتاجياً مما يتعين رفض الدعوى.
وبجلسة 12/ 6/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها في الشق العاجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لانتفاء حالة الاستعجال المبرر له، كما أصدرت بجلستها المنعقدة في 22/ 1/ 1987 حكمها المطعون فيه في الشق الموضوعي بإلغاء القرار المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر معيباً بأكثر من عيب من عيوب عدم المشروعية إذ لم يثبت من الأوراق أو في دفاع المحافظ أن الإدارة سلكت الإجراءات التي تضمنها القرار رقم 124 لسنة 1984 بشأن شروط وإجراءات منح ترخيص البناء في الأراضي الزراعية وبصفة خاصة ما يفيد عرض طلب الترخيص على اللجنة الفنية أو اللجنة العليا صاحبتي الاختصاص وفقاً لتشكيل بذاته بالبت في طلبات الترخيص ويكون قرار محافظ الشرقية استناداً إلى رأي المستشار القانوني له سلباً لاختصاص هاتين اللجنتين هذا ومن ناحية أخرى فإن القرار المطعون فيه لم يقم على سببه المبرر له إذ من المقطوع به أن مطحن غلال زراعية يتصل اتصالاً وثيقاً ومباشراً بالإنتاج الزراعي بل إن الترخيص به في أرض زراعية يحقق أكثر نفع يستهدف منه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن مصدر القرار ارتأى بالسلطة المخولة له قانوناً واستناداً إلى الشروط المنصوص عليها بقرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 أن مشروع إقامة ماكينة طحن لطحن الدقيق لا يتصل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي بالإضافة إلى أن طحن القمح (الوارد من الخارج) لا يمثل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي فضلاً عن أن صدور القرار من المحافظ مباشرة ودون عرضه على اللجنتين المنصوص عليهما بالمادة الثامنة من القرار الوزاري المشار إليه لا يعيب القرار لأن العرض عليها لا يكون إلا بعد استيفاء الشروط الأولية للمشروع وإنما كان المشروع الخاص بالمدعية فاقداً لهذه الشروط فلا حاجة لعرضه على اللجنتين المشار إليهما، ولما كان تنفيذ الحكم المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وهي الإضرار بالاقتصاد القومي وسياسة الدولة في الحفاظ على الأرض الزراعية فقد حق وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
وعقب وكيل المطعون ضدها ثم ورثتها على تقرير الطعن بأن المطحن ليس له علاقة إطلاقاً بالقمح المستورد وإنما هو مطحن مواني يقوم الأهالي بتموينه بما يحتاجون من قمح وذرة، كما جاء بموافقة الإدارة العامة للقمح، كما أن طحن القمح بما يجعله صالحاً لإنتاج الخبز هو أول المواد الغذائية التي تحرص الدولة دائماً على أن تجعله خارج الأزمات يضاف إلى ذلك أن المحافظ بإصداره القرار بعدم الموافقة دون موافقة اللجان الفنية التي يطلب قرار وزير الزراعة أن يمر بها الطلب يجعل قراره منه اغتصاب لسلطة هذه اللجان وقد قدم المطعون ضدهم حافظة مستندات طويت على صورة من ترخيص المطحن تنفيذاً للحكم المطعون فيه وصورة من ملف المستندات السابق تقديمها أمام محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن النزاع في هذا الطعن يدور حول مدى اتفاق القرار المطعون فيه برفض إقامة مطحن مع الأحكام المنظمة لجواز إقامة المشروعات استثناء على الأراضي الزراعية، استثناء من قواعد الحظر وفقاً لحكم المادة 152 من قانون الزراعة وقرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984 الصادر تنفيذاً له.
ومن حيث إن نص المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 والمضافة بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أنه "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها، ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، ويستثنى من هذا الحظر: ( أ )....... (د) الأراضي التي تقام عليها مشروعات تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار وزير الزراعة..." كما نصت الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه "يشترط صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" وقد أصدر وزير الزراعة تنفيذاً للحكم المتقدم القرار رقم 124 لسنة 1984 متضمناً شروط وإجراءات منح تراخيص البناء على الأراضي الزراعية ونصت المادة الرابعة منه على أنه "يشترط للترخيص بإقامة المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي والحيواني المنصوص عليها في البند (و) من المادة 152 من قانون الزراعة المشار إليه ما يلي:
( أ ) أن يكون المشروع متصلاً بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني.. أي أن يكون مشروعاً إنتاجياً في هذين المجالين.
(ب) أن يكون المشروع المطلوب إقامته متناسباً في طاقته مع المساحة المطلوب الترخيص بها حسبما تقرره اللجان المختصة المنصوص عليها في هذا القرار.
(ج) الحصول على الموافقات المبدئية على المشروع المطلوب إقامته من الجهات الإدارية المختصة بالمجتمعات العمرانية الجديدة والصحة والصناعة والإسكان والري والطرق والزراعة المختصة وغيرها حسب الأحوال ووفقاً للقوانين والقرارات المنظمة لهذه الجهات وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون هناك مسافات بين المشروعات التي يرخص بها وبينها وبين الكتلة السكنية ويصدر بتحديد هذه المسافات قرار من المحافظ المختص بمراعاة أحكام القوانين المعمول بها.
(د) الإيصال الدال على سداد الرسوم المقررة.
(هـ) موافقة المالك إذا لم يكن الطلب مقدماً من المالك..".
وتضمنت كل من المادتين الثامنة والتاسعة إجراءات الموافقة على الطلبات وذلك عن طريق لجنة فنية بكل مركز برئاسة مدير الإدارة الزراعية وممثلي الوزارات المختصة وتختص بفحص الطلبات وإبداء الرأي فيها ثم ترسل إلى اللجنة العليا بالمحافظة المشكلة برئاسة مدير مديرية الزراعة وتقوم بالبت في الطلبات وتعتمد توصياتها من المحافظ المختص.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المتقدمة أن الأصل هو حظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو ما في حكمها من الأراضي البور إلا أن المشرع رعاية لاعتبارات المصلحة العامة أجاز استثناءً في حالات محددة إقامة مبان أو مشروعات في هذه الأراضي وفقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة، ومن ثم فمثل هذه الاستثناءات التي حددها المشرع لا يجوز أن يتسع في تفسيرها بما يؤدي إلى الإخلال بالأصل المقرر من حظر إقامة أية مبان أو منشآت على الأراضي الزراعية، ومن بين هذه الاستثناءات ما نص عليه في المادة 152 بند 2 المشار إليها من إجازة إقامة المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة، وإذا كان وزير الزراعة قد حدد هذه المشروعات بأنها المشروعات التي تتصل بصورة مباشرة بالإنتاج الزراعي أو الحيواني فإن هذا التحديد لا يكفي بمفرده لإجازة إقامة هذه المشروعات بل يشترط في هذه المشروعات أن تحقق خدمة الإنتاج الزراعي أو الحيواني وفقاً لما نص عليه المشرع صراحة، ومن ثم فلا يكفي للتصريح بمثل هذه المشروعات أن تكون متصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي أو الحيواني إذا لم تحقق مثل هذه المشروعات خدمة الإنتاج الزراعي والحيواني وإلا كان في ذلك خروج على أحكام القانون وهو ما لا يجوز أن يتم بأداة أدنى من التشريع الذي تطلب هذا الشرط.
ومن حيث إنه إذا كان إقامة مشروع لطحن الدقيق الناتج عن غلات الأرض الزراعية هو مما لا شك فيه يتصل اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي لأنه يقوم على طحن ما تنتجه الأرض الزراعية من غلات فإنه فضلاً عن ذلك يحقق خدمة الإنتاج الزراعي والحيواني في القرية المصرية في مجالات متعددة فهو ييسر حصول العمالة الزراعية على الدقيق الذي يعتبر المادة الأساسية في غذائها بما ينعكس ذلك على توجيه طاقتها وجهدها لخدمة الإنتاج الزراعي والحيواني كما أن مخلفات الطحن تعتبر مادة أساسية في غذاء الحيوانات الزراعية بما يساعد على تنمية هذه الثروة الحيوانية ومن ثم فإن هذا المشروع الذي تتحقق منه هذه الفوائد يعتبر من المشروعات التي تندرج في عداد المشروعات التي يجوز التصريح بها لخدمة الإنتاج الزراعي والحيواني وفقاً للشروط والإجراءات المقررة في قرار وزير الزراعة المشار إليه.
ومن حيث إن قرار محافظ الشرقية المطعون فيه بعدم الموافقة على إقامة هذا المطحن لم يقم كما يبين من الأوراق على عدم توافر الإجراءات الواردة بقرار وزير الزراعة إذ الثابت من الأوراق أن هناك موافقة على إقامة المشروع في وزارة البحوث والهيئة العامة للتصنيع كما أن اللجنة القروية بالجمعية التعاونية الزراعية بناحية الاحراز أكدت الحاجة إلى هذا المشروع لعدم وجود مثيل له في هذه الناحية، وإنما الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه يرفض التصريح إنما قام على كون المشروع ليس من المشروعات الإنتاجية المتصلة اتصالاً مباشراً بالإنتاج الزراعي وهو الأمر الذي ثبت عدم سلامته على النحو السابق إيضاحه مما يجعل القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح من القانون، يضاف إلى ذلك أن القرار المطعون فيه صدر من المحافظ دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 124 لسنة 1984 المشار إليه في عرضه على اللجنة الفنية ثم اللجنة العليا للمحافظة للبت في الطلب وهي إجراءات جوهرية أغفلها القرار المطعون فيه ويترتب على هذا الإغفال بطلان القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم عدم مشروعية القرار المطعون فيه لعدم بنائه على سبب صحيح فضلاً عن إغفاله لإجراءات جوهرية كان يجب استيفاؤها قبل صدوره مما يجعله مخالفاً للقانون وواجب الإلغاء وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب فإنه يكون قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ويكون الطعن الماثل على سند غير صحيح من القانون مما يتعين رفضه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً من محافظ الشرقية وحده، وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق