الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 مايو 2023

الطعنان 1875 ، 1914 لسنة 30 ق جلسة 9 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 76 ص 724

جلسة 9 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

---------------------

(76)

الطعنان رقما 1875، 1914 لسنة 30 القضائية

أ - دعوى - إجراءاتها - بطلان صحيفة الدعوى لعدم توقيعها من محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة.
يتعين للقضاء ببطلان إجراء معين ثبوت تحقق سبب البطلان وأن يكون منصوصاً عليه صراحة أو تكون الغاية من الإجراء لم تتحقق حتى الفصل في الدعوى وذلك في حالة عدم النص صراحة على البطلان - لم ينص المشرع صراحة على البطلان في حالة عدم توقيع العرائض المتعلقة بالدعاوى التي تختص بها محاكم مجلس الدولة فيما عدا المحكمة الإدارية العليا - تقديم شهادة تفيد بعدم الاستدلال على اسم المحامي لا يقطع في بيان عدم القيد أصلاً في أحد جداول المحامين غير المشتغلين - تطبيق.
ب - قرار إداري - إلغاؤه - حدود رقابة المحكمة لمشروعية القرار.
لا محل لرقابة القضاء الإداري على الملاءمات التقديرية التي تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند إصدار قراراتها سواء من حيث اختيارها لمحل القرار أو وقت وأسلوب تنفيذه ما لم تنحرف عن الصالح العام - يكون القرار الإداري غير مشروع إذا تنكب غايات الصالح العام أو إذا استند إلى غاية من غايات الصالح العام يكون ظاهراً ومؤكداً أنها أدنى في أولويات الرعاية من غايات قومية أسمى وأجدر بالرعاية وأن الوقت الذي يراد تنفيذه فيه تتعارض مع الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والأمن العام - مثال ذلك: قرار إزالة يترتب عليه تشريد آلاف الأسر وفقدهم مأواهم دون تدبير مساكن بديلة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 12/ 5/ 1984 أودعت شركة المعادي للإسكان والتعمير قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق، كما أنه في يوم الاثنين الموافق 14/ 5/ 1984 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن محافظ القاهرة بصفته تقرير الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق، وذلك طعناً من كل منهما في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 15/ 3/ 1984 في الدعوى رقم 1681 لسنة 38 ق وذلك فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من محافظ القاهرة بإزالة تعديات المطعون ضده وآخرين الواقعة على أرض مملوكة للدولة المعروفة بعزبة خير الله بمنطقة دار السلام، وطلب للأسباب التي ساقها كل منهما في طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغائه مع القضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات، ونظراً لارتباط الطعنين وقيامهما على الطعن في حكم واحد توصلاً إلى إلغائه والقضاء برفض دعوى الطاعنين، لذلك فقد أودع السيد الأستاذ المستشار يحيى نجم مفوض الدولة تقريراً مسبباً برأي هيئة مفوضي الدولة القانوني في الطعنين والذي خلصت في ختامه إلى أنها ترى الحكم: أولاً بعدم قبول الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق المقام من شركة المعادي للتنمية والتعمير مع إلزامها بالمصروفات. ثانياً: في الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق المقام من محافظ القاهرة برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16/ 6/ 1986، وقد نظرت الدعوى في هذه الجلسة وقررت الدائرة ضم الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق إلى الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق ليصدر فيهما حكماً واحداً، وتدوول الطعنان أمام الدائرة ليقوم الطاعنان بإعلان المطعون ضدهما إعلاناً صحيحاً، وإذ لم ينفذ الطاعنان قرار المحكمة حتى جلسة 4/ 5/ 1987 لذلك فقد حكمت المحكمة بجلسة 18/ 5/ 1988 بوقف الدعوى لمدة ستة أشهر إعمالاً لحكم المادة 93 من قانون المرافعات وقد تم تعجيل الطعنين لجلسة 18/ 1/ 1988 واستمر تداول الطعنين أمام الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبتاريخ 10/ 1/ 1990 قامت الشركة الطاعنة بإعلان المطعون ضدهم في الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق بعريضة تدخل انضمامي خلصت في ختامها إلى طلب قبولها خصماً منضماً للجهة الإدارية الطاعنة في الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق، وبجلسة 25/ 7/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) التي حددت لنظره جلسة 27/ 10/ 1990، وقد نظر الطعنان أمام هذه المحكمة في هذه الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة 1/ 12/ 1990، وفي هذه الجلسة أعيدت الدعوى للمرافعة لمناقشة أطراف الخصومة وتقديم بيانات ومستندات، وتدوول الطعنان أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 23/ 2/ 1991، وفي هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 9/ 3/ 1991، وقد صدر الحكم فيها وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهما...... و...... سبق لهما أن أقاما الدعوى رقم 1681 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري وطلبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء القرار وباعتباره عديم الأثر وكأن لم يكن، وقال المدعيان (المطعون ضدهما) في شرح الدعوى أن محافظ القاهرة قد أصدر لصالح المدعى عليها الثانية شركة المعادي للإسكان والتعمير قراراً يقضي بتسليم الأرض المملوكة للدولة المعروفة بعزبة خير الله بمنطقة دار السلام التي يقيم فيها المدعيان وذلك مع هدم ما عليها من منشآت ومبان يبلغ عددها ما يقارب عشرين ألف مسكن ويقطن بها ما يقرب من خمسين ألف نسمة، ولما كان هذا القرار قد صدر معيباً فإنهما يطعنان عليه للأسباب الآتية:
1 - إن القرار يمس آلاف الكادحين الذي أقاموا مساكنهم من أموالهم الخاصة من عشرات السنين ويقيمون فيها بالكاد بما يحفظ كرامتهم ويلم شملهم.
2 - إن المحافظة التي تقوم بالهدم والتشريد سبق لها أن أصدرت قراراً يحمي حيازة هذه الجموع لمبانيهم التي شيدوها على أرض الدولة، وهو القرار رقم 892 بتاريخ 23/ 5/ 1970 الذي قرر عدم إزالة أية تعديات على أرض الدولة اكتفاء بالحصر وتحصيل رسم انتفاع من الشاغلين ونسبة 5% عن المدد السابقة.
3 - سبق للمحافظة أن أصدرت القرار رقم 53 في 29/ 5/ 1973 بالموافقة على بيع مثل تلك الأرض للأفراد طالما أقيمت عليها مبان تشغلها أرواح، وذلك بثمن مقداره 7 جنيهات للمتر، وقد تم تنفيذ هذا القرار في مناطق أخرى بعزبة دسوقي المجاورة لعزبة المدعيين وعزبة ناصر ومنطقة ترب اليهود من ذات منطقة عزبة المدعيين.
4 - إن قرار الإزالة والتشريد المطعون فيه ولد معدوماً لافتقاده شرط المصلحة العامة اللازم لإصدار مثل هذا القرار، إذ لا يعقل أن يتم تشريد عشرات الآلاف من الأرواح وهدم عشرات الألوف من المنازل بما يتناقض مع سياسة الدولة في التعمير، وذلك في سبيل إرضاء شركة لتقسيم الأراضي أو مشروع استثماري، وفي عهد سيادة القانون فإن حماية أعراض النساء وأرواح الأطفال أولى من فكرة عابرة جاشت بفكر من أصدر القرار، وقد أودع المدعيان حافظة مستندات أوردها الحكم المطعون فيه تفصيلاً بينما لم تقدم جهة الإدارة المدعى عليها ثمة دفع أو دفاع في الدعوى.
ومن حيث إنه بجلسة 15/ 3/ 1984 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه قاضياً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأقامت المحكمة حكمها على أسباب حاصلها أنه وإن كان من المسلم قانوناً طبقاً لأحكام المادة 970 من القانون المدني ولأحكام قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 أن للجهة الإدارية حق إزالة ما يقع من تعديات على أملاك الدولة بالطريق الإداري، إلا أن سلطتها في ذلك وإن كانت سلطة تقديرية فإنها تخضع لرقابة القضاء الإداري وقال الحكم إن الأصل في نشاط الإدارة أنه يستهدف الصالح العام، ويكون جوهر وظيفة الإدارة العامة هو إشباع الحاجات العامة تحقيقاً لهذا الهدف، وبالتالي فإنه يجب على جهة الإدارة أن تصدر تصرفاتها بما يراعي ذلك الصالح العام ويناسبه، وأنه وإن استهدف القرار المطعون فيه مصلحة عامة لا ريب فيها قوامها الحفاظ على ملك الدولة، إلا إنه في الجانب الآخر فإن القرار المطعون فيه في استهدافه تحقيق ذلك الوجه للمصلحة العامة يكون قد ضحى بوجه مصلحة عامة آخر يتمثل في وجوب عدم تشريد عدد كبير من المواطنين بأسرهم ومنقولاتهم ومتعلقاتهم، وإذ سيجد ذلك العدد الضخم من المواطنين نفسه من جراء تنفيذ القرار وقد فقد مأواه وحمل متاعه وساق أسرته إلى غير مقر، واستطرد الحكم المطعون فيه فأوضح أن قيام مجتمع من تناولهم القرار واستقراره على أرض الدولة لم ينشأ فجأة أو خفية من جهات الإدارة وأجهزتها، وإنما هي قد أسهمت في وجوده عندما لم تمنعه في بادئ أمره، أما وأنها قعدت عن ذلك ولم تنشط إلى منعه، فإن منعه الآن يعتبر إخلالاً منها بمسئوليتها نحو الحفاظ على المواطنين وتدبير شئونهم وإشباع حاجاتهم، وخلص الحكم إلى أن مؤدى القرار المطعون فيه هو التضحية بوجه المصلحة العامة الكامن في عدم تشريد العدد الضخم من الأفراد الذين يتناولهم هذا القرار والمدعيان منهم، وتغليب وجه مصلحة عامة أخرى عليه، وهو حماية أرض الدولة ورفع التعدي عنها، بينما الوجه الأول أظهر منه وأولى بالرعاية وأجدر بالعناية وأحق بالتغليب ويكون إهماله إخلالاً لا يجوز قانوناً بحكم طبيعة الوظيفة الإدارية، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه قد شابه عوار في الغاية يبدو معه متنكباً صحيح حكم القانون، بعد إذ لم تكشف الجهة الإدارية عن أن قرارها قد استهدف من إخلاء الأرض مصلحة عامة أحق من تلك التي ضحى بها، ويقع من ثم مشوباً بما يرجح معه إلغاؤه عند الفصل في الطلب الموضوعي من الدعوى بالإلغاء، الأمر الذي يتوفر به في طلب وقف تنفيذه ركن الجدية المشروط في إجابته، ولما كان من شأن تنفيذ القرار أن يلحق بالمدعين قطعاً آثار يتعذر تداركها ويصيبهما بأضرار بالغة لا عوض لها، أقلها ما ينكبان فيه من أوضاع مالية ومادية وبعضها أن يصبحا بلا مأوى، ومن ثم يستوفي طلب وقف التنفيذ ما استوجبه القانون للحكم به، ويتعين لذلك القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، هذا علماً بأنه ليس من شأن القضاء بذلك ولا من لازم مقتضاه تكريس ما وقع من المدعيين - أو غيرهم - من وضع يد على مال الدولة بغير سبب قانوني ولا هو إضفاء ضرب من السلامة أو الشرعية عليه، ولكنه قضاء ينصب على مناسبة القرار المطعون فيه إذ اختلطت مشروعيته، ويؤكد بسند من القانون وبالمرد إليه، أن خلق القرار مشكلة واهمة لمن تناولهم من المواطنين، لا يصح أن يكون مقابله مجرد حماية أرض الدولة دون أن تجد حاجة عاجلة إليها لغرض هام وأولي تثبته عناصر الدعوى، ومن غير تدبير أمر هؤلاء المواطنين بوسيلة أخرى، وتدبير أمرهم مصلحة عامة لا محل للإخلال أو التضحية بها بمقتضى القرار في ظروف صدوره وبحجم من تناولهم، وفي ذلك يمكن عواره، وفيه الأساس الذي قام عليه قضاء المحكمة المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعنين فأقام كل منهما طعنه الماثل، وقد أوضحت شركة المعادي للتنمية والتعمير في طعنها رقم 1875 لسنة 30 ق ما مفاده أن الخصومة لم تنعقد بالنسبة لها أصلاً، ذلك أن الثابت من عريضة الدعوى أن المطعون ضدهما قد اختصما أمام محكمة القضاء الإداري شركة المعادي للإسكان والتعمير وهي شركة خلاف الشركة الطاعنة، وعند إعلان عريضة الدعوى فقد وردت إجابة المحضر بأن الشركة الموجودة هي شركة المعادي للتنمية والتعمير، وكان يتعين اختصامها وإعلانها إعلاناً قانونياً صحيحاً، وأنه لما كانت هي المالكة للأرض ولم تختصم في الدعوى ولم تنعقد الخصومة بالنسبة لها ولم يتم لها أن تقدم أي دفع أو دفاع فإن الحكم المطعون فيه يكون معدوماً قانوناً، ولا يعتبر أداة قانونية صالحة للتنفيذ ضدها لأنها تعتبر في حقيقة الأمر من الغير بالنسبة لهذه الخصومة مما يسوغ قانوناً بوقف تنفيذ هذا الحكم وأضافت الشركة أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور إذ قضى بوقف تنفيذ قرار إداري لا وجود له في عالم الواقع ولم يقدمه المطعون ضدهما ويثبتا قيامه أو صدوره، كما تناقض الحكم المذكور في أسبابه، ذلك أنه بعد أن سلم بملكية الدولة للأرض وأن من حقها إزالة أي اعتداء عليها عادت وقالت بأن سلطتها في ذلك هي سلطة تقديرية ويجب أن تستهدف الصالح العام، وأغفلت بذلك نص المادة (970) من القانون المدني عندما غلبت مصلحة المطعون ضدها على المصلحة العامة حيث اعتبرت الأولى مصلحة عامة أولى بالرعاية وعليه فإن المصلحة العامة المعتبرة قانوناً هي التي تستند إلى حق وقانون يحميها، أما المصلحة القائمة على العدوان والغصب فليست مصلحة يقرها القانون.
ومن حيث إن جهة الإدارة أقامت طعنها رقم 1914 لسنة 30 ق على أسباب تخلص في أن من المقرر أن جهة الإدارة حرة في تقدير مناسبة الأمر الإداري وملاءمة إصداره ولا سبيل إلى التعقيب على السلطة التقديرية إلا بعيب إساءة استعمال السلطة، وهو ما لم يقم عليه دليل، كما أن من المسلم به أن المراكز القانونية لا تقوم ولا تكتسب على خلاف أحكام القانون وقد سلم الحكم المطعون فيه بأن المطعون ضدهما لا سند لهما في وضع اليد على الأرض، وأن ذلك قد تم بطريق الغصب والبناء على أملاك الدولة دون أي مسوغ قانوني، وأنه إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد خالف القانون، لأن الغصب والاعتداء مهما طال أمده لا يتولد منه مركز قانوني يحميه القانون، وانتهى الطاعنان إلى طلب الحكم بأحقيتها فيما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إنه بتاريخ 10/ 1/ 1990 تقدمت شركة المعادي للتنمية والتعمير الطاعنة في الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق بطلب تدخل انضمامي في الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق المقام من محافظ القاهرة ضد المطعون ضدهما وقامت بإعلانه إلى المذكورين ومحافظ القاهرة وقالت الشركة في بيان هذا الطلب أن الشركة طالبة التدخل كانت تسمى من قبل "شركة المعادي للإسكان والتعمير" ثم صدر قرار وزير الإسكان والتعمير رقم 50 لسنة 1975 ونص في المادة الأولى منه على تعديل اسم شركة المعادي للإسكان والتعمير إلى شركة المعادي للتنمية والتعمير، وعلى ذلك فإن الأمر لا يتعلق بشركتين مختلفتين حسبما ذهب إلى ذلك تقرير مفوض الدولة، وإنما هو مجرد تغيير لاسم الشركة لا يؤثر في مركزها القانوني، ومن ثم فإن اختصامها باسمها السابق هو مجرد خطأ مادي لا يحول دون عقد الخصومة بالنسبة إليها ولا يجعلها خارجاً عن هذه الخصومة.. لذلك فإنها تعتبر خصماً أصيلاً في الدعوى وإن كان ذلك لا ينفي بطلان الإجراءات اللاحقة لانعقاد الخصومة، وإن كان يتعين تصحيح الخطأ المادي الذي حدث وإعلان الشركة بالدعوى وبالجلسة التي حددت لنظرها، وإذ لم يتم ذلك فإنه أمر يصم إجراءات نظر الدعوى بالبطلان ويؤدي بالتالي إلى بطلان الحكم، ومتى كان فإنه يحق للشركة أن تتدخل خصماً منضماً إلى جهة الإدارة في الطعن المقدم منها عن الحكم المطعون فيه بناء على ما تقرره المادة 218/ 2 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته فإن لم يفعل أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن.." أما إذا قيل بأن الشركة طالبة التدخل ليست خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وأنها تعد خارجة عن الخصومة في هذه الدعوى تمشياً مع رأي مفوض الدولة - وهو رأي غير صحيح - فإنه يحق للشركة في هذه الحالة أن تتدخل في الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق خصماً منضماً للجهة الإدارية الطاعنة عملاً بنص المادة 126 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم" ولا يتصور أن تكون مصلحة الشركة الطالبة محلاً للجدل، ذلك لأن أرض النزاع - محل القرار المطعون فيه بفرض وجوده - مخصصة لهذه الشركة وهي محل نشاطها وعلة وجودها والحكم المطعون فيه فيما قضى به يصيب مصالحها في الصميم، وخلصت الشركة إلى طلب قبول تدخلها مع حفظ كافة حقوقها في إبداء جميع أوجه الدفاع الشكلية والموضوعية.
ومن حيث إنه بجلسة 15/ 1/ 1990 أمام دائرة فحص الطعون أودع الحاضر عن الشركة مذكرة بأوجه دفاعها عرض فيها لمسألة قبول طعن الشركة أمام المحكمة العليا وخلص إلى أن الطاعنة هي خصم أصيل في الدعوى، وقد كانت مدعى عليها فيها وبالتالي لا يصدق عليها وصف الخارج عن الخصومة وأساس ذلك على ما سبق قوله وكما يبين من حافظة مستندات الشركة أنه لا يوجد في حقيقة الأمر شركتان مختلفتان بل شركة واحدة تغير اسمها مع بقاء جميع عناصر مركزها القانوني على حالها، إذ لا يؤدي تغيير الاسم إلى التأثير في مركزها أو النيل من حقوقها ولم يكن الأمر إلا مجرد خطأ مادي في الاسم يتعين معه التصحيح واختصام الطاعنة باسمها الجديد وهو اسمها الحالي، فهو خطأ في الاسم وليس في الشخص لا يمنع من انعقاد المنازعة طالما أن ظروف الحال تكشف عن حقيقة الشخص المراد اختصامه، ومن هنا فلا وجه لعدم قبول الطعن المرفوع منها في الحكم المطعون فيه لأنها خصم أصيل فيها، ونعت الشركة على الحكم المطعون فيه صدوره بناءً على صحيفة دعوى باطلة بطلاناً مطلقاً من النظام العام، ذلك أنه يتضح من نص المادة 25 من قانون مجلس الدولة وقانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 في مواده رقم 10، 37/ 1، 8/ 1، 58، 76 والتي أوردت مذكرة الشركة نصوصها، أن توقع عريضة الدعوى من محام مقبول أمام المحكمة التي ترفع إليها الدعوى، هو إجراء جوهري يجب أن يستكمله شكل العريضة وإلا كانت باطلة، وهذا مبدأ قررته المحكمة الإدارية العليا في العديد من أحكامها، كما أن قانون المحاماة الجديد قد أكد المبدأ سالف الذكر وهو بطلان صحيفة الدعوى التي لم توقع من محام مقيد أمام المحكمة التي ترفع إليها الدعوى، وقد حرص هذا القانون على تعيين هذا المبدأ وتأكيده على نحو يدل على أهمية هذا الحكم، هذا فضلاً عن أنه لا يجوز لمحامي الإدارات القانونية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير الجهات التي يعملون بها، وقد قرر قانون المحاماة الجديد على أهمية هذا الحكم على حتمية البطلان بما لا فكاك منه واستخلصت مذكرة الشركة إلي القول بأن البطلان الناتج عن عدم توقيع صحيفة الدعوى من محام مقبول أمام المحكمة المختصة أو الناتج عن توقيعها من محام بالقطاع العام بالمخالفة لأحكام القانون هو بطلان من صميم النظام العام، وأن تصحيح هذا البطلان يجب أن يتم في ذات مرحلة التقاضي التي اتخذ فيها الإجراء الباطل، أي أمام المحكمة التي قدمت إليها صحيفة الدعوى وقبل صدور حكم فاصل في النزاع، كما أنه من البداهة أن هذا التصحيح يجب أن يتم خلال الميعاد المقرر قانوناً لرفع الدعوى، ومثل هذا البطلان يستتبع لزوماً بطلان جميع الإجراءات اللاحقة حتى الحكم الصادر بناءً عليها، ومتى ثبت ذلك فإن المقطوع به أن صحيفة الدعوى قد أودعت في 31/ 12/ 1983 وأنها موقعة من الأستاذ/ محمد محمد حسن القرش المحامي، والدعوى قد أقيمت في ظل سريان أحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به اعتباراً من 1/ 4/ 1983، في حين أن الصحيفة لم تودع إلا بعد سريانه بتسعة أشهر، ويبين من الشهادة الصادرة من نقابة المحامين بتاريخ 7/ 3/ 1990 أنه بالكشف في جدول المحامين لم يستدل على اسم الأستاذ/ محمد محمد حسن القرش، ولكن يوجد اسم الأستاذ. محمد محمد حسن قرش، وقد أدرج المذكور بالجدول العام بتاريخ 25/ 9/ 1961 وحلف اليمين القانونية بتاريخ 1/ 10/ 1961 وقبل للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 18/ 7/ 1979 علماً بأنه لم يسبق له العمل بمعهد التخطيط القومي.. وكانت الشهادة المؤرخة في 12/ 2/ 1990 الصادرة بدورها من النقابة قد أشارت إلى ذات البيانات المتعلقة بالمحامي محمد محمد حسن قرش وخلصت المذكرة إلى أنه كان يستحيل على هذا المحامي الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى أن يقيد بجدول المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف ومحكمة القضاء الإداري قبل خمس سنوات من 18/ 7/ 1979 تاريخ قيده أمام المحاكم الابتدائية أي أنه كان يستحيل عليه ذلك قبل 18/ 7/ 1984 في حين الدعوى قد أقيمت بصحيفة أودعت في 31/ 12/ 1983 لذلك فقد اجتمعت في صحيفة الدعوى جميع أوجه المخالفة المنصوص عليها في قانون المحاماة من ناحية توقيعها من محام غير مقبول أمام محكمة القضاء الإداري، وهو في ذات الوقت محام يحظر عليه مزاولة أعمال المحاماة إلا في معهد التخطيط القومي، واستطردت المذكرة إلى القول بأن من المقرر أن إعلان عريضة الدعوى وإن لم يكن ركناً في إقامتها أو شرطاً لصحتها إلا أنه إجراء جوهري، كما أنه يتعين إخطار الخصم بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى فإذا تخلف أي من هذين الإجرائين فإن إجراءات الدعوى يكون قد شابها عيب جوهري يبطلها بطلاناً يؤثر في الحكم ذاته الصادر فيها، وقد خالف الحكم المطعون فيه القانون فيما قضى به ضمناً من قبول الدعوى بالرغم من عدم وجود قرار إداري يرد عليه الطعن، فلا يوجد قرار إداري في هذه المنازعة وإنما توهم المطعون ضدهما وجوده، بل أنه بافتراض قيامه فإنه لا يعتبر قراراً إدارياً ترد عليه دعوى الإلغاء ذلك لأنه سبق تخصيص هذه الأراضي للمشروعات التي تنفذها الشركة الطاعنة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقمي 1187 لسنة 1972، 1420 لسنة 1974، ولقد يصح أن يكون كل من هذين القرارين قراراً إدارياً، لكن قرار المحافظ بتسليم تلك الأراضي للطاعنة هو مجرد تنفيذ لمقتضى تخصيصها لتلك المشروعات، فليس فيه إفصاح عن إرادة ملزمة وليس له بذاته أثر قانوني أو يرتب أي مركز قانوني، ومن المسلم به وبتعبيرات المحكمة الإدارية العليا أنه من اللازم قبل أن تتصدى المحكمة لبحث طلب وقف التنفيذ أن تفصل صراحة في بعض المسائل الفرعية مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد لأن القرار المطعون فيه ليس نهائياً وحتى لا يحمل قضاؤها في موضوع الطلب المستعجل قبل البت في هذه المسائل على أنه قضاء ضمني برفضها، ولقد خالف الحكم المطعون فيه القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله على النحو التالي:
أ - أقحم الحكم نفسه في عمق السلطة التقديرية لجهة الإدارة دون قيام شبهة تشير إلى وجود انحراف بهذه السلطة وأحل نفسه محل جهة الإدارة وهذا مسلك مرفوض حسبما قرره القضاء الإداري من فجر إنشائه حتى الآن.
ب - أخطأ الحكم فيما ذهب إليه من اعتبار حماية مراكز المعتدين مصلحة عامة على الرغم من عدم قيام أية علاقة قانونية تخول المطعون ضدها حيازة الأرض محل المنازعة أو البناء عليها وهكذا غلب تقديره حماية التعدي على حماية الحق.
ج - أخطأ الحكم عندما أخذ بأقوال المطعون ضدهما من أن المباني القائمة عشرون ألف مسكن وأنه يقطنها خمسون ألف نسمة، وهذا قول لم يقم عليه دليل وكان يتعين على المدعيين تقديم ما يفيد ذلك.. ولقد تأثر الحكم بهذا القول فيما بسطه من حماية لهذا العدد المهول، وهو خطأ فاحش لأن أحداً من هؤلاء لم يستفت المحكمة أو يلجأ إليها سوى المدعيين وبديهي أنهما لا ينوبان عن هذا الجمع الكبير.
د - وأخطأ الحكم حين اعتبر أن هدف القرار المطعون فيه - إن كان ثمة قرار - هو فقط حماية أرض الدولة من التعدي، ويتبدى خطأ هذا القول في إغفال ما أثبتته الأوراق من صدور قرارات جمهورية بتخصيص هذه الأرض لتتولى الشركة الطاعنة تعمير المنطقة واستغلالها وإجراء تقسيمها وفقاً للأسس العلمية في التخطيط وإنشاء المجتمعات العمرانية على أسس غير عشوائية وفقاً لتخطيط علمي سليم.. وإذا كان تعمير تلك الأراضي يتم بناء على تلك الأسس التزاماً بقوانين التخطيط العمراني، فكيف يقال بحماية تعدي على هذه الأراضي يتحصل شغلها دون تنظيم ولا تخطيط ببعض العشش أو المباني الحقيرة التي يتألف المبنى فيها من حجرة أو حجرتين، الأمر الذي يفسد تخطيط المنطقة من أساسه.. خاصة إذا روعي أن الشركة التي تقوم بالتعمير ليست مجرد شركة لتقسيم الأراضي أو مشروع استثماري على ما ذهب إليه المدعيان، بل هي شركة قطاع عام تقوم على تنفيذ مشروع اقتصادي وفقاً للسياسة العامة للدولة، لقد أخطأ الحكم المطعون فيه في الموازنة التي أجراها بين أوجه مصلحة عامة توهمها وحقيقة القائم هو مصلحة عامة واحدة واضحة هي حماية أرض الدولة والتمكين من تخطيطها وتعميرها بما يكفل توفير المساكن بصفة عامة ومساكن محدودي الدخل بصفة خاصة.. ولقد يجدر أن نشير إلى أن المنطقة التي تقع بها أرض النزاع قد تعرضت لتعديات شتى ولكن جهة الإدارة كانت لها بالمرصاد، لذلك توالت صدور قرارات إزالة التعديات ومن ذلك على سبيل المثال قرار محافظ القاهرة رقم 26 بتاريخ 18/ 2/ 1976 وغيره، وكذلك خالف الحكم المطعون فيه استقرار القضاء الإداري في هذا الخصوص، إذ قد درج على رفض طلبات وقف تنفيذ القرارات الصادرة بإزالة التعدي على المنطقة التي تقع بها أرض النزاع.. وخلصت الشركة الطاعنة إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يقضى في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء في الدعوى بما يأتي:
بصفة أصلية ببطلان صحيفة الدعوى.
وبصفة احتياطية بعدم قبول الدعوى.
ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق المقام من شركة المعادي للتنمية والتعمير فإن الثابت من الإطلاع على تقرير الطعن أنه قد أقامته على قول منها إن الثابت من عريضة الدعوى أنها لم تختصم أصلاً في الدعوى لأن المطعون ضدهما قد اختصما شركة المعادي للإسكان والتعمير وهي شركة خلاف الشركة الطاعنة لأن الأخيرة هي خلف الأولى بحيث صارت لا وجود لها قانوناً، وقد وردت إجابة المحضر أن الشركة التي حددها المدعيان لم تعلن وأنه بذلك تكون الشركة الطاعنة لم تختصم في الدعوى ولم تنعقد خصومة بالنسبة لها ولم تمثل في الخصومة غير المنعقدة بالنسبة لها، لذلك فلم تحضر جلسات الدعوى ولم تبد ثمة دفوع أو دفاع ولم تقدم أية مستندات، وبذلك يكون الحكم منعدماً بالنسبة إليها، وقد عادت الشركة الطاعنة وقررت في مذكرة دفاعها المفصلة أن الأمر لا يتعلق بشركتين مختلفتين، وإنما هو مجرد تغيير لاسم الشركة لا يؤثر في مركزها القانوني.. وبذلك يكون اختصام الشركة باسمها السابق هو مجرد خطأ مادي لا يحول دون عقد الخصومة بالنسبة لها ولا يجعلها شخصاً خارجاً عنها.. وأنها بذلك تعتبر خصماً أصيلاً.. ولكن الأمر كان يتطلب تصحيح هذا الخطأ المادي بإعادة إعلانها بالاسم الجديد وإخطارها بالجلسة فإذ لم يحدث ذلك فإنه يضفي البطلان على الإجراءات اللاحقة.
ومن حيث إنه وأياً ما كان وجه القول في انصراف نية المدعيين إلى اختصام شركة المعادي للإسكان والتعمير أو إلى اختصام شركة المعادي للتنمية والتعمير، وأن الأخيرة هي خلف للأولى، ومع مسايرة منطق الطعن المقدم من الشركة بقولها إن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ مادياً كان يستوجب التصحيح ويترتب على عدم إجرائه البطلان فإن المحصلة النهائية في كل ما وقع في هذا الخصوص قد انتهت إلى أن الشركة الطاعنة لم تختصم قانوناً أمام محكمة القضاء الإداري، فهي لم تعلن ولم تخطر بالجلسة ولم تقدم ثمة دفع أو دفاع، وظلت بعيدة عنها غير ماثلة في الدعوى التي تدوولت على أساس اختصام شركة المعادي للإسكان والتعمير التي لم يعد لها وجود، وقد صدر الحكم والشركة الطاعنة غير مختصمة فيها خارجة عنها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة ممن لم يكن طرفاً في الدعوى ولم يكن قد أدخل فيها، وإنما يتعين عليه في هذه الحالة متى مس الحكم مصلحة له أن يلجأ إلى طريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه (يراجع في هذا الحكم الصادر من الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 في الطعن رقم 3387 لسنة 29 ق المنضم إلى الطعن رقم 3382 لسنة 29 ق) وعلى ذلك فإنه يتعين الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر هذا الطعن ويتعين إحالته إلى المحكمة التي أصدرت الحكم وهي محكمة القضاء الإداري لنظره إذا ما توافرت قيود وشروط اعتباره التماس بإعادة النظر طبقاً لأحكام القانون.
ومن حيث إنه عن طلب شركة المعادي للتنمية والتعمير التدخل الانضمامي في الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق عليا، فإن المادة 126 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة وإن كان يجري أن حق المتدخل في التدخل الانضمامي إنما يقتصر على مجرد تأييد أحد طرفي الخصومة الأصليين بما يترتب على ذلك من أنه لا يجوز له أن يتقدم بطلبات تغاير طلبات الخصم الذي تدخل لتأييده، وبحيث يجوز له أن يبدي وجوه دفاع تأييداً لطلباته، ومن ثم تقتصر وظيفة المحكمة على الفصل في موضوعها، إلا أن المتدخل الانضمامي يجوز له أن يتمسك بأي دفع موضوعي أو شكلي، أو بعدم القبول ولو لم يتمسك به الطاعن ما لم يكن قد سقط حق الآخر في الإدلاء به، فالمتدخل الانضمامي هو خصم في الدعوى إذا ما قبل تدخله وتقوم مصلحته في اتخاذ ما يراه من إجراءات في التمسك بما يرى التمسك به من دفوع فهو في بداية الأمر وقتها يعمل باسمه هو لأنه لا يمثل الخصم الذي تدخل إلى جانبه ولا يحل محله.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الشركة طالبة التدخل قد سبق أن صدر لصالحها القراران الجمهوريان رقما 1187 لسنة 1972، 1420 لسنة 1974 على التوالي بتخصيص مساحات من الأراضي لها لتقيم بعض المشروعات عليها في إطار تخطيط عمراني مقرر ومعلوم، وقد أوردت ما مفاده أن أرض النزاع تقع في هذه المساحة، الأمر الذي يقيم لها بحسب ظاهر الأوراق مصلحة حالة أو محتملة في طلب إلغاء الحكم المطعون فيه، ويكون طلب التدخل الانضمامي المقدم منها في هذه المرحلة من مراحل النزاع مقبولاً ويتعين الحكم بذلك.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الشركة المتدخلة ببطلان صحيفة الدعوى بطلاناً من النظام العام وذلك استناداً إلى أن المحامي الذي أقام الدعوى نيابة عن المطعون ضدها ووقع عريضتها لم يكن مقيداً أمام محاكم الاستئناف والقضاء الإداري، وأنه كان محامياً بمعهد التخطيط القومي عند إقامة الدعوى، فإن الثابت من صحيفة الدعوى أنها تحمل خاتم وشعار مكتب السيد/ محمد محمد حسن القرش المحامي بالاستئناف العالي، وقد تقدم الحاضر عن الشركة المتدخلة بشهادتين صادرتين من نقابة المحامين أولاهما مؤرخة في 2/ 2/ 1990 وقد ورد بها أنه بالكشف من جدول المحامين اتضح أن اسم الأستاذ المرحوم محمد محمد حسن قرش أدرج بالجدول العام بتاريخ 25/ 9/ 1961، وحلف اليمين القانونية بتاريخ 1/ 10/ 1961 وقبل للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 18/ 7/ 1979 علماً بأنه لم يسبق له العمل بمعهد التخطيط القومي.. كما ورد بالشهادة الثانية المؤرخة في 7/ 3/ 1990 ما نصه: "بالكشف في جدول المحامين لم يستدل على اسم الأستاذ/ محمد محمد حسن القرش ولكن يوجد اسم الأستاذ محمد محمد حسن قرش وبياناته كالآتي أدرج بالجدول العام بتاريخ 25/ 9/ 1961، وحلف اليمين القانونية بتاريخ 1/ 10/ 1961، وقبل للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 18/ 7/ 1979 علماً بأنه لم يسبق له العمل بمعهد التخطيط القومي.." ويبين مما تقدم أن الشهادة الأولى قد صدرت متضمنة بيانات تتعلق بالسيد/ محمد محمد حسن قرش، بينما أن المحامي الموقع على عريضة الدعوى يدعى محمد محمد حسن القرش، وعلى ذلك فإنه يتعين إطراح هذه الشهادة المؤرخة 12/ 2/ 1990 لأنها لا تحمل في ذاتها ما يفيد أو يقطع بأن السيد/ محمد محمد حسن القرش رافع الدعوى هو المقصود بهذه الشهادة وأن ما تضمنه بياناتها يتعلق به لأن هناك خلافاً في الاسم الرابع، فرافع الدعوى يسمى القرش بينما صدرت الشهادة عن قرش والفارق واضح في أداة التعريف مما يجعل المحكمة لا تطمئن لهذه الشهادة وترى إطراحها والالتفات عنها، كما أن المحكمة تلاحظ أن بالنسبة للشهادة الثانية المؤرخة في 7/ 3/ 1990 فإنها قد أشارت إلى أنه بالكشف في جدول المحامين لم يستدل على اسم الأستاذ/ محمد محمد حسن القرش، وإنما يوجد اسم محمد محمد حسن قرش، وسجلت الشهادة ذات البيانات المتعلقة بالمذكور حرفياً كما وردت في الشهادة الأولى.
ومن حيث إنه وأياً ما كان وجه القول في حقيقة الجدول الذي يمكن أن يكون مقيداً فيه المحامي محمد محمد حسن القرش الذي أقام الدعوى.. فإن المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن: "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي" ومقتضى هذا النص على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أنه يتعين كأصل عام عدم الأخذ بإجراءات قانون المرافعات المدنية والتجارية أو أحكامه أمام القضاء الإداري إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة مع مراعاة عدم تعارض ذلك مع أوضاعه الخاصة وطبيعة المنازعة الإدارية بمعناها الواسع.
ومن حيث إن المادة 25 من قانون مجلس الدولة الواردة في الفصل الثالث الخاص بالإجراءات أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية تنص على أن: "يقدم الطلب إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام تلك المحكمة، وتتضمن العريضة عدا البيانات العامة المتعلقة باسم الطالب ومن يوجه إليه الطلب وصفاتهم ومحال إقامتهم موضوع الطلب وتاريخ التظلم من القرار إن كان مما يجب التظلم منه.. ويعتبر مكتب المحامي الموقع على العريضة محلاً مختاراً للطالب، كما يعتبر مكتب المحامي الذي ينوب عن ذوي الشأن في تقديم ملاحظاتهم محلاً مختاراً لهم، كل ذلك إلا إذا عينوا محلاً مختاراً غيره". كما تنص المادة 44 من هذا القانون الواردة في الفصل الخاص بالإجراءات أمام المحكمة الإدارية العليا على أن: "ميعاد رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، ويقدم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأعمال الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن، وطلبات الطاعن، فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه". وحيث إنه يبين من هذين النصين وغيرهما من نصوص وردت في شأن الإجراءات أمام محاكم مجلس الدولة بدرجاتها المختلفة أن قانون مجلس الدولة قد تضمن بعض القواعد الإجرائية الخاصة التي تضمنتها نصوص خاصة تكون فقط هي الواجبة الإعمال باعتبار أنها تشكل في مجموعها وإلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي تنظيماً خاصاً واجب الإعمال لاتفاقه مع طبيعة المنازعة الإدارية وقد حددت المادة 25 سالفة البيان إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وشرطت أن تكون عريضة الدعوى التي تودع قلم كتاب المحكمة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمامها دون أن ترتب البطلان صراحة على عدم مراعاة ذلك، بينما جاء نص المادة 44 من القانون فنص على بطلان تقرير الطعن إذا لم يوقع تقرير الطعن من محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه فإن المشرع لم ينص على الحكم ببطلانه صراحة وهكذا فقد أغفل القانون النص على الحكم بالبطلان في هذه الحالة ليس لأنه لا تبطل العريضة بإغفال الإجراء وإنما لعدم جسامته على نحو ما قدره المشرع في تقرير الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لما هو ظاهر من ضرورة توفر درجة من الخبرة والكفاءة يتم الطعن أمامها.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالبطلان على صحيفة الدعوى على أساس أن الدعوى خاضعة لأحكام قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعمول به اعتباراً من 1/ 4/ 1983 بينما تم رفع الدعوى بعد ذلك بتسعة أشهر، وأن موقع الصحيفة الأستاذ/ محمد محمد حسن القرش كان في ذلك الوقت مقيداً بجدول المحامين أمام المحاكم الابتدائية كما أنه كان محامياً بمعهد التخطيط القومي، ولذلك ما كان يجوز له الحضور أو توقيع صحف الدعاوى لآحاد الناس.
ومن حيث إنه وفقاً للمبادئ العامة الحاكمة للإجراءات والمرافعات في التداعي عموماً وبصفة خاصة أمام محاكم مجلس الدولة، وأن هذه الإجراءات قصد بها المشرع تنظيم وحماية النظام العام وكفالة حق الدفاع الذي هو دستوري وأساس لكل مواطن أمام المحاكم وفقاً لنص المادة 69 من الدستور سواء بالإحالة أو بالوكالة وهو مكفول للكافة بل أنه تعين أن يكفل القانون لغير القادرين مالياً الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم وذلك تفريعاً على أن الأصل الدستوري المسلم به أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وأن الدولة تخضع للقانون (المواد 64، 65 من الدستور) وأنه لتحقيق ذلك يتعين أن يكون التقاضي حق مضمون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وهو ما تقضي به صراحة أحكام المادة 68 من الدستور بل أن على الدولة أن تكفل تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص في أي قانون على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه فإنه بتطبيق المبادئ العامة للبطلان المقررة في قانوني مجلس الدولة والمرافعات المدنية والتجارية فإنه يتعين للقضاء ببطلان إجراء معين وبصفة خاصة في المنازعات الإدارية التي تختص بها محاكم مجلس الدولة وعلى الأخص في دعاوى الإلغاء التي تقوم على مبدأ المشروعية وسيادة القانون الذي يمثل أساساً حاكماً للنظام العام في الدولة بجميع سلطاتها وأجهزتها أن تثبت بيقين تحقق سبب البطلان، وأن يكون منصوصاً على تقريره صراحة في القانون أو أن لا تحقق الغاية من الإجراء الباطل حتى الفصل في الدعوى إذا لم يكن ينص المشرع صراحة وبصفة جازمة على هذا البطلان.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإنه حيث إن الثابت أن المشرع لم ينص على البطلان صراحة في حالة عدم توقيع العرائض المتعلقة بالدعاوى التي تختص بها محاكم مجلس الدولة فيما عدا المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الشهادتين المقدمتين قد تضمنتا بيانات يتضح منها ما يلي: أن هذه البيانات تتعلق بالأستاذ محمد محمد حسن قرش المحامي وهو محام صاحب مكتب ثابت له عنوان أوضحته الشهادتين بينما رافع الدعوى هو الأستاذ محمد محمد حسن القرش، كما أن الأول لم يسبق له العمل في معهد التخطيط القومي، ومن باب أولى فلا يجوز القول بأن السيد/ محمد محمد حسن القرش هو المقصود بذلك لأن الشهادة الثانية السابق الإشارة إليها قد أوردت أنه لم يستدل في جدول المحامين على هذا الاسم، والثابت في يقين هذه المحكمة أن السيد/ محمد محمد حسن القرش شخص آخر غير السيد/ محمد محمد حسن قرش، ولا يمكن الجزم بأنهما شخص واحد لاختلاف الاسم الرابع، كما أن التعبير الذي استخدمته الشهادة الثانية بقولها إنه لم يستدل عليه هو تعبير لا تطمئن معه المحكمة للجزم بأن الأستاذ محمد محمد حسن القرش الذي أقام الدعوى تابعها حتى صدور الحكم فيها ليس مقيداً أصلاً في أحد جداول المحامين، فالعبارة الواردة في صدر الشهادة بعدم الاستدلال لم توضح ما إذا كان عدم الاستدلال عليه قد حدث في جدول المحامين العام أو في جدول المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية أو النقض أو جدول العاملين في القطاع العام أو جدول غير المشتغلين، وأمام مثل هذا الغموض في القول ومع خطورة هذه المنازعة التي تتعلق بأمر يتوقف عليه مصير عشرات تلك الآلاف من المواطنين المصريين قاطني أرض النزاع فإن المحكمة في ضوء القواعد المقررة في قانون مجلس الدولة وما تضمنه من تنظيم خاص لإجراءات رفع الدعوى ولتعلقها بالمشروعية وسيادة القانون تطرح هاتين الشهادتين غير الدالتين بوضوح وقطع ويقين على حالة المحامي موقع العريضة مع الأخذ بظاهر الأوراق التي تفيد أن المطعون ضدهما قد تعاملا بحسن نية مع أحد المحامين الذي أعلن عن نفسه محامياً بالاستئناف وأقام الدعوى على هذا الأساس واستمر الأمر كذلك دون اعتراض من أحد أو ثبوت عدم توفر هذه الصفة حتى صدور الحكم الطعين مما يتعين معه حمل الأمر على محمل الصحة والسلامة التي لا يمسها تلك الشهادات غير الدقيقة أو الحاسمة المشار إليها وبصفة خاصة لأن الأمر يتعلق بمنازعة إدارية لها خطرها ووزنها وتوجب التصدي بالفصل فيها لإظهار وجه الحق ولإعلاء كلمة القانون وسيادته ورعاية للشرعية والمشروعية واستقرار المراكز القانونية.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن هذا الدفع يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع والقانون خليق بالرفض.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على حافظة مستندات المطعون ضدها المقدمة بجلسة 6/ 11/ 1989 أنها قد تضمنت شهادة رسمية صادرة من شركة توزيع كهرباء القاهرة بتاريخ 22/ 8/ 1989 بناء على قرار صادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1029 لسنة 41 ق، وثابت فيها أن عدد المنازل التي تم توصيل الكهرباء إليها بعزبة خير الله يبلغ 8650 مسكناً (ثمانية آلاف وستمائة وخمسون مسكناً) كما تضمنت الحافظة 24 كشفاً يتضمن كل كشف منها أسماء بعض القاطنين في هذه المنطقة التي تبلغ في المتوسط حوالي 60 اسماً في كل كشف، وهي كشوف مرسلة من حي مصر القديمة والمعادي إلى مرفق مياه القاهرة بطلب إدخال المياه لمنازل المذكورين تنفيذاً للأحكام التي حصلوا عليها وهو يكشف بدوره عن تلك الأعداد الضخمة التي تقطنت هذه المنطقة، كما تضمنت حافظة المستندات المقدمة بجلسة 19/ 1/ 1991 صورة من كتاب نائب محافظ القاهرة المرسل إلى مكتب السيد رئيس الوزراء بتاريخ 29/ 3/ 1986 ويفيد فيه أن الأرض التي تقع بها هذه التعديات تقع بمناطق عزبة خير الله واسطبل عنتر.. وأن هذه المناطق تقع في امتياز شركة المعادي للتنمية والتعمير وتبلغ مساحتها 1000 فدان يقطنها حوالي ستون ألف نسمة (60.000) يشغلون مبان بالطوب الأحمر وأسقف خرسانية وخشبية بعضها من طابق واحد والبعض الآخر من طابقين، وذكر نائب المحافظ أنه قد أرجى النظر في تنفيذ هذه القرارات الصادرة بإزالة التعديات على تلك المناطق، وقد أخطرت مديرية أمن القاهرة لعمل الدراسات الكافية بإمكانية تنفيذ هذه القرارات من الناحية الأمنية، كما أشار الكتاب إلى أنه تجرى حالياً دراسة وتخطيط وتعمير منطقة الفسطاط والتي تدخل في نطاقها تلك المناطق بالتنسيق مع وزارة الإسكان ومحافظة القاهرة وشركة المعادي للتنمية والتعمير.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم بما لا يدع مجالاً لأي شك أن أرض النزاع يقطنها عدد من السكان يبلغ في تقدير جهة الإدارة في مارس 1986 حوالي ستين ألف نسمة من المواطنين المصريين وأنه قد صدر قرار بإزالة التعدي على هذه الأرض ولكن رأت المحافظة إرجاء تنفيذه لما قد ينجم عنه من مشاكل أمنية يتعين دراستها والتروي بشأنها وحتى تنتهي الدراسات الخاصة بمنطقة الفسطاط وأرض النزاع داخلة فيها.
ومن حيث إن الماثل في وقائع الدعوى بحسب ظاهر الأوراق أن الأرض التي يقيم المطعون ضدهما وآخرون في مساكن أقاموها بها هي: أرض مملوكة للدولة صدرت قرارات جمهورية في عامي 1972، 1974 على التوالي بتخصيصها لشركة المعادي للتنمية والتعمير بهدف إعادة تخطيطها وتعميرها وبناء مساكن عليها، وأنه لا توجد علاقة قانونية من نوع ما تخولهم حيازة تلك الأرض والبناء عليها، وأن القرار المطعون فيه منذ عام 1983 اقتضى إزالة المساكن بما يترتب على ذلك من طردهم من الأرض.
ومن حيث إن أوراق الدعوى تكشف عن أن هدف هذا القرار وغايته هي حماية الأرض ملك الدولة والحرص عليها ومنع غصبها أو الاستحواز عليها دون سند قانوني واسترداد الأرض من حائزها لتسليمها إلى الخصم المنضم شركة المعادي للتنمية والتعمير والتي خصصت لها هذه الأرض منذ عامي 1972، 1974 على التوالي لتدخلها في المخطط العام لتعمير المنطقة وإعادة تخطيطها وبناء مساكن عليها.
ومن حيث إن تلك غاية يظهر منها من غير شك وجه مصلحة عامة لا ريب فيه قوامه الحفاظ على أرض الدولة والعمل على التعمير وفقاً للأسس العلمية للتخطيط بكل ما ينطوي عليه ذلك من فوائد للمجتمع العمراني، إلا أنه وفي الجانب الآخر - وكما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بحق - فإن تنفيذ القرار وإن استهدف تحقيق ذلك الوجه للمصلحة العامة سوف يترتب عليه هدم آلاف المنازل وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين بأسرهم ومنقولاتهم على النحو الذي كشفت عنه الأوراق بيقين ولا خلاف عليه.
ومن حيث إنه وإن كان صحيحاً أنه لا محل لرقابة من القضاء الإداري على الملائمات التقديرية التي تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند إصدار قراراتها سواء من حيث اختيارها لمحل القرار أو وقت وأسلوب تنفيذه ما دام أن ذلك يكون في إطار من الشرعية وسيادة القانون وذلك ما لم تتنكب الإدارة الغاية وتنحرف عن حقيقتها إلى غاية أخرى لم يقصدها المشرع عندما خولها تلك السلطة التقديرية أو تتعمد تحقيق غايات خاصة لا صلة لها بالصالح العام إلا أن ذلك يتعين ألا يغفل عن أن السلطة القضائية وبين أركانها الأساسية محاكم مجلس الدولة مسئوليتها الأولى إقامة العدالة وحماية الشرعية والمشروعية وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة المشروعة للمصريين (المواد 165، 166، 172، 64، 65، 68 من الدستور) وفى إطار ما أوردته نصوص الدستور والقانون من أصول ومبادئ عامة حاكمة لنظام الدولة والمجتمع وغايات الصالح العام القومي وترتيب أولويات تلك الغايات وفقاً لمقتضيات السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والشرعية والمشروعية والنظام الاجتماعي وتكافؤ الفرص لجميع المصريين وعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، ومنع الاستغلال غير المشروع (المواد 3، 4، 7، 8 من الدستور) وكذلك رعاية وحماية ما تلزم الدولة والإدارة العامة بتحقيقه في خططها وسياساتها وعملها اليومي في تصريف الشئون الإدارية للبلاد من حماية الأسرة وطابعها الأصيل وما تقوم عليه من قيم قوامها الدين والأخلاق والوطنية والالتزام برعاية الأخلاق وحمايتها (المواد 11، 12 من الدستور) وكفالة الدولة للخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية المادة 16 والالتزام في ذات الوقت بأن الملكية الخاصة مصونة في حدود الدستور والقانون وأنها تتمثل في رأس المال غير المستغل الذي ينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفى إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال وكفالة ألا تتعارض في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب (م 32، 34) من الدستور، وأن للمساكن الخاصة حرمة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون وهي كذلك لا يسوغ هدمها وإزالتها إلا طبقاً لأحكام القانون ولتحقيق الصالح العام ودون الاعتداء على الحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين التي تكون جديرة بالحماية والرعاية ولها الأولوية على اعتبارات وملائمات الصالح العام المتعلقة بالإزالة والهدم فالصالح العام يندرج في الأهمية تدرجاً تشبه التدرج في مراتب الأدوات التشريعية المختلفة، فالصالح القومي الأعلى المتمثل في حماية كيان ووجود الدولة والمجتمع من العدوان من الخارج أو الداخل يسمو على الصالح العام الأدنى مرتبة ويعلو المصالح الخاصة بالأفراد، ومصالح وحريات جماعة غير محدودة من المواطنين تعلو مصلحة فرد أو عدد محدود وهكذا وطبقاً لهذا التدرج في مراتب الصالح العام يتعين على الإدارة العامة أن تختار محل قراراتها وتوقيت تنفيذها ولا رقابة عليها ما لم تهدر الصالح القومي وخاصة لو نص عليه في الدستور والقانون لصالح مصالح أدنى.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف جميعه فإنه ليس فقط تتحقق عدم المشروعية للقرار الإداري بأن يتنكب غايات الصالح العام التي يحددها القانون وينحرف عنها وإنما أيضاً يكون القرار الإداري غير مشروع إذا استند إلى غاية من غايات الصالح العام يكون ظاهراً أو مؤكداً أنها أدنى في أولويات الرعاية من غايات وصوالح قومية أسمى وأجدر بالرعاية وترتبط بالقيم والمبادئ الأساسية للمجتمع، وتكون أساساً لسلامة الكيان القومي إذا تعارضت غاية القرار في الظروف والتوقيت الذي يراد تنفيذه فيه مع السلامة القومية العليا أو مع الوحدة الوطنية أو مع السلام الاجتماعي أو الأمن العام كان القرار غير مشروع.
ومن حيث إنه لا شك يؤكد هذا المبدأ أو ذلك التفسير لأحكام الدستور وحدود المشروعية ما هو مسلم به من مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع طبقاً للمادة 5 من الدستور من أن دفع الضرر مقدم على جلب المنافع وأن الضرورات تبيح المحظورات، وأن الضرورة تقدر بقدرها عند التصرف لرفعها.
ومن حيث إنه بمراعاة الالتزام بما سبق جميعه من أسس للمشروعية والشرعية أساسها صريح نصوص الدستور والمبادئ العامة الحاكمة للنظام العام للدولة والمجتمع المصري فإنه حيث إنه لا خلاف على أنه سوف يترتب على تنفيذ القرار الخاص بتسليم الأرض والإزالة والهدم للمباني والمساكن القائمة عليها تشريد عشرات الآلاف من الأفراد والأسر نتيجة فقد المأوى الوحيد لهم إلى غير مقر بكل ما ينطوي عليه ذلك من إهدار للأسس والقيم العامة التي يقوم عليها المجتمع من رعاية للأسرة وللأخلاق وحمايتها بين عشرات الآلاف من المواطنين وتمزيق للتضامن الاجتماعي وإثارة لمكامن السخط والحقد وخروج بالملكية الخاصة عن أداء وظيفتها الاجتماعية وبالتالي من تحقيق الخير العام للشعب إلى التحطيم لحياة عشرات الآلاف من المواطنين دون ضرورة ملجئة تدعو إلى ذلك، بل أن لذلك احتمالات مؤكدة لقيام خلل في الأمن العام لا يعرف مداه أو إيجابيته وقد استشعرته جهة الإدارة بعد صدور القرار وأشارت إليه في كتاب نائب محافظ القاهرة المرسلة إلى مكتب رئيس الوزراء، ومن هنا كان وجه المصلحة العامة القومية في عدم التسبب في نشؤ وجود هذه الظواهر الخطيرة بشقيها الإنساني والأمني بتنفيذ القرار محل النزاع وخاصة أن وجود التجمع السكاني الذي يحطمه ويهدر كيانه القرار المذكور واستقراره على أرض الدولة المخصصة لشركة المعادى للتنمية والتعمير منذ حوالي 18 عاماً، لم ينشأ فجأة وعلى حين غرة أو خفية من جهات الإدارة وأجهزتها والشركة التي خصصت لها الأرض ولكنه مجتمع سكاني نشأ على مدى زمني طويل أمامها، وهو ما لم يتم في الخفاء، وقد أسهمت في وجوده عندما لم تمنعه في بادئ الأمر ولم تحرص على منع اتساعه في مستهله سواء تم ذلك بإزالة التعديات فوراً، وتحديد مساكن بديلة لهؤلاء، وكانت الإدارة تملكه في حينه دون تثريب عليها، أما وقد قعدت عن ذلك ولم تنشط إليه في وقته فإن تدميره والقضاء عليه الآن وقد استفحل، ليس فقط مما لا يجوز للإدارة فعله ولكنه يكون بمثابة إخلال منها بمسئوليتها نحو الحفاظ على أمن وسلامة الموطنين وحماية السلام الاجتماعي وعدم السماح بأن يترتب على الملكية الخاصة التشريد والتحطيم لحياة عشرات الآلاف من المواطنين دون ضرورة ملجئة تبرر ذلك وتشريدهم دون تدبير شئونهم وإشباع حاجاتهم والحفاظ على الأمن والاستقرار بينهم ولا شك أن هذه النتائج تشكله وجه المصلحة العامة القومية الأكثر إلحاحاً وأخطر شأناً يتعين أن تكون في هذه المرحلة أولى بالرعاية من مجرد إزالة التعدي على أرض مملوكة للدولة وهو أمر مشروع ولكنه أدنى من أن يكون أحق بالتغليب، إذ في هذه الحالات تختلط مناسبة العمل بمشروعيته ويلزم دائماً ليكون مشروعاً أن يكون ملائماً ومناسباً وهو ما تنبسط عليه رقابة المشروعية من القضاء الإداري على نحو ما سلف بيانه وذلك دون أن يكون ذلك إقحام للقضاء في نطاق السلطة التقديرية للإدارة، ذلك أن هذه الإدارة يتعين أن تصدر في تصرفاتها بما يراعى الموازنة بين المصالح العامة المتفاوتة المدارج والوزن والأهمية على النحو الذي ألزمها به الدستور والقانون وإذا لم تلتزم بذلك كان للقضاء الإداري بحكم ولايته التي أناطها به الدستور أن يردها إلى مجال المشروعية وسيادة القانون بحسب صحيح التفسير السليم لأحكام الدستور والقانون وبما يدرأ ما يترتب على تنفيذ قراراتها غير المشروعة من قرارات اجتماعية وسكانية وأخلاقية وصحية وأمنية على النحو الظاهر والثابت في موضوع الطعن الماثل.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه وبحسب ظاهر الأوراق يكون قد صدر مشوباً بعدم المشروعية لانحرافه عن الالتزام بغايات الصالح العام القومي بما يرجح معه إلغاؤه عند الفصل في طلب الإلغاء الأمر الذي يتوفر به في طلب وقف تنفيذه ركن الجدية المشروط في إجابته، هذا فضلاً عن توافر ركن الاستعجال بسبب ما سيلحقه تنفيذ القرار من أضرار مؤكدة سبق بيانها ويتعذر تداركها، ومن ثم يستوفي طلب وقف التنفيذ ما استوجبه القانون للحكم به.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى القضاء بذلك فإنه يكون قد أصاب وجه الحق والقانون للأسباب التي سلف ذكرها ويكون الطعن عليه غير قائم على سنده الصحيح في الواقع والقانون خليق بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن رقم 1875 لسنة 30 ق عليا وأمرت بإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري على النحو المبين في الأسباب وأبقت الفصل في المصروفات.
وبقبول تدخل شركة المعادي للتنمية والتعمير خصماً منضماً إلى الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق عليا.
وبقبول الطعن رقم 1914 لسنة 30 ق عليا شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الشركة المتدخلة مصروفات هذا التدخل وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفات الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق