جلسة 28 من مارس سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.
----------------
(65)
الطعن رقم 124 لسنة 28 القضائية
(أ) دعوى. "الوكالة في الخصومة". وكالة.
انقضاء الخصومة صحيحة بين الطرفين إذا أقيمت الدعوى من شخص بصفته ولياً أو وكيلاً. لا محل لإعمال قاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه". إذا أفصح الوكيل عن صفته وعن اسم موكله.
(ب) دعوى "إجراءات نظر الدعوى". "انقطاع سير الخصومة". بطلان. "بطلان غير متعلق بالنظام العام".
بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع الخصومة. بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم.
(ج) بيع "الزيادة في المبيع". "تقدير الثمن". "البيع الجزافي والبيع بالتقدير". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
العبرة في أحقية المشتري في أخذ الزيادة في البيع بلا مقابل أو عدم أحقيته في ذلك هي بما إذا كان الثمن قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة. التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير أمر يتعلق بتحديد وقت انتقال الملكية وبمن تقع عليه تبعة الهلاك قبل التسليم - الاستناد في القضاء بأحقية المشتري في الزيادة بلا مقابل إلى مجرد اعتبار البيع جزافاً. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم جاد قنديل بصفته ولياً طبيعياً على ولده القاصر أحمد سامي قنديل - المطعون عليه الأول - وبصفته وكيلاً عن أولاده المطعون عليهم الثلاثة الآخرين، أقام أمام محكمة دمنهور الابتدائية الدعوى رقم 382 سنة 1951 وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإثبات التعاقد الحاصل بتاريخ 27/ 3/ 1951 المتضمن بيع الطاعن إليه - بصفتيه المذكورتين 244 ف و21 ط و13 س بالحدود والأوصاف الواردة في العقد، لقاء ثمن قدره 42 ألف جنيه - مع باقي الطلبات المبينة في الصحيفة - وفي بيان الدعوى قال إنه اشترى من الطاعن القرية المسماة بعزبة سامي وذكر في العقد أن مساحتها 240 فداناً ثم تبين فيما بعد أن مساحتها الحقيقية 244 ف و21 ط و13 س وأنه دفع من الثمن 25600 جنيه وأودع الباقي منه وقدره 16400 جنيه خزينة المحكمة، ولما لم يجبه البائع إلى طلب تسجيل العقد اضطر إلى رفع هذه الدعوى - وأقام الطاعن بدوره أمام نفس المحكمة الدعوى رقم 396 سنة 1951 وقال فيها إن القدر المتعاقد على بيعه مساحته 240 فداناً فقط، لكن المطعون عليهم يزعمون على غير الحقيقة، أن المساحة تزيد على هذا القدر ولم يوفوا من الثمن سوى 20000 جنيه ولا يزال الباقي منه وقدره 22 ألف جنيه مستحقاً له في ذمتهم، وأنه إذ تبين له تعمدهم إقامة العراقيل في سبيل تعطيل إتمام العقد النهائي فإنه يطلب الحكم بفسخ عقد البيع لعدم قيام المشترين بالوفاء بالتزاماتهم - وكذلك أقام الطاعن أمام نفس المحكمة دعوى أخرى رقم 37 لسنة 1952 طالباً الحكم ببطلان الإيداع واعتباره غير مبرئ للذمة وذلك للأسباب التي فصلها في صحيفة الدعوى - ضمت المحكمة الدعاوى الثلاث، وبتاريخ 2/ 2/ 1954 حكمت: أولاً - في الدعوى رقم 382 سنة 1951 بإثبات صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 27/ 3/ 1951 الصادر من السيد/ علي أبو الفتوح وذلك عن المساحة البالغ مقدارها 244 ف و21 ط و13 س الموضحة الحدود والمعالم بالكشف المرفق بصحيفة الدعوى مقابل الثمن وقدره 42857 ج و42 م وبإلزام المشترين أن يدفعوا للسيد/ علي أبو الفتوح الطاعن مبلغ 17257 ج و240 مليماً قيمة الباقي من ثمن المساحة المذكورة وإلزامهم مصروفات هذه الدعوى. ثانياً - في الدعوى رقم 396 سنة 1951 برفضها وإلزام المدعى عليهم فيها مصروفاتها. ثالثاً - في الدعوى رقم 37 سنة 1952 - ببطلان الإيداع الحاصل من الدكتور جاد قنديل في 6/ 11/ 1951 والتصريح للسيد/ علي أبو الفتوح بصرف قيمة الوديعة وقدرها 16237 ج و620 م من خزانة المحكمة بلا قيد ولا شرط وذلك من أصل المبلغ المحكوم له به وألزمت المدعى عليهم في هذه الدعوى مصروفاتها - وقد ذكرت المحكمة في أسباب هذا الحكم أن النزاع الأساسي بين الخصوم يدور حول ما إذا كانت مساحة الأطيان المبيعة 240 فداناً كما هو وارد في عقد البيع أم أنها 244 فداناً وكسوراً باعتبار أن هذه هي المساحة التي يشملها التحديد الوارد في عقد البيع، وإذا كانت كذلك فهل يحسب الثمن على اعتبار أن الثمن مقدر في العقد بحساب الوحدة أم على اعتبار أن المقدر في العقد هو ثمن إجمالي - وأقامت المحكمة قضاءها على أن النص في عقد البيع على أن كل نقص في المساحة الواقعية عن المساحة الواردة بالعقد يخصم ثمنه من الثمن الباقي للبائع يفيد أن ثمن هذا النقض لابد من حسابه على أساس سعر الوحدة، وهذا السعر هو حاصل قسمة الثمن الكلي وهو 42000 ج على المساحة الواردة بالعقد وهي 240 فداناً، وأنه من ذلك يبين أن البيع لم يكن جزافاً وإنما علق تحديد الثمن النهائي على تحديد الشيء المبيع وهو مساحة الأطيان - وذكرت المحكمة أن التزام البائع برد ثمن ما يظهر من نقص في المساحة المبيعة لابد يقابله التزام في ذمة المشتري بدفع ثمن ما يزيد - وانتهت المحكمة من ذلك إلى إلزام المشترين بدفع ثمن ما زاد على 240 فداناً، على أساس 175 ج للفدان الواحد، وإلى أنه بعد استنزال ما دفعه المشتري وقدره 25600 ج يكون الباقي في ذمتهم من الثمن 17257 ج و42 م وهو ما يجب عليهم أداؤه للبائع - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 317 سنة 10 ق وأقام المطعون عليهم استئنافاً فرعياً قيد برقم 334 سنة 10 ق - وطلب الطاعن في استئنافه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من دخول الزيادة في المساحة وقدرها 4 أفدنة و21 قيراطاً و13 سهماً ضمن القدر المبيع، وهذا تأسيساً على أن ما باعه هو 240 فداناً قابلة للنقص لا للزيادة وعلى أن الثمن وإن حدد في العقد جملة واحدة إلا أنه في حقيقته محدد بسعر الوحدة الذي يتمثل في حاصل قسمة هذا الثمن على مساحة المبيع المبينة في العقد - أما المطعون عليهم فقد طلبوا إلغاء الحكم المستأنف في قضائه بإلزامهم بثمن القدر الزائد في مساحة المبيع، وأسسوا استئنافهم على أنهم يستحقون هذه الزيادة دون مقابل لأن البيع الصادر إليهم من الطاعن هو بيع خزافي - وبتاريخ 25/ 1/ 1958 حكمت المحكمة "... في موضوع الاستئناف الأصلي...... برفضه...... وفي موضوع الاستئناف الفرعي: أولاً - بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى 381 كلي دمنهور سنة 1951 وبإثبات التعاقد الحاصل بتاريخ 27/ 3/ 1951 والمتضمن بيع السيد/ علي أبو الفتوح إلى الدكتور جاد قنديل بصفته 244 فداناً و21 قيراطاً و13 سهماً وذلك مقابل ثمن إجمالي قدره 42.000 جنيه وبإلزام الدكتور قنديل بصفته بأن يدفع للسيد/ علي أبو الفتوح باقي الثمن ومقداره 16400 جنيه وبالتصريح لهذا الأخير بصف مبلغ 16237 جنيهاً و620 مليماً المودع على ذمته بخزينة محكمة طنطا... خصماً من باقي الثمن... إلخ" - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وتقدمت النيابة بمذكرة خلصت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 29/ 10/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة - قدمت النيابة بعد ذلك مذكرة تكميلية أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم الطاعن على طلباته وأصرت النيابة العامة على ما أوردته بمذكرتيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه البطلان لسببين، أولهما هو أن الحكم المطعون فيه أورد أسماء المطعون عليهم الثاني والثالث والرابعة باعتبارهم خصوماً في الدعوى حالة أنه لم تنعقد خصومة بينهم وبين الطاعن إذ أقيمت الدعوى من والدهم بصفته وكيلاً عنهم في حين أنه لا يجوز لأحد أن يقاضى بوكيل ومن ثم كان إيراد أسماء المطعون عليهم المذكورين في الحكم المطعون فيه منافياً للحقيقة ومخالفاً لقواعد المرافعات والسبب الثاني هو أن والد المطعون عليه الأول كان يباشر الخصومة نيابة عنه بصفته ولياً عليه، لقصره، حالة أن الثابت من صورة الحكم المطعون فيه، المعلنة للطاعن، أن لمطعون عليه المذكور بالغ سن الرشد وبذلك تكون الخصومة قد انقطعت قانوناً قبل جلسة المرافعة الأخيرة عملاً بحكم المادة 294 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول، بأنه لما كان يبين من حكم محكمة الدرجة الأولى أن الدعوى أقيمت من الدكتور جاد قنديل "بصفته ولياً على ولده القاصر أحمد سامي قنديل، ووكيلاً عن كل من الدكتور عمر الفاروق قنديل والدكتور عبد الفتاح فهمي والسيدة فاطمة الزهراء قنديل - المطعون عليهما لثاني والثالث والرابعة" فإن الخصومة تكون قد انعقدت صحيحة بين الطاعن والمطعون عليهم الثلاثة المذكورين، ويكون التمسك بقاعدة "لا يجوز لأحد أن يخاصم بوكيل عنه" في غير موضعه، لأنه محل لإعمال هذه القاعدة عندما يكون الوكيل قد أفصح عن صفته وعن اسم موكله - كما أن هذا النعي مردود أيضاً في وجه الثاني بأن بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم حتى لا تتخذ الإجراءات بغير علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم - فليس للطاعن إذن أن يتمسك بهذا البطلان، بفرض قيام سببه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن أيضاً على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه افترض أن الطرفين اتفقا على تقدير الثمن جملة واحدة وليس على أساس سعر الوحدة، واعتبر البيع جزافاً وبني على ذلك قضاءه بأحقية المشترين - المطعون عليهم - في الأفدنة الزائدة على المساحة المبين مقدارها في عقد البيع، دون مقابل، عملاً بحكم المادة 433/ 2 من القانون المدني - حالة أن عقد البيع وإن لم يذكر به صراحة أن الثمن قد قدر بحساب سعر الواحدة، إلا أنه تضمن ما يفيد تقدير الثمن على هذا الأساس، ذلك أنه جاء به أن المبيع مساحته 240 فداناً، ونص فيه على أن كل نقص في هذه المساحة يستنزل ثمنه من الثمن الباقي للبائع - الطاعن - مما مفاده أن الثمن في واقع الأمر، قد قدر بحساب سعر الواحدة باعتبار أن ثمن الفدان الواحد هو حاصل قسمة جملة الثمن المبين في العقد وهو 42000 ج على المساحة المبيعة الوارد مقدارها فيه، وهي 240 فداناً، وهو ما يعادل 175 ج ومن أجل ذلك فإن الحكم المطعون فيه، بقضائه على خلاف هذا النظر يكون مخطئاً في تطبيق المادة 433 من القانون المدني معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن النزاع بين الطاعن والمطعون عليهم - في أساسه - كان دائراً أمام محكمة الموضوع حول ما إذا كان الثمن قد قدر في عقد البيع جملة واحدة بذلك تكون الزيادة التي ظهرت في المبيع، عن مساحته المبين مقدارها في العقد هي من حق المشترين دون مقابل، أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة وبذلك لا تكون هذه الزيادة من حقهم - ولما كان الحكم المطعون فيه، قضى للمطعون عليهم بهذه الزيادة دون مقابل عملاً بالمادة 433 من القانون المدني وبني قضاءه في هذا الخصوص على ما يأتي (وحيث إن الحكم المستأنف فيما قضى به على هذا النحو يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الثابت من عقد بيع 27 مارس سنة 1951 أنه تناول شراء الدكتور قنديل كامل عزبة السيد علي أبو الفتوح المسماة بعزبة سامي بمنشأة فاروق بالدلنجات بما عليها من مساكن ومباني ووابور ري ثابت وما يتبعها من حقوق ارتفاق بثمن إجمالي 42000 جنيه، فمثل هذا البيع يعتبر من البيوع الجزافية ولا ينبغي عنه طبيعته تلك أن يكون العقد قد نص على أن مساحتها هي 240 فداناً لأن تلك التسمية تعتبر من قبيل الوصف لا من مميزات البيع ولا أن يكون العقد المذكور قد شرط فيه لصالح المشتري حقه في إنقاص الثمن إذا ما نقصت المساحة الفعلية عن هذا القدر المعين ذلك أن المادة 433 من التقنين المدني الجديد وهي التي تحكم النزاع قد نصت على أن البائع يضمن للمشتري القدر الذي عينه للمبيع بحيث إذا نقص عنه كان للمشتري إنقاص الثمن بقدر ما أصابه من ضرر لا فرق في ذلك بين ما إذا كان الثمن بسعر الوحدة أو قدر جملة واحدة أما إذا زاد المبيع عن القدر المعين وكان الثمن جملة واحدة فيبقى المبيع ولا يطالب المشتري بزيادة الثمن لأن تحديد القدر المبيع يكون في هذه الحالة من قبيل الوصف الذي لا يقابله ثمن وذلك كله ما لم يتفق في العقد على خلاف ذلك - ومتى كان الأمر هو ذلك فإن الحكم المستأنف يكون قد أصاب في اعتبار تلك الزيادة داخلة فيما اشتراه الدكتور قنديل وأخطأ في إلزامه بدفع ثمن تلك الزيادة مما يتعين معه تعديله في هذا الخصوص ولما كان المبيع المعين بالذات والمبين مقداره في عقد البيع: إذا وجدت به زيادة ولم يكن هناك اتفاق خاص بين المتبايعين في خصوصها أو عرف معين بشأنها، فإن العبرة عندئذ في معرفة أحقية المشتري في أخذ هذه الزيادة دون مقابل لها، أو عدم أحقيته في ذلك على مقتضى حكم المادة 433 من القانون المدني هي بما إذا كان ثمن المبيع، قدر جملة واحدة أم أنه قد حدد بحساب سعر الوحدة - أما التمييز بين البيع الجزافي والبيع بالتقدير فأمر يتعلق بتحديد الوقت الذي تنتقل فيه ملكية المبيع إلى المشتري في كل منها وتعيين ما إذا كان البائع أو المشتري هو الذي يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون عليهم في أخذ الزيادة التي ظهرت في المبيع عن مساحته المبين مقدارها في عقد البيع، دون مقابل، عملاً بحكم المادة 433 من القانون المدني، بنى قضاءه على مجرد اعتباره البيع جزافاً، حالة أن هذا الاعتبار وحده ليس من مؤداه حتماً إعمال حكم هذه المادة، وإنما العبرة في ذلك في النزاع الحالي، على ما سلف بيانه، هي بما إذا كان ثمن المبيع، اتفق عليه فيما بين المتبايعين، جملة واحدة، أم بحساب سعر الوحدة، وهو الأمر الذي قصر الحكم المطعون فيه عن بيانه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق