جلسة 6 من يوليو سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.
-----------------
(157)
الطعن رقم 115 لسنة 35 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الصريحة - أثرها - الاستقالة الضمنية - أثرها المادة 97 من قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978
- مفاد نص المادة (97) أنه يتعين على العامل الذي قدم استقالته من عمله الاستمرار في هذا العمل إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى انقضاء الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثالثة وهو خمسة وأربعون يوماً من تاريخ تقديم الاستقالة - المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 - انقطاع العامل عن العمل - متى اتخذت جهة الإدارة الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع خلال الشهر التالي للانقطاع فلا يعتبر مستقيلاً بحكم القانون - الإجراءات التأديبية تبدأ من تاريخ إحالة موضوع الانقطاع عن العمل للشئون القانونية وليست المحاكمة التأديبية - حضور المنقطع أمام المحكمة التأديبية وإقراره بأنه لا يرغب العودة إلى العمل - لا يجوز إجباره على الاستمرار في العمل رغم إرادته الصريحة التي أعلنها للمحكمة - أساس ذلك: كفل الدستور حرية العمل للمواطنين - لا يجوز في هذه الحالة إلا توقيع عقوبة الفصل من الخدمة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 24/ 11/ 1988 - أودع الأستاذ/ علي السيد زهران المحامي بصفته وكيلاً عن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 115 لسنة 35 ق - في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 25/ 9/ 1988 في الدعوى رقم 805 لسنة 16 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن، والقاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الطعن برفضه.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9/ 1/ 1991، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 24/ 4/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 25/ 5/ 1991، ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بتلك الجلسة، حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة المعروضة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 26/ 2/ 1988 أودعت النيابة الإدارية - قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا أوراق الدعوى التي قيدت بسجلات تلك المحكمة تحت رقم 805 لسنة 16 ق متضمنة تقرير اتهام ضد...... (الطاعن) المدرس بمدرسة أبو بكر الصديق من الدرجة الثالثة لأنه خلال المدة من 3/ 1/ 1988 حتى 8/ 3/ 1988 بدائرة التربية والتعليم بمحافظة الغربية انقطع عن العمل بدون إذن وفي غير حدود الإجازات المصرح بها قانوناً، وارتأت النيابة الإدارية أنه ارتكب المخالفة المنصوص عليه بالمادتين (62، 78/ 1) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته وطلبت النيابة الإدارية لذلك محاكمة المدرس المذكور تأديبياً بمقتضى هاتين المادتين (80، 82) من القانون رقم 47 لسنة 1978المشار إليه والمادة (14) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وتعديلاته والمادتين (15/ 1، 19/ 1) من القانون 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، كما أرفقت ملف قضية النيابة الإدارية رقم 303 لسنة 1987 طنطا أول.
وبجلسة 25/ 9/ 1988 أصدرت المحكمة حكمها في هذه الدعوى، ويقضي بمجازاة...... بالفصل من الخدمة، واستندت المحكمة في قضائها على أنه قد استقر الرأي على أنه إذا ما كشفت ظروف انقطاع العمل المتمرد على عمله بدون إذن عن عزوف وكراهية للوظيفة واستهتار بها فإنه لا يكون من الخير الإبقاء على مثل هذا العامل المتمرد الذي لا سبيل إلى إعادته إلى جادة الصواب بإعادته إلى عمله، ولا جدوى من إجباره على عمل هو كاره له، ومن ثم لا مناص من إنهاء خدمته، الأمر الذي يكون أكثر جدوى لمصلحة المرفق الذي يعمل به من الإبقاء عليه مستهتراً بالوظيفة متمرداً عليها وأن الثابت أن التهمة المنسوبة إلى المتهم ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً على النحو الذي أقر به المتهم بمحضر جلسة نظر الدعوى في 12/ 6/ 1988، وأنه لما قد ثبت مما تقدم انقطاع المتهم عن عمله دون إذن وفي غير حدود الإجازات المقررة المدة المبينة بتقرير الاتهام ومن ثم فإنه رعاية للصالح العام ولما يقضي به الدستور من كفالة حرية العمل يتعين إبعاده نهائياً عن الوظيفة وفصله من الخدمة.
ومن حيث إن السبب الأول للطعن على الحكم المطعون فيه هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المستفاد من نص المادة (97/ 1) من القانون رقم 47 لسنة 1978 أنه لا يجوز للإدارة رفض الاستقالة كلية إلا إذا كان العامل محالاً للمحاكمة التأديبية، ولما كان قد تقدم في 26/ 11/ 1987 بطلب استقالته وأخطرته جهة الإدارة برفض الاستقالة في 16/ 12/ 1987 ومن ثم ما كان يجوز لجهة الإدارة إحالته (الطاعن) للمحاكمة التأديبية، لأن الاستقالة تكون مقبولة في هذه الحالة، ويعتبر (الطاعن) مستقيلاً بقوة القانون دونما حاجة إلى صدور قرار مكتوب بهذه الاستقالة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون جديراً بالإلغاء والسبب الثاني للطعن هو مخالفة القانون والقصور في التسبيب، فقد خالفت جهة الإدارة نص المادة (98) من قانون العاملين المشار إليه لأنه انقطع في 3/ 1/ 1988 ولم تقم جهة الإدارة بإحالته إلى المحاكمة التأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه أي حتى 3/ 2/ 1988 وإنما تم ذلك في 26/ 2/ 1988 ومن ثم فإنه يعتبر مقدماً استقالته وغير منقطع عن العمل، ولا يجوز الحكم بفصله من الخدمة.
والسبب الثالث للطعن على الحكم هو عدم تناسب العقوبة الواردة بالحكم مع المخالفة المنسوبة إليه فقد استقرت الأحكام التأديبية على الاكتفاء بتوقيع جزاء الخصم من المرتب، والطاعن على وشك العودة لعمله بعد أن ضاعت فرصة العمل بالسعودية بسبب رفض جهة الإدارة طلب الاستقالة المقدمة منه بالمخالفة للقانون، أما السبب الرابع فهو أن الحكم جاء فجائياً للطاعن وفي وقت غير لائق ودون سابق إنذار وقد انتهجت المحكمة الإدارية العليا سياسة إلغاء الأحكام التأديبية على أساس الغلو في الجزاء.
ومن حيث إنه عن السبب الأول للطعن على الحكم المطعون فيه وهو الخطأ في تطبيق القانون فإنه لما كان القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة ينص في المادة (97)، (98) منه على أنه:
"للعامل أن يقدم استقالته من وظيفته وتكون الاستقالة مكتوبة".
ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة، ويجب البت في طلب الاستقالة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة بحكم القانون.......
ويجوز خلال هذه المدة إرجاء قبول الاستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل مع إخطار العامل بذلك على ألا تزيد مدة الإرجاء على أسبوعين بالإضافة إلى مدة الثلاثين يوماً الواردة بالفقرة السابقة........
ويجب على العامل أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثالثة.
ومن حيث إنه يستفاد من حكم هذه المادة أنه يتعين على العامل الذي قدم استقالته من عمله الاستمرار في هذا العمل إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى انقضاء الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثالثة وهو خمسة وأربعون يوماً من تاريخ تقديم الاستقالة.
ومن حيث إن الثابت في الطعن المعروض - أن الطاعن تقدم باستقالته في 26/ 11/ 1987، وأبلغ بقرار رفض هذه الاستقالة في 16/ 12/ 1987 وانقطع عن عمله اعتباراً من 3/ 1/ 1988، ومن ثم فإنه تطبيقاً لنص المادة (97) من قانون العاملين المشار إليه فإنه يتعين عليه بالاستمرار في الخدمة حتى 10/ 1/ 1988، تاريخ انقضاء خمسة وأربعين يوماً على تاريخ تقديمه استقالته حتى يمكن اعتبار استقالته مقبولة بحكم القانون، وإذ انقطع الطاعن عن عمله قبل هذا التاريخ فإنه لا يستفيد من أحكام المادة المشار إليها ويعتبر منقطعاً عن عمله اعتباراً من 3/ 1/ 1988، ومن ثم فإنه متى ثبت ذلك يكون هذا الوجه من أوجه الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون مما يستوجب طرحه جانباً.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه والذي يتعلق بمخالفته للقانون والقصور في التسبيب، فإن المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه:
"يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية:
1) إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية............
2) إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة......
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
3)..............
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل........"
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد انقطع عن العمل اعتباراً من 3/ 1/ 1988 وقامت الجهة الإدارية بموجب كتابيها رقمي 4 و10 في 9 و14/ 1/ 1988 بإنذاره بالعودة إلى عمله وذلك على عنوانه بطنطا كفر الخادم شارع الزاوية رقم 21، وفي 25/ 1/ 1988 تقرر إحالة الموضوع إلى الشئون القانونية بالإدارة التعليمية بطنطا، التي ارتأت إحالة الطاعن إلى النيابة الإدارية للتحقيق معه في انقطاعه عن العمل في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ومتى كان ذلك فإن الطاعن قد اتخذت ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل، ومن ثم لا يعتبر مستقيلاً من الخدمة بالتطبيق لنص الفقرة الأخيرة من المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المنوه عنها وبالتالي يكون ما ذهب إليه من أنه قد أحيل إلى المحاكمة التأديبية بعد انقضاء شهر على انقطاعه لا يستند إلى أساس سليم من القانون، ذلك أن المادة المشار إليها قد نصت على اتخاذ الإجراءات التأديبية وليست المحاكمة التأديبية وواضح مما تقدم أن الإجراءات التأديبية ضد الطاعن قد بدأت بإحالة موضوع انقطاعه عن العمل إلى الشئون القانونية بالإدارة التعليمية بطنطا في 25/ 1/ 1988 ويترتب على ما سبق أن هذا الوجه من أوجه الطعن لا يتفق مع القانون مما يستوجب طرحه جانباً.
ومن حيث إنه عن وجهي الطعن على الحكم المطعون فيه المتعلقين بعدم تناسب العقوبة الواردة بالحكم مع المخالفة المنسوبة للطاعن والغلو، فإن الثابت من محضر جلسة المحكمة التأديبية بطنطا المنعقدة في 12/ 6/ 1988 أن الطاعن قد حضر بنفسه هذه الجلسة، وقرر أنه لا يرغب العودة إلى العمل وكاره للوظيفة، ولما كان الدستور قد كفل حرية العمل للمواطنين، وكانت المحكمة لا تستطيع إجباره على الاستمرار في الخدمة رغم إرادته التي أعلنها صريحة أمامها في الجلسة المشار إليها، ومن ثم فما كان في مكنة هذه المحكمة توقيع أية عقوبة على الطاعن غير عقوبة الفصل من الخدمة وإلا اعتبرت مخالفة لأحكام الدستور والقانون، ومتى كان ذلك فإن وجهي الطعن المنوه عنهما لا يستندان إلى أساس من القانون مما يتعين رفضهما.
ومن حيث إنه يخلص مما سبق أن الحكم المطعون فيه قد استخلص استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومتفقاً مع أحكام الدستور والقانون، وصدر مبرءاً من أي عيب يعيبه، وأن الطعن عليه لا يستند إلى أساس من القانون، ومن ثم، فإنه يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق