بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 26-04-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 168 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
جمال مراد علي مراد الرئيسي
مطعون ضده:
فاطمة سعيد حميد بن حرمل الشامسي
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1961 استئناف أمر أداء
بتاريخ 11-01-2023
بتاريخ 11-01-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن (جمال مراد علي مراد الرئيسي) تقدم بطلب لاستصدار أمر أداء قبل المطعون ضدها (فاطمة سعيد حميد بن حرمل الشامسي) قيد برقم 7649 لسنة 2021 طلب إلزامها بأن تؤدي له مبلغ (950.000) درهم والفائدة القانونية وقدرها 9% من تاريخ الاستحقاق في 2021/6/15 وحتى السداد التام، تأسيساً على أن المطعون ضدها سلمته الشيك رقم 410147 المسحوب على مصرف أبوظبي الاسلامي مؤرخ في 2021/6/15 بقيمة المطالبة، وبتقديمه للصرف ارتد لعدم كفاية الرصيد، فأنذرها عدلياً للوفاء له بقيمته إلا أنها لم تمتثل فأقام قبلها الدعوى الجزائية رقم 19791 لسنة 2021 جزاء عن تهمة شيك بدون رصيد، ومن ثم تقدم بطلب استصدار الأمر سالف البيان، وبتاريخ 2021/12/8 أصدر القاضي المختص أمره في مادة تجارية بإلزام المدعى عليها/ المطعون ضدها بأن تؤدي للمدعي/ الطاعن مبلغ وقدره (950.000) درهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1961 لسنة 2021 أمر أداء، ندبت المحكمة خبيرا بالدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 2022/9/7 بإلغاء الأمر المستأنف والقضاء مجددا برفضه، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز رقم 1287 لسنة 2022 وبتاريخ 2022/12/6 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، سندا لتعارض الأسباب بعضها بعضاً، فأعيد تداول الدعوى أمام محكمة الاستئناف بذات الرقم وبتاريخ 2023/1/11 قضت بإلغاء الأمر المستأنف والقضاء مجددا برفضه، وفق أسباب جديده، فطعن الطاعن للمرة الثانية في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2023/01/25 طلب فيها نقضه، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفه مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منهم على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه خالف ما هو ثابت ومستقر علية فقها وقضاء من أن الشيك سبب تحريره واستحقاقه في ذاته أي أنه أداة وفاء وليس سند دين حيث أن الأصل في الشيك أن لا يسال المستفيد عن سبب استحقاقه له إلا أنه يجوز لساحب الشيك أن يثبت عكس ذلك، وقد عجزت المطعون ضدها في إثبات أن هناك سبب آخر للشيك بخلاف الأصل وهو الوفاء بقيمته وما يؤكد ذلك ما انتهى إليه الخبير المنتدب بالدعوى من أن "مدى صحة أقوال الطاعن من حيث اقتراضه من البنك لإقراض المستأنفة من عدمه هو أمر لا يتعلق بمدى استحقاقه قيمة الشيك وهذا لعدم تقديم المطعون ضدها أي مستند يؤكد بأن الشيك محرر لسبب آخر بخلاف الأصل في تحرير الشيك" وعلى الرغم من ذلك نجد الحكم الطعين بعد أن أكد أنه يطمئن إلى ما انتهى إليه الخبير يأتي ويقضي بخلاف ما انتهى إليه التقرير النهائي، كما أعرض الحكم المطعون فيه عن بحث دفاع الطاعن المثار بمذكرته الجوابية بجلسة 2022/3/16 بعدم جواز المنازعة في صحة إصدار الشيك لسابقة الفصل فيها في القضية رقم 19791 لسنة 2021 جزاء دبي والحكم البات الصادر بالطعن رقم 555 لسنة 2019 طعن تجاري والقضية رقم 66727 لسنة 2021 جزاء دبي والذي أصبح باتا بالطعن رقم 374 لسنة 2019 طعن جزاء، التي ردت على كل الأسباب التي أثارتها المطعون ضدها للتنصل من الشيك، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يبحث هذا الدفع ولم يشر إليه من قريب أو من بعيد، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل في الشيك أنه أداة وفاء وأنه يستند إلى سبب قائم ومشروع للالتزام بدفع قيمته إلا أن ذلك لا يمنع من يدعي خلاف هذا الأصل الظاهر من إقامة الدليل على ما يدعيه بإثبات عدم وجود سبب مشروع للشيك أو بإثبات السبب الحقيقي لإصداره، أو إخلال المستفيد بالتزاماته الناشئة عن العلاقة الأصلية التي من أجلها حرر الشيك أو لغير ذلك من الأسباب، أو بإثبات التخالص من الدين بالوفاء بالتزامه الأصلي، ومن المقرر أيضاً بقضاء هذه المحكمة أنه إذا صرح المستفيد بسبب الشيك فإن عبء إثبات توافر السبب ينتقل إليه ، وأنه إذا كان على الدائن إثبات المديونية فإنه على المدين إثبات التخلص منها، وأن استخلاص جدية الادعاء بالمديونية من سلطة محكمة الموضوع شريطة أن يكون استخلاصها له سند ظاهر في الأوراق المطروحة عليها ، مفاد نص المادة (62) من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (57) لسنة 2018 والمعدل بقرار مجلس الوزراء رقم (33) لسنة 2020 الذي يسري على واقعة الدعوى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع استثناءً من القواعد العامة في رفع الدعوى ابتداءً ألزم الدائن سلوك طريق أمر الأداء في المطالبة بدينه متى توافرت فيه الشروط التي تطلبتها تلك المادة، وهى أن يكون الحق ثابتاً بالكتابة الكترونياً أو مستندياً بموجب سند يحمل توقيع المدين، يبين منه أو من أوراق أخرى موقعة منه أن الحق حال الأداء، وأن يكون محل المطالبة ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بنوعه ومقداره، ويعتبر الدين معين المقدار ولو نازع المدين في مقداره طالما كان تقديره وفقاً لأسس ثابتة ليس للقضاء سلطة رحبة فيه، وتنسحب تلك الأحكام على المطالبات المالية التي يكون محلها إنفاذ عقد تجارى أو صاحب الحق فيها دائناً بورقة تجارية، ولا يمنع من سلوك طريق أمر الأداء طلب الفوائد أو التعويض أو اتخاذ أي إجراء من الإجراءات التحفظية، وإن سلوك هذا الطريق على نحو ما تقدم ليس اختيارياً بل هو طريق إلزامي يتعين اللجوء إليه حال توافر شروطه، إلا أنه يلزم لذلك أن يكون الحق محل أمر الأداء خالياً من النزاع الجدي، كما أنه من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر في الدعوى الجزائية تقتصر حجيته على الوقائع التي فصل فيها الحكم فصلاً لازما لقضائه من حيث وقوع الفعل المادي الذي تقوم عليه المسئولية الجنائية ووصفه القانوني ونسبته إلى فاعله وإذ كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة (401) من قانون العقوبات لا تستلزم لقيامها التعرض لبحث سبب تحرير الشيك إذ لا أثر له على طبيعة وتوافر أركان الجريمة قبل الساحب مما يترتب عليه أن قضاء المحكمة الجزائية بإدانة المتهم في هذه الحالة لا يقيد المحكمة المدنية عند بحث سبب إصدار الشيك فيما إذا كان على سبيل الوفاء من عدمه، ومن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها، وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والأخذ بما تطمئن أليه منها وإطراح ما عده متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم القواعد المشار إليها بالمساق المتقدم، واستخلص في حدود سلطته الموضوعية عدم توافر شروط أمر الأداء في الشيك محل الدعوى لعدم وجود سبب له وانتهى بقضائه إلى الغاء الأمر المستأنف ورفض إصداره على ما أورده بأسبابه من أنه (وكان الثابت وفقا لتقرير الخبير -والذي تطمئن إليه المحكمة - ربطت الطرفين علاقة زواج خلال الفترة من ديسمبر 2015 إلى أن تطلقا في مايو 2018، الشيك محل التداعي مسلّم إلى المستأنف ضده في يوليو 2015، أي أنه مسلم قبل الزواج، المستأنف ضده هو من كتب مبلغ الشيك وتاريخ استحقاق الشيك، لم يقدم أي من الطرفين أي مستند يفيد بسبب تحرير الشيك، وإن صح ما ذكره المستأنف ضده من حيث إقراضه مبالغ إلى المستأنفة فهذه المبالغ غير ثابتة للخبرة وكذلك يستدل من إفادة المستأنف ضده بأن هذه المبالغ غير محددة القيمة وغير محدد تاريخ استحقاقها، وبالتالي لم يتبين للخبرة التزامات الطرفين وبالتبعية لم يتبين مدى الوفاء بالالتزامات من عدمه، وحيث إن المستأنف ضده قد صرح بأن الشيك مقابل إقراضه مبالغ للمستأنفة ومن ثم فقد نقل عبء الاثبات عليه وحيث فشل في إثبات إقراضها المبالغ تلك التي يدعيها وفق ما أورده الخبير؛ ومن ثم فإن ما دافعت به المستأنفة من أن ليس للشيك سبب يكون قد صادف صحيح القانون ومن ثم تقضي المحكمة بإلغاء الأمر المستأنف لعدم توافر شروط أمر الأداء والقضاء مجددا برفضه) وإذ كان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه وفي حدود سلطه محكمة الموضوع الموضوعية سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من الأدلة والمستندات المطروحة عليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يوضح أن محكمة الإحالة لم تلتزم بحكم محكمة التمييز في المسألة التي فصلت فيها، فبعد أن صدر حكم محكمة التمييز بالنقض وإعادة الدعوى إلى ذات الدائرة للحكم فيها من جديد في ضوء ما انتهت إليه محكمة التمييز إلا أن الحكم المطعون فيه سلك مسارا مغايرا لما انتهت إليه محكمة التمييز وذكر في حيثياته أسباباً أوصلته إلى القضاء بإلغاء أمر الأداء خلافا لما سبق وبحثته الأحكام الباتة ومغايرة لما انتهت إليه محكمة التمييز من قضاء، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مفاد عجز المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالقانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 الذي يسري على واقعة الدعوى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المحكمة التي تحال إليها الدعوى بعد نقض الحكم تلتزم بالحكم الناقض في النقاط التي فصلت فيها محكمة التمييز ـــ إلا أن المقصود بذلك أن تكون محكمة التمييز قد أدلت برأيها في هذه النقاط عن قصد وبصر بحيث يكتسب حكمها فيها ــــ قوة الأمر المقضي بها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة النظر في الدعوى المساس بهذه الحجية ـــ أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ومن ثم يكون لمحكمة الإحالة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله حرة من جميع عناصرها وبحيث أنه إذا كان نقض الحكم للقصور في التسبيب أو الاخلال بالحق في الدفاع فإنه لا يتصور أن يكون الحكم الناقض قد حسم مسألة قانونية بالمعنى المشار إليه آنفاً حتى لو تطرق إلى بيان أوجه القصور في الحكم المنقوض، لما كان ذلك وكانت محكمة التمييز قد عابت على الحكم المنقوض قيامه على أسباب غير سائغة وعلى أساس غير سليم فيما ساقه من تناقض بمتنه - بأن المستأنفة/ المطعون ضدها قد تمسكت بكونها من وقعت الشيك لزوجها بالإكراه ثم أورد بأن دفعها بأن الشيك شيك ضمان صادف صحيح القانون، كما لم يقدم بأوراق الدعوى أي تقرير استشاري، إلى جانب أن تقرير الخبير المنتدب بالدعوى قد انتهى إلى عدم تقديم الطرفين لأي مستند يؤكد سبب تحرير الشيك، بما يخالف النتيجة التي توصل إليها الحكم بعدم توافر شروط أمر الاداء وكانت هذه الأسباب تعارض بعضها بعضاً وتتماحى كل منها بالآخر - وكان هذا الذي أورده الحكم الناقض لا يتضمن فصلا في مسألة قانونية تحول بين محكمة الإحالة وبين إعادة النظر في دفاع المطعون ضدها والرد عليه ولا تحول بينها وبين أن تبني حكمها على فهم جديد تحصله حرة من جميع عناصر الدعوى ـــ وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الأمر المستأنف والقضاء مجددا برفضه، سندا لفهم جديد قوامه إبداء الطاعن لسبب للشيك (قرض) عجز عن إثباته، وهي أسباب سائغة ولها أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيها للقانون ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذا السبب قائماً على غير أساس.
وحيث إنه - ولما تقدم - يتعين رفض الطعن .
وحيث إن الطاعنة في الطعن الماثل سبق لها الطعن في ذات الدعوى بالتمييز رقم 1287 لسنة 2022 تجاري، فإنه لا يستوفى منها رسم في الطعن الماثل، وذلك إعمالاً للمادة 33 من القانون رقم 21 لسنة 2015 بشأن الرسوم القضائية في محاكم دبي .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق