الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 نوفمبر 2024

الطعن 15315 لسنة 90 ق جلسة 25 / 9 / 2022 مكتب فني 73 ق 58 ص 539

جلسة 25 من سبتمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عابد راشد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد أحمد خليل ، أحمد محمود شلتوت ، وليد عادل وأحمد عبد الوكيل الشربيني نواب رئيس المحكمة .
----------------
(58)
الطعن رقم 15315 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بالاتهام المسند للطاعن وإدانته بأدلة سائغة . المجادلة في ذلك . منازعة موضوعية .
(2) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع أن ترى في تحريات وأقوال الضابطين ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز المخدر للطاعنين ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الحيازة والإحراز كانا بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي . دون أن يعد ذلك تناقضاً.
(3) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي . المجادلة بشأن ذلك أمام محكمة النقض . غير مقبولة .
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم . غير لازم . له الاستعانة بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع من جرائم . حد ذلك ؟
خلو محضر الاستدلال من إيراد مصدر حصول الطاعنين على المخدر وأسماء عملائهما . لا يقطع بذاته في عدم جدية التحريات .
(4) تفتيش" إذن التفتيش . إصداره". دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش".
الإذن بتفتيش الطاعنين استناداً لما دلت إليه التحريات من حيازتهما وإحرازهما للمواد المخدرة . مفاده : صدوره لضبط جريمة تحقق وقوعها . استخلاص الحكم سائغاً أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول.
(5) تفتيش " إذن التفتيش . بياناته".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لتسبيب إذن التفتيش أو عبارات يُصاغ بها . إحالة مُصدره في بيان اسم المتحرى عنه لما ورد بالتحريات . لا يؤثر في سلامته.
(6) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن رداً عليه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعنين في النعي بانتفاء حالة التلبس . ما دام القبض والتفتيش تما نفاذاً للإذن الصادر من النيابة العامة .
(8) إثبات " شهود". إجراءات " إجراءات المحاكمة . حكم" تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
الأحكام في المواد الجنائية . تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة بالجلسة وتسمع فيها الشهود . متى كان ذلك ممكناً.
الاستغناء عن سماع أي من الشهود وتلاوة أقواله بالتحقيقات إذا تعذر سماعه لأي سبب من الأسباب أو إذا قدرت المحكمة عدم لزوم سماع شهادته . شرطه : تسبيب ذلك في حكمها. أساس ذلك ؟
إجابة المحكمة لطلب الطاعنين احتياطياً مناقشة شهود الإثبات دون الكشف عن مدى اتصال شهادتهم بواقعة الدعوى والرد عليه . غير لازم . علة ذلك ؟
(9) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة . دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بإجابته .
مثال .
(10) مواد مخدرة . إثبات " خبرة " .
عدم شمول التحليل جميع المخدر المضبوط . لا ينفي عن الطاعن إحرازه قـل ما ضبط منه أو كثر . نعيه في هذا الشأن . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وهو ما لم يتحقق في أسباب الحكم المطعون فيه ، ومن ثم تنحسر عنه قالة التناقض في التسبيب ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعنين ودانتهما بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
2- من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابطين ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر إلى الطاعنين ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة وذلك الإحراز كانا بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها.
3- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه من معلومات ، وكان خلو محضر الاستدلال من إيراد مصدر حصول الطاعنين على المخدر وأسماء عملائهما - بفرض حصوله - لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل .
4- لما كان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن الجريمة التي دان الطاعنين بها كانت قد وقعت بالفعل حين أصدرت النيابة العامة الإذن بالضبط والتفتيش ، بدلالة ما نقله الحكم عن محضر التحريات من أن الطاعنين يحوزان ويحرزان بالفعل المخدر ، فإن ما استخلصه الحكم من أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعنين لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة يكون استخلاصاً سائغاً ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد على غير سند .
5- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بالتفتيش ولا يشترط عبارات بعينها يُصَاغ بها ، فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد أحال في بيان اسم المتحرى عنه إلى ما ورد بمحضر التحريات ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد .
6- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها ، لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً لأقوالهما ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن القبض على الطاعنين وتفتيشهما تما بناءً على أمر صادر من النيابة العامة ، فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعنان بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس .
8- من المقرر أنه وإن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع بها الشهود الذين حدد الخصوم أسماءهم وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم متى كان سماعهم ممكناً ، إلا أن المادتين ۲۷۷ ، ۲۸۹ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتين بالقانون رقم ١١ لسنة ۲۰۱۷ تجيزان للمحكمة الاستغناء عن سماع أي من الشهود وتلاوة أقواله بالتحقيقات إذا تعذر سماعه لأي سبب من الأسباب أو إذا قدرت عدم لزوم سماع شهادته ، على أن تسبب ذلك في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعنين بسماع شاهدي الإثبات واطرحه في منطق سائغ ، ومن ثم يكون نعي الطاعنين في هذا الصدد في غير محله ، هذا فضلاً عن أن طلب الطاعنين كان احتياطياً ، وهو الأمر الذي يسلمان به في أسباب طعنهما ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإجابته أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً ، أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها وإن رفضت أن تطرحها دون أن تكون ملزمة بالرد عليها ، هذا إلى أن الطاعنين لم يكشفا أمام محكمة الموضوع عن الوقائع التي يرغبان مناقشة المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن الطلب يغدو طلباً مجهلاً عن سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعنين إليه ، ويكون منعاهما في ذلك الصدد غير سديد .
9- من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، وكان البين من أسباب الطعن أن ضمّ دفتر أحوال الإدارة العامة لمكتب المخدرات إنما أريد به تحقيق مواقيت إجراءات ضبط الواقعة ، ومن ثمّ فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة ، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ، فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته .
10- لما كان ما يثيره الطاعنان من أن التحليل لم يشمل جميع كمية الحشيش المضبوطة وطلبهما تحليلها هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة ، وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعنين إحرازهما لكمية الحشيش التي أرسلت للتحليل ، فمسئوليتهما الجنائية قائمة في إحراز هذه المخدرات قل ما ضبط منها أو كثر ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامـة الطاعنين بأنهما :
- حازا وأحـرزا جـوهـراً مخدراً ( حشيش ) بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانونا.ً
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، ۲ ، ۳۸/1 ، 42/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ۱۹۸۹ والبند (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وبتغريمهما مبلغ خمسين ألف جنيه عما أُسند إليهما وأمرت بمصادرة المخدر المضبوط ، وذلك باعتبار أن حيازتهما وإحرازهما للمخدر بغير قصد من القصود المسماة قانوناً .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة وإحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون قد شابه التناقض ، والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن اعتوره التناقض والاضطراب مما يدل على اختلال صورة الواقعة في ذهن المحكمة ، ورغم عدم اعتداده بما تضمنته تحريات وأقوال ضابطي الواقعة في شأن قصد الاتجار فقد قضى بإدانة الطاعنين استناداً إليها ، هذا وقد تمسك الدفاع عن الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية مصدرها مرشد سري وخلت مما يفيد مراقبة الطاعنين ومن بيان مصدر حصولهما على المخدر وأسماء عملائهما ، ولصدور الإذن عن جريمة مستقبلة ، ولخلوه من بياناته الجوهرية واسم الطاعنين إذ اكتفى مصدره بالتوقيع قرين اسميهما الواردين بمحضر التحريات ، كما تمسك الدفاع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما وفي غير حالات التلبس بدلالة التلاحق الزمني في الإجراءات ، وطلب سماع شاهدي الإثبات وضم دفتر أحوال الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وتحليل باقي كمية المخدر المضبوطة إلا أن الحكم اطرح هذه الدفوع وتلك الطلبات بما لا يصلح رداً ولا يتفق وصحيح القانون ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوفر به جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وهو ما لم يتحقق في أسباب الحكم المطعون فيه ، ومن ثم تنحسر عنه قالة التناقض في التسبيب ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعنين ودانتهما بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابطين ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر إلى الطاعنين ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة وذلك الإحراز كانا بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة - فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، وله أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التفتيش بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه من معلومات ، وكان خلو محضر الاستدلال من إيراد مصدر حصول الطاعنين على المخدر وأسماء عملائهما - بفرض حصوله - لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن الجريمة التي دان الطاعنين بها كانت قد وقعت بالفعل حين أصدرت النيابة العامة الإذن بالضبط والتفتيش ، بدلالة ما نقله الحكم عن محضر التحريات من أن الطاعنين يحوزان ويحرزان بالفعل المخدر ، فإن ما استخلصه الحكم من أن الإذن صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعنين لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة يكون استخلاصاً سائغاً ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد على غير سند . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً لتسبيب الإذن بالتفتيش ولا يشترط عبارات بعينها يُصَاغ بها ، فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد أحال في بيان اسم المتحرى عنه إلى ما ورد بمحضر التحريات ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة العامة بالتفتيش استناداً لأقوالهما ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن القبض على الطاعنين وتفتيشهما تما بناءً على أمر صادر من النيابة العامة ، فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعنان بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع بها الشهود الذين حدد الخصوم أسماءهم وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم متى كان سماعهم ممكناً ، إلا أن المادتين ۲۷۷ ، ۲۸۹ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتين بالقانون رقم ١١ لسنة ۲۰۱۷ تجيزان للمحكمة الاستغناء عن سماع أي من الشهود وتلاوة أقواله بالتحقيقات إذا تعذر سماعه لأي سبب من الأسباب أو إذا قدرت عدم لزوم سماع شهادته ، على أن تسبب ذلك في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعنين بسماع شاهدي الإثبات واطرحه في منطق سائغ ، ومن ثم يكون نعي الطاعنين في هذا الصدد في غير محله ، هذا فضلاً عن أن طلب الطاعنين كان احتياطياً ، وهو الأمر الذي يسلمان به في أسباب طعنهما ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بإجابته أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً ، أما الطلبات التي تبدى من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها وإن رفضت أن تطرحها دون أن تكون ملزمة بالرد عليها ، هذا إلى أن الطاعنين لم يكشفا أمام محكمة الموضوع عن الوقائع التي يرغبان مناقشة المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن الطلب يغدو طلباً مجهلاً عن سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعنين إليه ، ويكون منعاهما في ذلك الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، وكان البين من أسباب الطعن أن ضمّ دفتر أحوال الإدارة العامة لمكتب المخدرات إنما أريد به تحقيق مواقيت إجراءات ضبط الواقعة ،ومن ثمّ فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة ، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ، فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان من أن التحليل لم يشمل جميع كمية الحشيش المضبوطة وطلبهما تحليلها هو منازعة موضوعية في كنه المواد المضبوطة ، وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعنين إحرازهما لكمية الحشيش التي أرسلت للتحليل ، فمسئوليتهما الجنائية قائمة في إحراز هذه المخدرات قل ما ضبط منها أو كثر ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق