جلسة 22 من سبتمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي الدكتور / علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد الخطيب ، هشام عبد الهادي ونادر خلف نواب رئيس المحكمة و د. محمد عطية .
----------------
(57)
الطعن رقم 16250 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
(2) حظر التجوال . قصد جنائي .
جريمة خرق حظر التجوال . لا يشترط أن تقع في تجمع ولا تستلزم قصداً خاصاً . القصد الجنائي فيها . مناط تحققه ؟
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً.
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بكيدية الاتهام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ".
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وتلفيق الاتهام أو كيديته وإنكار الطاعن الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش . لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى.
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
(5) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بخلو الأوراق من دليل يقيني . جدل موضوعي . غير مقبول.
(6) حظر التجوال. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس". تفتيش " التفتيش بغير إذن ". دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المواد 34 و 46 إجراءات جنائية و 13 من قرار رئيس مجلس الوزراء 939 لسنة ٢٠٢٠ . مفادها ؟
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
اطراح الحكم سائغاً الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس استناداً لمشاهدة الضابط الطاعن وقت حظر التجوال . كفايته .
(7) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في القانون العقابي المطبق . لا يرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(8) دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام الحكم بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان إقرار الطاعن بمحضر الضبط . متى لم يستند إلى دليل مستمد منه .
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مادة العقاب المطبقة . لا يرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(10) ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .
إعمال المحكمة المادة ١٧ عقوبات دون الإشارة إليها . لا يعيب الحكم . ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون . علة ذلك ؟
مثال .
(11) غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها ".
معاقبة الحكم الطاعن بجريمة الإحراز المجرد لجوهر الهيروين المخدر دون الالتزام بالحد الأدنى للغرامة المقررة قانوناً . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أن ما حصله في بيانه لواقعة الدعوى وما ساقه من الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن إنما وضع في بيان جلي مُفصل ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت بها وبالظروف التي أحاطت بالواقعة إلماماً شاملاً وأنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة بما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب بيان الواقعة وأدلتها على النحو الذي يتطلبه القانون وتتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد .
2- من المقرر أن جريمة خرق حظر التجوال تتحقق باقتراف الفعل المادي دون أن يتطلب القانون قصداً جنائياً خاصاً ، بل يُكتفى بالقصد العام الذي يتوافر بمجرد ارتكاب الفعل المكون للجريمة بنتيجته التي يعاقب عليها القانون ، ولم يشترط القانون أن يكون خرق حظر التجوال قد تم في تجمع وتظل الجريمة قائمة وإن وقع الخرق للحظر فردياً ويكون ما يزعمه الطاعن في هذا الصدد لا سند له من القانون.
3- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وتلفيق الاتهام أو كيديته وإنكار الطاعن الاتهام كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى – ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد أطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، فضلاً عن أنه من المقرر أن انفراد الضابط - شاهد الإثبات - بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً .
5- لما كان ما يثيره الطاعن من خلو الأوراق من دليل يقيني قِبله يفيد ارتكابه للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، وبذلك يكون الحكم بريئاً من أية شائبة في هذا الخصوص .
6- لما كان البيّن أن الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه استناداً إلى أن الضابط شاهد الطاعن في وقت حظر التجوال فقام باستيقافه وتفتيشه فعثر على المضبوطات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر ، وإذ كانت جريمة خرق حظر التجوال مُؤثمة بنص المادة (١٣) من قرار رئيس الوزراء رقم 939 لسنة ٢٠٢٠ الصادر بتاريخ 23/4/2020 والتي نصت على أنه : ( مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القرار بالحبس وبغرامة لا تجاوز أربعة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ) ، من ثم فقد رصد لها القانون عقوبة الحبس ، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه : ( في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه ) ، باعتبار أنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خول إجراؤه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ، ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة وبطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7- من المقرر أن الخطأ في القانون العقابي المطبق لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام الحكم قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق ، فإن ما يُثيره الطاعن من أن القبض تم قبل سريان قرار رئيس الوزراء رقم ١٠٢٤ لسنة ٢٠٢٠ لا يقدح في سلامة الحكم وصحة ما انتهى إليه من قضاء وخضوع فعله للتأثيم لحدوث الواقعة حال سريان قرار رئيس الوزراء الرقيم ۹۳۹ لسنة ٢٠٢٠ ، فإن خطأ الحكم بذكر رقم قرار رئيس الوزراء رقم ١٠٢٤ لسنة ۲۰۲۰ بدلاً من رقم قرار رئيس الوزراء 939 لسنة ٢٠٢٠ لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال رقم قرار رئيس الوزراء رقم ١٠٢٤ لسنة ٢٠٢٠ برقم القرار الصحيح وهو 939 لسنة ٢٠٢٠ ، عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي لا يكون مقبولاً.
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من الإقرار المُسند للطاعن بمحضر جمع الاستدلالات الذي يدعي ببطلانه كما لم يشر إليه الحكم في مدوناته ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع .
9- من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 38 من قانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات بفقرتها الأولى بدلاً من الفقرة الثانية لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه ، وذلك باستبدال الفقرة الثانية من المادة المذكورة بالفقرة الأولى عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
10- لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى إدانة المتهم - الطاعن - عن جريمة إحراز جوهر مخدر ( الهيروين ) مجرد من القصود الخاصة وهي المنصوص عليها في المواد ۱ ، ۲ ، ۳۸/ ۲ ، ٤٢ /1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل والبند رقم (٢) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق مما كان يتعين معه معاقبة المتهم بالسجن المؤبد ، وكانت المحكمة لم تشر فعلاً إلى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات في حق المتهم ، إلا أنه لما كان للمحكمة أن تنزل بهذه العقوبة تطبيقاً لحكم المادة 17 من قانون العقوبات إلى الحد الذي نزلت إليه ، وهي إذ نزلت إلى عقوبة السجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه فقد دلت على أنها أعملت حكم هذه المادة ، ولما كان إنزال المحكمة حكم تلك المادة دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام تقدير تلك العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته .
11- من المقرر أن مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل العقوبة المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبة مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها ، فإن الحكم المطعون فيه إذا لم يلتزم عند توقيع عقوبة الغرامة الحد الأدنى المقرر لها في الفقرة الثانية من المادة 38 سالفة البيان وهو مائة ألف جنيه – باعتبار أن المخدر محل الجريمة ( هيروين ) - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( هيروين ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً علي النحو المبين بالتحقيقات .
2- خالف قرار حظر التجوال المفروض بأن ضُبط الساعة العاشرة والنصف بأحد الطرق العامة دون مبرر للحركة الضرورية المرتبطة باحتياج طارئ على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ١٩٩٧ والمادتين 3/ 1 بند 1 ، 5 /1 من القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ والمادتين 1 ، 13 من قرار رئيس الوزراء رقم ١٠٢٤ لسنة ٢٠٢٠ ، بمعاقبة / .... بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط عن التهمة الأولى وبتغريمه مبلغ مائة جنيه عن التهمة الثانية وألزمته المصروفات الجنائية ، باعتبار أن إحرازه المخدر مجرداً من القصود المسماة قانوناً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر الهيروين المُخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وخرق حظر التجول دون مبرر قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن أسبابه جاءت قاصرة شابها الغموض والإبهام ، ودانه بجريمة خرق حظر التجول رغم انتفاء القصد الجنائي بحقه وضبطه مُنفرداً دون تجمع ، وعول الحكم على شهادة القائم بالضبط رغم عدم معقولية تصويره للواقعة ، وانفراده بالشهادة وحجبه للقوة المُرافقة له عنها ، ودان الطاعن رغم انتفاء الدليل بحقه ، واطرح الحكم المطعون فيه – بما لا يصلح – دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش وما أسفر عنهما من أدلة لحصولهما قبل سريان قرار رئيس الوزراء الرقيم ١٠٢٤ لسنة ٢٠٢٠ بشأن فرض حظر التجول ، وكذا اطرح الحكم – بما لا يسوغ – دفوع الطاعن بكيدية الاتهام وتلفيقه ، وبطلان الإقرار المُسند إليه بمحضر الضبط ، ودون أن تُعن المحكمة بإنكاره للاتهام ، ذلك بما يُعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن ما حصله في بيانه لواقعة الدعوى وما ساقه من الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن إنما وضع في بيان جلي مُفصل ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت بها وبالظروف التي أحاطت بالواقعة إلماماً شاملاً وأنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة بما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب بيان الواقعة وأدلتها على النحو الذي يتطلبه القانون وتتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت جريمة خرق حظر التجوال تتحقق باقتراف الفعل المادي دون أن يتطلب القانون قصداً جنائياً خاصاً ، بل يكتفى بالقصد العام الذي يتوافر بمجرد ارتكاب الفعل المكون للجريمة بنتيجته التي يعاقب عليها القانون ، ولم يشترط القانون أن يكون خرق حظر التجوال قد تم في تجمع وتظل الجريمة قائمة وإن وقع الخرق للحظر فردياً ويكون ما يزعمه الطاعن في هذا الصدد لا سند له من القانون . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وتلفيق الاتهام أو كيديته وإنكار الطاعن الاتهام كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى – ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، فضلاً عن أنه من المقرر أن انفراد الضابط - شاهد الإثبات - بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من خلو الأوراق من دليل يقيني قبله يفيد ارتكابه للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، وبذلك يكون الحكم بريئاً من أية شائبة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه استناداً إلى أن الضابط شاهد الطاعن في وقت حظر التجوال ، فقام باستيقافه وتفتيشه ، فعثر على المضبوطات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر ، وإذ كانت جريمة خرق حظر التجوال مُؤثمة بنص المادة (١٣) من قرار رئيس الوزراء رقم 939 لسنة ٢٠٢٠ الصادر بتاريخ 23/4/2020 والتي نصت على أنه : ( مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد تنص عليها القوانين المعمول بها يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القرار بالحبس وبغرامة لا تجاوز أربعة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ) ، ومن ثم فقد رصد لها القانون عقوبة الحبس ، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه : ( في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه ) ، باعتبار أنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خول إجراؤه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة وبطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في القانون العقابي المطبق لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام الحكم قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق ، فإن ما يُثيره الطاعن من أن القبض تم قبل سريان قرار رئيس الوزراء رقم ١٠٢٤ لسنة ٢٠٢٠ لا يقدح في سلامة الحكم وصحة ما انتهى إليه من قضاء وخضوع فعله للتأثيم لحدوث الواقعة حال سريان قرار رئيس الوزراء الرقيم ۹۳۹ لسنة ٢٠٢٠ ، فإن خطأ الحكم بذكر رقم قرار رئيس الوزراء رقم ١٠٢٤ لسنة ۲۰۲۰ بدلاً من رقم قرار رئيس الوزراء 939 لسنة ٢٠٢٠ لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال رقم قرار رئيس الوزراء رقم ١٠٢٤ لسنة ٢٠٢٠ برقم القرار الصحيح وهو 939 لسنة ٢٠٢٠ عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من الإقرار المُسند للطاعن بمحضر جمع الاستدلالات الذي يدعي ببطلانه كما لم يشر إليه الحكم في مدوناته ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 38 من قانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات بفقرتها الأولى بدلاً من الفقرة الثانية لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك باستبدال الفقرة الثانية من المادة المذكورة بالفقرة الأولى عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، وحيث إنه وإن كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى إدانة المتهم - الطاعن - عن جريمة إحراز جوهر مخدر ( الهيروين ) مجرد من القصود الخاصة وهي المنصوص عليها في المواد ۱ ، ۲ ، ۳۸/۲ ، ٤٢/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل والبند رقم (٢) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق مما كان يتعين معه معاقبة المتهم بالسجن المؤبد ، وكانت المحكمة لم تشر فعلاً إلى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات في حق المتهم ، إلا أنه لما كان للمحكمة أن تنزل بهذه العقوبة تطبيقاً لحكم المادة 17 من قانون العقوبات إلى الحد الذي نزلت إليه ، وهي إذ نزلت إلى عقوبة السجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه فقد دلت على أنها أعملت حكم هذه المادة ، ولما كان إنزال المحكمة حكم تلك المادة دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام تقدير تلك العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ذلك ، وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل العقوبة المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبة مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها ، فإن الحكم المطعون فيه إذا لم يلتزم عند توقيع عقوبة الغرامة الحد الأدنى المقرر لها في الفقرة الثانية من المادة 38 سالفة البيان - وهو مائة ألف جنيه – باعتبار أن المخدر محل الجريمة ( هيروين ) فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق