الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 نوفمبر 2024

الطعن 178 لسنة 87 ق جلسة 24 / 6 / 2018 مكتب فني 69 ق 120 ص 831

جلسة 24 من يونيه سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ عبد الجـواد موسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد أبو الليل، خالد سليمان، أحمد مطر نواب رئيس المحكمة ود. عاصم رمضان.
--------------------
(120)
الطعن رقم 178 لسنة 87 القضائية
(1) تعويض " التعويض عن الفعل الضار غير المشروع : الخطأ الموجب للتعويض : تحديده " .
استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وتكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض خطأ من عدمه . سلطة تقديرية لمحكمة الموضوع . خضوعه لرقابة محكمة النقض .
(2) قانون " تفسير القانون : قواعد التفسير " .
النص العام المطلق . عدم جواز تخصيصه أو تقييده بدعوى الاستهداء بالحكمة منه . علة ذلك .
(3 -5) شركات " شركات التضامن : المسئولية الشخصية للشركاء " .
(3) مسئولية الشريك المتضامن في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة . أثره . صيرورته مدينًا متضامنًا مع الشركة ولو كان الدين ثابتًا في ذمتها وحدها . علة ذلك . المواد من 22 : 25 من قانون التجارة القديم .
(4) مسآلة الشريك المتضامن عن ديون الشركة . حده . نشأة الدين قبل تخارجه منها أو انضمامه إليها . علة ذلك .
(5) انضمام المطعون ضده الأول كشريك متضامن في الشركة المتوقفة عن سداد مديونية التسهيل الائتماني . أثره . تصنيفه عميل غير منتظم . علة وأساس ذلك . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ ومخالفة للقانون . مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر – في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - متى كان النص عامًا مطلقًا فلا محل لتخصيصه أو تقييده باستهداء الحكمة منه إذ إن ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل.
3- النص في المواد من 22 حتى 25 من قانون التجارة القديم – الواردة بالفصل الأول من الباب الثاني منه الخاص بشركات الأشخاص المستثنى من الإلغاء بموجب قانون التجارة الجديد – يدل – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن الشريك في شركة التضامن أو الشريك المتضامن في شركة التوصية يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة فيكون متضامنًا مع الشركة ولو كان الدين محل المطالبة ثابتًا في ذمة الشركة وحدها ودون النظر لنصيب الشريك في رأس مال الشركة، إذ إن مسئوليته بلا حدود.
4- النص في المادة 22 (من قانون التجارة القديم) سالفة البيان على أن "الشركاء في شركة التضامن متضامنون لجميع تعهداتها ..." جاء عامًا مطلقًا لم يفرق بين الشريك المتضامن المؤسس للشركة الذى يظل محتفظًا بصفته هذه، وبين الشريك الذى تخارج منها أو انضم إليها، وبالتالي يسأل عن ديون الشركة ما دامت قد نشأت قبل تخارجه منها أو انضمامه إليها.
5- إذ كان يبين من استقراء أحكام القانون رقم 88 لسنة 2003 في شأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 2005 أن المشرع أناط بالبنك المركزي الاختصاص بوضع وتنفيذ السياسات النقدية الائتمانية والمصرفية بهدف تحقيق سلامة النظام المصرفي في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة (المادة 5)، ورخص له في سبيل تحقيق أهدافه اتخاذ كافة الوسائل والصلاحيات ووضع الضوابط التي تمكنه من بسط رقابته على البنوك وكافة وحدات الجهاز المصرفي وما تقوم به من عمليات مصرفية وما تقدمه من ائتمان، بما يكفل سلامة المراكز المالية لها وحسن أداء اعمالها وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذها، وله على الأخص وضع المعايير الواجب التزامها في تصنيف ما تقدمه من تمويل وتسهيلات ائتمانية، وفى تصنيف الغير المنتظم منها (المواد 6، 14، 56، 58)، وتناول بالفصل الرابع من الباب الثاني منه قواعد هذه الرقابة فحظر على البنوك النظر في طلبات الحصول على التمويل أو التسهيلات الائتمانية إلا بعد تقديم العميل من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين إقرارًا يفصح فيه عن أصحاب المنشأة والحصص ونسبة المساهمة ودرجة القرابة إن وجدت، وألزمها بإنشاء نظام لتسجيل مراكز العملاء الحاصلين على الائتمان، وبيان مدى انتظامهم في سداد مديونياتهم الناشئة عنه، وإبلاغ البنك المركزي بهذه البيانات وربطها وحفظها بقاعدة المعلومات المجمعة به، والاطلاع على البيان المجمع الذى ينشؤه الأخير الخاص بما يحصل عليه كل عميل والأطراف المرتبطة به قبل اتخاذ قرار تقديم الائتمان له أو زيادته أو تجديده أو تعديل شروطه ( المواد 62، 65، 66 من ذات القانون، والمواد 19، 30، 33 من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 101 لسنة 2004 )، وتفعيلًا من البنك المركزي لدوره الرقابي في هذا الصدد أصدر قرارًا بتاريخ 26 أبريل 2005 بالقواعد المنظمة لنظام تسجيل الائتمان بالبنك المركزي متضمنًا في البنود من الأول حتى السابع منه ذات الإجراءات المصرفية السالف سردها والتي يتعين على البنوك اتخاذها فيما قبل وبعد تقديم الائتمان للعملاء، وكيفية مباشرتها ووسائل تنفيذها والمسئول عنها، وتحديد ماهية المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية عملاء الائتمان وأطرافهم المرتبطة، وتوقيت الإخطار بها، فأوجب على البنوك أن يكون الإبلاغ بمركز عملائها وأطرافهم المرتبطة – ومنهم الشركاء المتضامنون بشركات الأشخاص – للإدارة العامة لمجمع مخاطر الائتمان بالبنك المركزي بصفة دورية شهريًا على النماذج التي أعدها لهذا الغرض، وأن تقوم بإدراج الشريك المتضامن بصفته ضامنا للتمويل والتسهيلات الائتمانية، كما ألزمها بالإخطار بأسماء غير المنتظم منهم في سداد مديونيته، وبكل تعديل يطرأ عليها أولًا بأول، وحظر عليها تقديم تسهيلات ائتمانية أو قبول كفالة بعض هؤلاء العملاء وفق التصنيف الذى أدرجه لهم – المتمخض عن تلك المعلومات – بذات القرار وتعديلاته التي أنزلها عليه بالقرار رقم 104 الصادر منه في 3 من يناير 2012، وإعلاءً من المشرع لدور المعلومات المتعلقة بمديونيه عملاء الائتمان، وتوكيدًا لإسهامها في صون النظام المصرفي أجاز للبنك المركزي الترخيص لشركات مساهمة مصرية يكون الغرض الوحيد من تأسيسها تقديم خدمات الاستعلام والتصنيف الائتماني المتعلقة بمديونية عملاء البنوك وشركات التمويل العقاري وشركات التأجير التمويلي، والمتقدمين للحصول على تسهيلات ائتمانية من موردي السلع والخدمات، وأخضعها لرقابة البنك المركزي وخوله إصدار القرارات المنظمة لعملها (المادة 67 مكررًا من ذات القانون)، وصرح بتبادل هذه المعلومات – دون اشتراط الحصول على موافقة العميل – فيما بين هذه الشركات والجهات المانحة للائتمان سالفة الذكر والبنك المركزي، مفوضًا الأخير وضع القواعد المنظمة لهذا التبادل ( المادة 99 )، ونزولًا على هذا التفويض أصدر البنك المركزي بتاريخ 17 يناير 2006 قرارًا في هذا الخصوص أورد بالقسم الأول منه القواعد المنظمة لعمل هذه الشركات، فبين أن طبيعة عملها هي تكوين ملفات ائتمانية تحتوى على المعلومات والبيانات الشخصية والائتمانية المتعلقة بمديونية عملاء البنوك، والجهات مانحة الائتمان السالف ذكرها، على أن تشمل عادات وأنماط السداد لخمس سنوات سابقة على الأقل لتعبر عن مدى التزامهم به في المواعيد المحددة، فضلًا عن أنها تقوم بتوفير خدمات الاستعلام والتصنيف الائتماني الذى يعبر عن تقييم رقمي لكل عميل وفقًا لأسس إحصائية لتحديد درجة المخاطر المرتبطة بعدم سداده لالتزاماته المستقبلية، وكذا إصدار التقارير الائتمانية للمستعلمين دون إبداء توصيـات تتعلق بمنح الائتمان، كما تناول بالقسم الثاني منه القواعد المنظمة لتبادل هذه المعلومات، فألزم البنوك – التي تعاقدت مع هذه الشركات – والبنك المركزي بتقديم المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية عملائها لتلك الشركات وتحديثها أولًا بأول تارة، وتارة أخرى بالاستعلام والحصول من ذات الشركات على التصنيف والتقارير الائتمانية للعميل قبل الموافقة على تقديم الائتمان له أو زيادته أو تجديده أو تعديل شروطه، وأخيرًا منح المشرع بنص المادة 135 من القانون المشار إليه مجلس إدارة البنك المركزي سلطات واسعة في توقيع جزاءات على البنوك وشركات الاستعلام والتصنيف الائتماني التي تخالف أحكام هذا القانون أو نظام البنك المركزي أو قراراته، فإن مفاد كل ما تقدم أن المشرع أنشأ بموجب هذه القواعد الآمرة التزامات قانونية على البنوك العاملة في مصر ارتأى أنها تتعلق بصون ما تقوم به من عمليات مصرفية وما تقدمه من تمويل وتسهيلات ائتمانية، ففرض عليها اتخاذ بعض الإجراءات من بينها أن تقوم بإخطار البنك المركزي، وشركات الاستعلام والتصنيف الائتماني – المتعاقدة معها – بالمعلومات والبيانات المتعلقة بمركز عملائها من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الحاصلين على تمويل أو تسهيلات ائتمانية والأطراف المرتبطة بهم – ومنهم الشركاء المتضامنون في شركات الأشخاص، وبمن توقف منهم عن سداد المديونية الائتمانية وكل ما يتعلق بها أو يطرأ عليها من تعديل أولًا بأول، وكان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه وتقرير الخبير – وبلا خلاف بين الخصوم – أن المطعون ضده الأول انضم كشريك متضامن إلى شركة ... – وهى من شركات الأشخاص – التي توقفت عن سداد المديونية الناجمة عن التسهيل الائتماني الممنوح إليها من البنك الطاعن بموجب عقد فتح اعتماد حساب جارٍ قبل انضمامه إليها، فإن تصنيف البنك له كعميل غير منتظم في السداد بعد انضمامه إلى هذه الشركة باعتباره مسئولا في ماله الخاص عن هذه المديونية دون النظر إلى استمراره فيها أو تخارجه منها بعد ذلك، وإخطاره لشركة الاستعلام الائتماني – المطعون ضدها الثالثة – بهذا التصنيف بحسبانه من الأطراف المرتبطة بالشركة المدينة سالفة الذكر يعد إجراءً مصرفيًا وجوبيًا لا خطأ فيه يوجب المسئولية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على البنك الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما الدعوى رقم ... لسنة 6 ق استئناف القاهرة الاقتصادية للحكم – وفقًا لطلباته الختامية – (أولاً) بمحو وإلغاء تضمين التقرير الائتماني له معلومات سلبية تفيد مديونيته للبنك الطاعن، (ثانياً) بإلزام الطاعن والشركة المطعون ضدها الثالثة بتعويض مادى وأدبى قدره مليون جنيه، وقال بيانًا لذلك إن الشركة المطعون ضدها الأولى (الشركة ... للاستعلام الائتماني) أدرجت التصنيف الائتماني للمطعون ضده الأول كعميل سيئ للغاية بناءً على إخطارها من البنك الطاعن بأنه عميل متوقفعن سداد مديونية شركة "...." الناجمة عن التسهيل الائتماني الممنوح لها بموجب عقد القرض المؤرخ 27/5/2009، وذلك باعتباره شريكًا متضامنًا في هذه الشركة على الرغم من أنه انضم إليها بعد إبرام هذا العقد ونشوء ذلك الدين، وتخارج منها بعد ذلك، وبالتالي لا يسأل عنه. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 2016 بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته لرفعها على غير ذي صفة، وبإلزام البنك الطاعن (أولاً) باتخاذ ما يلزم لمحو ورفع اسم المطعون ضده الأول من قوائم الحظر، (ثانياً) بأن يؤدى للمطعون ضده الأول مبلغ مائة وعشرين ألف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا، طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرِضَ الطعن على هـذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظر الشق الثاني من الوجه الأول من السبب الأول، والوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه بالشق الثاني من الوجه الأول، والوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ ألزمه بالتعويض المقضي به أخذًا بتقرير الخبير الذى انتهى إلى أن إخطار البنك الطاعن لكل من البنك المركزي والشركة..... للاستعلام الائتماني بأن المطعون ضده الأول عميل متوقف عن سداد المديونية الناجمة عن التسهيل الائتماني الممنوح للشركة المسماة "...." من البنك الطاعن والذى ترتب عليه تصنيفه الائتماني كعميل سيئ هو إجراء لا سند له من الوجهة المصرفية، في حين أن الثابت في الأوراق أنه شريك متضامن انضم إلى هذه الشركة فيسأل في أمواله الخاصة عن مديونيتها، وبالتالي فإن هذا الاخطار وجوبىّ على البنك عملًا بأحكام قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 ولائحته التنفيذية بما ينتفى معه خطؤه التقصيري، وهو مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه ولئن كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض، وأنه متى كان النص عامًا مطلقًا فلا محل لتخصيصه أو تقييده باستهداء الحكمة منه إذ إن ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل، وكان النص في المواد من 22 حتى 25 من قانون التجارة القديم – الواردة بالفصل الأول من الباب الثاني منه الخاص بشركات الأشخاص المستثنى من الإلغاء بموجب قانون التجارة الجديد – يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الشريك في شركة التضامن أو الشريك المتضامن في شركة التوصية يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة فيكون متضامنًا مع الشركة ولو كان الدين محل المطالبة ثابتًا في ذمة الشركة وحدها ودون النظر لنصيب الشريك في رأس مال الشركة، إذ إن مسئوليته بلا حدود، وكان النص في المادة 22 سالفة البيان على أن "الشركاء في شركة التضامن متضامنون لجميع تعهداتها ..." جاء عامًا مطلقًا لم يفرق بين الشريك المتضامن المؤسس للشركة الذى يظل محتفظًا بصفته هذه، وبين الشريك الذى تخارج منها أو انضم إليها، وبالتالي يسأل عن ديون الشركة ما دامت قد نشأت قبل تخارجه منها أو انضمامه إليها، وكان يبين من استقراء أحكام القانون رقم 88 لسنة 2003 في شأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 2005 أن المشرع أناط بالبنك المركزي الاختصاص بوضع وتنفيذ السياسات النقدية الائتمانية والمصرفية بهدف تحقيق سلامة النظام المصرفي في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة (المادة 5)، ورخص له في سبيل تحقيق أهدافه اتخاذ كافة الوسائل والصلاحيات ووضع الضوابط التي تمكنه من بسط رقابته على البنوك وكافة وحدات الجهاز المصرفي وما تقوم به من عمليات مصرفية وما تقدمه من ائتمان، بما يكفل سلامة المراكز المالية لها وحسن أداء اعمالها وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذها، وله على الأخص وضع المعايير الواجب التزامها في تصنيف ما تقدمه من تمويل وتسهيلات ائتمانية، وفى تصنيف الغير المنتظم منها (المواد 6، 14، 56، 58)، وتناول بالفصل الرابع من الباب الثاني منه قواعد هذه الرقابة فحظر على البنوك النظر في طلبات الحصول على التمويل أو التسهيلات الائتمانية إلا بعد تقديم العميل من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين إقرارًا يفصح فيه عن أصحاب المنشأة والحصص ونسبة المساهمة ودرجة القرابة إن وجدت، وألزمها بإنشاء نظام لتسجيل مراكز العملاء الحاصلين على الائتمان، وبيان مدى انتظامهم في سداد مديونياتهم الناشئة عنه، وإبلاغ البنك المركزي بهذه البيانات وربطها وحفظها بقاعدة المعلومات المجمعة به، والاطلاع على البيان المجمع الذى ينشؤه الأخير الخاص بما يحصل عليه كل عميل والأطراف المرتبطة به قبل اتخاذ قرار تقديم الائتمان له أو زيادته أو تجديده أو تعديل شروطه (المواد 62، 65، 66 من ذات القانون، والمواد 19، 30، 33 من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 101 لسنة 2004)، وتفعيلًا من البنك المركزي لدوره الرقابي في هذا الصدد أصدر قرارًا بتاريخ 26 أبريل 2005 بالقواعد المنظمة لنظام تسجيل الائتمان بالبنك المركزي متضمنًا في البنود من الأول حتى السابع منه ذات الإجراءات المصرفية السالف سردها والتي يتعين على البنوك اتخاذها فيما قبل وبعد تقديم الائتمان للعملاء، وكيفية مباشرتها ووسائل تنفيذها والمسئول عنها، وتحديد ماهية المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية عملاء الائتمان وأطرافهم المرتبطة، وتوقيت الإخطار بها، فأوجب على البنوك أن يكون الإبلاغ بمركز عملائها وأطرافهم المرتبطة – ومنهم الشركاء المتضامنون بشركات الأشخاص – للإدارة العامة لمجمع مخاطر الائتمان بالبنك المركزي بصفة دورية شهريًا على النماذج التي أعدها لهذا الغرض، وأن تقوم بإدراج الشريك المتضامن بصفته ضامنا للتمويل والتسهيلات الائتمانية، كما ألزمها بالإخطار بأسماء غير المنتظم منهم في سداد مديونيته، وبكل تعديل يطرأ عليها أولًا بأول، وحظر عليها تقديم تسهيلات ائتمانية أو قبول كفالة بعض هؤلاء العملاء وفق التصنيف الذى أدرجه لهم – المتمخض عن تلك المعلومات – بذات القرار وتعديلاته التي أنزلها عليه بالقرار رقم 104 الصادر منه في 3 من يناير 2012، وإعلاءً من المشرع لدور المعلومات المتعلقة بمديونيه عملاء الائتمان، وتوكيدًا لإسهامها في صون النظام المصرفي أجاز للبنك المركزي الترخيص لشركات مساهمة مصرية يكون الغرض الوحيد من تأسيسها تقديم خدمات الاستعلام والتصنيف الائتماني المتعلقة بمديونية عملاء البنوك وشركات التمويل العقاري وشركات التأجير التمويلي، والمتقدمين للحصول على تسهيلات ائتمانية من موردي السلع والخدمات، وأخضعها لرقابة البنك المركزي وخوله إصدار القرارات المنظمة لعملها (المادة 67 مكررًا من ذات القانون)، وصرح بتبادل هذه المعلومات – دون اشتراط الحصول على موافقة العميل – فيما بين هذه الشركات والجهات المانحة للائتمان سالفة الذكر والبنك المركزي، مفوضاً الأخير وضع القواعد المنظمة لهذا التبادل (المادة 99)، ونزولاً على هذا التفويض أصدر البنك المركزي بتاريخ 17 يناير 2006 قرارًا في هذا الخصوص أورد بالقسم الأول منه القواعد المنظمة لعمل هذه الشركات، فبين أن طبيعة عملها هي تكوين ملفات ائتمانية تحتوى على المعلومات والبيانات الشخصية والائتمانية المتعلقة بمديونية عملاء البنوك، والجهات مانحة الائتمان السالف ذكرها، على أن تشمل عادات وأنماط السداد لخمس سنوات سابقة على الأقل لتعبر عن مدى التزامهم به في المواعيد المحددة، فضلًا عن أنها تقوم بتوفير خدمات الاستعلام والتصنيف الائتماني الذى يعبر عن تقييم رقمي لكل عميل وفقًا لأسس إحصائية لتحديد درجة المخاطر المرتبطة بعدم سداده لالتزاماته المستقبلية، وكذا إصدار التقارير الائتمانية للمستعلمين دون إبداء توصيـات تتعلق بمنح الائتمان، كما تناول بالقسم الثاني منه القواعد المنظمة لتبادل هذه المعلومات، فألزم البنوك – التي تعاقدت مع هذه الشركات – والبنك المركزي بتقديم المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية عملائها لتلك الشركات وتحديثها أولاً بأول تارة، وتارة أخرى بالاستعلام والحصول من ذات الشركات على التصنيف والتقارير الائتمانية للعميل قبل الموافقة على تقديم الائتمان له أو زيادته أو تجديده أو تعديل شروطه، وأخيرًا منح المشرع بنص المادة 135 من القانون المشار إليه مجلس إدارة البنك المركزي سلطات واسعة في توقيع جزاءات على البنوك وشركات الاستعلام والتصنيف الائتماني التي تخالف أحكام هذا القانون أو نظام البنك المركزي أو قراراته، فإن مفاد كل ما تقدم أن المشرع أنشأ بموجب هذه القواعد الآمرة التزامات قانونية على البنوك العاملة في مصر ارتأى أنها تتعلق بصون ما تقوم به من عمليات مصرفية وما تقدمه من تمويل وتسهيلات ائتمانية، ففرض عليها اتخاذ بعض الإجراءات من بينها أن تقوم بإخطار البنك المركزي، وشركات الاستعلام والتصنيف الائتماني – المتعاقدة معها – بالمعلومات والبيانات المتعلقة بمركز عملائها من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الحاصلين على تمويل أو تسهيلات ائتمانية والأطراف المرتبطة بهم – ومنهم الشركاء المتضامنون في شركات الأشخاص، وبمن توقف منهم عن سداد المديونية الائتمانية وكل ما يتعلق بها أو يطرأ عليها من تعديل أولًا بأول، وكان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه وتقرير الخبير – وبلا خلاف بين الخصوم – أن المطعون ضده الأول انضم كشريك متضامن إلى شركة .... – وهى من شركات الأشخاص – التي توقفت عن سداد المديونية الناجمة عن التسهيل الائتماني الممنوح إليها من البنك الطاعن بموجب عقد فتح اعتماد حساب جارٍ قبل انضمامه إليها، فإن تصنيف البنك له كعميل غير منتظم في السداد بعد انضمامه إلى هذه الشركة باعتباره مسئولًا في ماله الخاص عن هذه المديونية دون النظر إلى استمراره فيها أو تخارجه منها بعد ذلك، وإخطاره لشركة الاستعلام الائتماني – المطعون ضدها الثالثة – بهذا التصنيف بحسبانه من الأطراف المرتبطة بالشركة المدينة سالفة الذكر يعد إجراءً مصرفيًا وجوبيًا لا خطأ فيه يوجب المسئولية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الخصوص.
وحيث إنه إعمالًا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة الثانية عشرة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين التصدي لموضوع الدعوى بخصوص ما تم نقضه من الحكم المطعون فيه، ولما تقدم يتعين القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من إلزام البنك الطاعن بمبلغ مائة وعشرين ألف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا والتأييد فيما عدا ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق