الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 نوفمبر 2024

الطعن 4067 لسنة 90 ق جلسة 24 / 7 / 2022 مكتب فني 73 ق 51 ص 479

جلسة 24 من يوليو سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / صلاح محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / توفيق سليم ، أيمن شعيب ومحمد فتحي نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد العليم مهران.
------------------
(51)
الطعن رقم 4067 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده مؤدى الأدلة في بيان واف . لا قصور .
(2) رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . ضرب " ضرب أحدث عاهة " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً . تقديرها . موضوعي . حد ذلك ؟
الإهمال أو التراخي في علاج المجني عليه . لا يقطع رابطة السببية . ما لم يثبت تعمد المجني عليه تجسيم المسئولية .
مثال .
(3) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة الموضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع . غير جائزة .
مثال .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(5) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . الإشارة إلى أقوالهم . غير لازمة . ما دامت لم تستند إليها . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده ؟
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
التناقض بين تحريات الشرطة وأقوال المجني عليه . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " شهود " " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفر " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق . النعي في هذا الشأن لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(9) تقرير التلخيص .
عدم التزام محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص . اقتصار ذلك على الدوائر الاستئنافية . أساس ذلك ؟
(10) طفل . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تأقيت الحكم مدة إيداع الطاعن إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية . خطأ في تطبيق القانون . لا جدوى من تصحيحه . متى نفذ مدته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد في غير محله .
2- من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني ، وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، فمتى فصل في شأنها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل في مدوناته بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه من أن العاهة التي تخلفت لدى المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن الأول ، والذي لا يماري في أن ما أقام عليه الحكم قضاءه من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي له سنده الصحيح من الأوراق ، وكان الإهمال في علاج المجني عليه أو التراخي فيه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمدًا لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعنان ، ومن ثم فإن منعاهما فيما سلف يكون غير سديد .
3- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تُنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهامات المسندة إلى الطاعنين ودانتهما بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغاً بما لا تناقض فيه ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والتي حصلها بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعنان تعييبًا لأقوالهم والقول بتناقضهما وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه وشيوع التهمة إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن إعراض الحكم عن المستندات التي قدمت تدليلاً على صحة دفاعهما إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
6- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا في أسباب طعنهما عن أوجه الدفوع والدفاع المبداة منهما بجلسة المحاكمة ولم تعرض لها المحكمة حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحوي دفاعًا جوهريًا مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ردًا عليه بل ساقا قولهما في هذا الصدد مرسلًا مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان التناقض بين تحريات الشرطة وأقوال المجني عليه - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة منهما استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد .
8- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، هذا فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ لهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
9- من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص ، ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص ، قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب ، فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات ، يدل على ذلك أن المادة 381/1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها إلى الإجراءات التي تتبع في الجنح والمخالفات ، وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد أقت مدة الإيداع بإحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للطاعن الثاني خلافاً للمقرر قانوناً بما كان يؤذن بتصحيحه بإلغاء التأقيت ، إلا أنه لما كان الثابت من مذكرة نيابة النقض أن الطاعن قد نفذ مدة الإيداع في المدة من .... إلى .... ، ومن ثم لا جدوى من تصحيح الحكم في هذا الشأن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... 2- .... ( طاعن ) 3- .... ( طاعن ) بأنهم :
1- شرعوا في قتل المجني عليه / .... عمدًا مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا الأسلحة البيضاء محل الاتهام الثاني وتوجهوا إلى مكان تواجده وما إن ظفروا به تعدوا عليه بالضرب باستخدام تلك الأسلحة بالبطن والفخذ الأيسر محدثين إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي إلا أنه قد أوقف أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرزوا أسلحة بيضاء ( سكين ، سنجة ، حجارة ) بدون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليه .... مدنيًا قبل المتهمين الأول والثاني كلًا منهما بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملًا بالمواد 240/1 ، 242 /3،1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكررًا/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبنود أرقام ( 5 ، 6 ، 7 ) من الجدول رقم (1) الملحق والمواد ۲ ، 95 ، ۱۰۱ ، 122/2 ، 140 من قانون الطفل رقم ۱۲ لسنة 1996 المعدل مع تطبيق نص المادة ۳۲ من قانون العقوبات ، أولًا : بمعاقبة المتهم .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيهًا تعويضاً مدنيًا مؤقتًا وألزمته بمصاريف الدعوى المدنية وبمبلغ ثلاثمائة جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة ، ثانيًا : بمعاقبة المتهم .... بالحبس لمدة ثلاثة أشهر عما أسند إليه وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيهًا تعويضاً مدنيًا مؤقتًا وألزمته بمصاريف الدعوى المدنية وبمبلغ ثلاثمائة جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة ، ثالثًا : بمعاقبة المتهم الثالث – الطفل - .... بإيداعه إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر ، بعد أن عدلت القيد والوصف من جريمة الشروع في القتل إلى جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة قِبل المتهم الثاني والضرب البسيط قِبل المتهمين الأول والثالث .
فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة وثانيهما بجريمة الضرب البسيط ودانهما بجريمة إحراز سلاح أبيض ( سكين ، أداة ) بغير مسوغ ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ، ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى وأدلتها والتي لم يوردها بصورة وافية ولم يستظهر رابطة السببية بين الفعل والنتيجة الإجرامية رغم انقطاعها بالخطأ الطبي وبما يُنبئ عن عدم إلمام المحكمة بعناصر الدعوى عن بصر وبصيرة ، وعول على أقوال شهود الإثبات معتنقًا تصويرهم لواقعة الدعوى مع عدم معقوليته وتناقض أقوالهم ، ورد بما لا يصلح على دفاعهما في هذا الصدد ملتفتًا عن دفاعهما بكيدية الاتهام وشيوع التهمة وعدم معقولية تصور حدوثها والمؤيد بأقوال شاهدي النفي والمستندات المقدمة منهما ، كما التفت عن دفوعهما الجوهرية المبداة بجلسة المحاكمة ، كما عول على تحريات الشرطة مع عدم جديتها وتناقضها مع أقوال المجني عليه ، وتساند إلى الدليلين القولي والفني مع تناقضهما ، وأخيرًا خلت أوراق الدعوى من تقرير تلخيص ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني ، وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدًا ، وثبوت هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، فمتى فصل في شأنها إثباتًا أو نفيًا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ، ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل في مدوناته بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه من أن العاهة التي تخلفت لدى المجني عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن الأول ، والذي لا يماري في أن ما أقام عليه الحكم قضاءه من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي له سنده الصحيح من الأوراق ، وكان الإهمال في علاج المجني عليه أو التراخي فيه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمدًا لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعنان ، ومن ثم فإن منعاهما فيما سلف يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تُنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهامات المسندة إلى الطاعنين ودانتهما بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال تنطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا بما لا تناقض فيه ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والتي حصلها بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعنان تعييبًا لأقوالهم والقول بتناقضهما وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه وشيوع التهمة إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعنان في شأن إعراض الحكم عن المستندات التي قدمت تدليلًا على صحة دفاعهما إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا ، وكان الطاعنان لم يكشفا في أسباب طعنهما عن أوجه الدفوع والدفاع المبداة منهما بجلسة المحاكمة ولم تعرض لها المحكمة حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحوي دفاعًا جوهريًا مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذًا بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ردًا عليه بل ساقا قولهما في هذا الصدد مرسلًا مجهلًا ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان التناقض بين تحريات الشرطة وأقوال المجني عليه - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة منهما استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضًا يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، هذا فضلًا عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئًا بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ لهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب ، فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات ، يدل على ذلك أن المادة 381/1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها إلى الإجراءات التي تتبع في الجنح والمخالفات ، وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقت مدة الإيداع بإحدى المؤسسات الرعاية الاجتماعية للطاعن الثاني خلافًا للمقرر قانونًا بما كان يؤذن بتصحيحه بإلغاء التأقيت ، إلا أنه لما كان الثابت من مذكرة نيابة النقض أن الطاعن قد نفذ مدة الإيداع في المدة من سبتمبر سنة 2019 إلى ديسمبر سنة 2019 ، ومن ثم لا جدوى من تصحيح الحكم في هذا الشأن . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق