جلسة 22 من سبتمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي الدكتور / علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد الخطيب ، هشام عبد الهادي ونادر خلف نواب رئيس المحكمة وصلاح صديق .
------------------
(56)
الطعن رقم 6055 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . المادة 310 إجراءات جنائية .
(2) تلبس . سكك حديدية . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مشاهدة رجل الضبط لأحد الموظفين المختصين بفحص التذاكر داخل إحدى عربات القطار ممسكاً بيده عدد من تذاكر السفر بحالة ظاهرة . تلبس بجريمة حيازة وإحراز تذاكر سفر دون مسوغ تبيح له القبض عليه وتفتيشه . التفات الحكم عن الرد على الدفع في هذا الشأن . لا يعيبه . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي في المحاكمات الجنائية بدليل معين . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . حد ذلك ؟
النعي بخلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة ظنية الدلالة . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها .
سرد روايات الشاهد إذا تعددت . غير لازم . للمحكمة إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه .
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى . متى اطمأنت إليها .
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع غيره من الشهود . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي بالتناقض بين أقوال ضابط التحريات وأحد معاونيه . غير مجد . متى لم يعول الحكم على أقوال الأخير ولم يـورد لـهـا ذكـراً .
(7) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الطلب الجازم الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد طلباً جازماً .
(8) إثبات " قرائن " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تعويل الحكم على اتهامات سابقة للطاعن كقرينة تعزز الأدلة التي اعتمد عليها في قضائه . لا يعيبه . متى لم يتخذ من تلك القضايا دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة قبله .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
مثال .
(10) دفوع " الدفع بكيدية الاتهام " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً .
مثال .
(12) تربح . عزل . غرامة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة المطعون ضده بجريمة محاولة الحصول لنفسه على ربح من أعمال وظيفته وإغفال عقوبتي الغرامة والعزل . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيح الحكم . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستقاة مما قرره شهود الواقعة ، وما ورد بمذكرة سوابق الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال فـي الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وأدلتها – حسبما استخلصتها - كان ذلك محققًا لحكم القانون كما جرى بـه نـص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم يـضحى ما يثيره الطاعن فـي هـذا الصدد في غير محله .
2- لما كان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة والثابت من أقـوال شهود الإثبات بالتحقيقات أن معلومات وردت للشاهد الأول تفيد أن الطاعن يقوم باستخراج تذاكر سفر لحسابه الشخصي وبيعها بالسوق السوداء بقصد التربح من أعمال وظيفته فتوجه رفقة الشاهدين الثاني والثالث إلى القطار الذي يستقله الطاعن حال عودته من عمله وعند دلوفهم بداخله شاهدوا الطاعن حال جلوسه على مقعد بإحدى عربات القطار ممسكًا بيده بعدد من تذاكر السفر بحالة ظاهرة فإن المتهم يكون مرتكبًا لجريمة حيازة وإحراز تذاكر سفر دون مسوغ قانوني وتجيز القبض عليه وتفتيشه عملًا بأحكام المادتين ۸ ، ۲۰ من القانون رقم ٢٧٧ لسنة 1959 بشأن نظام السفر بالسكك الحديدية والمعدل بالقانون رقم 169 لسنة 1981 ، فإن التفتيش في هذه الحالة – بفرض حدوثه - يكـون صحيحًا وقائمًا على حالة التلبس وتكون المحكمة في حل من الالتفات عما أثاره الطاعن من بطلان القبض والتفتيش دون أن يعتبر سكوتها عن تناوله والرد عليه عيبًا في حكمها لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم في الأصل بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان .
3- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكـان ما يثيره الطاعن فـي شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة ظنية الدلالة ، لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأنها غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تـورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكـان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع غيره من الشهود - بفرض ثبوته – لا يعيب الحكـم مـا دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقـة من تلك الأقوال استخلاصًا لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن منعى الطاعن فـي شـأن التعويل على أقوال الشهود وصحة تصـويرهم للواقعة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض .
5- لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلـة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته ، ولا يشترط أن تكـون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المـواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحًا دالًا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمـة مـن الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع مما شهد به شهود الإثبات بثبوت الواقعة بناءً على استخلاص سائغ ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في حق محكمة الموضوع في معتقدها من الأدلة المطروحة عليها - والتي لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق – واطراح ما رأت الالتفات عنه مما تقبل مصادرتها فيه أو الخوض في مناقشته أمام محكمة النقض .
6- لما كان البيّن أن الحكم المطعون فيـه قـد عول علـى أقوال ضابط التحريات ، فـإن القول بوجـود تناقض بين أقوال هذا الضابط وبين ما أدلى به المدعو / .... - بفرض صحته - لا يكون مجديًا إزاء ما هو ثابت من أن الحكم لم يعول علـى أقواله ولـم يـورد لـهـا ذكـرًا فيما سطره ، ومن ثم يضحـى مـا يثيـره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول .
7- من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع الأول عن الطاعن ولئن استهل مرافعته بطلب احتياطي هو سماع شاهد الإثبات / .... ، فضلًا عن المدعو / .... ، إلا أنه انتهى إلى طلب البراءة دون أن يتناول طلباته سالفة الذكر أو يصر عليها في طلباته الختامية بما مفاده أنه نزل عنها وهو ما تنحسر معه قالة إخلال الحكم المطعون فيه بحق الدفاع .
8- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمـة لـم تـبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن من اتهامات سابقة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة التي اعتمد عليها في قضائه مـا دام أنه لم يتخذ من تلك القضايا التي سبق اتهام الطاعن فيها دليلًا أساسيًا على ثبوت التهمـة قبله .
9- لمـا كـان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقًا معينًا بصدد ما ورد بصحيفة سوابقه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
10- من المقرر أن الدفع بكيدية وتلفيق الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ما دام الرد مستفادًا ضـمنًا مـن القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها .
11- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا ، وكان الطاعن لم يبين في طعنه أوجه الدفاع والدفوع التي ساقها والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها ، بل أرسلا القول إرسالًا مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد أو لم يتناولها ، وهل كانت دفاعًا ودفوعًا جوهريًا ممـا يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليها أو هي من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم في الأصل ردًا بل الرد عليها مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولًا .
12- لما كان البين أن نص المادة ٢٧ من قانون العقوبات قد جرى على أن : ( كل موظف ارتكب جناية مـما نص عليه فـي الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عُومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضًا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه ) ، كما جرى نص المادة 118 من قانون العقوبات على أنه : ( فضلًا عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، ١١٣ مكررًا فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرر ، 117 فقرة أولى ، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، ۱۱۳ فقرة أولى وثانية ورابعة ، ١١٣مكررًا فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه) . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة بعد أن دانت المطعون ضده عن جريمة محاولة الحصول لنفسه على ربح من أعمال وظيفته وعاملته بقدر من الرأفة بما تسمح به المادة 17 من قانون العقوبات وعاقبته بالحبس سنة واحدة دون أن تقضي عليه بباقي العقوبات المقررة لتلك الجريمة وهي الغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه والعزل من الوظيفة لمدة سنتين فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، مما يتعين معـه تصحيحه وفقًا للقانون مـا دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى وذلك عملًا بالمادة 39 /1 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- بصفته من العاملين بإحدى الهيئات العامة ( صراف تذاكر بالهيئة القومية لسكك حديد مصر - المنطقة .... ) حاول الحصول لنفسه على ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن قام بصرف وطباعة تذاكر السفر بقطارات السكك الحديدية ( إحدى وعشرون تذكرة ) تمهيداً لبيعها لجمهور المسافرين بسعر يزيد عن السعر الرسمي المحدد لها والاحتفاظ بفارق السعر لنفسه محققًا بذلك ربح من عمل من أعمال وظيفته حال كونه مختصًا بطباعة وصرف وبيع تذاكر السكك الحديدية بمحطة .... على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمواد 115 ، ۱۱۸ ، ۱۱۸ مكرراً ، 1۱۹ / ب ، 119 مكرراً / هـ من قانون العقوبات ، وبعد إعمال المادة 17 من ذات القانون ، بمعاقبة / .... بالحبس لمدة سنة واحدة لما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه / .... :
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيـه أنـه إذ دانه بجريمـة محاولة الحصول لنفسه على ربح من أعمال وظيفته قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه خلا من الأسباب ولم يحط بواقعات الدعوى وأدلتهـا عـن بصـر وبصيرة ، ولم يعرض للدفع ببطلان إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشـه رغـم جوهريته ، هذا وعول الحكم في الإدانة على أدلة ظنية غير يقينية إذ عول على أقوال شهود الإثبات رغم كذبها وتعدد رواياتهم وتناقضها ولم يعن برفع هذا التناقض ، كما عول على أقوال المخبرين / .... و .... رغم أن أقوالهما لا تؤدي إلى إدانة الطاعن ، فضلًا عن تناقضهما مع أقوال الضابط مجري التحريات بشأن كيفية ضبط الطاعن ، ولم تجب المحكمـة طلبـه سماع أقوالهما بالجلسة ، كما تساند الحكـم إلـى صحيفة سوابق الطاعن واتخذ منها دليلًا قبله دون أن تقف المحكمة على حقيقة وصحة ما ورد بها من اتهامات ونسبتها إليه ، وأخيرًا لم يعرض الحكم لما ساقه الطاعن من قرائن تشير إلى كيدية الاتهام وتلفيقه ، ولباقي دفوعه الأخرى رغم أهميتها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستقاة مما قرره شهود الواقعة ، وما ورد بمذكرة سوابق الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لـم يرسم شكلًا خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكـم - كمـا هـو الحـال فـي الدعوى المطروحة - كافيًـا فـي تفهم الواقعة بأركانها وظروفها وأدلتها - حسبما استخلصتها - كان ذلك محققًا لحكم القانون كما جرى بـه نـص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومـن ثـم يـضحى ما يثيره الطاعن فـي هـذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكـان البـين مـن الاطلاع على المفردات المضمومة والثابـت مـن أقوال شهود الإثبات بالتحقيقات أن معلومات وردت للشاهد الأول تفيد أن الطاعن يقوم باستخراج تذاكر سفر لحسابه الشخصي وبيعها بالسوق السوداء بقصد التربح من أعمال وظيفته فتوجه رفقة الشاهدين الثاني والثالث إلى القطار الذي يستقله الطاعن حـال عودته من عمله وعند دلوفهم بداخله شاهدوا الطاعن حال جلوسه على مقعد بإحدى عربات القطار ممسكًا بيده بعدد من تذاكر السفر بحالة ظاهرة فإن المتهم يكون مرتكبًا لجريمة حيازة وإحراز تذاكر سفر دون مسوغ قانوني وتجيز القبض عليه وتفتيشه عملًا بأحكام المادتين ۸ ، ۲۰ من القانون رقم ٢٧٧ لسنة 1959 بشأن نظام السفر بالسكك الحديدية والمعدل بالقانون رقم 169 لسنة 1981 ، فإن التفتيش في هذه الحالة – بفرض حدوثه - يكـون صحيحًا وقائمًا على حالة التلبس وتكون المحكمة في حل من الالتفات عما آثاره الطاعن من بطلان القبض والتفتيش دون أن يعتبر سكوتها عن تناوله والرد عليه عيبًا في حكمها لما هـو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم في الأصل بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه بالأوراق . وكـان ما يثيره الطاعن فـي شـأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة ظنية الدلالة ، لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحةعلى بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صـور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأنها غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تـورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليهـا وكـان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع غيره من الشهود - بفرض ثبوته – لا يعيب الحكـم مـا دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقـة مـن تلك الأقوال استخلاصًا لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن منعى الطاعن فـي شـأن التعويل على أقوال الشهود وصحة تصـويرهم للواقعة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض . لمـا كـان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المـواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحًا دالًا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع مما شهد به شهود الإثبات بثبوت الواقعة بناءً على استخلاص سائغ ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في حق محكمة الموضوع في معتقدها من الأدلة المطروحة عليها - والتي لا يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق - واطراح ما رأت الالتفات عنه مما تقبل مصادرتها فيه أو الخوض في مناقشته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيـه قـد عـول علـى أقوال ضابط التحريات فـإن القول بوجـود تناقض بين أقوال هذا الضابط وبين ما أدلى به المدعو / .... - بفرض صحته - لا يكون مجديًا إزاء ما هو ثابت من أن الحكم لم يعول علـى أقوالـه ولـم يـورد لـهـا ذكـرًا فيما سطره ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع الأول عن الطاعن ولئن استهل مرافعته بطلب احتياطي هو سماع شاهد الإثبات / .... ، فضلًا عن المدعو / .... ، إلا أنه انتهى إلى طلب البراءة دون أن يتناول طلباته سالفة الذكر أو يصر عليها في طلباته الختامية بما مفاده أنه نزل عنها وهو ما تنحسر معه قالة إخلال الحكم المطعون فيه بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمـة لـم تـبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن من اتهامات سابقة وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من تلك القضايا التي سبق اتهام الطاعن فيها دليلًا أساسيًا على ثبوت التهمة قبله . لمـا كـان ذلك ، وكـان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقًا معينًا بصدد ما ورد بصحيفة سوابقه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بكيدية وتلفيق الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ما دام الرد مستفادًا ضـمنًا مـن القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا ، وكان الطاعن لم يبين في طعنه أوجه الدفاع والدفوع التي ساقها والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها ، بل أرسلا القول إرسالًا مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد أو لم يتناولها ، وهل كانت دفاعًا ودفوعًا جوهريًا ممـا يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليها أو هي من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم في الأصل ردًا بل الرد عليها مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولًا . لمـا كـان مـا تقـدم ، فإن الطعن المقـدم مــن المحكوم عليـه برمتـه يـكـون علـى غيـر أسـاس متعينًا رفضه موضوعًا .
ثانيًا : بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة :
ومن حيث إن نص المادة ٢٧ من قانون العقوبات قد جرى على أن : ( كل موظف ارتكب جنايـة مـمـا نـص عليـه فـي البـاب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عُومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضًا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه ) ، كما جرى نص المادة 118 من قانون العقوبات على أنه : ( فضلًا عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، ١١٣ مكررًا فقرة أولى ، 114 ، 115 ، 116 ، 116 مكرر ، 117 فقرة أولى ، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد ۱۱۲ ، ۱۱۳ فقرة أولى وثانية ورابعة ، ١١٣مكررًا فقرة أولى ، 114 ، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه) . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة بعد أن دانت المطعون ضده عن جريمة محاولة الحصول لنفسه على ربح من أعمال وظيفته وعاملته بقدر من الرأفة بما تسمح به المادة 17 من قانون العقوبات وعاقبته بالحبس سنة واحدة دون أن تقضي عليه بباقي العقوبات المقررة لتلك الجريمة وهي الغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه والعزل من الوظيفة لمدة سنتين فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، مما يتعين معـه تصحيحه وفقًا للقانون مـا دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى وذلك عملًا بالمادة 39/1 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق