جلسة 7 من نوفمبر سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وبطرس زغلول.
----------------
(145)
الطعن رقم 189 لسنة 29 القضائية
(أ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "لجنة المعارضات". "طبيعتها".
لجنة المعارضات التي أنشأها القانون 577 لسنة 1954 هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي، إذ ناط بها المشرع الفصل في الخلاف القائم بين المصلحة وذوي الشأن على التعويضات المقدرة لهم عن نزع الملكية.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة. "قرار لجنة المعارضات". "الطعن فيه". "ولاية المحكمة الابتدائية بنظر الطعن".
ولاية المحكمة الابتدائية قاصرة على نظر المطعون التي تقدم إليها من المصلحة أو من أصحاب الشأن في قرارات لجان المعارضات. هذا الطعن من نوع خاص وليس بدعوى مبتدأه. لا تملك المحكمة تقدير التعويض ابتداء. لا تتعدى ولايتها النظر في مدى موافقة قرار اللجنة لأحكام القانون. ما لم يسبق عرضه على اللجنة وما لم تصدر قراراً فيه لا يجوز طرحه ابتداء أمام المحكمة إذ لا يتسع الطعن أمام المحكمة للطلبات الجديدة. طلب الطاعن أمام المحكمة زيادة التعويض السابق طلبه أمام اللجنة يعتبر طلباً جديداً فيما يختص بالفرق.
(ج) نزع الملكية للمنفعة العامة. "قرار لجنة المعارضات". "الحكم في الطعن المرفوع عنه".
انتهائية الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في الطعن المرفوع إليها في قرار لجنة المعارضات قاصرة على الأحكام التي تصدرها المحكمة في حدود النطاق الذي رسمه للقانون 577 لسنة 1954.
(د) نزع الملكية للمنفعة العامة. "قرار لجنة المعارضات". "نظر الطعن المرفوع عنه".
وصف الاستعجال الوارد في المادة 14 من القانون 577 لسنة 1954 لا ينصرف إلا إلى الطعن في قرار لجنة المعارضات ولا يتعداه على ما قضت فيه المحكمة بصفة مبتدأه.
(هـ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "الاعتراض على تقدير التعويض". "مدى ولاية لجنة المعارضات بنظره".
ولاية لجنة المعارضات قاصرة على الفصل في اعتراض المالك في حدود المبلغ الذي حدده في اعتراضه وأدى الرسم عنه في الميعاد. متى انقضى الميعاد امتنع على المعترض أن يزيد في ذلك المبلغ.
(و) حكم. "تسبيب الحكم". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
لا يبطل الحكم اشتمال أسبابه على تقريرات قانونية غير صحيحة ما دام منطوقه يتفق والتطبيق الصحيح للقانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مجلس بلدي القاهرة نزع ملكية جزء من عقار مملوك للطاعنين كائن الشارع الملك الصالح بشبرا وذلك تنفيذاً للقرار الوزاري رقم 1817 الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1955 وقدرت اللجنة المختصة بإدارة نزع الملكية التعويض المستحق عن الجزء الذي نزعت ملكيته والبائع مسطحه 159.46 متراً مربعاً بمبلغ 2391 جنيهاً و900 مليم بواقع 15 جنيهاً للمتر المربع الواحد فاعترض الطاعنون على هذا التقدير طالبين زيادة قيمة التعويض إلى 25 جنيهاً للمتر الواحد وحددوا مجموع الزيادة المطلوبة بمبلغ 1600 جنيه وعرضت هذه المعارضة على لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات والمنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 577 لسنة 1944 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة وقررت هذه اللجنة في 2 أكتوبر سنة 1956 قبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد التقدير المعارض فيه. فأقام الطاعنون الدعوى رقم 4020 سنة 1956 أمام محكمة القاهرة الابتدائية طاعنين في قرار اللجنة وطلبوا في صحيفة طعنهم الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بعدم الاعتداد بتقدير قومسيون بلدية القاهرة بتثمين الجزء المنزوع ملكيته من عقارهم واعتبا سعر المتر الواحد منه مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً بدلاً من خمسة عشر جنيهاً وإلزام المطعون ضدهم بدفع مبلغ 1600 جنيه قيمة الفرق المستحق لهم على الأساس المذكور وطلب المطعون عليهم من المحكمة رفض هذا الطعن تأسيساً على أن التقدير المطعون فيه صحيح - وبتاريخ 25 فبراير سنة 1957 قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بندب خبير هندسي لتقدير ثمن الجزء المنزوع ملكيته وقت صدور قرار نزع الملكية والاستيلاء عليه مع مراعاة ما يقضي به القانون رقم 577 لسنة 1954 وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن حقيقة مساحة الجزء المنزوع ملكيته 163.5 متراً مربعاً وأن ثمن المتر المربع من هذا القدر هو 38 جنيهاً عدل الطاعنون بجلسة 7 مايو سنة 1957 طلباتهم وفقاً لما أظهره الخبير وطلبوا الحكم بإلزام المطعون عليهم بدفع مبلغ 6213 جنيهاً وبتاريخ 11 من يونيه 1957 حكمت المحكمة في موضوع الطعن بتقدير ثمن الجزء المنزوع ملكيته بمبلغ 6213 جنيهاً وبإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا للطاعنين هذا المبلغ معتمدة في ذلك على التقرير الخبير ومؤسسة قضاءها بالإلزام على أنه لم يثبت لها وفاء المطعون عليهم بأي مبلغ من الثمن الذي قدرته اللجنة أو أيدعهم شيئاً منه حتى تبرأ ذمتهم منه - وقد استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بعريضة قدموها إلى قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة في 27 يوليه سنة 1957 وأعلنوها إلى الطاعنين في 31 من الشهر المذكور وقيد استئنافهم برقم 932 ق القاهرة وطلبوا فيه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به زيادة على مبلغ 2391 جنيهاً و900 مليم الذي قدرته المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية، فدفع المستأنف عليهم (الطاعنون): أولاً - ببطلان الاستئناف لتقديمه بغير الطريق الذي رسمه القانون تأسيساً على أنه كان يجب رفعه بتكليف بالحضور لأن الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف من الدعاوى التي يفصل فيها على وجه السرعة عملاً بنص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954. ثانياً - بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد القانوني باعتبار أن هذا الميعاد هو عشرة أيام وهو الميعاد المحدد لاستئناف الأحكام الصادرة في الدعاوى المذكورة. ثالثاً - بعدم جواز الاستئناف لرفعه عن حكم نهائي بنص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 - وبتاريخ أول مارس سنة 1958 حكمت محكمة الاستئناف: أولاً - بعدم جواز الاستئناف بالنسبة إلى مبلغ 3991 جنيهاً و900 مليم من مبلغ 6213 جنيهاً الذي قدره الحكم المستأنف في شطره الأول ثمناً للعقار المنزوع ملكيته والمصروفات المناسبة لمبلغ 1600 جنيه محل النزاع في الطعن المرفوع أصلاً في قرار اللجنة... ثانياً - بالنسبة إلى ما عدا ذلك مما قضى به الحكم المستأنف برفض الدفوع الفرعية وبجواز الاستئناف وصحته وقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما زاد على مبلغ 3991 جنيهاً و900 مليم من مبلغ 6213 جنيهاً الذي قدره الحكم في شطره الأول ثمناً للعقار المنزوع ملكيته ورفض دعوى المستأنف عليهم (الطاعنين) بالنسبة لهذه الزيادة وبتعديل الحكم بالنسبة للمبلغ الذي قضى في شطره الثاني بإلزام المستأنفين بدفعه للمستأنف عليهم وجعل هذا المبلغ 3991 جنيهاً و900 مليم ورفض طلب إلزام المستأنفين بما جاوزه. وقد طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24 من إبريل سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والمتضمن نقض الحكم. وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أمامها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعنون في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون وفي بيان ذلك يقولون إن القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قد بين الطريق الوحيد للمنازعة في تقدير قيمة التعويض المستحق لمالك العقار المنزوع ملكيته ودل في المواد 6 و7 و8 و13 و14 منه على أن موضوع المنازعة سواء كانت أمام لجنة المعارضات أو أمام المحكمة الابتدائية هو دائماً تقدير قيمة العقار المنزوع ملكيته وأوضحت المادة الثامنة أن الاعتراض يرد على بيانات الكشوف التي تعدها المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية فمحل الاعتراض هو الكشوف وموضوعه هو التقدير الوارد فيها ومتى حصل الاعتراض في الميعاد صارت تلك الكشوف بما حوته من بيانات ومن ضمنها التقدير مجرد ادعاء من المصلحة يقابله ادعاء من صاحب الشأن ولم ينص القانون على أن المعترض يتقيد بالتقدير الذي يذكره في اعتراضه ومن ثم فإنه ما لم يحصل تلاق واتفاق بين الطرفين فإن ما يدعيه كل منهما من تقرير هو بطبعه ادعاء مؤقت فيكون من حقه تعديله بالزيادة والنقصان ويظل له هذا الحق إلى أن يصدر حكم من المحكمة المختصة بحسم المسألة المتنازع عليها - واللجنة المشار إليها في المادتين 12 و13 من القانون رقم 577 لسنة 1954 هي لجنة إدارية وليست محكمة ولا تعتبر المحكمة الابتدائية التي يطعن أمامها في تقدير تلك اللجنة درجة ثانية بالنسبة إليها وإنما تعتبر المحكمة بداية لتحكيم القضاء وأول مرحلة يتخذ فيها النزاع صورة الدعوى ومتى كان ذلك، فإن هذه الدعوى تخضع في إجراءاتها لنصوص قانون المرافعات، ومن بينها نص المادة 151 الذي يجيز للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى فإذا تبين لمدعي التعويض من تقرير الخبير المعين في الدعوى أن قيمة الضرر تزيد على المبلغ الذي قدره في صحيفة دعواه حق له أن يعدل هذا المبلغ إلى ما قدره الخبير ما دام أن الخصم لم يكن قد قبله وأنه متى ثبت أن الطعن في تقدير اللجنة الإدارية (لجنة المعارضات) هو خصومة قضائية مبتدأه وليس استئنافاً فإن المادة 411 من قانون المرافعات التي تخول المحكمة الاستئنافية أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الطلبات الجديدة التي تطلب في الاستئناف هذه المادة لا تنطبق على ذلك الطعن ومن ثم فإنه بفرض أن طلب الحكم بما تبين من تقرير الخبير هو طلب جديد لم يعرض على لجنة المعارضات فإن جدة هذا الطلب يجب التمسك بها أمام المحكمة الابتدائية لأن الدفع بها لا يعتبر من النظام العام وإنما هو من حقوق الخصوم التي يجوز لهم التنازل عنها ولما كان المطعون عليهم لم يعترضوا أمام المحكمة الابتدائية على تعديل الطاعنين لطلباتهم فإن تلك المحكمة كانت تملك الفصل في الطلبات المعدلة ويكون قضاؤها فيها صحيحاً - على أن جوهر النزاع وهو الاعتراض على التقدير الإداري والمطالبة بعدم اعتماده هذا الجوهر لم يتغير أمام المحكمة الابتدائية عما كان عليه أمام اللجنة ويعتبر رفض اللجنة لمقدار التعويض الذي كان قد طلبه الطاعنون في صورته المخفضة متضمناً لرفضه إذا كان يزيد على ذلك ومن ثم فلا يتصور القول بأن تعديل مقدار هذا التعويض وفقاً لما أظهره الخبير قد تضمن واقعة جديدة لم يسبق عرضها على اللجنة. هذا إلى أنه حتى لو صح أن المحكمة الابتدائية قد أخطأت في قبولها الطلبات المعدلة وفي قضائها للطاعنين بما طلبوه زيادة على طلباتهم الأصلية فإن هذا الخطأ لا سبيل إلى إصلاحه متى كان الحكم الصادر في الدعوى نهائياً وغير قابل للطعن بنص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 إذ أن جميع ما يشوب الحكم من أوجه البطلان والخطأ في القانون تغطيه نهائية الحكم وتشمله حصانته المقررة في هذه المادة وبالتالي فلا يجوز استئنافه بناء على هذا الخطأ أو البطلان ولا يجوز الاستناد إلى المادة 396 مرافعات في تبرير الاستئناف لأن هذه المادة لا تنطبق على القوانين الخاصة ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف ما تقدم كله واستند في قضائه بقبول الاستئناف على أن الطعن في قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية لا يمكن أن يخرج عن نطاق الاعتراض الذي كان مطروحاً على اللجنة وأن الطلبات التي قدمها الطاعنون زيادة عما طلبوه أمام اللجنة تعتبر دعوى مبتدأه خارجة عن نطاق الطعن - فإن هذا الحكم يكون قد أخطأ في القانون ولا محل لاستناده إلى المادة السابعة من القانون رقم 577 لسنة 1954 لأن الطاعنين أوفوا الحد الأقصى للرسم المقرر في المادة المذكورة فتعديل طلبهم إلى ما أظهره الخبير لا يتوقف قبوله على رسم كما توهم الحكم خطأ وبرفض أنه كان يتوقف على ذلك فإن خطأ المحكمة في قبوله هو وجه البطلان لم يثر أمامها وتغطيه نهائية الحكم ورتب الطاعنون على ما تقدم أن الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية يعتبر نهائياً في جميع أجزائه فلم يكن يجوز استئنافه بحال ولكونه قد صدر من المحكمة المختصة بنظر النزاع على تقدير التعويض عن نزع الملكية فيكون طبقاً للمادة 14 صادراً في دعوى يوجب القانون نظرها على وجه السرعة ومن ثم فإنه حتى بفرض جواز استئنافه ينبغي رفع الاستئناف عنه في عشرة أيام من تاريخ إعلان الحكم وبطريق التكليف بالحضور وهذا وذاك لم يتحققا في الاستئناف الذي رفعه المطعون ضدهم.
وحيث إن القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة وضع قواعد خاصة أوجب على أصحاب الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق اتباعها عند الاعتراض على التعويضات التي تقدرها لهم المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية كما أوجب اتباعها في الفصل في هذه الاعتراضات التي وصفها بأنها معارضات وهذه القواعد تختلف عما كان ينص عليه قانون نزع الملكية السابق رقم 5 لسنة 1907. فأوجب القانون الجديد في المادة السابعة منه تقديم الاعتراضات الخاصة بالتعويضات خلال ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء المدة التي حددها لعرض الكشوف المتضمنة بيان العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة وبيان أسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها والتعويضات التي تقدرها لهم المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية - وألزم المعترض بأن يرفق باعتراضه إذن بريد يساوى 2% من قيمة الزيادة محل الاعتراض بحيث لا يقل هذا المبلغ عن خمسين قرشاً ولا يجاوز عشرة جنيهات ورتب على عدم إرفاق هذا الرسم كاملاً اعتبار الاعتراض كأن لم يكن كما نص في المادة 12 على أن ترسل تلك المصلحة ما يقدم إليها من معارضات خاصة بالتعويضات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انقضاء المدة المحددة لتقديمها إلى رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات ليحيلها بدوره في ظرف ثلاثة أيام إلى القاضي الذي يندبه لرئاسة لجنة الفصل في هذه المعارضات وعلى أن يقوم قلم الكتاب بإخطار المصلحة وجميع أصحاب الشأن بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم وصول بالتاريخ المحدد لنظر المعارضات أمام اللجنة وبين في المادة 13 كيفية تشكيل لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات فجعل رئاستها لقاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية المختصة وعضويتها لاثنين من الموظفين الفنيين أحدهما عن مصلحة المساحة والثاني عن مصلحة طالبة نزع الملكية على أن تفصل اللجنة في المعارضات خلال شهر من تاريخ ورودها إليها ونص في المادة 14 على حق المصلحة وذوي الشأن في الطعن في قرار هذه اللجنة أمام المحكمة الابتدائية للكائن بدائرتها العقارات وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور كما نص على أن تنظر المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال ويكون حكمها فيه نهائياً. ويبين من هذه النصوص أن اللجنة التي أنشأها القانون رقم 577 لسنة 1954 للفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات وإن كانت بحكم تشكيلها تعتبر هيئة إدارية إلا أن المشرع قد خولها اختصاصاً قضائياً معيناً حين ناط بها الفصل في الخلاف الذي يقوم بين المصلحة وبين ذوي الشأن على التعويضات المقدرة لهم عن نزع الملكية وهذا الفصل يعتبر فصلاً في خصومة أما المحكمة الابتدائية فتختص وفقاً لنص المادة 14 من ذلك القانون بنظر الطعون التي تقدم إليها من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو من أصحاب الشأن في قرارات تلك اللجان فولايتها إذن في هذا الخصوص مقصورة على النظر في هذه الطعون ومن ثم فهي ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء ولا هي بداية لتحكيم القضاء في التقدير كما يقول الطاعنون وإنما هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته اللجنة وهذا الطعن هو طعن من نوع خاص في قرارات لجان إدارية له أوضاع متميزة وتحكم فيه المحكمة وفق إجراءات وأحكام موضوعية محددة هي الأحكام المنصوص عنها في القانون رقم 577 لسنة 1954 ومتى كان ذلك، فإن ولاية المحكمة الابتدائية بالنظر في أمر الطعن الموجه إلى قرار اللجنة لا تتعدى النظر فيما إذا كان هذا القرار قد صدر موافقاً لأحكام ذلك القانون أو بالمخالفة له مما يقتضي أن ما لم يكن قد سبق عرضه على اللجنة وأصدرت قراراً فيه لا يجوز طرحه ابتداء أمام المحكمة وبالتالي فلا يتسع هذا الطعن للطلبات الجديدة ولو كانت في صورة طلبات عارضة ولا يسبغ الاختصاص على المحكمة بنظر هذه الطلبات سكوت الخصم عن الاعتراض عليها عند إبدائها أو حتى اتفاق الطرفين على نظرها ذلك أن الاختصاص في هذه الحالة لا ينعقد باتفاق الخصوم وإنما بقيام بموجبه في القانون - لما كان ذلك، وكانت طلبات الطاعنين التي كانت مطروحة على اللجنة وأصدرت قرارها فيها انحصرت في طلب زيادة التعويض إلى 25 جنيهاً للمتر الواحد من الجزء المنزوعة ملكيته فإن طلبهم أمام المحكمة ولأول مرة زيادة التعويض إلى 38 جنيهاً للمتر يعتبر طلباً جديداً فيما يختص بالفرق بين الأساسين المذكورين وإذ قبلت المحكمة الابتدائية الطلبات المعدلة وقضت بهذا الفرق البالغ 2221 جنيهاً و100 مليم فإنها تكون قد أخطأت بمجاوزة سلطتها ويكون قضاؤها في ذلك قابلاً للاستئناف وفقاً للقواعد العامة وفي المواعيد العادية المقررة في قانون المرافعات ولا يجوز التحدي في هذا المقام بما نصت عليه المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 من انتهائية الحكم الذي يصدر من المحكمة الابتدائية في الطعن المرفوع إليها في قرار اللجنة ذلك أن هذه الانتهائية لا تلحق إلا الأحكام التي تصدرها المحكمة في حدود النطاق الذي رسمه لها القانون المذكور فإذا تجاوزت هذا النطاق وفصلت في طلبات مبتدأه لم تطرح على اللجنة ولم تصدر هذه اللجنة قراراً فيها فإن قضاءها في هذه الطلبات لا يكون صادراً في طعن مقدم إليها في قرار اللجنة وبالتالي فلا يلحقه وصف الانتهائية المنصوص عليه في المادة 14 سالفة الذكر كما لا يجوز الاستناد إلى ما نصت عليه هذه المادة من نظر الطعن على وجه الاستعجال للقول بضرورة إتباع الإجراءات والمواعيد التي كان يوجب قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 اتباعها في استئناف الأحكام الصادرة في المواد التي تنظر على وجه السرعة ذلك أن وصف الاستعجال الوارد في المادة 14 لا ينصرف كصريح هذا النص إلا إلى الطعن في قرار اللجنة أما ما جاوز هذا الطعن من أمور فصلت فيها المحكمة بصفة مبتدأه فلا تمتد إليها وصف الاستعجال لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم النظر السالف بيانه وانتهى إلى قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليهم عما قضت به المحكمة الابتدائية للطاعنين زيادة عما طلبوه أما اللجنة فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون من ناحية أخرى ذلك أنه لو صح منطقه في اعتبار تعديل الطاعنين لطلبهم دعوى مبتدأه وأن الحكم الصادر فيها يقبل الاستئناف وفقاً للقواعد العامة وفي المواعيد العادية فإن قضاء الحكم المطعون فيه في موضوع الطلب المعدل أو في موضوع الدعوى المبتدأه وقد بني على القول بأن الطاعنين مأخوذون بإقرارهم في صحيفة دعواهم بأنهم يقدرون التعويض المناسب عن عقارهم المنزوع ملكيته بمبلغ 3991 ج و900 م فإنه يكون قد خلط بين معنى الإقرار ومعنى الادعاء ذلك أن ما قرره الطاعنون في صحيفة دعواهم ليس إقراراً وإنما هو مجرد ادعاء لا يتقيدون به طالما أن خصمهم لم يقبله ومن ثم يكون حقهم في تعديله قائماً إلى أن يقفل باب المرافعة في الدعوى وفقاً لما تقضي به المادة 151 من قانون المرافعات. كذلك فإن حجة الحكم المطعون فيه في أن الطاعنين وقد قبلوا سلوك الطريق الذي رسمه القانون رقم 577 لسنة 1954 فلا يجوز لهم بعد ذلك أن يتحلوا مما طلبوه في اعتراضهم هذه الحجة ليست اقل فساداً من سابقتها لأن اتباع القانون المذكور ليس متروكاً لاختيار الأفراد بل هو مقيد لهم رضوا أو كرهوا كما أن اتباع الطاعنين لهذا الطريق المفروض عليهم لم يمنعهم من أن يصرحوا بطلب الحكم لهم بالزيادة التي أظهرها الخبير وذلك في مواجهة المطعون عليهم الذين لم يعترضوا على هذا الطلب.
وحيث إن القانون رقم 577 لسنة 1954 إذ أوجب تقديم الاعتراضات الخاصة بالتعويضات بطريقة معينة وفي خلال ميعاد محدد وإلا كان تقدير المصلحة نهائياً وإذ استلزم أن يرفق المعترض باعتراضه إذن بريد يساوي 2% من قيمة الزيادة محل الاعتراض ورتب على عدم إرفاق هذا الرسم كاملاً بالاعتراض اعتباره كأن لم يكن وإذ رسم طريقاً خاصاً أوجب إتباعه في الفصل في هذه الاعتراضات وفي الطعن في قرارات اللجنة التي خصها بهذا الفصل فإن مفاد ذلك أنه لا سبيل إلى طلب زيادة التقدير الذي تقدره المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية إلا بطريق الاعتراض الذي رسمه ذلك القانون وأنه يجب على المعترض أن يحدد الزيادة التي يطلبها ويؤدي الرسم المقرر عنها في تقديم الاعتراض بحيث إذا انقضى الميعاد المحدد لتقديمه فإنه يمتنع على المعترض أن يزيد في طلبه للتعويض عن المبلغ الذي حدده وأدى الرسم عنه في الميعاد وتقتصر ولاية اللجنة على الفصل في اعتراضه في حدود هذا المبلغ وكما أنه لا يجوز لذي الشأن اللجوء إلى المحكمة مباشرة للاعتراض على التعويض المقدر له من المصلحة وطلب زيادته فإنه لا يجوز له أيضاً أن يطلب من هذه المحكمة ابتداء عند نظر الطعن المرفوع منه في قرار اللجنة زيادة التعويض عن المبلغ الذي حدده في اعتراضه لمخالفة ذلك لأحكام القانون رقم 557 لسنة 1954 التي لا تجيز طلب أية زيادة في التعويض بغير طريق الاعتراض المبين فيه وفي الميعاد المحدد لتقديمه لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنين قد حددوا في اعتراضهم الزيادة التي يطلبونها فوق تقدير المصلحة بمبلغ 1600 ج وذلك على أساس أن ثمن المتر الواحد من عقارهم المنزوع ملكيته هو 25 جنيهاً وليس 15 جنيهاً كما قدرته المصلحة فإن طلبهم بعد انقضاء الميعاد المحدد للاعتراض ولأول مرة أمام المحكمة الابتدائية رفع التعويض إلى مبلغ 6213 ج بما يجعل الزيادة المطلوبة عن تقدير المصلحة مبلغ 3821 ج و100 م يكون غير مقبول وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض دعوى الطاعنين بالنسبة للفرق بين ما طلبوه في اعتراضهم وبين ما طلبوه في طلباتهم المعدلة أمام المحكمة الابتدائية وقدر هذا الفرق 2221 ج و100 م يكون صحيحاً في نتيجته لأن القضاء بالرفض لا يختلف في نتيجته في هذه الصورة عن القضاء بعدم القبول ومتى كان منطوق الحكم موافقاً للتطبيق الصحيح للقانون فإنه لا يطلبه ما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية غير صحيحة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب من غير أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق