جلسة 14 من مارس سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.
----------------
(44)
الطعن رقم 173 لسنة 28 القضائية
اختصاص. "الاختصاص النوعي". إجارة "إيجار الأماكن". صلح نقض. "أحوال النقض". أمر أداء.
المنازعة في مشروعية الأجرة الزائدة التي يتضمنها عقد صلح وقبول المستأجر الزيادة عند بدء الإيجار أو قبوله لها أثناء سريان العقد، المنازعة في ذلك منازعة إيجارية ناشئة عن القانون رقم 121 لسنة 1947 وتستلزم تطبيق نصوصه وبالتالي تدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية دون المحكمة الجزئية. عدم اختصاص قاضي المحكمة الجزئية بإصدار أمر الأداء بالأجرة الزائدة محل النزاع.
مخالفة الحكم المطعون فيه - وهو صادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية - قواعد الاختصاص النوعي تستوجب نقضه عملاً بحكم المادة 425 من قانون المرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن واقعة النزاع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن مورث الطاعنين استأجر من مورث المطعون عليهم الدور الأول والأرضي وحظيرة للسيارات بالمنزل رقم 9 بشارع قاسم بالدقي بأجرة شهرية مقدارها 17 جنيهاً وذلك بعقد مؤرخ 11 أكتوبر سنة 1942 وعقب وفاة المؤجر أقام ورثة المطعون عليهم على مورث الطاعنين الدعوى 438 لسنة 1955 كلي الجيزة بإخلاء العين المؤجرة لأنهم يزمعون هدم المنزل وإعادة بنائه من أربع طوابق وقد انتهت هذه الدعوى بصلح أثبتته المحكمة بمحضر جلسة 26 يناير سنة 1956 نص فيه على أنه ما دامت الرغبة في رفع الدعوى هي زيادة إيراد العقار فقد قبل المستأجر زيادة الأجرة كتعويض عن عدم الهدم إلى مبلغ 30 جنيهاً شهرياً على أن يكتفي المطعون عليهم ببناء الدورين الثاني والثالث دون هدم وأشير إلى أن هذه الأجرة الجديدة تسرى اعتباراً من أول أبريل سنة 1956 على أن يتم البناء خلال هذه المدة وقد استمر مورث الطاعنين في دفع الأجرة القديمة المبينة بعقد الإيجار بمقتضى إيصالات لا يبين فيها مقدار المبالغ المدفوعة ثم أخذ يرسل الأجرة القديمة بحوالات بريدية - ولذلك لجأ المطعون عليهم إلى استصدار أمر بتوقيع الحجز التحفظي على ما يوجد بالعين المؤجرة وفاء بالأجرة المبينة بمحضر الصلح والمستحقة في الفترة من أول أبريل سنة 1956 إلى آخر يناير سنة 1957 وهو مبلغ 136 جنيهاً بعد خصم المبالغ المسددة وتوقع الحجز في 30 يناير سنة 1957 كما استصدروا أمر أداء في 6 فبراير سنة 1957 بهذا المبلغ مع تثبيت الحجز التحفظي وقد عارض مورث الطاعنين في هذا الأمر في الدعوى 242 سنة 1957 مدني بندر الجيزة. وطلب إلغاء أمر الأداء استناداً إلى عدم اختصاص المحكمة الجزئية لأن الأجرة السنوية تزيد على 250 جنيهاً وإلى بطلان عقد الصلح لمخالفته أحكام القانون 121 لسنة 1947 وإلى أن الزيادة في الأجرة مربوطة بضرورة الانتهاء من بناء دورين ولم يبن إلا دور واحد أما الدور الآخر فلم يبدأ فيه مما سيؤدى إلى إعادة المضايقات وقد تنازل مورث الطاعنين عن الدفع بعد الاختصاص. وأصدرت المحكمة الجزئية حكمها في 20 نوفمبر سنة 1957 برفض المعارضة وتأييد الأمر تأسيساً على أنه صدر صحيحاً باستناده إلى عقد الصلح المصدق عليه من المحكمة وأن الطعن ببطلان هذا العقد أو بمخالفة أحكام القانون 121 لسنة 1947 لا يدخل في اختصاصها لأن المادة 15 من ذلك القانون قد سلبت المحاكم سلطة النظر في تلك المنازعات واستأنف مورث الطاعنين هذا الحكم لدى محكمة الجيزة الابتدائية بهيئة استئنافية في القضية رقم 279 سنة 1957 س الجيزة طالباً إلغاءه استناداً إلى بطلان عقد الصلح لمخالفته نصاً آمراً وهو المادة السادسة من القانون 121 لسنة 1947 وأن المحكمة الجزئية لم تبحث مشروعية هذا العقد وكان يتعين عليها أن تحيل الدعوى إلى محكمة الإيجارات أو تقضى بإيقاف الدعوى حتى تفصل تلك المحكمة في ذلك الأمر - وقد أصدرت محكمة الجيزة الابتدائية بهيئتها الاستئنافية حكمها في 30 مارس سنة 1958 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف (مورث الطاعنين) بمبلغ 97 جنيهاً والمصروفات المناسبة عن الدرجتين على أساس سريان الأجرة المبينة في عقد الصلح اعتباراً من أول يوليه سنة 1956 - وقد طعن مورث الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 4 يونيه سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها في 6 يونيه سنة 1961 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وبعد استيفاء الإجراءات تحدد أخيراً لنظر الطعن جلسة 14 فبراير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بالدفع بعدم الاختصاص مستنداً إلى أن جوهر النزاع قد أضحي منصباً على ما تضمنه عقد الصلح من زيادة في الأجرة وليس ما يمنع المحكمة الجزئية المعروضة عليها الدعوى من أن تمحص الاعتراضات التي تثار حول هذا العقد لا بالرجوع إلى أحكام القانون 121 لسنة 1947 ولكن باعتباره نزاعاً تحكمه القواعد العامة - وإن كان ذلك النظر لا ينفي جواز التعرض من بعيد لأحكام القانون 121 لسنة 1947 وعلل الحكم قضاءه بأن مجال إعمال المادة السادسة من القانون 121 لسنة 1947 إنما يكون وقت إبرام عقد الإيجار فلاً تنطبق على الاتفاقات التي تتضمن زيادة الأجرة أثناء سريان عقد الإيجار لأن المستأجر لا يكون وقتئذ بحاجة إلى حماية القانون - وإذ أسست المحكمة الابتدائية بهيئتها الاستئنافية قضاءها في تفسير المادة السادسة على هذا النهج فإنها تكون قد جاوزت اختصاصها وخالفت نص المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه يبين من مطالعة القانون 121 لسنة 1947 الخاص بإيجار الأماكن أنه نص في مادته الرابعة على أنه لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول يوليه سنة 1941 على أجرة شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار معين - ونصت المادة السادسة على أنه يقع باطلاً كل شرط مخالف للأحكام المتقدمة - كما نصت المادة الخامسة عشرة على أنه ترفع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة. وتظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة من حيث موضوع النزاع والاختصاص القضائي والإجراءات كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه لا نزاع بين الطرفين على أن الأجرة المطالب بها بموجب عقد الصلح تزيد على الحد الأقصى المقرر في قانون الإيجارات 121 لسنة 1947 وأن النزاع قد انحصر في مشروعية الأجرة الزائدة التي تضمنها عقد الصلح - ولما كانت الدعوى بصورتها المتقدمة تعتبر منازعة إيجارية ناشئة عن القانون 121 لسنة 1947 وتستلزم تطبيق نصوصه - وكان الحكم المطعون فيه قد استند في تبرير اختصاصه بنظر الدعوى إلى تفسير المادة السادسة من ذلك القانون - والتفرقة بين قبول المستأجر للزيادة عند بدء الإيجار وقبوله لها أثناء سريان العقد - كما هو الحال في واقعة هذه الدعوى - وكان ما ذهب إليه قضاء الحكم المطعون فيه في شأن تطبيق المادة السادسة من القانون مما يدخل في اختصاص دائرة الإيجارات بالمحكمة الابتدائية عملاً بالمادة 15 من ذلك القانون - دون المحكمة الجزئية - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر يكون قد خالف قواعد الاختصاص النوعي مما يستوجب نقضه في شأن الاختصاص وذلك عملاً بالمادة 425 مكرر مرافعات والقضاء بعدم اختصاص قاضي محكمة الجيزة الجزئية بإصدار أمر الأداء بالمبالغ التي كانت مثار النزاع في الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق