جلسة 2 من يوليه سنة 1963
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، وأحمد حسنين موافي.
--------------------
(12)
الطلبان رقما 1 و13 لسنة 31 ق رجال القضاء
(أ) إجراءات الطلب. "ميعاد رفعه". قرار إداري. "التعويض عنه".
ميعاد الطعن في القرارات الإدارية الخاصة بشئون القضاء هو ثلاثون يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلانه لصاحب الشأن - العلم اليقيني يقوم مقام النشر والإعلان. طلب التعويض عن القرار الإداري لا ميعاد لرفع الدعوى به.
(ب) اختصاص "اختصاص ولائي". حكم. "حجية الحكم".
الحكم الصادر من محكمة لا ولاية لها لا يجوز الاحتجاج به أمام المحكمة ذات الولاية.
(ج) قانون. "قاعدة تنظيمية". معاش. "المعاشات الاستثنائية".
لا يكون للقاعدة التنظيمية كيان إذا كانت استثناء من قواعد منصوص عليها في القانون. سلطة الإدارة التقديرية في منح المعاشات الاستثنائية لا ترقى إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ القواعد المقررة أصلاً للمعاشات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن الطالب سبق أن أقام الدعوى 583 سنة 5 قضائية لدى محكمة القضاء الإداري ضد وزارتي العدل والخزانة قال فيها إنه كان من رجال القضاء المختلط ولما ألغي هذا القضاء نقل إلى القضاء الوطني مستشاراً بمحكمة استئناف المنصورة إلا أنه آثر الاستقالة لأن وضعه لم يكن متفقاً مع أقدميته. وقدم كتاب استقالته إلى وزير العدل في 14 من نوفمبر سنة 1949 ضمنه طلب احتساب معاش على أساس مرتب 1300 ج سنوياً مع ضم المدة الباقية له لبلوغ سن الستين في المعاش وصرف الفرق عنها أسوة بزملائه الذين اعتزلوا خدمة القضاء المختلط بمناسبة إلغائه - وقد طلب وزير العدل من وزير المالية تسوية معاش الطالب تاركاً له تقدير المدة التي تضم إلى مدة الخدمة المحسوبة في المعاش. ولكن وزير المالية رفض إجراء التسوية بقرار أصدره في 15 من يونيه سنة 1950 بل واستقطعت وزارة المالية من معاشه مبلغ 187 ج و325 م قيمة احتياطي المعاش عن المدة التي قضاها في الخارج طلباً للعلم مع أنها أعفت زميله الدكتور عبد السلام ذهني من هذا الاستقطاع - وأنه إزاء هذه التفرقة طلب الحكم له بإلغاء قرار وزير المالية لمخالفته للقانون ولما شابه من إساءة استعمال السلطة وقد أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في تلك الدعوى في 14 من يونيه سنة 1954 بإلغاء قرار وزير المالية بحفظ الطلب المقدم إليه من وزير العدل في 20 من أبريل سنة 1950 في شأن النظر في ضم مدة إلى مدة خدمة المدعي المحسوبة في المعاش أسوه بزملائه وبإلغاء قرار وزير العدل بالامتناع عن عرض طلب المدعي برد المبالغ المستقطعة عن مدة البعثة في احتياطي المعاش وألزمت المحكمة بالمصروفات - ويقول الطالب إن وزارة المالية لم تنفذ هذا الحكم وتجاهلته حتى اضطر إلى إنذار وزارة المالية وسكرتير اللجنة المالية بإنذار رسمي في 6 من ديسمبر سنة 1955 لتنفيذ الحكم المتقدم - وقد أصدرت لجنة المعاشات الاستثنائية قرارها في 3 من نوفمبر سنة 1957 برفض ما يطلبه الطالب - ولذلك أقام الدعوى 503 سنة 12 ق لدى محكمة القضاء الإداري طلب فيها إلغاء ذلك القرار وقضت محكمة القضاء الإداري في 26 من يناير سنة 1959 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة - وقيدت الدعوى المحالة بجدول هذه المحكمة برقم 24 لسنة 29 ق رجال القضاء - وعند نظرها بجلسات التحضير دفع الحاضر عن وزارتي العدل والخزانة بعدم قبول الطلب شكلاً لعدم جواز الإحالة من جهة قضاء إلى جهة قضاء آخر - وانضمت النيابة إليهما في هذا الدفع. ولذلك قرر الطالب بجلسة 10 من يناير سنة 1961 بتركه المرافعة في ذلك الطلب. وقضى بإثبات ترك المرافعة - فقدم الطالب طلبه المقيد برقم 1 سنة 31 ق رجال القضاء إلى هذه المحكمة طلب فيه الحكم بطلباته السابق إبداؤها وهي: أولاً - إلغاء قرار لجنة المعاشات الاستثنائية الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1957 لعدم اختصاصها. ثانياً - إلزام المطعون عليهما بضم مدة الخدمة الباقية لسن الستين إلى سني خدمته المحسوبة في المعاش ورد مبلغ 187 ج و325 م التي استقطعت من معاشه تنفيذاً للحكم النهائي الصادر من محكمة القضاء الإداري في 17 من يونيه سنة 1954 مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات التي تكبدها الطالب في التقاضي - وكذلك قدم الطالب طلباً آخر لدى هذه المحكمة في 28 من مايو سنة 1961 قيد برقم 13 سنة 31 ق رجال قضاء طلب فيه الحكم له على وزارتي العدل والخزانة بمبلغ 7060 ج من ذلك 5060 ج قيمة ما حرمه من معاش يستحقه أسوة بزملائه رجال القضاء المختلط السابقين على أساس ضم المدة الباقية له منذ اعتزاله العمل في نوفمبر سنة 1949 حتى بلوغ سن الستين على أساس مرتبه الفعلي وهو 1300 ج سنوياً مضافاً إليه الفرق بين المعاش والمرتب عن تلك المدة والباقي وقدره 2000 ج بصفة تعويض عن الأضرار الأدبية وما لقيه من عنت في عدم الاستجابة إلى تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري وقد قررت المحكمة ضم الطلب إلى الطلب الأول للارتباط بينهما.
وحيث إن وزارة العدل والنيابة العامة دفعتا بعدم قبول الطلبين شكلاً ذلك أن قرار لجنة المعاشات الاستثنائية قد صدر في 3 نوفمبر سنة 1957 حسبما هو وارد بالطلب رقم 1 لسنة 31 وبالقضية المنضمة رقم 983 سنة 5 ق التي رفعت أمام محكمة القضاء الإداري والحكم الصادر فيها وقد تحقق علم الطالب بصدور هذا القرار يوم تقديم طلب لمحكمة القضاء الإداري على الأقل وهو لم يقدم طلبه الأول إلا في 12 يناير سنة 1961 أي بعد مضي أكثر من ثلاثين يوماً من تاريخ علمه اليقيني بالقرار الإداري المطعون فيه. وهو الميعاد الذي حددته المادة 92 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 57 ق أما طلبه الثاني فلا يتأتى الحكم به إلا بإلغاء قرار لجنة المعاشات الاستثنائية موضوع الطلب الأول ومتى كان الطعن على الأصل غير مقبول شكلاً فإن الطعن على الفرع يكون غير مقبول كذلك لأنه تابع له وناتج عنه.
وحيث إنه يبين من نص المادتين 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 سنة 1949، 92 من القانون رقم 56 لسنة 1959 أن الميعاد المقرر للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بشئون القضاء هو ثلاثون يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلان صاحب الشأن به ويقوم مقام النشر أو الإعلان العلم اليقيني على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ولما كان قرار لجنة المعاشات الاستثنائية الذي يطعن فيه الطالب قد صدر في 3 نوفمبر سنة 1957 وعلم الطالب به علماً يقينياً منذ أقام دعواه رقم 503 سنة 12 ق أمام محكمة القضاء الإداري في سنة 1958 كما هو واضح من أوراقها المنضمة لهذا الطلب. وكان اختصاص محكمة النقض بنظر تلك الطلبات لم ينشئه القانون 240 لسنة 1955 وإنما جاء هذا القانون كاشفاً عنه ومؤكداً له على ما يبين من مذكرته الإيضاحية لما كان ذلك، فإن الطلب الأول يكون غير مقبول شكلاً ولا يجدي الطالب التجاؤه من قبل إلى محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 503 سنة 12 ق طالما أنه قرر فيها بترك الخصومة وقضت المحكمة بإثبات هذا الترك.
وحيث إنه بالنسبة للطلب رقم 13 سنة 31 ق رجال قضاء الذي يطلب فيه الطالب الحكم له بمبلغ 7060 جنيهاً فهو يتضمن طلبين أولهما مبلغ 5060 جنيهاً وصفه الطالب بأنه قيمة ما حرمه من معاش يستحقه أسوة بزملائه رجال القضاء المختلط السابقين والثاني مبلغ 2000 جنيه وصفه بأنه تعويض عما أصابه من الضرر لعنت الإدارة والطلب الأول في حقيقته يعتبر طلباً خاصاً بمعاش مما ورد ذكره في المادة 23 من قانون نظام القضاء والمادة 90 من السلطة القضائية - وبالتالي يتقيد بميعاد الثلاثين يوماً على ما سلف بيانه ومن ثم فإن هذا الطلب يكون غير مقبول.
وحيث إنه بالنسبة لطلب مبلغ 2000 جنيه باعتبارها تعويضاً عن الضرر الذي أصاب الطالب من جراء عنت الإدارة فإن هذا الطلب لا يتقيد بميعاد لأن طلبات التعويض لا يقصد بها إلغاء قرار إداري أو المساس به مما تنتفي معه العلة في تحديد ميعاد لرفع الدعوى - تلك العلة التي ترمى إلى استقرار القرارات الإدارية وعدم تركها مهددة بالإلغاء أمداً طويلاً.
وحيث إن الطالب يؤسس طلب التعويض على سببين هما مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة ويقول في بيان السبب الأول إن الإدارة لم تحترم الحكم النهائي الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى 583 سنة 5 ق مما لا يجوز معه القول بأن ما يطلبه الطالب يجب عرضه على لجنة المعاشات الاستثنائية. وأن لهذه اللجنة سلطة تقديرية لا معقب عليها - ولا محل كذلك بعد صدور الحكم السابق للتحدث بأن الحالات التي سبق أن قرر مجلس الوزراء فيها معاشات استثنائية لزملاء الطالب هي حالات فردية لا ينصرف أثرها إلا لمن صدر القرار لمصلحتهم دون غيرهم من النظراء - وأضاف الطالب أن مجلس الوزراء اعتمد في سنة 1949 عشرة آلاف جنيه للإنفاق منها في شئون تصفية القضاء المختلط. وأنه لا يطالب بحق استثنائي بل يريد معاملته بما عومل به زملاؤه في القضاء المختلط - ويطلب تنفيذ الحكم الصادر في شأنه من محكمة القضاء الإداري وهو ما لا تختص به لجنة المعاشات الاستثنائية ويقول الطالب في بيان السبب الثاني إن امتناع الإدارة عن تنفيذ حكم حائز لقوة الشيء المحكوم فيه هو إساءة لاستعمال السلطة - وأشار إلى ما أورده حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى 583 سنة 5 ق.
وحيث إن استناد الطالب إلى حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 14 يونيه سنة 1954 مردود بأنه لما كان الطالب حين رفع دعواه أمام محكمة القضاء الإداري - من رجال القضاء الوطني فإن الحكم الصادر من القضاء الإداري يكون قد صدر من محكمة لا ولاية لها - فلا يجوز المحاجة به أمام المحكمة ذات الولاية - ولما كانت معاملة زملاء الطالب من رجال القضاء المختلط لا تخلق قاعدة تنظيمية - إذ القاعدة التنظيمية لا يكون لها كيان إذا كانت استثناء من قواعد منصوص عليها في القانون وقد نصت المادة 38 من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية على أنه "يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر بناء على اقتراح وزير المالية ولأسباب يكون تقديرها موكولاً إلى المجلس منح معاشات استثنائية أو زيادات في المعاشات أو منح مكافآت استثنائية - للموظفين والمستخدمين المحالين إلى المعاش أو الذين يفصلون من خدمة الحكومة أو لعائلات من يتوفى من الموظفين أو المستخدمين وهم في الخدمة أو بعد إحالتهم إلى المعاش". وهذه المادة الأخيرة إنما خولت مجلس الوزراء تلك السلطة الاستثنائية لإعمالها في حالات فردية بالنسبة لموظفين أو مستخدمين انتهت مدة خدمتهم ويرى المجلس لأسباب خاصة قائمة بهم يكون تقديرها موكولاً إليه، منحهم تلك المعاشات أو الزيادات في المعاشات أو المكافآت الاستثنائية. ولا يمكن أن ترقى هذه السلطة إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ القواعد المقررة أصلاً للمعاشات. ولما كان القانون 521 سنة 54 قد رمى إلى تخفيف العبء عن مجلس الوزراء فأجاز له بقرار منه أن يعهد بالاختصاصات المخولة له بمقتضى النص السابق إلى لجنة يشكلها رئيس مجلس الوزراء وتكون قراراتها نهائية - وكان الاختصاص الذي تمارسه تلك اللجنة ليس سلطة منضبطة لقواعد معينة بل هو سلطة تقديرية كما سبق البيان - وكان القياس على رجال القضاء المختلط الذين صدرت قرارات لصالحهم بضم مدد إلى مدة خدمتهم المحسوبة في المعاش قياساً مع الفارق - ذلك أن هؤلاء قد انتهت خدمتهم القضائية ولم يعوضوا بنقلهم إلى القضاء الوطني. أما الطالب فقد عوض بنقله إلى القضاء الوطني. فليس له أن يتحدى بما عومل به زملاؤه من رجال القضاء المختلط لأن استقالة الطالب من القضاء الوطني بعد أن نقل إليه لا تجعله في حالة مماثلة لحالة من فقدوا مناصبهم بانتهاء أجل المحاكم المختلطة. ولما كان ذلك، فإنه لا يصح القول بقيام قاعدة تنظيمية لم يعامل بها الطالب. ويكون القرار الذي صدر في حق الطالب بعدم ضم مدة إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش غير مخالف للقانون ولا يشوبه سوء استعمال السلطة وبالتالي يكون طلب التعويض على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق