الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 47 لسنة 29 ق جلسة 26 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 175 ص 1218

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وصبري فرحات.

----------------

(175)
الطعن رقم 47 لسنة 29 القضائية

إثبات. "تقدير التدليل". محكمة الموضوع.
سلطة محكمة الموضوع في تقدير ما إذا كانت الكتابة الصادرة من الخصم من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال أولاً تجعله كذلك. شرط ذلك أن يقام هذا التقدير على أسباب تنتجه عقلاً.

------------------
تقدير ما إذا كانت الكتابة الصادرة من الخصم من شأنها أن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال أو لا تجعله كذلك هو من سلطة محكمة الموضوع، إلا أنه يشترط أن يقام هذا التقدير على أسباب تنتجه عقلاً (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن الطاعنة عن نفسها وبصفتها تقدمت إلى نقابة المهن الهندسية بطلب يجمل في أن المرحوم المهندس علي صبحي مورثها ومورث القصر المشمولين بوصيتها كان قد اتفق مع المطعون ضدهن على رسم وتنفيذ العمارة الكائنة بناصية شارعي نوال ووزارة الزراعة بالدقي وقام فعلاً بعمل الرسم وتنفيذه كما أشرف على عملية البناء حتى أوشكت العمارة على الانتهاء ولكن المنية عاجلته قبل أن يسلمها للمطعون ضدهن، وإنها لذلك طالبتهن بأتعاب مورثها عن عمله فأبين وأنها من ثم تطلب تقدير أتعابه قبلهن بصفة مؤقتة بمبلغ ألف من الجنيهات، فدفع المطعون ضدهن هذا الطلب في مذكرة قدمتها لنقابة المهن الهندسية - من بين ما دفعته بها بأنه لصلة الصداقة التي كانت تربطهن بالمرحوم المهندس علي صبحي فقد كفلته بعمل رسومات لتلك العمارة إن بنفسه أو بواسطة أحد زملائه وأنه قام فعلاً بعمل الرسومات وتقاضى أتعابه عنها في سنة 1952 وأنه لم يحصل بينهن وبينه أي اتفاق كتابي أو شفاهي على مباشرة التنفيذ بل باشره المهندس صلاح الشربيني كمهندس ومقاول على مسئوليته وأنه بذلك لا يكون لمورث الطاعنة في ذمتهن أتعاب، وأنه بعد أن حققت نقابة المهن الهندسية الطلب ودفعه قررت بجلسة 21 من أغسطس سنة 1957 تقدير أتعاب مورث الطاعنة على المطعون ضدهن بمبلغ 775 ج، فتظلمت المطعون ضدهن من هذا التقدير إلى محكمة الجيزة الابتدائية وقيد تظلمهن برقم 520 سنة 1957 الجيزة وبجلسة 23 من فبراير سنة 1958 حكمت المحكمة بقبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء أمر التقدير المتظلم منه واعتباره كأن لم يكن وألزمت الطاعنة - من مالها الخاص - المصاريف وأتعاب المحاماة فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 442 سنة 75 ق القاهرة فحكمت المحكمة بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1958 برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف مع إلزام الطاعنة شخصياً ومن مالها الخاص المصروفات، فطعنت الطاعنة على هذا القضاء الأخير بالنقض وأبدت النيابة الرأي بطلب نقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1961 وفيها قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة عرض الطعن بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه قصوره في التسبيب وفيه تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه على الرغم مما أنبته من إقرار المطعون ضدهن في مذكرتهن لمجلس نقابة المهن الهندسية بتكليفهن مورثها بوضع رسومات العمارة مثار النزاع وقيامه بذلك فعلاً إلا أنه أغفل ترتيب الأثر القانوني لهذا الإقرار من جهة إلزامهن بالأتعاب المناسبة عما أقررن بقيام مورثها به من عمل ذلك أن المبلغ الذي قدرته نقابة المهن الهندسية لم يكن يمثل الأتعاب عن رقابة التصميم فحسب بل كان يتضمن كذلك الأتعاب عن وضع الرسومات مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه وقد خلص إلى أن تكليف المطعون ضدهن مورث الطاعنة رقابة التنفيذ غير ثابتة إلا يهدر حق ورثته في أتعابه عن الرسومات، ثم تضيف الطاعنة أن الحكم المطعون فيه إذ لم ير في مذكرة المطعون ضدهن لمجلس نقابة المهن الهندسية سالفة الذكر ما يجعل ثبوت تعاقدهن مع مورثها على رقابة التصميم قريب الاحتمال قياماً منه على أن الذي وقع على الرسومات مهندس آخر غيره وعلى أن هذه الرسومات قد تمت قبل البدء في تنفيذ البناء بثلاث سنوات، فإن الحكم يكون قد أقيم على أسباب لا تؤدي عقلاً إلى ما خلص إليه، ذلك أن المطعون ضدهن على ما جاء في مذكرتهن لم يطلبن من مورثها أن يضع الرسومات بنفسه بل أجزن له تكليف غيره بذلك كما أن أرجاء التنفيذ إلى ما بعد الفراغ من الرسم بفترة من الزمن لا يمتنع معه مباشرة من وضع الرسومات تنفيذها ورقابة هذا التنفيذ.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت بأن مذكرة المطعون عليهن لمجلس نقابة المهن الهندسية تضمنت أمرين - أولهما - إقرار منهن بتكليفهن مورثها بوضع رسومات العمارة إن بنفسه أو بواسطة غيره وقيامه بذلك فعلاً - وثانيهما - مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل واقعة تعاقدهن معه على رقابة تنفيذ التصميم قريبة الاحتمال يكمل ثبوتها بالبينة والقرينة، كما يبين من نفس الحكم أنه إذ رد على هذا الدفاع من الطاعنة اقتصر على ما قرره من أنه "مردود بأنه وإن كانت المذكرة سالفة الذكر تعتبر حقاً كتابة صادرة من المطعون عليهن إلا أن ما جاء بها لا يجعل ثبوت واقعة التعاقد قريب الاحتمال وذلك لسببين (الأول) أن الثابت من الرسومات التي عملت أن الذي أجراها هو المهندس مدبولي خضر كما يستفاد ذلك من توقيعه عليها وحده. (والسبب الثاني) أن عمل الرسومات يفصله عن بدء التنفيذ الذي كانت الرقابة ستقوم عليه فترة زمنية طويلة فقد كان الرسم في سنة 1952 وبدأ التنفيذ في سنة 1955 وتستخلص المحكمة من ذلك أن إثبات واقعة التعاقد بين مورث الطاعنة وبين المطعون ضدهن ليست قريبة الاحتمال" وظاهر من هذا الذي رد به الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنة أنه أغفل دفاعها المقام على أن ما ورد في مذكرة المطعون ضدهن لمجلس نقابة المهن الهندسية يعد إقراراً منهن بتعاقدهن من مورثها على وضع تصميم العمارة وقيامه بذلك فعلاً إغفالاً تاماً. ولم يقل كلمته فيه مع أنه دفع جوهري قد يتغير ببحثه وجه الرأي في الدعوى، كما أنه وإن كان من المقرر أن تقدير ما إذا كانت الكتابة الصادرة من الخصم من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال أو لا تجعله كذلك هو من سلطة محكمة الموضوع، إلا أنه يشترط أن يقام هذا التقدير على أسباب تنتجه عقلاً ولما كانت الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه في رفضه اعتبار الورقة التي تمسكت بها الطاعنة مبدأ ثبوت بالكتابة في خصوص الاتفاق على الإشراف على التنفيذ ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها في هذا الصدد ذلك أن توقيع مهندس آخر غير مورث الطاعنة - على الرسومات - لا يمنع أن يكون ذلك المورث هو الذي أشرف على التنفيذ ما دام المطعون ضدهن مقرات بالتصريح له بأن ينيب غيره في عمل الرسومات، كما أن انقضاء فترة تبلغ الثلاث سنين بين تمام الرسم وبين بدء التنفيذ لا يمتنع معه عقلاً أن يشرف المهندس صاحب الرسم على رقابة أعمال التنفيذ. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 9/ 3/ 1961 الطعن رقم 26 ق السنة 12 ص 212، ونقض 8/ 12/ 1960 الطعن 489 س 25 ق السنة 11 ص 635.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق