جلسة 19 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وبطرس زغلول.
---------------
(169)
الطعن رقم 28 لسنة 29 القضائية
(أ) إثبات. "قواعد الإثبات وعدم تعلقها بالنظام العام". نظام عام.
قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة ليست من النظام العام. جواز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها.
(ب) عقد. "أركان العقد". "الرضا". "النيابة في التعاقد". نيابة.
تعاقد الشخص مع نفسه باسم من ينوب عنه. اشتراط ترخيص الأصيل بذلك. خروج ما يقضى به القانون أو قواعد التجارة.
(ج) نقض. "الحكم في الطعن". "أثره".
صدر حكم بالإحالة إلى التحقيق للتثبت من صفة المطعون عليها. تركه أمر الرد على دفاع جوهري للطاعنة للحكم الذي يصدر في الموضوع. إغفال الحكم الأخير لهذا الدفاع وتعييبه بالقصور ونقضه تبعاً لذلك. لا يعيب ذلك حكم التحقيق بالقصور ولا يستوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت في 26 من ديسمبر سنة 1956 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 2171 سنة 1956 ضد الشركة الطاعنة وضد ورثة المرحوم أ. بابا سينسيو (المطعون عليها الثانية بصفتها) وطلبت الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لها مبلغ 2500 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية... وقالت في بيان دعواها إنها تداين المدعى عليهما بهذا المبلغ بموجب إيصال مؤرخ 6 مارس سنة 1953 صادر من الشركة المدعى عليها الأولى لصالح السيد/ أ. بابا سينسيو مورث المدعى عليها الثانية بصفتها ومحال من الأخير إلى المدعية وأنها قامت بإعلان الشركة بهذه الحوالة في 11 من ديسمبر سنة 1956 كما أعلنت ورثة المحيل في شخص المدعى عليها الثانية وقدمت المدعية هذا الإيصال وتبين أنه محرر باللغة الفرنسية ومؤرخ 6 مارس سنة 1953 وصادر من الشركة الطاعنة في شخص مديرها وهو بذاته - أ. بابا سينسيو ويتضمن استلام الشركة منه شخصياً مبلغ 2500 جنيه في حساب قابل للتحويل Compte extra transgerable ومؤشر على ظهر الإيصال وفي نفس تاريخه بتأشيرة عليها توقيع للدائن ترجمتها "نرجو الاعتراف باعتبار السيدة حالة محلي وقائمة مقامي. المبلغ المذكور أعلاه مملوك لها" وترك اسم السيدة المعينة على بياض - وقد دفعت الشركة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعية في إقامتها تأسيساً على أن هذه التأشيرة لم يتوافر فيها أركان الحوالة لأنها لم تتضمن اسم المحال إليه كما أنها لا تفيد حوالة لحاملها. كما دفعت ببطلان الحوالة - بفرض اعتبارها كذلك - لانعدام سببها وأخيراً تمسكت بأنه بفرض صحة الحوالة فإن الحق الذي تزعم المدعية أنه أحيل إليها قد انقضى بالمقاصة أو اتحاد الذمة قبل إعلان الحوالة لأن الشركة المدينة دائنة بدورها للمحيل بمبلغ 2350 ج و102 م - وبتاريخ 18 فبراير سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ 2500 ج وفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 26 ديسمبر سنة 1956 حتى السداد. وسكت منطوق الحكم عن الفصل في طلبات المدعية قبل المطعون عليها الثانية وإن كانت أسبابه تفيد رفض هذه الطلبات وأقام الحكم قضاءه بإلزام الشركة الطاعنة على أن وجود السند في يد المطعون عليها الأولى يعتبر قرينة كافية على أنها صاحبة الدين المحال وأنها المقصودة في التحويل والاعتراف الصادر من المرحوم أ. بابا سينسيو استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى أو برفضها وقيد هذا الاستئناف برقم 135 سنة 13 ق كما رفعت المطعون عليها الأولى بدورها أمام نفس المحكمة استئنافاً عن الحكم لعدم قضائه لها بطلباتها ضد ورثة أ. بابا سينسيو وطلبت تعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليهما متضامنين بطلباتها الابتدائية وقيد هذا الاستئناف برقم 149 سنة 13 ق وقررت المحكمة ضم الاستئنافين وكان من بين ما أسست عليه الشركة الطاعنة استئنافها أن الإيصال أساس الدعوى باطل طبقاً للمادة 108 من القانون المدني إذ أنه لا يجوز للمرحوم أ. بابا سينسيو أن يتعاقد مع نفسه باسم الشخص الاعتباري الذي يمثله أي الشركة وردت المطعون عليها الأولى على هذا الدفاع بأن السند محل النزاع يحمل علاوة على توقيع مدير الشركة (وهو حسبما يبين من عقد الشركة أ. بابا سينسيو) رقماً من أرقام وصولاتها يدل على دخول المبلغ المبين في السند خزانتها ومن ثم وجب عليها أن ترده لمن يستحقه وإلا كان احتفاظها به إثراءاً بلا سبب - وبتاريخ 31 مايو سنة 1958 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أنها هي السيدة المعينة بالإقرار المحرر بظاهر السند اعتباراً بأنها هي صاحبة المبلغ محل النزاع وأجازت المحكمة للطاعنة نفي ذلك بذات الطرق - وقد جاء في أسباب هذا الحكم "أن ما اعتمدت عليه محكمة الدرجة الأولى من أن التأشيرة التي بظاهر السند تفيد حوالة للمطعون عليها الأولى وذلك على الرغم من عدم ذكر اسمها كمحال إليها اكتفاءاً بوجود السند في حوزتها - هذا الذي قالته المحكمة المذكورة يخالف الثابت في الأوراق كما يخالف القانون ذلك أن تلك التأشيرة لا تعدو أن تكون إقرار السيدة مجهولة بملكيتها لقيمة الوديعة وبالتالي لا تكون هناك حوالة لدين" - وانتهت محكمة الاستئناف إلى أنها ترى لظروف الدعوى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما دون في منطوقها. وبعد أن نفذ هذا الحكم وسمع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 22 نوفمبر سنة 1958 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على ما قالته في أسباب حكمها من أنها ترجح أقوال شهود الإثبات على أقوال شهود النفي وذلك لوجود السند تحت يد المطعون عليها الأولى ولسابقة إيداعها مبلغين في الشركة الطاعنة مجموعهما 2500 جنيه وذلك في 28 مارس سنة 1951 و22 يناير سنة 1952 وأنه على ذلك يكون قد ثبت للمحكمة أن الإقرار الصادر من المرحوم أ. بابا سينسيو على ظهر السند يتضمن إقراراً بملكية المطعون عليها الأولى لقيمة الوديعة ومقدارها 2500 جنيه وأن من حقها أن تطالب بهذا المبلغ. طعنت الشركة بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم الصادر في 31 مايو سنة 1958 بالإحالة إلى التحقيق. ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 31 ديسمبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على الرأي الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والمتضمن قبول الأوجه الثلاثة الأولى من أوجه الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 21/ 11/ 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ترى هذه المحكمة تقديم السبب الثاني لأن النعي به وارد على قضاء الحكمين المطعون فيهما في خصوص ما أثارته الطاعنة أمام محكمة الموضوع من انعدام صفة المطعون عليها الأولى في رفع الدعوى وحاصل هذا النعي أن الحكمين المذكورين خالفا القانون بمخالفتهما حكم المادتين 400، 404 من القانون المدني وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت لدى محكمة الموضوع بعدم جواز إثبات الادعاء من جانب المطعون عليها الأولى بأنها هي ذاتها السيدة التي ترك اسمها على بياض في عبارة التظهير - بغير الكتابة لأن تلك العبارة تتضمن إقراراً بحق تزيد قيمته على نصاب الإثبات بالبينة. والإقرار بحق يخضع من حيث الإثبات لما تخضع له سائر المواد فإذا كان اسم المقر له قد ترك على بياض في عبارة الإقرار وادعى شخص بأنه هو صاحب الحق المقر به فإنه يجب التزام قواعد الإثبات المقررة قانوناً في إثبات هذا الادعاء لأن الإقرار لشخص غير مسمى لا يعتبر إقراراً بشيء فالمقر له كالمقر وكمحل الإقرار كل أولئك أركان لا يقوم الإقرار مع انعدام واحد منها. ولما كانت ورقة هذا الإقرار خالية من أية عبارة أو إشارة تفيد من قريب أو بعيد في تعيين شخص المقر له فإن هذه الورقة لا تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز معه الإثبات بالبينة والقرائن. وقد خالف الحكم الابتدائي هذه الأصول القانونية وجعل عماد قضائه قرينة وحيدة هي وجود الإيصال الذي يحمل تلك العبارة في يد المدعية (المطعون عليها الأولى) ورأى في هذه القرينة الدليل الكافي على أن هذه المدعية هي السيدة المعينة في عبارة التظهير وجاء الحكم الاستئنافي الأول الذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق مشوباً بنفس العيب إذ أنه وقد استبعد الحوالة أساساً للدعوى وأرسي هذا الأساس على اعتبار أن العبارة المدونة بظهر الإيصال تعتبر إقراراً لسيدة مجهولة انتهى إلى الإحالة إلى التحقيق مجيزاً إثبات ادعاء المطعون عليها بأنها صاحبة الحق المقر به بالبينة دون أن يصرح بما يسوغ الإثبات بهذه الوسيلة على خلاف ما يقضي به القانون من اشتراط الكتابة في هذه الحالة فكان ذلك من الحكم قصوراً منطوياً على مخالفة لقواعد الإثبات الواجب اتباعها وكذلك شأن الحكم الاستئنافي الأخير فإنه على الرغم من اعتراض الطاعنة في مذكرتها على جواز الإثبات بالبينة وطلبها من المحكمة أن تعدل عن الحكم الصادر بالتحقيق وأن تطرح أقوال الشهود بما لها من سلطة في العدول عملاً بالمادة 165 مرافعات وعلى الرغم من تمسك الطاعنة أيضاً بأن الإحالة إلى التحقيق حق للخصم لا يتصل بالنظام العام فإن لم يتمسك الخصم به فليس للمحكمة أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها - على الرغم من ذلك كله فقد جاء الحكم الاستئنافي الأخير مؤسساً على أقوال شهود الإثبات فحسب ودون أن يبين سنده في الخروج على قواعد الإثبات وإجازته إثبات حق قيمته 2500 ج بالبينة وبذلك جاء هذا الحكم الأخير هو أيضاً معيباً بقصور ينطوي على مخالفة للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق صراحة أو ضمناً على مخالفتها وكان الحكمان المطعون فيهما خاليين مما يفيد أن الشركة الطاعنة تمسكت بعدم جواز الإثبات بالبينة قبل صدور الحكم الأول القاضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق ولم تقدم الطاعنة من جانبها لمحكمة النقض ما يدل على حصول هذا التمسك كما أنها - على ما هو ثابت من الصورة الرسمية لمحضر التحقيق - لم تبد اعتراضاً ما على الإثبات بالبينة قبل البدء في سماع الشهود بل أنها أحضرت شهودها وسمعتهم المحكمة كما سمعت شهود المطعون عليها الأولى وانتهى التحقيق بغير إبداء هذا الاعتراض من جانبها فإن ذلك يعد قبولاً منها للإثبات بالبينة يسقط حقها في الدفع بعدم جواز الإثبات بهذا الطريق ولا يجوز لها بعد ذلك أن تعود فيما أسقطت حقها فيه.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكمين المطعون فيهما مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنه كان من أوجه دفاعها الجوهرية أمام محكمة الموضوع أن الإيصال الرقيم 6 مارس سنة 1953 وما عليه من عبارة التظهير لا يصلحان سنداً لدعوى المطعون عليها الأولى لأن الإيصال صدر من مدير الشركة وممثلها لمصلحة نفسه فيكون باطلاً وفقاً للمادة 108 من القانون المدني وأنه متى كان هذا الإيصال لا ينتج أي أثر قانوني قبل الشركة فإن عبارة التظهير التي عليه وهى موقعة من الشخص نفسه تكون هي أيضاً عديمة الأثر قبل الشركة لأن أثر التظهير مستمد من أثر الإيصال ويدور معه وجوداً وعدماً - وتقول الطاعنة إنه على الرغم من أن محكمة الاستئناف قد سجلت في أسباب حكمها الأول القاضي بالإحالة إلى التحقيق تمسك الطاعنة بهذا الدفاع فإنها أغفلت الرد عليه كلية في حكمها هذا وفي حكمها الموضوعي الأخير مع أنه كان من شأنه أن يقضي على الدعوى بغير حاجة إلى تحقيق وسماع شهود. ولما كان هذا الدفاع جوهرياً يتغير به وجه الحكم في الدعوى فإن إغفال الرد عليه يكون قصوراً منطوياً على مخالفة للقانون فيما نصت عليه المادة 108 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الطاعنة - على ما يبين من الصورة الرسمية لصحيفة استئنافها - قد تمسكت أمام محكمة الاستئناف ببطلان الإيصال الرقيم 6 مارس سنة 1953 سند الدعوى لمخالفته نص المادة 108 من القانون المدني قائلة إنه طبقاً لهذه المادة ما كان يجوز للمرحوم ايمانويل بابا سينسيو أن يتعاقد مع نفسه باسم الشخص الاعتباري الذي كان ينوب عنه وهو الشركة - ولما كانت المادة 108 من القانون المدني تقضي بأنه "لا يجوز للشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل" - فإذا حصل التعاقد بغير هذا الترخيص فلا يكون نافذاً في حق الأصيل إلا إذا أجازه. وقد استثنت المادة من حكمها الأحوال التي يقضي فيها القانون أو قواعد التجارة بصحة هذا التعاقد. ولما كان لا خلاف بين الطرفين على أن الموقع على الإيصال سند الدعوى هو ايمانويل بابا سينسيو بوصفه ممثلاً للشركة الطاعنة وقد تضمن هذا الإيصال - على ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه - إقراره بهذه الصفة باستلام الشركة منه بصفته الشخصية مبلغ 2500 ج بصفة وديعة لدى الشركة. بذلك يكون هذا الإقرار متضمناً انعقاد عقد وديعة بين نفسه وبين الشخص الاعتباري الذي ينوب عنه (الشركة) وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة 108 سالفة الذكر إلا بترخيص من الشركة أو بإجازتها لهذا التعاقد وبالتالي لا يجوز لايمانويل إذا لم يتوافر أحد هذين الأمرين أن يرجع على الشركة على أساس عقد الوديعة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر العبارة المؤشر بها على ظهر الإيصال والموقع عليها من ايمانويل بابا سنيسيو بصفته الشخصية متضمنة إقراراً منه بملكية سيدة ما لقيمة تلك الوديعة وكان هذا الإقرار منصباً على ذات الوديعة المشار إليها في صلب السند فإن الإقرار المذكور لا يكون من شأنه أن يرتب بذاته في ذمة الشركة التزاماً جديداً مستقلاً عن الالتزام الناشئ عن عقد الوديعة وإنما يستمد ذلك الإقرار أثره من هذا العقد وبالتالي يدور معه وجوداً وعدماً - لما كان ذلك، فإن عدم نفاذ عقد الوديعة في حق الشركة الطاعنة يستتبع أن يكون الإقرار المذكور غير ملزم لها - ولا عبرة بما تقوله المطعون عليها الأولى في مذكرتها المقدمة لهذه المحكمة من أنه لا محل للاحتجاج بالمادة 108 متى كانت محكمة الاستئناف قد اعتبرت أن السند في صلبه وظهره يمثل وديعة ولا يمثل ديناً محالاً - ذلك أن المشرع قد أطلق في المادة المذكورة التعبير بالتعاقد ولم يخصص نوعاً منه بعينه فلا محل إذن لإخراج عقد الوديعة من حكم هذه المادة - لما كان ما تقدم، وكانت محكمة الاستئناف مع تسجيلها في حكمها الصادر في 31 من مايو سنة 1958 تمسك الطاعنة بدفاعها سالف الذكر ورد المطعون عليها الأولى عليه بما يتضمن إجازة الطاعنة التعاقد - فإن المحكمة المذكورة لم تقل كلمتها في هذا الخصوص ولم تعن ببحث دفاع الطاعنة المتقدم الذكر مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون إغفال المحكمة الرد عليه قصوراً مبطلاً لحكمها الصادر في موضوع الدعوى ومستوجباً لنقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. ولما كان هذا العيب لا يلحق الحكم الاستئنافي الصادر بالإحالة إلى التحقيق لأنه وقد أراد بهذا التحقيق التثبت من صفة المطعون عليها الأولى في رفع الدعوى وهو الأمر الذي يجب أن يسبق التعرض لدفاع الطاعنة سالف الذكر فإنه لا يمكن رمي ذلك الحكم بالقصور لكونه ترك أمر الرد على هذا الدفاع للحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعد أن تثبت الصفة للمطعون عليها لما كان ذلك، وكان سببا الطعن اللذان استغنت هذه المحكمة عن بحثهما لا يتضمنان نعياً ما على حكم التحقيق فإن طلب الطاعنة نقضه يكون على غير أساس.
(1) راجع نقض 15/ 11/ 1962 طعن 163 س 27 ق السنة 13 ص 1031.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق