جلسة 13 من فبراير سنة 1963
برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.
---------------
(32)
الطعن رقم 153 لسنة 28 القضائية
(أ) ضرائب. "الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة". "تقادم". "تقادم مسقط".
المبالغ والقيم التي يلحقها التقادم قانوناً بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 14 لسنة 1939 تؤول إلى الحكومة ويسقط حق أصحابها في المطالبة بها. دخولها ضمن الأرباح والفوائد المتفرعة عن الأسهم والسندات القابلة للتداول الصادرة من أية شركة تجارية أو مدنية. سقوطها بالتقادم مثل كل حق دوري متجدد (كالفوائد) يتقادم بخمس سنوات. حجز البنك جزءاً من أرباح الكوبونات تحت يده أكثر من خمس سنوات دون أن يطالب أصحاب الشأن بها. أيلولة هذه المبالغ إلى الحكومة باعتبارها جزءاً من الفائدة السنوية. لا يغير من طبيعتها مجرد استقطاعها وحجز البنك لها مع علمه بأنها تزيد عن الضريبة المستحقة لمصلحة الضرائب.
(ب) ضرائب. "الضريبة على فوائد الديون".
استخلاص الحكم أن المبالغ التي ساهم بها البنك في صندوق تعاون وادخار موظفيه والفوائد المستحقة عن مجموع المبالغ المودعة به تخرج عن ملكية البنك وتصبح ملكاً للموظفين وأن البنك يستثمر هذه الأموال لحسابه. خضوع فوائد هذه الديون التي يدفعها البنك والموظفون في صندوق التعاون والادخار للضريبة واستحقاق الضريبة على المجموع الكلى للفوائد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبن - من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية الشركات المساهمة قامت بفحص حسابات البنك العقاري المصري "الطاعن" عن السنوات من 1947/ 1948 إلى 1950/ 1951 وأدخلت ما رأته من تعديلات على ما ورد في إقرارات البنك عن السنوات المشار إليها فطعن البنك في هذه التعديلات بالطعن رقم 101 سنة 1955 أمام لجنة الطعن ومن بينها النقاط الآتية والتي انحصر فيها النزاع. أولاً - طالبت مأمورية الشركات المساهمة البنك بمبلغ 2476 جنيهاً و377 مليماً باعتباره ربحاً لم يصرف للمساهمين وأصحاب السندات وحصص التأسيس وقد انقضى أجل التقادم بالنسبة له ومن ثم يؤول للمحكمة. ثانياً - طالبت المأمورية البنك بالضريبة المستحقة على الفوائد التي يدفعها البنك إلى صندوق ادخار الموظفين والتي يدفعها الموظفون إلى الصندوق عن قروضهم. ثالثاً - طالبت المأمورية البنك بالضريبة المستحقة على بدل التمثيل الممنوح لعضو مجلس الإدارة والمدير العام وبتاريخ 3/ 11/ 1955 قررت اللجنة رفض الطعن وبالتالي أحقية المأمورية في المطالبة بالمبلغ والضرائب سالفة الذكر. طعن البنك في قرار اللجنة بالنسبة لنقاط الخلاف السابقة أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالطعن رقم 1246 سنة 1955 ضرائب حيث قضى بجلسة 5/ 5/ 1956 بتعديل قرار اللجنة وذلك بإعفاء فوائد الديون والودائع المطلوبة لصندوق ادخار موظفي البنك الضريبة المستحقة عليها عن سنوات النزاع وبعدم خضوع بدل التمثيل الممنوح لعضو مجلس الإدارة والمدير العام لضريبة إيراد القيم المنقولة وبتأييد قرار اللجنة بالنسبة لحق مصلحة الضرائب في مبلغ 2476 جنيهاً و377 مليماً. طعن البنك في هذا الحكم بالاستئناف وقيد استئنافه برقم 467 سنة 73 ق القاهرة بالنسبة للشق الأخير منه كما طعنت مصلحة الضرائب في الشق الأول منه بالاستئناف وقيد استئنافها برقم 513 سنة 73 ق القاهرة وقضى في الاستئنافين بجلسة 18/ 4/ 1957 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لمبلغ 2476 جنيهاً و377 مليماً وبإلغائه فيما قضى به من عدم خضوع الفوائد التي دفعها البنك لصندوق الادخار والفوائد التي دفعها موظفو البنك لهذا الصندوق وبدل تمثيل عضو مجلس الإدارة والمدير العام للضريبة وبإخضاعها جميعاً للضريبة المستحقة عليها قانوناً فطعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون حيث قررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 16/ 1/ 1963 وفيها أصر الطاعن على طلباته وصممت المطعون عليها على رفض الطعن وصممت النيابة على نقض الحكم في خصوص السبب الأول فقط.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب حاصل أولها خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه قضى بأحقية الحكومة في فروق الضرائب المصلحة تحصيلاً زائداً من المساهمين وأصحاب الحصص والسندات باعتبارها أرباحاً لحقها التقادم طبقاً لنص المادة 28 من القانون رقم 14 لسنة 1939 في حين أن الطاعن اضطر إزاء زيادة الضريبة بأثر رجعى المستحقة على إيراد القيم المنقولة بالقانونين رقمي 16 لسنة 1940 و19 لسنة 1942 إلى خصم فروق الضريبة من الكوبونات التي استحقت قبل صدورهما ولم تكن قد دفعت لصحابها ثم عاد وقام بتحصيلها مرة ثانية عند التوزيع التالي أخذاً بالأحوط واحتفظ الطاعن لذلك بالفروق التي حصلت من أصحابها زيادة عن الضريبة المستحقة عليهم إذ أنها دفعت منهم بدون وجه حق وأصبحت بمجرد اقتطاعها مالاً منفصلاً عن الفوائد والأرباح وحقاً غير دوري ولا تخضع بالتالي للتقادم المنصوص عليه في المادة 28 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ومن ثم لا يسقط الحق في المطالبة بها إلا بمضي 15 سنة.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن "فريق الضريبة المسددة بالزيادة عن الأسهم وقدره 1072 جنيهاً و214 مليماً وعن حصص التأسيس وقدره 213 جنيهاً و789 مليماً وعن السندات وقدره 1190 جنيهاً و374 مليماً فهذه الفروق كانت عن كوبونات استحقت حتى سنة 42/ 1943 وقد خصمت هذه الفروق من قيمة الكوبونات فالمقدار الذي خصم هو ولا شك جزء من هذه الكوبونات وبمعنى آخر جزء من الإيراد الدوري المتجدد الذي يظل الحق في المطالبة به قائماً لمدة خمس سنوات ويلحقه التقادم بعد ذلك وبما أن حملة الكوبونات لم يطلبوا بهذه الزيادة خلال هذه المدة القانونية فيكون حقهم في المطالبة بها قد سقط بالتقادم وتؤول نتيجة لذلك إلى الحكومة عملاً بنص المادة 28 من القانون رقم 14 لسنة 1939" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أن المادة 28 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على أن "تؤول إلى الحكومة نهائياً جميع المبالغ والقيم التي يلحقها التقادم قانوناً بعد تاريخ العمل بهذا القانون ويسقط حق أصحابها في المطالبة بها وتكون مما يدخل ضمن الأنواع المبينة بعد (1) الأرباح والفوائد المتفرعة عن الأسهم والسندات القابلة للتداول مما تكون أصدرته أية شركة تجارية أو مدينة...الخ" كما تنص المادة 375 من التقنين المدني في فقرتها الأولى على أن يتقادم بخمس سنوات، كل حق دوري متجدد، ولو أقربه المدين,... كالفوائد... الخ" ولما كان البنك الطاعن قد حجز تحت يده جزءاً من أرباح الكوبونات عدا فروق الضريبة المستحقة التي سددها للمطعون عليها وكان الثابت أن المبالغ الأولى ظلت تحت يد الطاعن أكثر من خمس سنوات دون أن يطالب أصحاب الشأن بها فإنها تؤول بالتالي إلى الحكومة إذ أن هذه المبالغ لا تخرج عن كونها جزءاً من الفائدة السنوية ولا تتغير طبيعتها بمجرد استقطاعها وحجز البنك لها مع علمه بأنها تزيد عن الضريبة المستحقة للمطعون عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه رفض هذا السبب.
وحيث إن السببين الثاني و الثالث يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أقام قضاءه بإخضاع الفوائد التي يدفعها الطاعن والفوائد التي يدفعها الموظفون إلى صندوق تعاون وادخار موظفي البنك للضريبة تأسيسا على أن الصندوق شخصية اعتبارية مستقلة عن البنك في حين أن الصندوق لا يتمتع بهذه الشخصية وأن الفوائد التي يدفعها البنك للصندوق ليست ناتجة عن عقد قرض بل هي تعهد صادر من جانب واحد وهو البنك إلى صندوق التعاون والادخار على سبيل التبرع.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من "أنه بمطالعة نصوص لائحة صندوق الادخار الخاص بموظفي البنك العقاري المصري والمصدق عليها من مجلس إدارته بتاريخ 4/ 5/ 1906 يبين أن هذا الصندوق له ذمة مالية مستقلة عن ذمة البنك وقد أوجبت هذه اللائحة فتح حسابات خاصة بأعماله وتوضحت بها كيفية تغذية هذا الصندوق فذكر بأنه يصير استقطاع ما يوازي (5%) من مرتبات المستخدمين الشهرية على أن يقوم البنك من جانبه بإيداع مقدار يساوى ذلك كما نصت على أن البنك يدفع أيضاً فائدة بسعر 4% تسرى على ما استقطع من المرتبات وما قام هو بإيداعه فإذا لوحظ أن البنك يقوم باستثمار مالية الصندوق عن طريق عمليات التسليف فإنه يؤخذ من ذلك أن الفائدة السابق الإشارة إليها والتي تعهد البنك بدفعها للصندوق طبقاً لنصوص اللائحة ليست في الحقيقة إلا مقابل ما يعود عليه من هذا الاستثمار ولا يقبل القول والحالة هذه بأن هذه الفائدة هي مجرد مساهمة تكميلية منه للصندوق وما دام الأمر كذلك فإن هذه الفائدة لا تختلف في طبيعتها عن الفوائد المنصوص عليها في المادة 15 من قانون رقم 14 لسنة 1939 وخضع مثلها للضريبة هذا والأمر لا يختلف بالنسبة للفائدة التي يدفعها الموظفون إلى حساب الصندوق عن القروض التي يأخذونها منه إذ أن هذه الفائدة ناتجة عن عملية تسليف أخذت من مال الصندوق.." وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أن المبالغ التي ساهم بها البنك في صندوق التعاون والفوائد المستحقة عن مجموع المبالغ المودعة به تخرج من ملكية البنك وتصبح ملكاً للموظفين وأن البنك يستثمر هذه الأموال لحسابه وبذلك يتوافر في النزاع وجود طرفين دائن ومدين ولما كانت المادة 15 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تقضى بإخضاع فوائد الديون للضريبة وكانت المادة 18 من ذات القانون قد نصت على استحقاق هذه الضريبة على المجموع الكلي للفوائد فإن ما انتهي إليه الحكم يكفي لحمل قضائه دون ما حاجة لبحث الشخصية الاعتبارية للصندوق ومن ثم وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة - فإن النعي في هذين السببين يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال ذلك أنه أقام قضاءه في إخضاع بدل التمثيل الممنوح لعضو مجلس الإدارة والمدير العام إلى ما قرره وكيل البنك في المذكرة المؤرخة 19/ 6/ 1953 من أن بدل التمثيل كان في الواقع جزءاً من المكافأة التي تصرف لعضو مجلس الإدارة المنتدب والمدير العام ثم اختار البنك أن يعطى له صفة بدل التمثيل حتى لا يخضع للضريبة وأن الظروف في سنة 50/ 1951 لم تكن تستلزم بدل تمثيل لهذين الموظفين في حين أن البنك قرر في مذكرته السالفة أن جزءاً من المبالغ التي كانت تصرف لعضو مجلس الإدارة - والمدير العام هو في حقيقته بدل تمثيل وهذا الذي انتهى إليه الحكم فهم خاطئ لعبارات هذه المذكرة.
وحيث إن الطاعن لم يودع قلم كتاب المحكمة في الميعاد القانوني صورة رسمية من المذكرة المؤرخة 19/ 6/ 1953 التي استدل بها الحكم على ما انتهى إليه مما يجعل النعي في خصوص هذا السبب عارياً عن الدليل ولا يغير من هذا النظر تقديم المطعون عليه هذه المذكرة ضمن مستنداته وتمسك الطاعن بها ما دام لم يقدمها هو في الميعاد القانوني.
(1) هذا المبدأ مقرر في الطعن رقم 94 سنة 25 ق - جلسة 31 ديسمبر سنة 1959 س 10 ص 858 قاعدة رقم 131.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق