جلسة 28 من مارس سنة 1963
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.
---------------
(62)
الطعن رقم 28 لسنة 28 القضائية
(أ) بيع "انتقال ملكية المبيع". تسجيل. تقادم "التقادم المسقط" دعوى "دعوى الاستحقاق".
انتقال الملكية للمشترى من تاريخ تسجيل حكم صحة التعاقد. هذه الملكية لا تسقط أبداً عن المالك. دعوى الاستحقاق التي تحميها لا يرد عليها التقادم المسقط دون المطالبة بالملكية. المالك رفعها ضد أي شخص لاسترداد ملكيته مهما طال عهد انقطاع صلته بهذا الملك.
(ب) بيع "ضمان عدم التعرض" ملكية. تقادم "التقادم المسقط". "التقادم المكسب".
التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترى. التزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر وينتقل من البائع إلى ورثته. وليس للورثة منازعة المشترى فيما كسبه من حقوق بمقتضى العقد إلا إذا تمسكوا بالتقادم المكسب الطويل المدة. دفعهم دعوى تثبيت ملكيته للقدر المبيع بالتقادم المسقط استناداً إلى مضي أكثر من خمس عشرة سنة على عدم تسجيل العقد أو الحكم بصحته منازعة ممتنعة عليهم.
(ج) نقض "المصلحة في الطعن". تقادم.
عند امتناع الدفع بالتقادم قانوناً، لا يجدي النعي بخطأ الحكم فيما اعتبره قاطعاً للتقادم.
(د) تقادم. "التقادم المكسب". "السبب الصحيح".
السبب الصحيح في التقادم الخمسي المكسب للملكية هو التصرف القانوني الصادر من غير مالك للحق المراد كسبه بالتقادم. إذا كان المتصرف مالكاً فلاً يجدي المتصرف إليه التمسك بهذا السبب.
(هـ) إثبات "إجراءات الإثبات". خبرة. محكمة الموضوع. نقض "أسباب الطعن".
تعيين خبير في الدعوى من الرخص المخولة لمحكمة الموضوع. رفض طلب تعيين خبير لأسباب سائغة. لا سبيل للمجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(و) وفاء. التزام "انقضاء الالتزام بالوفاء".
عرض المشتري باقي الثمن على البائع أمام محكمة الدرجة الأولى وتمسكه بهذا العرض في مواجهة البائع اعتبار ذلك بمثابة عرض أبدى حال المرافعة. لا يلزم لصحته اتخاذ إجراءات أخرى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية أقاما في 23 من مايو سنة 1953 الدعوى رقم 220 سنة 1953 مدني كلي شبين الكوم ضد الطاعنين وباقي المطعون عليهم طلبا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى 1 ف و13 ط و2 س شيوعاً في 1 ف و15 ط و9 س المبينة في الصحيفة وما يتبع هذا القدر في الساقية المشتركة وتسليمه إليهما وكف منازعة المدعى عليهم لهما فيه. وقال المطعون عليهما رافعاً الدعوى في بيانها إنه بموجب عقد بيع عرفي محرر في 6 من نوفمبر سنة 1925 اشترى مورثهما ومورث باقي المطعون عليهم المرحوم تادرس بدوي مطر من مورث الطاعنين المرحوم عبد الستار محمد تعلب أطياناً زراعية مساحتها 5 ف و21 ط يتبعها عشرة قراريط في ساقية وذلك بثمن قدره 1468 ج خصم منه مبلغ 584 ج قيمة ما كان للمشتري من دين في ذمة البائع ودفع منه مبلغ 433 ج في مجلس العقد والتزم المشتري بأن يسدد مبلغ 290 ج لدائنين للبائع عيناً بالاسم في العقد والباقي بعد ذلك كله وقدره 161 ج تعهد المشتري بدفعه عند تحرير العقد النهائي وأنه لقيام النزاع بين الطرفين حول تنفيذ هذا العقد رفع المشتري (مورث المطعون عليهم) دعوى ضد البائع (مورث الطاعنين) طلب فيها (أصلياً) الحكم بإثبات حصول هذا البيع واحتياطياً رد ما دفعه من الثمن وقدره 1018 ج وأقام البائع بدوره دعوى ضد المشتري طلب فيها الحكم بإلزام الأخير بأن يدفع له مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض نظير الضرر الذي أصابه من جراء نكوله عن تنفيذ عقد البيع السالف الذكر وقد ضمت الدعويان وانتهيتا بالحكم فيهما انتهائياً من محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1929 في الاستئناف رقم 1207 سنة 45 قضائية بإثبات حصول بيع الـ 5 ف و19 ط المحرر بها عقد البيع العرفي بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1925 وللطرفين المحاسبة طبقاً لهذا العقد وبإلزام البائع بمصروفات الدرجتين ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وبتاريخ 9 من أكتوبر سنة 1950 قام المطعون عليهما الأولان بعد وفاة مورثهما بتنفيذ هذا الحكم بقيمة نصيبهما في المصروفات المحكوم بها لمورثهما ثم قاما في 9 من أكتوبر سنة 1952 بتسجيل الحكم بالنسبة لنصيبهما الميراثي في القدر المبيع وأنه نظراً لمنازعة الطاعنين لهما في ملكية هذا النصيب وامتناعهم عن تسليمه إليهما فقد رفعا الدعوى الحالية بالطلبات السابقة - دفع الطاعنون أمام محكمة الابتدائية بسقوط حق المدعيين في طلب الملكية لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على تاريخ عقد البيع وتاريخ الحكم الصادر بصحة التعاقد الحاصل بموجبه قبل رفع الدعوى وقالوا إنه لما كان المدعيان لم يتخذا أي إجراء في شأن تنفيذ هذا الحكم الذي هو أساس دعواهما منذ صدوره في 18 من ديسمبر سنة 1929 حتى تاريخ رفع دعواهما فإن هذا الحكم يكون قد سقط بالتقادم الطويل عملاً بالمادة 274 من القانون المدني هذا بالإضافة إلى أن مورثهم البائع وهم من بعده قد استمروا واضعين اليد على العين المبيعة بصفة مالكين من تاريخ البيع حتى تاريخ رفع الدعوى وبتاريخ 24 من فبراير سنة 1955 حكمت محكمة شبين الكوم الابتدائية للمطعون عليهما بطلباتهما فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 137 سنة 5 ق وتمسكوا فيه بأوجه دفاعهم التي أبدوها أمام المحكمة الابتدائية وبتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1957 حكمت محكمة استئناف طنطا بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم الاستئنافي بطريق النقض بتقرير تاريخه أول فبراير سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص المطعون بجلسة 3 من مايو سنة 1961 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب رفض للطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظر الطعن جلسة 7 من مارس سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما قضى به من رفض الدفع الذي أبداه الطاعنون بسقوط حق المطعون ضدهما الأولين في طلب الملكية بالتقادم والذي أسسوه على أن عقد البيع العرفي المؤرخ 6 نوفمبر سنة 1925 والحكم رقم 1207 سنة 45 ق الصادر من محكمة استئناف القاهرة في 18 ديسمبر سنة 1929 بصحة التعاقد الحاصل بموجب هذا العقد قد سقط كلاهما بمضي أكثر من خمس عشرة سنة قبل أن يرفع المطعون عليهما الأولان دعواهما الحالية في مايو سنة 1953 ولقد سلم الحكم المطعون فيه بحق الطاعنين في إبداء هذا الدفع غير أنه قضى برفضه استناداً إلى القول بأن مدة التقادم قد انقطعت بإقرار مورثهم البائع في صحيفة الاستئناف رقم 147 سنة 1938 مدني سبين الكوم المرفوع منه عن حكم كان قد صدر ضده من محكمة شبين الكوم الجزئية في الدعوى 3036 سنة 1938 بوضع الأطيان المبيعة تحت الحراسة القضائية بناء على طلب بعض الطاعنين... بأن وضع يده على الأطيان المبيعة إنما كان بما له من حق الحبس لحين استيفاء باقي الثمن كما انقطع التقادم أيضاً بقيام المطعون عليهما الأولين بتنفيذ الحكم الاستئنافي رقم 1207 سنة 45 ق فيما يختص بنصيبهما في المصاريف المحكوم بها لمورثهما - ويقول الطاعنون إن ما قرره الحكم في هذا الخصوص خطأ في القانون ذلك أن تنفيذ الحكم بالنسبة للمصاريف فقط لا يقطع تقادم المحكوم به كما أن العبارة التي وردت على لسان مورثهم في صحيفة الدعوى رقم 147 سنة 1938 مدني شبين الكوم والتي اعتبرها الحكم المطعون فيه إقراراً من هذا المورث قاطعاً للتقادم - هذه العبارة - لم تكن مقصودة لذاتها ولا تعتبر إقراراً ملزماً طالما أنها جاءت أثناء إجراءات دعوى حراسة إذ أن هذه الدعوى تعتبر من الإجراءات التحفيظية فلا تقطع التقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت الثابت من أوراق الطعن ومن تقريرات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما الأولين قاما في 9 من أكتوبر سنة 1952 بتسجيل الحكم النهائي الصادر لصالح مورثهما في 18 ديسمبر سنة 1929 في الاستئناف رقم 1207 سنة 45 ق القاهرة بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من مورث الطاعنين في 6 نوفمبر سنة 1925 والمتضمن بيع الأخير له خمسة أفدنة وتسعة عشر قيراطاً وقد اقتصر التسجيل على فدان و15 قيراطاً و9 أسهم من القدر المبيع فإن ملكية هذا القدر - الذي يدخل فيه القدر موضوع دعوى ثبوت الملكية المرفوعة من المطعون عليهما الأولين - تكون قد انتقلت من البائع إلى ورثة المشتري من تاريخ تسجيل ذلك الحكم وهذه الملكية لا تسقط أبداً عن المالك كما أن دعوى الاستحقاق التي تحميها لا يرد عليها التقادم المسقط وللمالك أن يرفعها ضد أي شخص لاسترداد ملكة مهما طال عهد انقطاع صلته بهذا المالك ومن ثم إذا طالب المشتري الذي انتقلت إليه ملكية المبيع البائع باسترداد المبيع فإنه لا يجوز دفع هذه الدعوى بالتقادم لمضي أكثر من خمس عشرة سنة دون مطالبة بالملكية - كما أنه لا يجوز للطاعنين من جهة أخرى دفع دعوى المطعون عليهما بالتقادم بالاستناد إلى عدم تسجيل عقد البيع أو الحكم الصادر بصحته مدة تزيد على خمس عشرة سنة ذلك أن من أحكام البيع المقررة في المادتين 261 و300 من القانون المدني القديم والمادة 439 من القانون القائم التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترى في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وهذا الالتزام أبدى يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أبداً التعرض للمشتري لأن وجب عليه الضمان يحرم عليه التعرض وينقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية وفق ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ولما كان دفاع الطاعنين بسقوط حق المطعون عليهما لقعودهما عن تسجيل عقد البيع والحكم الصادر بصحته مدة تزيد على خمس عشرة سنة هو من قبيل المنازعة الممتنعة عليهم قانوناً بمقتضى إلزام مورثهم بالضمان السالف الذكر وكان الحكم المطعون فيه قد نفى ما ادعاه الطاعنون من أنهم تملكوا العين المبيعة بالتقادم المكسب الطويل المدة - ولم تتضمن أسباب الطعن نعياً على ما قرره الحكم في هذا الخصوص - فإن هذا الحكم إذ انتهى إلى رفض الدفع بسقوط حق المطعون عليهما في رفع دعواهما بالتقادم لا يكون مخالفاً للقانون كما أن النعي عليه بخطئه فيما اعتبره إجراء قاطعاً للتقادم يكون غير منتج لأنه وقد ثبت على ما سلف بيانه - أن الدفع بالتقادم لا تجوز إثارته أصلاً عن الطاعنين فإن الحكم المطعون فيه لم يكن بحاجة لبحث ما إذا كان التقادم قد انقطع أو لم ينقطع.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون بمخالفته نص المادة 969 من القانون المدني وذلك أنه قضى للمطعون عليهما الأولين بالملكية على الرغم من أن الطاعنين قد أثبتوا أن مورثهم باع من ضمن القدر المبيع منه بعقد 6 نوفمبر سنة 1925 - باع ستة قراريط وسهمين إلى جرجس غبريال بعقد بيع سجل في 6/ 1/ 1938 كما باع إلى ميخائيل مرقص وآخرين فداناً وستة قراريط بعقد سجل في 5/ 11/ 1938 وقد باع المشترون المذكورون بدورهم هذين المقدارين إلى الطاعنين بموجب عقدي بيع مسجلين أحدهما في 19/ 12/ 1941 - والثاني في 13/ 1/ 1942 وقد ظهر المشترون بمظهر المالكين واضعي اليد استغلالاً وتملكوا الأطيان محل النزاع بوضع اليد مدة تزيد على خمس سنوات سابقة على رفع دعوى المطعون عليهما واستناداً إلى السبب الصحيح المسجل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دفاع الطاعنين في خصوص ما يثيرونه في هذا السبب على ما أورده في أسبابه من أن "وحيث إنه عن القول بأن مورث المستأنفين (الطاعنين) تصرف في مقادير من الأرض المبيعة منه إلى الغير وهؤلاء باعوها بدورهم إلى المستأنفين الأول والثالث (الطاعنين الأول والثاني) وأن هذين الأخيرين والبائعين لهما من قبل تملكوا المقادير المبيعة لهم بالسند الصحيح ومضي المدة القصيرة وأن هذه المدى تسري في حق القصر فهو مردود: أولاً - بأن مورث المستأنف عليهما الأولين (المطعون عليهما الأولين) لم يكن قد سجل عقد مشتراه أو الحكم الصادر بإثبات صحة التعاقد عنه إلى حين تصرف مورث المستأنفين (البائع) فيما تصرف فيه للغير وبذلك بقيت الملكية لهذا الأخير قانوناً وإن كان ملزماً بضمان عدم المنازعة فهو لا يعتبر من هذه الوجهة قد باع ملك الغير حتى يتمسك بعض ورثته المشترون من المشترين منه بالتملك بالسند الصحيح وبمضي المدة القصيرة وهو مردود. ثانياً - بأن التقادم المكسب على خلاف التقادم المسقط يوقف أياً كانت مدته متى وجد سبب لوقفه... ولما كان المستأنف عليهما الأولان (المطعون عليهما الأولان) قد بلغا سن الرشد في سبتمبر سنة 1946 وأبريل سنة 1948 على التوالي (مستند رقم 5 و6 حافظة ملف ابتدائي) وكانا قد تمسكا بحقوقهما المستمدة من عقد البيع الصادر لمورثهم والحكم القاضي بإثبات صحته ونفاذه فسلكوا سبيل تنفيذه ضد ورثة البائع وهم المستأنفون في سبتمبر سنة 1950 فإن مدة التقادم المكسب تقف لحين تاريخ بلوغها سن الرشد ثم يبدأ سريانها بعد ذلك التاريخ - لما كان ما تقدم، وكانت مدة الخمس سنوات اللازمة لكسب الملكية بالسند الصحيح لم تمض من تاريخ البلوغ إلى حين تنفيذ الحكم الصادر بإثبات التعاقد بقيمة نصيب المستأنف عليهما الأولين في المصاريف المحكوم بها منه ضد المستأنفين فإن الدفع بالتملك بالتقادم الخمسي يكون حقيقاً بالرفض ولما كان الطاعنون لا يتمسكون في هذا الطعن كما لم يتمسكوا أمام محكمتي الموضوع بأن عقدي البيع المسجلين الصادرين من مورثهم إلى الذين باع إليهم مقادير من الأطيان التي كان قد باعها من قبل إلى مورث المطعون عليهم أو بأن العقدين المسجلين الصادرين من هؤلاء المشترين الجدد إلى بعض الطاعنين ببيعهم لهم ما كانوا قد اشتروه من مورثهم - لا يتمسك الطاعنون بهذه العقود باعتبار أنها بذاتها تعتبر ناقلة للملكية وإنما تمسكهم بها على أنها تعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي طبقاً للمادة 969 من القانون المدني لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بالنسبة لما أورده في الشق الأول من رده على دفاع الطاعنين بالتملك بهذا التقادم صحيح في القانون ذلك أنه يشترط في السبب الصحيح الذي يصلح سنداً للتملك بالتقادم الخمسي أن يكون تصرفاً قانونياً صادراً من شخص لا يكون مالكاً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم فإذا كان المنصرف إليه قد تلقى الحق من المالك فلاً يجديه التمسك بهذا السبب - وهذه القاعدة قد قررها القانون المدني القائم صراحة في المادة 969 منه وقررتها هذه المحكمة من قبل في ظل القانون القديم رغم عدم النص عليها صراحة فيه - لما كان ذلك، فإن ما استطرد إليه الحكم المطعون فيه في رده على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص في الشق الثاني من هذا الرد يكون تزيداً لم يكن يقتضيه الفصل في النزاع المطروح ومن ثم فلا محل لبحث مدى صحة ما قرره الحكم في هذا الشق من الوجهة القانونية.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في السبب الثالث القصور في التسبيب والإخلال بحقهم في الدفاع وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن جزءاً من العقار المبيع من مورثهم إلى مورث المطعون عليهم قد نزعت ملكيته للمنافع العامة وطلبوا تحقيق ذلك بكافة الطرق التي رسمها القانون بما في ذلك ندب خبير وقد رفض الحكم المطعون فيه دفاعهم في هذا الخصوص وعاب عليهم أنهم لم يقدموا ما يدل على نزع الملكية حالة أنه كان يتعين على المحكمة تحقيق هذا الدفاع بالطريق الذي رسمه القانون في المادة 225 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه ذكر رداً على دفاع الطاعنين في الخصوص المتقدم الذكر ما يلي "وحيث إنه عن السبب الرابع من أسباب الاستئناف فإنه ليس في الأوراق ما يفيد نزع ملكية جزء من الأطيان المبيعة بعقد 6/ 11/ 1925 للمنافع العامة ولم يتقدم المستأنفون (الطاعنون) بما يدل على صدور مرسوم بنزع الملكية" ولما كانت المادة 225 من قانون المرافعات التي يستند إليها الطاعنون تنص على أن "للمحكمة عند الاقتضاء أن تحكم بندب خبير واحد أو ثلاثة..." ومفاد ذلك أن تعيين الخبير في الدعوى هو من الرخص المخولة لقاضي الموضوع فله وحده، تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفضه إجابة طلب تعيين الخبير قائماً على أسباب مبررة له ولما كان ما استند إليه الحكم المطعون فيه في رفض طلب الطاعنين تعيين الخبير سائغاً فإنه لا سبيل إلى الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن المطعون عليهما الأولين عندما عرضا على الطاعنين الباقي من ثمن المبيع وجها إنذار العرض على الطاعنين على اعتبار أنهم جميعاً مقيمون بناحية زوير مركز شبين الكوم في حين أنهما يعلمان أن الطاعنين الأول والرابعة والخامسة لا يقيمون في هذه البلدة ولقد تمسك الطاعنون أمام محكمة الموضوع ببطلان هذا الغرض لعدم إعلانه إليهم بالطريق القانوني غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفاع استناداً إلى القول بأن إنذار العرض قد استلمه ابن أحد الطاعنين وأن الإعلان وقد تم في مواجهة أحد الورثة بشأن أمر خاص بالتركة فإنه يكون صحيحاً بالنسبة لجميع الطاعنين - وهذا الذي قرره الحكم مخالف لنص المادتين 7 و11 من قانون المرافعات اللتين توجبان تسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص المعلن نفسه أو في موطنه ومخالف أيضاً لنص المادة 789 من قانون المرافعات التي توجب على العارض إعلان المعروض عليه بصورة من محضر الإيداع في خلال ثلاثة أيام من تاريخ الإيداع.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت المادة 792 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز العرض الفعلي حال المرافعة أمام المحكمة بدون إجراءات أخرى إذا كان من يوجه إليه العرض حاضراً..." وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أن عرض المطعون عليهما لباقي الثمن على الطاعنين حصل بعد رفع الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى فإن هذا العرض كان يصح بمجرد إبدائه في حضور الطاعنين حال المرافعة أمام المحكمة المذكورة ودون حاجة لاتخاذ إجراءات أخرى ولما كان الثابت من بيانات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الطاعنين جميعاً حضروا بوكيل عنهم أمام المحكمة الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف وأن المطعون عليهما العارضين تمسكا في مواجهتهم بعرضهما ولكن الطاعنين أعلنوا رفضهم له ودفعوا أمام المحكمة الأخيرة ببطلانه لعدم إعلانه إلى بعضهم بالطريق القانوني وقد أصروا على رفضهم لهذا العرض حتى صدر الحكم المطعون فيه لما كان ذلك، وكان الإعلان غير لازم في هذه الحالة لأن تمسك المطعون عليهما بعرضهما أمام المحكمة في مواجهة الطاعنين يعتبر منهما بمثابة عرض أبدى أمام المحكمة حال المرافعة فلا يلزم لصحته اتخاذ إجراءات أخرى لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهي إلى رفض دفاع الطاعنين ببطلان هذا العرض لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم ذكره يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.
(1) راجع نقض 14 مارس سنة 1963 بالعدد الحالي الطعن رقم 243 لسنة 28 ق رقم 45.
(2) راجع نقض 21 مارس سنة 1963 بالعدد الحالي الطعن رقم 261 لسنة 28 ق رقم 56.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق