جلسة 23 من مايو سنة 1963
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي.
-----------------
(104)
الطعن رقم 366 لسنة 27 القضائية
(أ) نقض. "إعلان الطعن" "التوكيل بالطعن" "الصفة في الطعن". حراسة. "انتهاؤها". وكالة.
صدور توكيل من الحارس الخاص على الشركة إلى أحد المحامين لتمثيلها أمام القضاء وفي الطعن بطريق النقض في الأحكام. زوال صفة الحارس بعد ذلك لا يؤثر في صحة التوكيل لأنه يعتبر صادراً من الشركة باعتبارها شخصاً معنوياً. متى وجه الإعلان من الشركة فلا يعيبه ما وقع فيه من خطأ في اسم الممثل الحقيقي لها وقت إجرائه.
(ب) وكالة. "وكيل بالعمولة". "العلاقة بينه وبين الغير".
تعاقد الوكيل بالعمولة لحساب موكله باسم نفسه. بقاء الموكل أجنبياً عن العقد ولا تنشأ بينه وبين من تعاقد مع الوكيل علاقة قانونية تجيز لأحدهما الرجوع على الآخر بدعوى مباشرة.
(ج) نقل "النقل البحري". أوراق تجارية "سند الشحن الإذني". "تظهيره". "التظهير على بياض".
لا تنتقل ملكية الحق الثابت بسند الشحن الإذني إلى المظهر إليه إلا بالتظهير التام. م 134 تجاري. التظهير على بياض يعتبر بمثابة توكيل للمظهر إليه في تسلم البضاعة ولا يخوله حقاً مستقلاً عن حقوق موكله المظهر.
(د) حوالة "انعقاد الحوالة". نقل "النقل البحري" "إذن التسليم" "إعفاء الناقل من مسئولية التسليم".
لا تنعقد الحوالة إذا كان الحق المحال به قد زال من المحيل قبل الحوالة. استصدار الناقل الأول إذن تسليم من الناقل الثاني ثم طلبه منه بعد ذلك تسليمه البضاعة طبقاً لنظام تسليم صاحبه وإعفائه من المسئولية المترتبة على التسليم. اعتبار ذلك نزولاً من الناقل الأول عن الحقوق الثابتة له بموجب إذن التسليم. حوالة الإذن من الناقل الأول إلى المرسل إليه في هذه الحالة لا تصادف محلاً تنعقد به الحوالة ولا تنشأ عنها علاقة مباشرة بين المرسل إليه وبين الناقل الثاني الذي أصدر إذن التسليم.
(هـ) نقل "النقل البحري" "سند الشحن المباشر" "شرط الإعفاء الوارد به" "نفاذه".
شرط الإعفاء الوارد بسند الشحن المباشر بإعفاء الناقل الأول من مسئولية سلامة البضاعة أثناء عملية النقل الثاني يتوقف نفاذه على تمكين الناقل الأول المرسل إليه من استلام البضاعة من الناقل الثاني ومن الرجوع مباشرة عليه.
(و) تقادم. "قطع التقادم". دعوى.
القضاء في الدعوى الأصلية بعدم القبول على أساس عدم وجود حق للمدعي قبل المدعى عليه يترتب عليه زوال ما كان لهذه الدعوى من أثر في قطع التقادم واعتبار انقطاع التقادم المبنى عليها كأن لم يكن.
(ز) حكم. "تسبيب كاف". نقل. "النقل البحري". "مسئولية الناقل".
استخلاص محكمة الموضوع أن التفريغ قد تم بمعرفة السفينة يكفي في اعتبار الناقل الثاني الذي قام بعملية التفريع تابعاً للسفينة لا مقاولاً للتفريغ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن شركة ذي مارين انشورانس كومباني (المطعون عليها الأولى) رفعت الدعوى رقم 1597 سنة 1952 تجاري كلي الإسكندرية ضد شركة ميتشيل كونس بصفتها وكيلة عن السفينة تابيين "الطاعنة" والسيد ليون كاراسو بصفته وكيلاً عن السفينة كاستيلو ماكويدا (المطعون عليه الثاني) طالبة الحكم بإلزامهما بأن يدفعا إليها متضامنين مبلغ 1650 جنيهاً و555 مليماً والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وقالت المدعية بياناً لدعواها إن شركة أبناء أنطوان باسيلي كانت قد أمنت لديها على رسالة من الأخشاب خلال نقلها من مينا أوتاوا باليابان إلى ميناء الإسكندرية، وأنه بموجب سبعة سندات شحن مباشر مؤرخة في 19 أغسطس سنة 1951 التزمت شركة ميتشيل بنقل الأخشاب على السفينة تابيين إلى ميناء بورسعيد على أن تعيد شحنها في هذا الميناء على سفينة أخرى إلى ميناء الإسكندرية على حسابها الخاص وتحت مسئولية صاحب البضاعة وبعد إتمام الجزء الأول من الرحلة أعيد شحن الأخشاب في ميناء بورسعيد على السفينة كاستيللو ماكيد ولدى وصول هذه السفينة إلى ميناء الإسكندرية تسلمت شركة أبناء باسيلي البضاعة بعجز مقداره 75380 قطعة من الخشب ثمنها 1650 جنيهاً و550 مليماً فأسندت بهذا المبلغ من شركة ذي مارين انشورانس كومباني المدعية بمقتضى عقد التأمين وحولت لها حقها في مطالبة المسئول وأقامت المدعية دعواها بطلب إلزام الناقلين بدفع ذلك المبلغ إليها على أساس أن الناقل الأول (الشركة الطاعنة) مسئول بموجب سندات الشحن المباشر عن تسليم الأخشاب كاملة وأن الناقل الثاني (المطعون عليه الثاني) قد امتنع دون مبرر عن تسليم ما نقص من البضاعة ودفع المطعون عليه الثاني بعدم قبول الدعوى الوجهة إليه لرفعها من غير ذي صفة واستند في ذلك إلى أنه لا توجد بينه وبين المدعية أية علاقة قانونية تخولها الحق في مقاضاته وطلبت الطاعنة رفض ذلك الدفع تأسيساً على أنها وقد استصدرت من المطعون عليه الثاني سندات بشحن البضاعة من ميناء بورسعيد إلى ميناء الإسكندرية ثم حولت تلك السندات إلى المستورد شركة أبناء باسيلي فإنه بذلك تقوم رابطة قانونية مباشرة بين المدعية التي حلت محل شركة أبناء باسيلي وبين المطعون عليه الثاني الذي يسأل وحده بالتعويض وانتهت من ذلك إلى طلب الحكم أصلياً بإخراجها من الدعوى واحتياطياً برفضها ومن باب الاحتياط الكلي الحكم على المطعون عليه الثاني بما عساه أن يحكم به عليها وفي 22 نوفمبر سنة 1954 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية: أولاً - بعدم قبول الدعوى الموجهة إلى المطعون عليه الثاني لرفعها من غير ذي صفة. وثانياً - بإلزام الطاعنة بأن تؤدى للمدعية (المطعون عليها الأولى) مبلغ 170 ج و480 م وهو المبلغ الذي قدره الخبير في دعوى إثبات الحالة، ولما كانت المحكمة قد أغفلت الفصل في دعوى الضمان فقد عجلتها الطاعنة، ودفع المطعون عليه الثاني بعدم قبولها لسقوط الحق في إقامتها لرفعها بعد ميعاد السنة المنصوص عليه في معاهدة سندات الشحن وفي 24 ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة بقبول الدفع وبسقوط الحق في إقامة تلك الدعوى استأنفت المطعون عليها الأولى الحكم الأول إلى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 150 سنة 11 تجاري واستأنفت الطاعنة ذلك الحكم أيضاً بالاستئناف رقم 192 سنة 11 ق تجاري كما استأنفت الحكم الثاني الصادر في دعوى الضمان بالاستئناف رقم 238 سنة 12 تجاري وقررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين الأخيرين إلى الاستئناف المرفوع من المطعون عليها الأولى وقضت في 25 يونيو سنة 1957: أولاً - بتعديل الحكم الابتدائي الصادر في 22 نوفمبر سنة 1954 وبإلزام شركة ميتشيل كوتس (الطاعنة) بأن تدفع إلى شركة ذي مارين انشورانس كومباني (المطعون عليها الأولى) مبلغ 1650 ج و550 م. ثانياً - بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في 24 ديسمبر سنة 1955 وفي 20 أكتوبر سنة 1957 قرر الأستاذ أحمد زكي الشيتى المحامي بموجب التوكيل رقم 12592 لسنة 1957 توثيق القاهرة الصادر له من الحارس الخاص على شركة ميتشل كوتس بالطعن بطريق النقض في ذلك الحكم وأضاف إلى الخصوم في الطعن المطعون عليه الثالث بصفته الوكيل الحالي للباخرة كاستيللوا ماكويدا وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن مع إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية لتقرير مبدأ قانوني في الموضوع وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 أكتوبر سنة 1961 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وفي المرحلة الثانية للإحالة أودع المطعون عليهما الثاني والثالث مذكرة دفعا فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة استناداً إلى أن تقرير الطعن قد أعلن إليهما من الحارس الخاص على شركة ميتشيل كوتس بعد زوال صفته في تمثيلها برفع الحراسة عنها وقدمت النيابة مذكرة تكميلية طلبت فيها رفض الدفع وأحالت في الموضوع إلى رأيها السابق ونظر الطعن أمام هذه الدائرة بجلسة 7 مارس سنة 1963 وفيها صممت النيابة على ما انتهت إليه بمذكرتها الأخيرة.
وحيث إن مبنى الدفع المقدم من المطعون عليهما الثاني والثالث بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة هو أن الحارس الخاص على شركة ميتشل كوتس وإن كان قد قرر بالطعن عن الشركة أثناء قيام الحراسة عليها إلا أنه قد أعلنهما في 7 أكتوبر سنة 1961 بتقرير الطعن وإحالته إلى هذه الدائرة وذلك بعد أن كانت الحراسة قد انتهت بصدور قرار وزير الاقتصاد رقم 837 لسنة 1959 برفع الحراسة عن الشركة وتسليم أموالها إليها اعتباراً من 9 نوفمبر سنة 1959 مما لا يجعل للحارس صفة في مباشرة إجراءات الطعن بعد هذا التاريخ.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك أنه يبين من الوقائع أن الحارس الخاص على شركة ميتشل كوتس بما كان له من صفة في تمثيل هذه الشركة قد أصدر بهذه الصفة التوكيل رقم 12952 لسنة 1957 توثيق القاهرة بتاريخ 2 أكتوبر سنة 1957 إلى الأستاذ أحمد زكي الشيتي المحامي لينوب عنه بصفته ممثلاً للشركة أمام القضاء وفي الطعن بطريق النقض في الأحكام وبمقتضى ذلك التوكيل قرر المحامي الوكيل بالطعن الحالي عن الشركة التي يمثلها الحارس عليها ولما كان التوكيل قد صدر صحيحاً من الحارس الذي كان يمثل الشركة وقت صدوره وكان انتهاء الحراسة وزوال صفة الحارس في مرحلة لاحقة لصدور ذلك التوكيل لا يؤثر في صحته لأنه يعتبر صادراً للمحامي من الشركة باعتبارها شخصاً معنوياً فإنه لذلك يكون إعلان الطعن من المحامي الوكيل عن الشركة إلى المطعون عليهم قد وقع صحيحاً ولا يغير من ذلك أن الإعلان قد تضمن اسم الحارس كممثل للشركة الطاعنة بعد زوال صفته في تمثيلها برفع الحراسة عنها إذ أن الإعلان وقد وجه من الشركة فإنه لا يعيبه ما وقع فيه من خطأ في اسم الممثل الحقيقي لها وقت إجرائه ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون فيما أسس عليه قضاءه بمسئولية الطاعنة عن تعويض المطعون عليها الأولى (التي حلت محل المرسل إليها في حقوقها) عن قيمة العجز في البضاعة وبانعدام العلاقة المباشرة بين المرسل إليها وبين المطعون عليه الثاني وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أولاً إنها وإن كانت لها صفة الناقل بالنسبة إلى عملية نقل البضاعة من اليابان إلى بورسعيد إلا أنها تعتبر أميناً للنقل ووكيلاً بالعمولة بالنسبة إلى عملية النقل الثانية التي قام بها المطعون عليه الثاني من بورسعيد إلى الإسكندرية وقد تمسكت الطاعنة لدى محكمة الموضوع بعدم مسئوليتها عن العجز في البضاعة الذي ثبت وقوعه أثناء النقل الثاني واستندت في ذلك إلى شرط إعفائها من المسئولية المدون بسند الشحن المباشر الصادر منها للمرسل إليها وقد رفض الحكم المطعون فيه إعمال الشرط المذكور بمقولة إنه يلزم لصحة مثل هذا الشرط أن يحصل الناقل الأول من الناقل الثاني على سند شحن باسم المرسل إليه وأن يبعث به إليه حتى يمكنه من استلام البضاعة ومن مقاضاة الناقل الثاني مباشرة وهو ما لم تقم به الطاعنة في حين أنه وإن كان مسلماً أن إعمال شرط إعفاء الناقل الأول من المسئولية يتوقف على قيامه بتمكين المرسل إليه من استلام البضاعة ومقاضاة الناقل الثاني مباشرة إلا أنه لا يشترط أن يقوم الناقل الأول بالتزامه في ذلك الشأن بالوسيلة التي حددها الحكم وهي الحصول من الناقل الثاني على سند شحن باسم المرسل إليه وتسليمه إليه فإن هذه الوسيلة وإن كانت هي الأكثر اتباعاً في تخويل المرسل إليه حقاً مباشراً قبل الناقل الثاني إلا أنه ليس في القانون أو العرف ما يجعلها الوسيلة الوحيدة لتخويل ذلك الحق للمرسل إليه وبالتالي لصحة شرط إعفاء الناقل الأول من المسئولية. وفي خصوص هذه الدعوى فإن الطاعنة باعتبارها وكيلاً بالعمولة قد استصدرت من الناقل الثاني (المطعون عليه الثاني) سند شحن عن نقل البضاعة من بورسعيد إلى الإسكندرية وبذلك يثبت للمرسل إليه حق الرجوع مباشرة على الناقل الثاني عملاً بما تقضى به المادة 708 من القانون المدني من أنه يجوز للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما على الآخر. كما أن الطاعنة وإن أعادت إلى الناقل الثاني سند الشحن المشار إليه لدى وصول البضاعة إلى ميناء التسليم فإنها قد استصدرت من الناقل المذكور بدلاً عن ذلك السند أذوناً بتسليم البضاعة باسمها ولإذنها وبقدر عدد مستوردي البضائع التي تم نقلها ومن بينهم المرسل إليها التي حلت محلها المطعون عليها الأولى في حقوقها ثم حولت الطاعنة أذون التسليم بناء على شرط الإذن المدون بها إلى المستوردين المذكورين مما يخول كلاً منهم الحق في استلام بضائعه وفي الرجوع مباشرة على الناقل الثاني ومن ثم فإنه يتوفر بكل من الوسيلتين السابقتين الشرائط اللازمة قانوناً لصحة شرط إعفاء الطاعنة من المسئولية عن تعويض الضرر الذي أصاب المرسل إليها أو من يحل محلها في حقوقها بسبب العجز في رسالة الأخشاب موضوع الدعوى - ثانياً: أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم قبول الدعوى المرفوعة من المطعون عليها الأولى الحالة محل المرسل إليها على الناقل الثاني (المطعون عليه الثاني) على عدم قيام علاقة قانونية مباشرة بينهما بمقولة إن سند الشحن الذي تم به النقل الثاني قد صدر باسم الناقل الأول (الطاعنة) شخصياً فيمتنع على المرسل إليها الرجوع مباشرة على الناقل الثاني لأن الطاعنة بوصفها وكيلاً بالعمولة في هذه الحالة تكون هي الملزمة لموكلها ولمن تعامل معها ولا حق لأحدهما في الرجوع على الآخر وبمقولة إن أذون التسليم التي استصدرتها الطاعنة باسمها من الناقل الثاني وقامت بتحويلها لم تغير من الأمر شيئاً لأن الطاعنة طلبت من الناقل الثاني بعد صدور تلك الأذون أن تتسلم البضاعة بنفسها طبقاً لنظام (تسليم صاحبه) وتحملت كل مسئولية تترتب على ذلك التسليم وإذ كانت الطاعنة قد حولت أذون التسليم إلى المرسل إليها في تاريخ لاحق لإخلاء مسئولية الناقل الثاني فإن الحوالة تعتبر باطلة لانعدام محلها ولا يترتب عليها إنشاء علاقة مباشرة بين المرسل إليها وبين الناقل الثاني وتقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في هذا الذي قرره جميعه ذلك أن سند الشحن في النقل الثاني وإن صدر باسمها هي إلا أنه تضمن أن البضاعة تخص عدداً من المستوردين وقد ذكرت أسماءهم ومنهم المرسل إليها الحالة محلها المطعون عليها الأولى بكشف كان مرفقاً بسند الشحن وقد أقر الناقل الثاني بهذه الواقعة في إحدى مذكراته المقدمة لمحكمة الموضوع ومن المقرر في أحكام عقد الوكالة بالعمولة أنه إذا عقد الوكيل بالعمولة العقد باسمه وبإذن موكله وأفصح عن اسم الموكل فإن العلاقة تقوم مباشرة بين الموكل وبين من تعاقد معه الوكيل كما أن الحكم من ناحية أخرى قد خلط بين استلام البضاعة طبقاً لنظام (تسليم صاحبه) وبين استلام البضاعة الفعلي أو القانوني الذي ينتهي به وحده التزام الناقل بالتسليم أما نظام (استلام صاحبه) فهو نظام جمركي لا مؤدى له إلا السماح بتخزين البضاعة بمخازن الجمرك على أن يقوم أصحابها بسحبها فور وصول السفينة دون أن يترتب عليه إعفاء الناقل من التزامه ومن ثم فإن الطاعنة وإن طلبت من الناقل الثاني تسليمها البضاعة طبقاً لنظام "استلام صاحبه" إلا أن حقها في التسليم الفعلي وفي الرجوع على الناقل المذكور بموجب أذون التسليم قد ظل باقياً لها فتكون حوالة أذون التسليم إلى المرسل إليها قد تمت صحيحة على هذا الأساس.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقيه ذلك: أولاً - أن الحكم المطعون فيه إذ نفى قيام علاقة مباشرة بين المرسل إليها وبالتالي المطعون عليها الأولى الحالة محلها في حقوقها وبين الناقل الثاني (المطعون عليه الثاني) وقرر أن تلك العلاقة لا تترتب على سند الشحن الصادر من الناقل المذكور إلى الطاعنة باسمها قد استند في ذلك إلى أنه "يشترط لاستعمال حق الرجوع على نائب الوكيل في الدعوى المباشرة ألا يكون العمل الذي تم بمعرفة الوكيل قد تم باسمه شخصياً إذ في هذه الحالة يكون هذا الوكيل هو الملزوم دون غيره لموكله ولمن يتعامل معه وله الرجوع على كل واحد منهما بما يخصه من غير أن يكون لأحدهما طلب على الآخر وذلك طبقاً للمادة 82 تجاري، ومن حيث إنه لما كان سند الشحن الذي تم به النقل الثاني قد صدر باسم الناقل الأول (الطاعنة) فإنه لا يجوز هنا إعمال نص المادة 708/ 3 مدني ويمتنع على المرسل إليه الرجوع مباشرة على الناقل الثاني بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالبضاعة في هذا الجزء من النقل" كما أحال الحكم في ذلك الخصوص إلى الحكم الابتدائي الذي جاء به "وحيث إنه ولو أن الثابت من مطالعة سند الشحن الذي أصدره المدعى عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) في 16/ 10 سنة 1951 بوصفه وكيلاً عن الباخرة كاستيللو ماكويدا أنه صدر لأمر المدعى عليها الأولى (الطاعنة) قد ظهر على بياض إلا أن الثابت على لسان وكيل المدعى عليها الأولى (الطاعنة) أن هذا السند لم يسلم إلى شركة أبناء باسيلي (المرسل إليها) لتتسلم بمقتضاه بضائعها من الباخرة كاستيللو ماكويدا وإنما أعيد إلى مصدره المدعى عليه الثاني.... وحيث إن الثابت من وقائع الدعوى أن سند الشحن الصادر من المدعى عليه الثاني لأمر المدعى عليها الأولى وإن كان قد ظهر على بياض إلا أنه لم يسلم لشركة أبناء باسيلي وإنما أعيد إلى مصدره ومن ثم فلا محل للقول بأن الحقوق المترتبة عليه قد انتقلت إلى شركة باسيلي بمجرد هذا التظهير طالما أن السند لم يسلم إليها أصلاً" ثم أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "وأنه على فرض تسليم سند الشحن موقعاً عليه على بياض إلى المستورد فإن تظهير السند إذا تم على بياض لا يكفي لإنشاء علاقة قانونية بينه وبين كاراسو (المطعون عليه الثاني) إذ يعتبر السند في هذه الحالة بمثابة توكيل للمظهر إليه في استلام البضاعة فقط وذلك طبقاً للمادة 135 تجاري" وهذه التقريرات من الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيها للقانون لأن الوكيل بالعمولة إذا تعاقد لحساب موكله باسم نفسه فإن الموكل يبقى أجنبياً عن العقد ولا تنشأ بينه وبين من تعاقد مع الوكيل علاقة قانونية تجيز لأحدهما الرجوع على الآخر بدعوى مباشرة كما أن سند الشحن الإذني لا تنتقل ملكية الحق الثابت فيه إلى المظهر إليه إلا بالتظهير التام عملاً بالمادة 134 من قانون التجارة أما إذا كان تظهير السند على بياض اعتبر بمثابة توكيل للمظهر إليه في تسلم البضاعة ولا يخوله حقاً مستقلاً عن حقوق موكله المظهر ثم إن الحكم وقد استظهر في حدود سلطته الموضوعية أن الطاعنة لم تسلم سند الشحن إلى المرسل إليها بعد تظهيره وأنها قد ردته إلى مصدره فإنه لم يكن بحاجة بعد ذلك إلى بحث دفاع الطاعنة بأنها قد أفصحت عن اسم موكلتها للمطعون عليه لدى إصداره سند الشحن إذ لا أثر لهذا الإفصاح بفرض حصوله في النتيجة التي انتهى إليها الحكم والنعي مردود ثانياً بأن الحكم المطعون فيه قد قرر من ناحية أخرى أن حوالة الطاعنة أذون تسليم البضاعة إلى المرسل إليها لم يكن من شأنها قيام علاقة مباشرة بين المرسل إليها المذكورة وبين المطعون عليه الثاني (الناقل الثاني) وأورد الحكم في أسبابه ما يلي "ولا يغير من الأمر استبدال أذونات التسليم بسند الشحن حتى على فرض أنها صدرت لأمر وإذن المستأنفة (الطاعنة) إذ الثابت من الأوراق أن المستأنفة قد طلبت استلام البضاعة شخصياً من المستأنف عليه (الناقل الثاني) تحت نظام (تسليم صاحبه) وقد صدرت فعلاً أذونات التسليم باسمها في 24 أكتوبر سنة 1951 ثم حررت على نفسها إقراراً في 25 أكتوبر سنة 1951 بتحملها كل مسئولية عن التسليم تحت هذا النظام ومن ثم تعتبر المستأنفة هي المستلمة للبضاعة وتحدد من ذلك التاريخ حقوق الطرفين ويبطل بذلك كل أثر لشرط الأمر والإذن الوارد في أوامر التسليم وتحويلها بعد ذلك إلى المستورد في 27 أكتوبر سنة 1951 يعتبر تحويلاً باطلاً لانعدام محله ولا ينشئ علاقة قانونية بين هذه الأخيرة وبين المستأنف عليه" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون لأن الحوالة لا تنعقد إذا كان الحق المحال به قد زال عن المحيل قبل الحوالة ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة قد استصدرت أذون التسليم من الناقل الثاني المطعون عليه الثاني بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1951 ثم تقدمت إليه بعد ذلك بطلب مؤرخ 25 أكتوبر سنة 1951 لتسليم البضاعة إليها طبقاً لنظام (تسليم صاحبه) وأعفته على ما هو مدون بالطلب المذكور من كل مسئولية تترتب على هذا التسليم بما في ذلك المسئولية عن العجز في البضاعة أو فقد الطرود بما يعتبر نزولاً عن الطاعنة عن الحقوق التي كانت ثابتة لها بموجب أذون التسليم فإن حوالة هذه الأذون من الطاعنة إلى المرسل إليها بعد نزول الطاعنة عن حقوقها لا يصادف محلاً تنعقد به الحوالة ولا تنشأ منها علاقة مباشرة بين المرسل إليها وبين المطعون عليه الثاني الذي أصدر أذون التسليم المشار إليها والنعي مردود آخراً بأنه لما كان الشرط الذي يتضمنه سند الشحن المباشر بإعفاء الناقل الأول من المسئولية عن سلامة البضاعة أثناء عملية النقل الثاني يتوقف نفاذه على قيام الناقل الأول بتمكين المرسل إليه من استلام البضاعة من الناقل الثاني ومن الرجوع مباشرة عليه، وكان الثابت على ما تقدم أن الحكم قد انتهى إلى أن الطاعنة لم تقم بتمكين المرسل إليها من حق مباشرة قبل الناقل الثاني بأية وسيلة من الوسائل فإنه لا يعيب الحكم ما قرره في بادئ الأمر من أن شرط إعفاء الناقل الأول من المسئولية لا يصح إلا بالوسيلة التي ذكرها وهي الحصول من الناقل الثاني على سند شحن باسم المرسل إليه وتسليمه إليه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وقصوره في التسبيب فيما قضى به من سقوط الحق في دعوى الضمان التي رفعتها الطاعنة على المطعون عليه الثاني وذلك من وجهين أولهما خطأ الحكم فيما قرره من أن دعوى الضمان تسقط بمضي سنة من تاريخ تسليم البضاعة تأسيساً على أنها دعوى مستقلة عن الدعوى الأصلية التي رفعتها المطعون عليها الأولى ضد الطاعنة والمطعون عليه الثاني مع أنه وقد ثبت وجود علاقة مباشرة بين المطعون عليها الأولى رافعة الدعوى الأصلية وبين المطعون عليه الثاني المدعى عليه في دعوى الضمان فإن هذه الدعوى تعتبر متفرعة عن الدعوى الأصلية بما يمنع من سقوطها والوجه الثاني أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع - رداً على الدفع بسقوط دعوى الضمان - بأن المطعون عليه الثاني قام بعملية تفريغ البضاعة لا بوصفه وكيلاً عن السفينة ولكن باعتباره مقاولاً لتفريغ البضاعة فلا تسقط الدعوى الموجهة إليه بمضي مدة السنة المنصوص عليها بمعاهدة سندات الشحن وإنما يكون سقوطها بالمدة المقررة لسقوط التزام المقاول في القانون وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مقرراً أن التزام التفريغ يقع على عاتق السفينة وأنه يؤيد ذلك أن المستورد طلب أن يقوم بنفسه بتفريغ البضاعة فرفض المطعون عليه الثاني هذا الطلب مع أن الحكم قد نقل في أسبابه النص الوارد في سند الشحن على حق السفينة في تخزين البضاعة إن لم يحضر المرسل إليه لاستلامها ومؤدى هذا النص أن المرسل إليه هو الملزم بالتفريغ كما أن رفض المطعون عليه الثاني طلب المستورد تفريغ البضاعة لا يدل على أن التفريغ كان على عاتق السفينة بل إنه يدل على العكس من ذلك أن المستورد طلب القيام بالتفريغ المكلف هو به ولكن المطعون عليه الثاني رفض هذا الطلب ليقوم بعملية التفريغ بوصفه مقاولاً مستقلاً عن الناقل البحري.
وحيث إن الوجه الأول مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد جاء به "من حيث إنه عن هذه المسئولية فقد سبق القول بأحقية شركة كوتس (الطاعنة) في الرجوع على المستأنف عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) بما تكون قد دفعته تعويضاً عن الأضرار التي أصابت البضاعة أثناء نقلها بمعرفة الناقل الثاني المتسبب في هذا الضرر غير أن هذه المحكمة تقر الحكم المستأنف فيما ذهب إليه من سقوط حق شركة كوتس في إقامة الدعوى قبله لرفعها بعد مضي سنة من تاريخ استلام البضاعة طبقاً لأحكام معاهدة سندات الشحن ولا محل هنا للقول باعتبار هذه الدعوى متفرعة من الدعوى الأصلية التي أقامتها شركة ذي مارين انشورانيس كومباني (المطعون عليها الأولى) ضد شركة كوتس والمستأنف عليه الثاني وبذلك تدخل في حمايتها ولا يلحقها السقوط إذ أن هذا القول قد يكون صحيحاً فيما لو استقامت هذه الدعوى الأصلية ضد المستأنف عليه الثاني أما وقد سبق القول بانعدام صفة ذي مارين انشورانيس كومباني في مقاضاة المستأنف عليه المذكور فلا تكون ثمة هناك دعوى أصلية قائمة قبله حتى تتصل بها الدعوى الفرعية وتستفيد من حمايتها". وهذا الذي انتهى إليه الحكم صحيح في القانون لأن القضاء في الدعوى الأصلية المرفوعة من المطعون عليها الأولى على المطعون عليه الثاني بعدم القبول على أساس عدم وجود حق للمدعية قبل المدعي عليه يترتب عليه زوال ما كان لهذه الدعوى من أثر في قطع التقادم واعتبار انقطاع التقادم المبنى عليها كأن لم يكن. وحيث إن الوجه الثاني مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد رد على الدفاع الذي تثيره الطاعنة في هذا الوجه بما محصله أن المطعون عليه الثاني قد قام بعملية التفريغ لحساب السفينة فيعتبر تابعاً للنقل البحري وتكون مسئوليته عن سوء التفريغ هي مسئولية تعاقدية منبثقة من عقد النقل البحري فتسقط الدعوى بها بمضي سنة من تاريخ تسليم البضاعة عملاً بالمادة 3 فقرة سادسة من معاهدة سندات الشحن ولما كان الحكم المطعون فيه قد أحال في أسبابه إلى أسباب الحكم الابتدائي الصادر في دعوى الضمان والتي جاء بها أنه من المسلم بين الطرفين أن السفينة هي التي قامت بعملية التفريغ ومؤدى ذلك أن محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن التفريغ قد تم بمعرفة السفينة فإن ما قرره الحكم في هذا الخصوص يكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها من أن المطعون عليه الثاني قد قام بعملية التفريغ باعتباره تابعاً للسفينة لا باعتباره مقاولاً للتفريغ ولا يعيب الحكم في هذا الشأن ما يكون قد شابه من خطأ فيما استطرد إليه تزيداً.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) راجع نقض 4/ 1/ 1962 الطعن 226 س 26 ق السنة 13 ص 42.
(2) راجع المادتين 82 و135 من قانون التجارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق