جلسة 22 من فبراير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان ورجب أبو زهرة.
-----------------
(94)
الطعن رقم 1486 لسنة 52 القضائية
(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" "القواعد العامة في الإيجار". "التأجير من الباطن". شركات. حكم "تسبيب الحكم".
(1) تكوين المستأجر شركة مع آخرين. لا تلازم بين نشأة الشركة ومباشرة نشاطها وبين وجود العين المؤجرة ما لم يكن حق الإجارة من مقومات الشركة.
(2) انقضاء عقد الإيجار الأصلي. أثره. انقضاء الإيجار من الباطن ولو كان التأجير مأذوناً به من المؤجر أو ما زال ممتداً بحسب شروطه.
(3) مباشرة الشركة نشاطها في العين المؤجرة استناداً إلى عقد إيجار من الباطن صادر لها من أحد الشركاء. انقضاء عقد الإيجار الأصلي. أثره. انقضاء عقد الإيجار من الباطن.
(4) امتداد العقد لصالح شركاء المستأجر في استعمال العين المؤجرة بعد وفاته أو تركه لها. م 29/ 2 ق 49 لسنة 1977. شرطه. ألا يكون هناك اتفاق خاص بين المستأجر وشركائه بشأن تنظيم الانتفاع بالمكان.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 5907 لسنة 1979 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها إليه، وقال شرحاً لدعواه أن المطعون ضده الأول استأجر منه الشقة المبينة بالصحيفة وهي برقم 6 بالدور الثاني بالعقار رقم 3 بشارع طلعت حرب بالقاهرة وقد تلقى منه خطاباً خلال شهر ديسمبر سنة 1978 يخطره فيه بتنازله عن إجارة الشقة لتقاعده عن العمل وإذ امتنع عن تسليمه العين المؤجرة فقد أقام الدعوى، وبجلسة 8/ 11/ 1979 تدخل المطعون ضدهما الثاني والثالث في الدعوى طالبين رفضها تأسيساً على أنهما قاما بإنشاء شركة توصية بسيطة مع المطعون ضده الأول مقرها الشقة محل النزاع، وبتاريخ 24/ 4/ 1980 قضت المحكمة برفض الدعوى، وكان المطعون ضده الأول قد أقام على الشركة المذكورة الدعوى رقم 2904 لسنة 1979 مدني جنوب القاهرة طالباً إلزامها بأن تدفع له قيمة الأجرة المتأخرة عليها وبفسخ عقد الإيجار من الباطن المؤرخ 1/ 1/ 1978 وإخلاء العين المؤجرة وتسليمها إليه، وقد قضى فيها برفض الدعوى على سند من أن المدعي يعد مسئولاً مسئولية تضامنية في أمواله باعتباره شريكاً في هذه الشركة. استأنف المطعون ضده الأول الحكم الصادر في هذه الدعوى بالاستئناف رقم 3752 لسنة 97 ق القاهرة، كما استأنف الطاعن الحكم الصادر في الدعوى رقم 5907 لسنة 1979 بالاستئناف رقم 3791 لسنة 97 ق القاهرة، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 17/ 3/ 1982 بتأييد الحكمين المستأنفين، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكره أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الصادر في الاستئناف رقم 3791 لسنة 97 ق الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه أسس دعواه قبل المطعون ضده الأول المستأجر الأصلي على انتهاء عقد الإيجار بإرادته بعد أن أبدى - رغبته في عدم تجديد العقد بمقتضى الخطاب الصادر منه، وأوضح في دفاعه أن الشركة التي أنشأها المستأجر مع المطعون ضدهما الثاني والثالث استأجرت العين المؤجرة من باطن المستأجر الأصلي بالعقد المؤرخ 1/ 1/ 1978 فإذا ما انتهى عقد الإيجار الأصلي فلا تبقى للمستأجر من الباطن ثمة حقوق قبل المؤجر، إلا أن الحكم المطعون في ذهب إلى أن حق الإجارة يتحول تلقائياً إلى الشريك، هذا في حين أن عقد الشركة قد خلا مما يفيد أن حق الإجارة قد آل إلى الشركة، وذلك بدليل أن المستأجر الأصلي قد أجر العين المؤجرة له لذات الشركة التي قبلت أن تكون مستأجرة من الباطن، وإذ جرى الحكم على غير هذا النظر القانوني الصحيح فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الشركة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة مما مؤداه أن محل هذا العقد من تكوين رأس مال يشترك فيه بمجموع حصص الشركاء وذلك بقصد استغلاله للحصول على ربح يوزع بينهم ولا رابطة بين قيام الشركة وبين ما قد يكون من مباشرة الشركاء بعد قيام الشركة لنشاطهم المشترك في عين يستأجرها أحدهم لانتفاء التلازم بين نشأة الشركة وبين وجود مثل تلك العين أو تحقق ذلك النشاط فيها ما لم يكن حق الإجارة من ضمن مقومات الشركة إذا ما قدمه الشريك المستأجر كحصة له فيها، وأنه وإن كان الأصل أن قيام مستأجر العين بإشراك آخر معه في النشاط المالي الذي يباشره فيها عن طريق تكوين شركة بينهما لا يعدو أن يكون متابعة من جانب المستأجر للانتفاع بالعين ولا ينطوي بذاته على معنى تخليه عنها إلى شريكه في المشروع، إلا أنه إذا ما تخلى عن حقوقه المتولدة عن عقد الإيجار إلى الغير فإن هذا الأخير يعد مستأجراً من الباطن أو متنازل له عن الإيجار - ويظل عقد الإيجار الأصلي على حاله قائماً لصالح المستأجر الأصلي وحده، ولا تقوم ثمة رابطه قانونية مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا انقضى عقد الإيجار الأصلي لأي سبب من الأسباب فإن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتماً بانقضائه ولو كان التأجير من الباطن مأذوناً به من قبل المؤجر ذلك أن المستأجر الأصلي إنما يؤجر من الباطن حقه المستمد من عقد الإيجار الأصلي فإذا انقضى هذا العقد انقضى العقد المستمد منه ولو كان هذا العقد الأخير ما زال ممتداً بحسب شروطه. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن الشركة المقول أنها تكونت فيما بين المطعون ضدهم قد تحدد وضعها في العين محل النزاع باعتبارها مستأجرة من الباطن وفقاً لعقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1978 الصادر لها من المستأجر الأصلي (المطعون ضده الأول) وأن انتهاء عقد الإيجار الأصلي بإرادة المستأجر يترتب عليه انقضاء عقد الإيجار من الباطن. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف برفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن الشركة قد تكونت في شقة التداعي منذ أول يناير سنة 1978 قبل إعلان المطعون ضده الأول (المستأجر الأصلي) رغبته في إنهاء عقد استئجاره للشقة بمقتضى الخطاب المرسل منه للطاعن في شهر ديسمبر سنة 1978 وأنه لا يعتد بإرادته في هذا الخصوص طالما أن الشركة قائمة ولم يثبت تخارجه منها، وكان مفاد هذا الذي خلص إليه الحكم أنه اعتبر أن مجرد قيام الشركة ومباشرة نشاطها بالعين المؤجرة يترتب عليه أن حق الإجارة قد أصبح ضمن مقومات الشركة وأنها هي وحدها صاحبة الحق في إنهاء العلاقة الإيجارية مع المؤجر، هذا في حين أن الثابت بمطالعة عقد الشركة المؤرخ 1/ 1/ 1978 أن المطعون ضده الأول (المستأجر الأصلي) لم يدخل ضمن حصته في الشركة الحق في إجارة العين وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الشركة كانت تباشر نشاطها فيها استناداً إلى عقد إيجار صادر لها من المستأجر الأصلي ومؤرخ 1/ 1/ 1978 في ذات التاريخ الذي أبرم فيه عقد الشركة - وهو ما لا نزاع فيه بين الطرفين - مما مفاده أن المطعون ضده الأول ظل محتفظاً بحقه الناشئ عن عقد الإيجار الأصلي باعتباره مستأجر العين محل النزاع وأن الشركة بما لها من شخصية معنوية مستقلة عن الشركاء فيها تعد مستأجره للعين من باطن المستأجر الأصلي، وإذ أبدى الأخير رغبته أثناء قيام الإجارة ونفاذها بحكم الامتداد القانوني في إنهاء العقد وتنازله عن العين المؤجرة إلى المؤجر بمقتضى الخطاب الصادر منه - المرفق بالأوراق وكان عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتماً بانقضاء عقد الإيجار الأصلي على ما سلف بيانه ومن ثم فإنه لا يبقى للمستأجر من الباطن ثمة حقوق على العين المؤجرة، ولا يغير من ذلك ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 29 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 من أنه "إذا كانت العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال "ذلك أن مناط إعمال حكم هذه الفقرة ألا يكون هناك اتفاق خاص بين المستأجر الأصلي وشركائه بشأن تنظيم الانتفاع بالمكان وكيفية استغلاله، فإذا ما ثبت أو وضع يد الشركاء على العين المؤجرة يستند إلى عقد إيجار من الباطن صادر لهم من المستأجر الأصلي فإنه هو الذي يحكم العلاقة بين طرفيه، ويتعين استبعاد تطبيق حكم المادة المشار إليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون في قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإجابة الطاعن إلى طلباته في الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق