جلسة 31 من أكتوبر سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وبطرس زغلول.
-------------
(143)
الطعن رقم 151 لسنة 28 القضائية
(أ) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "الأوراق العرفية". "البصمة".
التوقيع بالإمضاء على المحرر ممن صدر منه لا ينفي توقيعه عليه ببصمة الإصبع أيضاً.
(ب) إثبات. "إجراءات الإثبات".. "محكمة الموضوع". "سلطتها في تقدير الدليل". تزوير.
حق محكمة الموضوع في طرح ما يقدم لها من أوراق المضاهاة ولو كانت رسمية. شرط ذلك أن تكون الأسباب التي تستند إليها في ذلك سائغة ومن شأنها أن تؤدي على ما انتهت إليه.
(ج) إثبات. "الإثبات بوجه عام". "البصمة". "حجيتها".
للبصمه قوة الإمضاء في نظر الشارع المصري.
(د) إثبات. "الإثبات بوجه عام". "الأوراق الرسمية". "التوقيع عليها". "حجيته".
توقيعات ذوي الشأن على الأوراق الرسمية أمام الموثق تعتبر من البيانات التي يلحقها وصف الرسمية. حجيتها في الإثبات حتى يطعن فيها بالتزوير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 329 لسنة 1951 كلي سوهاج ضد المطعون عليهم وطلبت بها الحكم بإثبات صحة التعاقد على عقد البيع المؤرخ في 15 مايو سنة 1950 والصادر لها من المرحوم عباس عثمان إبراهيم الكردي مورث المطعون عليهم ببيع فدانين و10 قراريط وسهمين المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى مقابل ثمن قدره 590 جنيهاً وطعنت المطعون عليهن الثلاث الأوليات على العقد بالتزوير وكان من شواهد التزوير التي استندن إليها أن العقد لم يصدر من المورث وأن الإمضاء وبصمة الإصبع المنسوبين إليه مزوران. وبجلسة 13 فبراير سنة 1954 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة الإمضاء المنسوبة للمورث بعقد البيع بما يقدم له من إمضاءات للمورث المذكور على أوراق رسمية أو أوراق عرفية معترف بها، وقدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن إمضاء المورث على عقد البيع يختلف عن توقيعاته على أوراق المضاهاة. وبجلسة 15 أكتوبر سنة 1955 قضت المحكمة برد وبطلان العقد كما قضت في موضوع الدعوى برفضها، استأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 45 سنة 31 ق وذكرت في استئنافها أن محكمة الدرجة الأولى لم تحقق صحة بصمة إصبع المورث على عقد البيع لعدم تقديم أوراق تصلح لإجراء المضاهاة على البصمة إلا أنها قد عثرت أخيراً على صحيفة الدعوى رقم 812 لسنة 1950 كلي سوهاج المعلنة إلى المورث شخصياً وعليها توقيعه بإمضائه وبصمة إبهامه باستلام الصورة وطلبت الطاعنة ندب خبير من مصلحة تحقيق الشخصية لمضاهاة البصمة المنسوبة للمورث في عقد البيع ببصمته على إعلان صحيفة الدعوى المذكورة، وبجلسة 4 مارس سنة 1958 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 مارس سنة 1961 وفيها صممت النيابة على الرأي الذي انتهت إليه مذكرتها بطلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات حددت لنظر الطعن جلسة 10 أكتوبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أن الطاعنة قد طلبت إلى محكمة الموضوع تحقيق صحة توقيع المورث ببصمة الإصبع على عقد البيع وقدمت إلى محكمة الاستئناف ورقة رسمية لإجراء المضاهاة عليها وهي صحيفة الدعوى رقم 812 سنة 1950 كلي سوهاج التي أعلنت إلى المورث شخصياً ووقع عليها باستلام الصورة بالإمضاء وبصمة الإصبع ولكن الحكم المطعون فيه قضى برد وبطلان العقد استناداً إلى ما قاله من أن الإمضاء المنسوبة إلى المورث مزورة عليه ورفض إجابة الطاعنة إلى طلبها تحقيق صحة البصمة بالإصبع استناداً إلى أن المورث كان يوقع بالإمضاء على كل ما يحرره من المستندات أو يقدم إليه من الأوراق مما ينفي توقيعه ببصمة الإصبع إلى جانب التوقيع بالإمضاء، وأنه لا دليل على صحة بصمة الأصبع المنسوبة إلى المورث بصحيفة الدعوى المقدمة للمضاهاة لأن المحضر الذي أعلن تلك الصحيفة إلى المورث وسلمه صورتها لم يثبت أن المورث المذكور قد وقع ببصمة الإصبع وذلك في حين أنه لا يوجد ما يمنع من أن يوقع الشخص ببصمة الإصبع إلى جانب التوقيع بالإمضاء استجابة لرغبة من يتعامل معه اعتباراً بأن البصمة دليل أقوى من الإمضاء. وفي حين أن صحيفة الدعوى المقدمة للمضاهاة تعتبر ورقة رسمية وحجة على الكافة بجميع ما تضمنته بما في ذلك نسبة البصمة إلى المورث ما لم يطعن فيها بالتزوير كما أن عدم ذكر المحضر أن المورث قد وقع ببصمة الإصبع لا ينفي أن المورث المذكور هو الذي وقع بالبصمة بدليل وجود البصمة والإمضاء تحت عبارة المستلم وهو المورث المعلن شخصياً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه برد وبطلان عقد البيع على ما انتهى إليه من أن توقيع المورث البائع بالإمضاء مزور ورفض إجابة طلب الطاعنة تحقيق صحة توقيع المورث ببصمة الإصبع على العقد استناداً إلى ما أحال إليه من أسباب الحكم الابتدائي فيما قاله هذا الحكم من أنه "لا عبرة بما أثارته المدعية (الطاعنة) من طلب إجراء المضاهاة على البصمة لأن الثابت أن للمورث توقيعاً على جميع الأوراق الرسمية بالكتابة مما ينفي استعماله البصمة في التوقيع على ما يحرره من مستندات بالإضافة إلى اسمه" كما أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "وحيث إنه عما تطلبه المستأنفة (الطاعنة) من ندب قسم تحقيق الشخصية لإجراء مضاهاة البصمة المنسوبة للمرحوم عباس عثمان إبراهيم (المورث) والموقع بها على صحيفة الدعوى رقم 812 سنة 1950 كلي سوهاج والبصمة الموقع بها على العقد المطعون فيه فترى المحكمة من اطلاعها على صحيفة الدعوى رقم 812 سنة 1950 مدني كلي سوهاج المذكورة أن المحضر لم يثبت بها أن المستلم وهو المرحوم عباس عثمان إبراهيم قد وقع ببصمته على الصحيفة عند تسلم صورتها ولهذا فلا دليل على صحة نسبة هذه البصمة إلى المورث فضلاً عما هو ثابت من أوراق الدعوى من أن المورث المذكورة كان يوقع بإمضائه على جميع الأوراق مما ينفي استعمال البصمة في التوقيع على ما يحرره أو يصدر عنه من مستندات بالإضافة إلى توقيعه ومن ثم فلا مبرر لإجابة هذا الطلب" ولما كان التوقيع بالإمضاء على المحرر ممن صدر منه لا ينفي توقيعه عليه ببصمة الإصبع أيضاً إذ قد يكون التوقيع بالبصمة بالإضافة إلى الإمضاء تلبية لطلب الطرف الآخر الذي يقصد التحفظ من المطعون التي قد توجه في المستقبل إلى صحة الإمضاء. وأما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من استبعاد ورقة إعلان صحيفة الدعوى المقدمة لمضاهاة بصمة الإصبع فإنه وإن كان للمحكمة أن تطرح ما يقدم لها من أوراق المضاهاة ولو كانت أوراقاً رسمية إلا أنه يشترط أن تكون الأسباب التي تستند إليها المحكمة في استعمال هذا الحق سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه وتكفي لحمل قضائها في هذا الشأن. ولما كان يبين من إعلان صحيفة الدعوى رقم 812 سنة 1950 كلي سوهاج على ما هو ظاهر من صورته الرسمية المقدمة من الطاعنة بملف الطعن أن المحضر الذي باشر الإعلان قد أثبت أنه خاطب المعلن إليه شخصياً وهو المورث عثمان إبراهيم الكردي وأنه يوجد تحت كلمة "المستلم" المحررة بمعرفة المحضر توقيع ببصمة الإصبع وبإمضاء باسم المورث المعلن إليه مما يفيد أن المورث وقع بإمضائه وبصمة إصبعه، ولا يمنع من إسناد هذه البصمة إلى المورث المعلن أن المحضر لم يثبت في ورقة الإعلان أن هذا الشخص المعلن قد وقع ببصمة إصبعه ما دام أن المحضر لم يبين كيف حصل التوقيع على الورقة ولم يذكر أن هذا التوقيع كان بالإمضاء لما كان ما تقدم، وكان للبصمة قوة الإمضاء في نظر الشارع المصري وكانت توقيعات ذوى الشأن على الأوراق الرسمية التي تجرى أمام الموثق تعتبر من البيانات التي يلحق بها وصف الرسمية فتكون لها حجية في الإثبات حتى يطعن فيها بالتزوير - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استند في رفض طلب الطاعنة تحقيق صحة توقيع المورث ببصمة إصبعه على عقد البيع وفي إطراح ورقة إعلان صحيفة الدعوى رقم 812 سنة 1950 كلي سوهاج كورقة صالحة لمضاهاة البصمة على أسباب ليس من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة في هذا الشأن مما يجعل حكمها معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه لذلك السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن ويترتب على نقض الحكم فيما قضى به من رد وبطلان عقد البيع نقض ما ترتب عليه من القضاء برفض دعوى الطاعنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق