جلسة 31 من يناير سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.
-----------------
(27)
الطعن رقم 389 لسنة 27 القضائية
(أ) نقض. "إجراءات الطعن". "تقرير الطعن". بطلان.
مقصود الشارع من وجوب ذكر البيانات المتعلقة بالخصوم في الطعن هو إعلام ذوى الشأن إعلاماً كافياً بالبيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وموطن كل منهم. كل ما يكفى للدلالة على ذلك يحقق هدف المشرع. مثال.
(ب) إعلان "إعلان أوراق المحضرين". إدارة قضايا الحكومة.
تسلم صور الإعلان بصحف الدعاوى والطعون والأحكام - فيما يتعلق بالدولة - إلى إدارة قضايا الحكومة أو إلى مأمورياتها بالأقاليم بحسب الاختصاص المحلي لكل منها. إعلان الوزراء بوصفهم ممثلين للدولة يكون صحيحاً سواء سلمت الصورة في المركز الرئيسي لإدارة القضايا أو في المأمورية التي تختص بالدعوى محلياً.
(ج) ري. اختصاص. تعويض.
الاختصاص بطلب التعويض في الحالات الخاصة التي نص القانون رقم 68 لسنة 1953 على استحقاق التعويض فيها عماً ينشأ من أضرار بسبب تنفيذ أحكامه معقود إلى لجنة إدارية. ما عدا ذلك من طلبات التعويض تختص به المحاكم صاحبة الولاية العامة. طلب التعويض عن الضرر الناشئ عن عدم مراعاة الحكومة الأصول الفنية في إنشاء مصرف وعدم تعهدها له بالصيانة والتطهير ليس مما ورد بالقانون 68 لسنة 1953 عدم اختصاص اللجنة الإدارية بهذا الطلب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام على المطعون عليهما الدعوى رقم 233 سنة 1953 كلي كفر الشيخ طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 45882 جنيهاً و430 مليماً، وقال بياناً لدعواه إنه في سنة 1927 أنشأت الحكومة مصرف تحويله الحجر لانتفاع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بمركز دسوق، ويشق بامتداده من الجنوب إلى الشمال أطيان الطاعن البالغ قدرها 880 فداناً وقد وقع خطأ في تصميم إنشاء المصرف المذكور ترتب عليه أن الأطيان المملوكة للطاعن استحالت إلى مستنقع تتجمع فيه مياه الصرف الآتية من الأراضي ذات المنسوب المرتفع والتي يمر بها المصرف قبل وصوله إلى أطيان الطاعن ونشأ عن ذلك حصول ترشيحات خطيرة في هذه الأطيان مما خفض من درجة خصوبتها، ولما تحققت الحكومة من خطأ تصميم المصرف السابق عمدت في سنة 1935 إلى تدارك الأضرار الناجمة عنه بإنشاء مصرف قرداحي عند الحد الشرقي لأطيان الطاعن لتحول إليه مياه صرف هذه الأطيان على أن هذا المصرف قد تحول بعد قليل إلى خزان للمياه التي تسيل منه عن طريق المصارف الداخلية إلى الأرض الزراعية وذلك بسبب ما وقع في إنشاء هذا المصرف من خطأ أيضاً لارتفاع منسوبه عن الحد الطبيعي للصرف وبسبب إهمال الحكومة في ملاحظة المصرف وتطهيره وعدم تصريف مياهه إلى المصاريف العمومية بواسطة الطلمبات التي أعدت لهذا الغرض واستند الطاعن في دعواه إلى تقرير الخبير في دعوى إثبات الحالة رقم 52 لسنة 1950 مستعجل كفر الشيخ وفي 30 مايو سنة 1954 قضت المحكمة الابتدائية بندب أحد خبراء علم الري للانتقال إلى موقع أطيان الطاعن ومعاينة مصرفي تحويله الحجر وقرداحى وبيان ما إذا كانت مصلحة الري قد أتبعت الأصول الفنية في إنشائهما وعما إذا كانت تقوم بتطهيرهماً سنوياً حتى سنة 1951 وما إذا كانت هناك أضرار قد لحقت بأطيان الطاعن من جراء شق المصرفين أو أحدهما ومقدار هذه الأضرار إن وجدت وما يكون قد ضاع على الطاعن من كسب بسبب هبوط الإنتاج الزراعي ومدى ما تكبده من مصروفات في إنشاء ماكينات وطلمبات الصرف التي أنشأها في أطيانه وتحقيق سبب إنشائها وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 20 نوفمبر سنة 1955 برفض الدعوى استناداً إلى نتيجة الأبحاث التي انتهي إليها ذلك الخبير، فاستأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 48 سنة 6 ق فدفع المطعون عليهما - فيما دفعا به - بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى بمقولة إن قانون الري رقم 68 لسنة 1953 والمعمول به قبل رفع الدعوى - يجعل تقدير التعويضات في حالة عدم الاتفاق عليها ودياً من اختصاص لجنة إدارية يرأسها مفتش الري وقراراتها في هذا الشأن نهائية وفي 10 أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة استئناف طنطا بإلغاء الحكم المستأنف وبعد اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 يناير سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 17 يناير سنة 1963 وفيها صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وتمسك المطعون عليهما بما جاء في مذكرتهما من طلب الحكم أصلياً ببطلان الطعن لبطلان إعلانهما بالتقرير واحتياطياً برفض الطعن وصممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مبني ما دفع به المطعون عليهما من بطلان الطعن وهو أن إعلان تقرير الطعن إليهما قد شابه البطلان من وجهين الأول أن صيغة الإعلان وجهت إلى المطعون عليه الأول باسم "وزير الأشغال" دون تحديد لوزير الأشغال المقصود إعلانه في وقت تعدد فيه وزراء الأشغال بسبب الوحدة التي كانت قائمة بين مصر وسوريا مما يجهل بالمعلن إليه ويبطل الإعلان، والوجه الثاني أنه مع التسليم جدلاً بأن المقصود بالإعلان هو وزير الأشغال التنفيذي بالإقليم المصري فإن مقره ومقر قسم النقض بإدارة قضايا الحكومة يقع بمدينة القاهرة مما كان يتعين معه إعلانه بتقرير الطعن في إدارة قضايا الحكومة بالقاهرة عملاً بالمادة 14 من قانون المرافعات وإذ كان الإعلان قد تم بمأمورية قضايا الحكومة بطنطا التي لا اختصاص لها بمباشرة القضايا أمام محكمة النقض فإنه يكون قد وقع باطلاً ولا يصحح من هذا البطلان إعلان مفتش ري طنطا المطعون عليه الثاني ذلك أن مفتش الري لا يمثل الوزارة ولا هو ينوب عن مصلحة الري.
وحيث إن هذا الدفع مردود في وجهه الأول بأنه يبين من الأوراق أن الطاعن قد اختصم وزير الأشغال بالحكومة المصرية في مرحلتي التقاضي قبل أن تتعدد وزارات الأشغال في عهدة الوحدة بين إقليمي مصر وسوريا كما أنه من الثابت أن الأعمال المطالب بالتعويض عنها تقع بدائرة تفتيش ري طنطا الذي لا يتصور أن يكون تابعاً وقت قيام الوحدة إلا لوزارة الأشغال التنفيذية بالإقليم المصري ولذلك فإن إعلان الطعن على الوجه الذي تم به يكون كافياً في الدلالة على أن المقصود بالإعلان هو وزير الأشغال التنفيذي بالإقليم المصري وإذ كان المقصود من أحكام القانون في هذا الصدد - على ما جري به قضاء هذه المحكمة - هو إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بالبيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وموطن كل منهم وأن كل ما يكفي للدلالة على ذلك يحقق الغاية التي يهدف إليها القانون فإن الدفع استناداً إلى ذلك الوجه يكون في غير محله، كما أن الدفع في وجهه الثاني مردود بأن المادة 14 من قانون المرافعات تقضي بأنه فيما يتعلق بالدولة تسلم صور الإعلان بصحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام إلى إدارة قضايا الحكومة أو إلى مأمورياتها بالأقاليم بحسب الاختصاص المحلى لكل منها ومن ثم فإن الإعلان إلى الوزراء بوصفهم ممثلين للدولة يكون صحيحاً في هذه الأحوال سواء سلمت الصورة في المركز الرئيسي لإدارة القضايا أو في المأمورية التي تختص بالدعوى اختصاصاً محلياً ولما كانت مأمورية إدارة قضايا الحكومة بمدينة طنطا قد أنشئت بمقتضى قرار وزير العدل الصادر في 15 يونيو سنة 1950 الذي حدد اختصاصها بقضايا الحكومة لدي محاكم طنطا وشبين الكوم وكفر الشيخ الابتدائية وما يتبعها من المحاكم الجزئية ومن ثم يكون الاختصاص المحلي للمأمورية المذكورة شاملاً دوائر الاختصاص المحلي لتلك المحاكم ولما كان الثابت أن الاختصاص بالنزاع قد انعقد لمحكمة كفر الشيخ الابتدائية وهي التي أصدرت في الدعوى الحكم الابتدائي فإنه تبعاً لذلك تعتبر مأمورية إدارة القضايا بمدينة طنطا مختصة بهذه الدعوى اختصاصاً محلياً ويصح إعلان وزير الأشغال بتقرير الطعن بتسليم الصورة إلى هذا المأمورية، ولما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الدفع ببطلان الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أنه قضى بعدم الاختصاص بنظر الدعوى على أساس أن المادة 77 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف تجعل الاختصاص بطلب التعويض عن الأضرار المنصوص عليها في ذلك القانون للجنة إدارية يرأسها مفتش الري مع أن المادة 77 المشار إليها تحدد اختصاص اللجنة المنصوص عليها فيها بالأحوال التي يجب فيها التعويض طبقاً لأحكام القانون المذكور وإذ كانت الأضرار التي يطلب الطاعن فيها التعويض عنها ليست من الأحوال المنصوص عليها في ذلك القانون فإن تلك اللجنة لا تكون مختصة بنظر النزاع وتبقى الولاية فيه لجهة القضاء.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بعدم الاختصاص على أن المادة 77 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف قد جعلت الاختصاص فيما يتعلق بالتعويض المطالب به في الدعوى للجنة الإدارية دون غيرها. ولما كان القانون رقم 68 لسنة 1953 المشار إليه قد ضمن نصوصه أحوالاً خاصة لاستحقاق التعويض عما ينشأ من الأضرار بسبب تنفيذ بعض أحكامه، ثم نص في المادة 77 على أنه "في جميع الأحوال التي يقضي فيها هذا القانون بأداء تعويض ولم يتم الاتفاق عليه ودياً تقدر قيمته لجنة تشكل برياسة مفتش الري وعضوية مفتش المساحة والزراعة وعمدة البلد ويكون قرارها نهائياً" ويبين من ذلك أن اختصاص اللجنة مقصور على نظر طلبات التعويض في الحالات المحددة في القانون رقم 68 لسنة 1953 أما طلبات التعويض في غير هذه الأحوال فإن الاختصاص بنظرها يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة بنظر جميع الأنزعة إلا ما استثنى منها بنص خاص، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد طلب بالدعوى التعويض عن الأضرار التي لحقت بأرضه نتيجة لما يدعيه من أن الحكومة لم تراع الأصول الفنية في إنشاء المصرفين ولم تتعهدهما بالصيانة والتطهير وكان التعويض لذلك السبب مما لم يرد عليه نص في القانون رقم 68 لسنة 1953 فإن اللجنة المنصوص عليها في المادة 77 من ذلك القانون لا تختص بنظره ويكون الاختصاص به للمحاكم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم الاختصاص فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق