الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 يونيو 2023

الطعن 9 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 88 ص 625

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(88)
الطعن رقم 9 لسنة 28 القضائية

إثبات "طرق الإثبات". "الإقرار". "إقرار قضائي" "تجزئته".
الإقرار بالدين مع التمسك بوقوع المقاصة فيه ينطوي على واقعتين لا ارتباط بينهما ولا تستلزم أحداهما وجود الأخرى. جواز تجزئة ذلك الإقرار.

---------------
إنه وإن كان الأصل أن الإقرار المركب لا تجوز تجزئته، إلا أن الإقرار بالدين مع التمسك بوقوع المقاصة فيه ينطوي على واقعتين لا ارتباط بينهما ولا تستلزم إحداهما وجود الأخرى ومن ثم فإن للدائن في هذه الحالة أن يجزئ الإقرار على المدين فيعتبر الإقرار قائماً فيما هو في صالحه فقط، وبذلك يكون الدين ثابتاً بالإقرار ولا يكلف الدائن عبء إثباته، أما بقية الإقرار فلا يلزم الأخذ به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 925 سنة 1949 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم طلب فيها إلزام الطاعن والمطعون عليه الثاني بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 500 ج، وقال بياناً لدعواه إنه في غضون سنة 1942 أبرم عقد حلول بينه وبين المطعون عليه الثاني بصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم عبد اللطيف السيد عطية تضمن حلوله محلهم فيما يستحق لهم لدى الطاعن ورغم أنه لم يستلم هذا العقد لبقائه لدى محرره الأستاذ يوسف خليل المحامي (المطعون عليه الثالث) فإنه دفع مبلغ 200 ج للمطعون عليه الثاني في 3/ 11/ 1942 وحرر إيصال في ذات التاريخ بالمبلغ المذكور مضافاً إليه مبلغ 100 ج سبق للمطعون عليه الثاني استلامها منه كما دفع له مبلغ 200 ج أخرى حرر بها إيصال فقد منه ويكون مجموع ما دفعه مقابل الحلول 500 ج وأنه نظراً لأن عقد الحلول لم يتم ولم ينفذ فإنه لم يجد مندوحة من المطالبة باسترداد المبلغ المدفوع منه للمطعون عليه الثاني وأنه اختصم الطاعن باعتباره صاحب المطحن محل الحقوق المحولة في عقد الحلول السالف البيان، وركن المطعون عليه الأول في إثبات مدعاة في شأن مبلغ المائتي جنيه التي فقد إيصالها إلى ذمة المطعون عليه الثاني الذي حضر في الدعوى وأقر باستلامه مبلغ الخمسمائة جنيه جميعها وقد وافقه الطاعن على ذلك، وبتاريخ 31/ 1/ 1954 تنازل المطعون عليه الأول عن مخاصمة الطاعن مكتفياً بطلب الحكم بالمبلغ المذكور على المطعون عليه الثاني ثم عاد وأدخل الطاعن في الخصومة بجلسة 18/ 4/ 1954 طالباً الحكم على المطعون عليه الثاني في مواجهته ثم طلب بجلسة 20/ 6/ 1954 الحكم على الطاعن والمطعون عليه الثاني متضامنين بمبلغ الخمسمائة جنيه، وقد استجوبت محكمة أول درجة الطاعن في 31/ 10/ 1954، وبعد ذلك أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 2107 سنة 1954 مدني كلي الإسكندرية طلب فيها إلزام الطاعن بمبلغ 345 ج و70 م مستنداً في إثبات ذلك إلى كشف حساب بمصروفات أنفقها على المطحن وفي مصلحة الطاعن وإلى إقرار الطاعن في استجوابه، وبتاريخ 21/ 5/ 1955 قضت محكمة أول درجة بعد أن قررت ضم الدعويين إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 788 ج والمصروفات المناسبة. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 355 سنة 11 ق إسكندرية وأقام الطاعن استئنافه على أن محكمة أول درجة أخطأت إذ جزأت الإقرار القضائي الذي صدر منه بجلسة 21/ 3/ 1954، وبتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1957 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مستندة في قضائها إلى أن الإقرار الصادر من الطاعن بجلسة 31/ 10/ 1954 أمام محكمة الدرجة الأولى هو إقرار قضائي ملزم وتجوز تجزئته إذ أنه تضمن واقعتين لا ارتباط بينهما. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 9/ 1/ 1958 وقدمت النيابة مذكرة برأيها تضمنت طلب رفض الطعن. وبتاريخ 14/ 11/ 1961 نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 7/ 3/ 1963 وفيها صممت النيابة على طلبها السالف البيان.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف المادة 408 من القانون المدني - وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه يشترط لكي يكون الإقرار قضائياً في حكم المادة 408 من القانون المدني أن يتضمن هذا الإقرار اعترافاً بأمر كان منكوراً من المقر وأن يقصد به اتجاه إرادة المقر نحو إحداث أثر قانوني هو ثبوت حق في ذمة المقر وإعفاء المقر له من إثبات هذا الحق وأن يتم هذا الاعتراف أمام القضاء في الخصومة المطروحة عليه - وهذه الشرائط غير متوفرة في الإقرار الذي صدر من الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 31/ 10/ 1954 ذلك أن هذا الإقرار قد صدر من الطاعن إثر سؤاله عن أدلة التخالص الذي يدعيه قبل المطعون عليه الأول ولم يكن يقصد الطاعن من هذا الإقرار أن تتجه إرادته إلى إثبات حق في ذمته وإنما كان يستهدف إبراز أدلة التخالص، كما أن الإقرار المذكور لم يصدر في الدعوى رقم 2107 سنة 1954 مدني كلي وإنما صدر في 31/ 10/ 1954 قبل أن ترفع الدعوى المذكورة عليه في 17/ 11/ 1954 وفي وقت كانت المطالبة الأولى في الدعوى رقم 925 سنة 1949 مدني كلي الإسكندرية قد انتهت بإثبات التنازل عنه فيها - ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه خالف حكم المادة 409 من القانون المدني وأخطأ في تفسيرها وتطبيقها حين اعتبر الإقرار السالف مشتملاً على وقائع متعددة لا ارتباط بينهما حالة أن الإقرار المذكور قد تضمن إقراراً بالدين وبالتخالص منه والوقائع التي تضمنها مرتبطة ببعضها ارتباطاً ولا يقبل التجزئة ووجود أحدهما يستلزم وجود الأخرى ولا يصح قانوناً وعملاً بحكم المادة 409 من القانون المدني تجزئتها.
وحيث إن النعي في وجهيه السالفين مردود بأن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه باعتبار إقرار الطاعن في 31/ 10/ 1954 إقراراً قضائياً يجوز تجزئته على قوله: "وحيث إن المستأنف أقر بمبلغ الـ 800 جنيه في جلسة 31/ 10/ 1954 إذ قال (محمد السيد شلبي له مبلغ 500 جنيه قيمة ما دفع منه إلى يس عبد اللطيف وجريت منه مبلغ 300 جنيه على سبيل النزاع القائم بيني وبين أخي فيكون مجموع الواصل 800 جنيه وأعطيت محمد السيد شلبي نظير هذا الدين اختصاص على المطحن ولما سئل عمن كان مديناً بموجب هذا الاختصاص قال إنه هو الذي كان مديناً بموجبه إلى من يدعى عبد الحافظ السيد محروس ثم اشترى الدين والاختصاص ممن يدعي محمود مرسي الشناوي فلما سئل هل نزعت ملكيته من هذا المطحن نتيجة هذا الدين والاختصاص أجاب بالإيجاب) وترتيباً على هذا البيان يكون عبد الرازق الحبشي أعيد إدخاله في الدعوى وإذ تحرج مركزه ووجهت ضده الطلبات ثانية قرر إقراراً صريحاً قضائياً بمجلس القضاء في القضية المرفوعة ضده بالدين موضوع الدعوى بذاتها بمديونيته لمحمد السيد شلبي في مبلغ 800 جنيه وطبقاً للمادة 408 مدني يكون إقراراه قاطعاً في الإثبات على واقعة قانونية مدعي بها عليه ويعتبر بذلك حجة قاطعة طبقاً للمادة 409/ 1 مدني دون الاعتداد بالادعاء الواهي بواقعة السداد التي قصد منها التحايل على إهدار الإقرار بالمديونية... كما أنه لو سلم جدلاً بأن الإقرار الصادر من المستأنف هو إقرار مركب فإن الواقعة الأخرى الخاصة بالسداد غير مرتبطة بالواقعة الأصلية بحيث إن حصولها لا يتحتم معه وجود الأولى وبذلك تصح تجزئة الاعتراف ذلك لأن واقعة عقد الحلول التي تمت بين المستأنف عليه الأول وبين الحاج محمود مرسي الشناوي منفصلة كل الانفصال عن عملية عقد الحلول التي تمت بين المستأنف عليه الأول ويس عبد اللطيف المستأنف عليه الثاني ولا ارتباط بين العمليتين وحصول إحداهما لا يتحتم معه وجود الأخرى" وما انتهي إليه الحكم من اعتبار الإقرار الصادر من الطاعن بجلسة 31/ 10/ 1954 أمام محكمة الدرجة الأولى إقراراً قضائياً وأنه تجوز تجزئته لا مخالفة فيه للقانون - ذلك أنه وإن كان الأصل أن الإقرار المركب لا يجوز تجزئته - إلا أن الإقرار بالدين مع التمسك بوقوع المقاصة فيه - كما هو الحال في النزاع الماثل لأن الطاعن أقر بالمديونية وادعى أنه دائن للمطعون عليه الأول بمقابل الدين والاختصاص الذي تنازل عنه محمود مرسي الشناوي نيابة عنه للمطعون عليه الأول - فإنه ينطوي على واقعتين لا ارتباط بينهما ولا تستلزم إحداهما وجود الأخرى ومن ثم كان للدائن في هذه الحالة أن يجزئ الإقرار على المدين فيعتبر الإقرار قائماً فيما هو في صالحه فقط وبذلك يكون الدين ثابتاً بالإقرار ولا يكفل الدائن عبء إثباته أما بقية الإقرار فلاً يلزم الأخذ به - لما كان ذلك، وكانت الدعوى رقم 2107 سنة 1954 مدني كلي ليست إلا امتداداً للمطالبة الحاصلة بالدعوى الأولى التي صدر فيها الإقرار - فإن النعي بما ورد في السببين الأول والثاني يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث مخالفة قواعد الإثبات التي تبيح الإثبات في المواد التجارية بقرائن الأحوال، كما يعيب على الحكم القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الموضوع وقد أهدرت المستندات المقدمة منه والدالة على حصول التخالص كان عليها أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لإثبات التخالص المدعى به لجواز الإثبات بالبينة والقرائن في الأمور التجارية، كما أن الحكم المطعون فيه لم يضمن أسبابه المبررات الكافية التي استند إليها في إهدار المستندات المقدمة منه في شأن التخالص والتي تفيد أن المطعون عليه الأول قد حصل على المبالغ المدفوعة منه للمطعون عليه الثاني وللطاعن - هذا إلى أن الحكم المذكور لم يتناول في أسبابه إمكان عودة المطعون عليه الأول بمطالبة الطاعن بعد أن تنازل عن مقاضاته وقضى بإثبات هذا التنازل.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول إذ لم يقدم الطاعن بملف الطعن ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إثبات التخالص بالبينة، ومردود في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه عرض لإدعاء الطاعن الوفاء ونفاه بأسباب سائغة، أما ما أثاره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه لم يبرر جواز العودة إلى المطالبة بعد إثبات التنازل فإن هذا العني مردود بأن النزول عن الدعوى لا يمس الحق المرفوعة به تلك الدعوى ولا يحول دون العودة إلى المطالبة به.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق