جلسة 25 من أبريل سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.
---------------
(87)
الطعن رقم 121 لسنة 28 القضائية
(أ) حكم "الطعن في الأحكام". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع". "الحكم برفض وقف الدعوى".
الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا من الطعن في الحكم الصادر في الموضوع - الحكم برفض وقف الدعوى لا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) حكم. "حجية الأمر المقضي". إصلاح زراعي.
الأصل أن حجية الأمر المقضي لا ترد إلا على منطوق الحكم وعلى ما يكون من الأسباب مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً دون الأسباب التي تكون المحكمة قد عرضت فيها إلى مسألة لم تكن بها حاجة إليها للفصل في الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل، على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وغيره من أوراق الطعن أن الطاعن رفع الدعوى رقم 4754 سنة 1953 أمام محكمة القاهرة الابتدائية وانتهى فيها إلى طلب الحكم بفسخ التعاقد بالنسبة إلى ما يزيد عن 130 فداناً من الأطيان المبينة بالصحيفة ومساحتها 312 ف و11 ط و8 س لاستحالة تنفيذ التعاقد بالنسبة لما عدا 130 فداناً المذكورة مع اعتبار ثمنها مبلغ 20429 ج و500 م على أساس أن ضريبة الفدان الواحد هي 2 ج و45 م مع تطبيق المادة 147/ 2 من القانون المدني وإلزام المطعون عليها أن ترد إليه ما قبضته زيادة على هذا الثمن ومقدار ذلك مبلغ 2787 ج و50 م - وقال في بيان الدعوى إنه بتاريخ 8/ 1/ 1951 قدم طلباً إلى المطعون عليها عرض فيه شراء 312 ف و11 ط و8 س بواقع 310 جنيهات ثمناً للفدان الواحد، على أن يدفع ربع الثمن مقدماً ويقسط الباقي على عشرة أقساط سنوية بفائدة مركبة مقدارها 6% سنوياً، ولما قامت الثورة وحدد سعر الإيجار السنوي بسبعة أمثال الضريبة طلب من المطعون عليها تخفيض الثمن إلى الحد المعقول تطبيقاً للمادة 147/ 2 من القانون المدني لكنها لم تستجب لطلبه واضطر إلى إقامة هذه الدعوى - وأضاف الطاعن أنه يمتلك سبعين فداناً بطريق الميراث وأنه إذ لا يجوز له أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائتي فدان عملاً بحكم المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فإن طلب الشراء الذي تقدم به لا يصح أن يعتد به بالنسبة لقدر مساحته 182 ف و11 ط و8 س من الأطيان التي عرض شراءها - دفعت المطعون عليها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لاختصاص محاكم الإصلاح الزراعي بها طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 494 لسنة 1953 - وبتاريخ 3/ 1/ 1955 "أمرت المحكمة بوقف الدعوى حتى يقضي من المحكمة الخاصة بالإصلاح الزراعي في شق الدعوى الخاص بطلب بطلان التصرف فيما تزيد به ملكية المدعي عن مائتي فدان" - وأسست المحكمة قضاءها على أن المحاكم الخاصة بتطبيق قانون الإصلاح الزراعي المنشأة بالقانون رقم 494 لسنة 1953 هي المختصة وحدها بالفصل في الطلب الخاص ببطلان التصرف فيما تزيد به ملكية المدعي عن مائتي فدان - وقالت إنها ترى من أجل ذلك أن تأمر بوقف الدعوى عملاً بالمادة 293 مرافعات - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 305 سنة 73 ق طالباً القضاء بإلغاء الحكم المستأنف (وتقرير بطلان الاتفاق الحاصل بين المستأنف والمستأنف عليها بناء على الطلب المقدم في 8/ 1/ 1951 واعتبار هذا الاتفاق كأنه لم يكن ومحو جميع الحقوق الشخصية والآثار القانونية التي كان يمكن أن تترتب عليه)، وبتاريخ 11/ 4/ 1957 "حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية لمحكمة مصر الابتدائية للفصل في موضوعها" - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير - وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها انتهت إلى طلب إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية للقضاء بنقض الحكم - عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 8/ 3/ 1962 قررت إحالته إلى هذه الدائرة - وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 4/ 4/ 1963 وفيها تمسك كل من الطرفين بما ورد في المذكرة المقدمة منه وصممت النيابة العامة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليها دفعت في المذكرة المقدمة منها، بعدم جواز هذا الطعن لأن الحكم المطعون فيه هو حكم صادر قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة فلا يجوز الطعن فيه إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع وفقاً للمادة 378 مرافعات التي يجرى نصها بأن (الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات إنما يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع ).
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه، وقد قضى بإلغاء حكم محكمة الدرجة الأولى القاضي "بوقف الدعوى حتى يقضي من المحكمة الخاصة بالإصلاح الزراعي في شق الدعوى الخاص بطلب بطلان التصرف فيما تزيد به ملكية المدعي عن مائتي فدان. ثم قضى بإعادة القضية إلى تلك المحكمة للفصل في موضوعها، فإنه يكون حكماً صادراً قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة كلها أو بعضها، ومن أجل ذلك فإنه لا يقبل الطعن استقلالاً وفقاً لنص المادة 378 مرافعات - ذلك أن هذه المادة إنما استثنت من الأحكام القطعية التي لا تنتهي بها الخصومة الحكم بوقف الدعوى إذ جوزت الطعن فيه استقلالاً الأمر الذي يفيد سريان المبدأ العام الذي تقرره المادة على الحكم برفض وقف الدعوى ولا يغير من هذا النظر ما ورد به الطاعن على هذا الدفع من أن الحكم المطعون فيه قد ضمن أسبابه قضاء قطعياً بصحة التعاقد محل النزاع وبأن هذا التعاقد لا يرد عليه البطلان المنصوص عليه في المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 مما يجوز معه الطعن في هذا الحكم استقلالاً - ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى في منطوقه بإلغاء الوقف المحكوم به من محكمة الدرجة الأولى وبإعادة القضية لتلك المحكمة للفصل في موضوعها، وأقام قضاءه بذلك على أن النزاع الذي طرحه الطاعن أمام محكمة الدرجة الأولى يدخل في صميم ولايتها وكان عليها أن تبحث دفاع الخصوم في الدعوى وأن تحكم في موضوعها وتصفي ما يثيره الطاعن من دفاع يبنيه على استحالة تنفيذ التعاقد كاملاً لصدور قانون الإصلاح الزراعي أو يبنيه على أي نص من نصوص القانون - وقد خلص الحكم فيه من ذلك إلى أن الوقف الذي قضت به محكمة الدرجة الأولى في غير محله ويتعين إلغاؤه - وقرر أن محكمة الدرجة الأولى لم تفصل بعد في موضوع النزاع ولم تستنفذ ولايتها في الفصل فيه، وأنه من أجل ذلك يقتصر الأمر أمام محكمة الاستئناف على النظر في الحكم القاضي بالوقف ولا يجوز أن يتعدى ذلك إلى بحث الموضوع نفسه قبل الفصل فيه من محكمة الدرجة الأولى - ولما كان المعول عليه في الحكم هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب، إلا أن تكون هذه الأسباب قد تضمنت الفصل في بعض أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق - كما أن الأصل أن حجية الأمر المقضي به لا ترد إلا على منطوق الحكم وعلى ما يكون من الأسباب مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً دون الأسباب التي تكون المحكمة قد عرضت فيها إلى مسألة لم تكن بها حاجة إليها للفصل في الدعوى - لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم أن أسبابه التي عرض فيها إلى ما يتعلق بصحة التعاقد محل النزاع، في ذاته، وإلى أنه تعاقد سابق على صدور قانون الإصلاح الزراعي ولا يرد عليه البطلان المنصوص عليه في المادة الأولى من هذا القانون - ليست هي الأسباب التي أقيم عليها منطوق الحكم ولا ترتبط بهذا المنطوق ارتباطاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها - وإنما يقوم المنطوق بدونها - فإن ما عرض له الحكم في هذه الأسباب لا يعول عليه ولا تكون له حجية الأمر المقضي.
(1) راجع نقض 3/ 3/ 1960 طعن 435 س 25 ق السنة 11 ص 205، 10/ 3/ 1960 الطعن 277 س 25 ق السنة 11 ص 210، ونقض 29/ 11/ 1962 الطعن 199 س 27 ق السنة 13 ص 1085، ونقض 4/ 4/ 1963 الطعن 264 س 27 ق السنة 14 العدد الحالي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق