جلسة 18 من أبريل سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي, وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل, وأميل جبران، وحافظ محمد بدوي.
----------------
(80)
الطعن رقم 99 لسنة 28 القضائية
(أ) حكم "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". عقد. "تكييف العقد".
كون عبارة العقد تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من تكييف له بأنه عقد بيع لا شركة. عدم رده على الحجج التي ساقها الطاعن لتأييد تكييفه بأنه شركة. لا خطأ في القانون ولا قصور.
(ب) حكم "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". قوة قاهرة. التزام. "انقضاء الالتزام". "استحالة التنفيذ".
يصح اعتبار الفيضان العالي الغير منتظر قوة قاهرة من شأنها إعفاء الملتزم من تنفيذ التزامه - تقرير الحكم بأن الفيضان على إطلاقه لا يعد قوة قاهرة، وعدم بحثه ما تمسك به الطاعن من أن الفيضان كان فيضاناً استثنائياً لا يمكن توقعه - قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الطعن، تتحصل في أن الشركة المطعون عليها، أقامت أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 2118 سنة 1955 وطلبت الحكم بإلزام الطاعن أن يدفع لها مبلغ 2000 ج - وقالت في بيان دعواها إنه بمقتضى عقد تاريخه 26/ 5/ 1954 التزم الطاعن أن يزرع عشرين فداناً من أرضه نعناعاً بلدياً وأن يورد المحصول الناتج في العام الزراعي 1954/ 1955 إلى الشركة المطعون عليها لقاء ثمن قدره 100 ج للطن الواحد، وقد دفعت له 500 ج من الثمن غير أنه لم يقم بتوريد المحصول، وزعم أن مياه الفيضان أغرقته - فأنذرته في 8/ 6/ 1955 ليقوم بتنفيذ التزاماته وإلا أصبح العقد مفسوخاً والتزام برد المبلغ الذي تسلمه، ثم أقامت هذه الدعوى يطلب إلزامه برد هذا المبلغ وبدفع مبلغ 500 ج على سبيل التعويض لعدم قيامه بتنفيذ التزامه - وبتاريخ 12/ 11/ 1956 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن أن يدفع للمطعون عليها 1500 ج من ذلك مبلغ 500 ج الذي تسلمه ومبلغ 1000 جنيه على سبيل التعويض - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 39 سنة 13 ق استئناف الإسكندرية، وبتاريخ 25/ 1/ 1958 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 3/ 5/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 28/ 3/ 1963 وفيها صمم الطاعن على طلباته وتمسكت المطعون عليها بما هو وارد في المذكرة المقدمة منها وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها.
وحيث إن الطاعن ضمن السبب الأول من أسباب طعنه النعي على الحكم المطعون فيه، بأنه أخطأ في تكييف عقد 26/ 5/ 1954 بأنه عقد بيع وشابه قصور في التسبيب - وفي بيان ذلك بقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن هذا العقد هو عقد شركة على زراعة النعناع وعلى الاتجار فيه في الخارج، وعلى الرغم من أنه أورد الحجج الدالة على ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يناقش هذه الحجج واعتبر العقد من عقود البيع الجزاف واستند في عدم اعتباره عقد شركة إلى أن أركان هذه الشركة وشروط انعقادها غير متوفرة وفاته في ذلك أن الشركة المتعاقد عليها هي شركة محاصة وهذا النوع من الشركات لا يستلزم لانعقاده اتباع الإجراءات المقررة للشركات الأخرى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقر حكم محكمة الدرجة الأولى الذي كيف العقد المبرم بين الطرفين بأنه عقد بيع أشياء مستقبلة، وذلك لنفس الأسباب التي بني عليها حكم تلك المحكمة في هذا الخصوص وهي (وحيث إنه بمطالعة العقد يبين منه أن المدعى عليه تعهد بزراعة عشرين فداناً من النعناع البلدي على أن يورد المحصول الناتج ابتداء من العام الزراعي 1954/ 1955 بسعر 100 ج للطن الواحد ثم يقتسم الطرفان مناصفة بينهما السعر الذي تشترى به البيوت الأجنبية زائداً عن هذا القدر أي أنهما تعاقداً على بيع أشياء مستقبلة هي النعناع بعد زراعته وتحديد الثمن يتوقف على مقدار الكمية الناتجة منه وهذا صحيح في حكم القانون طبقاً للمادة 131 مدني ...) وواضح من العقد كما سلف القول أن الأرض مملوكة للمدعى عليه وأنه هو الذي تولى زراعتها والملتزم ببيع الناتج من الزراعة إلى المدعي بسعر معين ولما كان ما انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص من تكييف العقد بأنه عقد بيع، محله أشياء مستقبلة، لا عقد شركة، هو تكييف صحيح تؤدي إليه عبارة العقد - ولم يكن على الحكم، بعد أن انتهى إلى تكييف العقد بأنه بيع، أن يرد استقلالاً على ما ساقه الطاعن من حجج لتأييد تكييفه العقد بأنه شركة لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب، في هذا الشق من أسباب الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن أيضاً، على الحكم المطعون فيه, مخالفة القانون والخطأ في الإسناد ومخالفة للثابت بالأوراق - وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لم يتمكن من تنفيذ التزامه بتسليم النعناع لهلاك زراعته بقوة قاهرة هي الفيضان الذي كان مرتفعاً في سنة 1954 ارتفاعاً لم يكن متوقعاً ولم يكن له مثيل من منذ عشرين عاماً، وعلى الرغم من ذلك فإن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يرد عليه - كما يعيب الطاعن على الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها طلبت أمام محكمة الموضوع الحكم لها بمبلغ 1500 ج على سبيل التعويض، منه 1100 ج قالت عنه إنه تعويض التزمت به لشركة أجنبية كانت قد باعتها النعناع، 400 ج قالت عنه إنه تعويض لها عما ضاع عليها من كسب كانت تحصل عليه من الاتجار في النعناع - وقد رفض الحكم المطعون فيه القضاء للمطعون عليها بالمبلغ الأول وحدد التعويض الذي تستحقه عما ضاع عليها من كسب بمبلغ 1000 ج وبذلك يكون قد تجاوز تقدير المطعون عليها لقيمة هذا العنصر من التعويض وخالف الأساس الذي بنت عليه طلبها.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمذكرة الطاعن المقدمة أمام محكمة الاستئناف أنه تمسك في نفي مسؤليته عن تخلفه في الوفاء بالتزامه بتسليم النعناع بأنه حدث في سنة 1954، فيضان عالي لم يكن منتظراً ولم يسبق حدوث مثله من منذ عشرين عاماً، أجهز على زراعة النعناع الذي التزم بتسليمه وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بقوله (ولا يقدح في القطع بإلزامه المسئولية عدم صلاحية الأرض للزراعة أو أن الفيضان أغرقها أو أن الجو أماتها إذ أنها أمور لو صحت كان يجب عليه أن يتوقعها ولا يبني تعاقده على عكسها) - ولما كان الفيضان العالي الغير منتظر يصح أن يعتبر قوة قاهرة يكون عن أثرها إغفال الملتزم من تنفيذ التزامه، ولا ينفي اعتباره كذلك سبق وقوع مثله في الماضي لما كان ذلك، وكان ما قرره الحكم المطعون فيه يفيد أن الفيضان على إطلاقه لا يعتبر قوة قاهرة لإمكان توقعه، ولم يبحث الحكم ما تمسك به الطاعن من أن الفيضان الذي أتلف زراعته، كان فيضاناً استثنائياً لم يكن في الوسع توقعه - فإن الحكم يكون قاصر التسبيب في هذا الخصوص.
وحيث إنه يبين أيضاً من الصورة الرسمية لمذكرة المطعون عليها المقدمة أمام محكمة الموضوع أن المطعون عليها قدرت التعويض الذي طلبت الحكم به بمبلغ 1500 جنيه، منه مبلغ 1100 جنيه قالت عنه إنه نظير ما لحقها من خسارة بسبب التزامها بتعويض قبل شركة أجنبية كانت قد تعهدت لها بتوريد النعناع ومبلغ 400 جنيه قالت عنه إنها تستحقه تعويضاً عما ضاع عليها من كسب - ولما كان يبين من الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه - أنه قد استبعد العنصر الأول من عنصري التعويض تأسيساً على أن المطعون عليها غير محقة في طلبه لأنها تعاقدت مع الشركة الأجنبية بعد أن عرفت أن النعناع قد تلف - وأنه قدر التعويض الذي قضى به للمطعون عليها نظير ما فاتها من كسب بمبلغ 1000 جنيه - فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قدر التعويض عن الكسب الفائت بأكثر مما قدرته به، المطعون عليها لنفسها، ما يعيب الحكم في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لما سلف بيانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه، دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق