الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 يونيو 2023

الطعن 23 لسنة 31 ق جلسة 19 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 أحوال شخصية ق 122 ص 860

جلسة 19 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

---------------

(122)
الطعن رقم 23 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"

(أ) أوراق تجارية. "شيك".
الأصل أن الشيك أداة وفاء. على من يدعي خلاف هذا الأصل إقامة الدليل.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات" "الإقرار" "الإقرار الموصوف" "الإقرار المركب" "تجزئة الإقرار". أوراق تجارية. "شيك".
إقرار المستفيد بأنه لم يتسلم الشيك ليكون مديناً بقيمته وإنما لينفق منه على أعمال الساحب. إقرار موصوف "أو مركب". عدم جواز تجزئته.

----------------
1 - الأصل في الشيك أنه أداة وفاء، وعلى من يدعي خلاف هذا الأصل الظاهر إقامة الدليل على ما يدعيه.
2 - إقرار المستفيد بأنه لم يتسلم قيمة الشيكات ليكون مديناً بها أو لينفقها على شئون نفسه وإنما استلمها لينفق منها على أعمال والده - الساحب - يجعله من قبيل الإقرار الموصوف. وبفرض اعتباره إقراراً مركباً فإنه لا يقبل التجزئة لتوافر الارتباط بين الواقعة الأصلية وهي قبض الشيكات والواقعة المصاحبة لها وهي القصد من القبض، وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الأولى ووجودها القانوني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 85 سنة 1954 أحوال أجانب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة وباقي المطعون عليهم قال فيها إنه بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1951 حرر المرحوم بتودور اليوبولو والده وصية ضمنها الإيصاء للطاعنة بجميع ما قد يكون مملوكاً له عند وفاته من منقولات وعقارات في مصر أو في الخارج وحرم أولاده المطعون عليهم من الميراث بحجة أن ابنتيه المطعون عليهما الأخيرتين قد تسلمتا بائنتيهما عند زواجهما وأن كلاً من ولديه المطعون عليهما الأولين قد تسلم مبلغاً يزيد عن خمسة آلاف جنيه في دراسته العليا ومشاريعه التجارية والاقتصادية وضمن وصيته أنه في حالة الطعن من أحد أبنائه في هذه الوصية فإن الطعن ينصب فقط على حصته الميراثية الواجبة قانوناً ويلزم الطاعن عندما يحاسب على هذه الحصة أن يرد ما يكون قد استلمه من الموصي قبل وفاته وقد توفي الموصي في 18 يوليو سنة 1953 ولما كان ما جاء في الوصية من أن المطعون عليه الأول استلم مبلغاً يزيد على الخمسة آلاف جنيه أنفق في دراسته العليا وفي أعماله التجارية غير صحيح وعلى فرض صحته فإنه لا يبرر حرمانه من الميراث لأن حالة المورث كانت تسمح بهذه المصاريف فإنه طبقاً لأحكام القانون اليوناني يطلب الحكم بإلغاء الوصية فيما تضمنته من حرمانه من الميراث والقضاء له بأحقيته لنصيبه في تركة أبيه وقضت المحكمة في 15 مارس سنة 1955 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن المورث قد أنفق على المطعون عليه الأول مبلغ 5000 جنيه في سبيل تعليمه بانكلترا وأن هذا المبلغ يخرج عن حدود النفقة الواجبة بالنسبة لمركز المتوفى المالي والاجتماعي وأن المبالغ التي تسلمها المطعون عليه الأول قد أنفقها في شئونه الخاصة ولينفي المطعون عليه الأول ذلك، وقضت المحكمة في 13 نوفمبر سنة 1956 بعد تنفيذ حكم الإحالة على التحقيق ببطلان الوصية فيما قضت به من حرمان المطعون عليه الأول من نصيبه الواجب في التركة وقدره 3/ 32 منها مضافاً إليه 15000 جنيه قيمة ما قبضه باقي المطعون عليهم حالة حياة المورث فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1217 سنة 73 ق س القاهرة وقضت المحكمة في 22 مايو سنة 1957 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى فطعن المطعون عليه الأول بطريق النقض في هذا الحكم بالطعن رقم 35 سنة 27 قضائية. وقضت محكمة النقض في 23 يونيو سنة 1960 بنقض الحكم وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف وبنت حكمها على القصور في التسبيب وبعد تعجيل الدعوى أمام محكمة الاستئناف قضت في أول مارس سنة 1962 ببطلان الحكم المستأنف وفي الموضوع ببطلان الوصية فيما تضمنته من حرمان المطعون عليه الأول من نصيبه الواجب في تركة المورث وقدره 3/ 32 من كامل موجودات التركة مضافاً إليها مبلغ 15000 جنيه قيمة ما قبضه باقي المطعون عليهم من المورث قبل وفاته فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بتاريخ أول إبريل سنة 1962 (وقد كان يوم 31 مارس سنة 1962 يوم جمعة) وطلبت للأسباب الواردة بتقرير الطعن نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 4 نوفمبر سنة 1962 إحالته على هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفضه ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الوصية محل النزاع نصت على حرمان أبناء الموصي من تركته وذكر الموصي تبرير الحرمان المطعون عليه الأول أنه استلم من والده حال حياته مبلغاً يزيد على خمسة آلاف جنيه لدراسته العليا ومشاريعه التجارية وقد دللت الطاعنة على أن المورث أنفق على ابنه المذكور المبالغ المشار إليها وكان من بين الأدلة التي قدمتها في هذا الصدد أن المطعون عليه الأول استلم بعد عودته من الخارج مبلغ 6001 جنيه و500 مليم بموجب شيكات ليمول مشروعاته التجارية الخاصة من ذلك مبلغ 1200 جنيه قبضه من حساب والده الموصي ومبلغ 4800 جنيه قبضه من مال أبيه الذي كان مودعاً باسم والدته ببنك أثينا ومبلغ 1500 جنيه قيد في دفتر المورث باعتباره ديناً على ابنه المذكور وانتهت الطاعنة إلى أنه ترتيباً على ذلك وعلى حكم المادة 1833 من القانون المدني اليوناني الواجب التطبيق لا يكون للمطعون عليه الأول أي حق في تركة والده لأن المبالغ التي تسلمها تزيد على قيمة ما يستحقه ميراثاً فيها وقد ساند باقي الورثة الطاعنة في هذا الدفاع ولكن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن المطعون عليه الأول ينازع الطاعنة في زعمها أنه قبض قيمة الشيكات وصرفها في شئونه الخاصة لأنه قرر أنه قبض هذه المبالغ لينفق على أعمال والده وأنه كان يتعين على الطاعنة أن تقيم الدليل على صحة ما تدعيه في شأن قيمة هذه الشيكات لأنه من المقرر أن الشيك بحسب الأصل هو أداة وفاء وعلى من يدعي خلاف هذا الأصل أن يقيم الدليل على ما يدعيه وإقرار المطعون عليه الأول بقبض قيمة هذه الشيكات لا يغير من هذا النظر لأنه إقرار موصوف لا يجوز تجزئته. وهذا الذي قرره الحكم يخالف القانون من وجهين الأول: أنه وإن كان من المسلم أن الشيك يعتبر أداة وفاء إلا أن قبض الشيك يعتبر دليلاً ظاهراً على انشغال ذمة المستفيد لصالح الساحب بقيمة الشيك سواء أكان ذلك إبقاء لحق المستفيد أو إنشاء لدين عليه ومن ثم فإن المطعون عليه هو الذي يتحمل عبء إثبات أنه صرف قيمة الشيكات لحساب تجارة والده والحكم إذ خالف هذا النظر وجعل عبء الإثبات على الطاعنة يكون قد خالف القانون. والوجه الثاني: أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ كيف إقرار المطعون عليه بقبض قيمة الشيكات لإنفاقها في شئون والده بأنه إقرار موصوف لا يقبل التجزئة لأن هذا الإقرار في حقيقته هو إقرار مركب لأنه اقترن بواقعة لا تلازم بينها وبين الواقعة الأصلية ومن ثم تجوز تجزئته.
وحيث إن هذا النعي بشقيه مردود ذلك أن الشيك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة يعتبر أداة وفاء يقوم فيه مقام النقود، ولما كان الأصل براءة ذمة الشخص حتى يقوم الدليل على انشغالها بالحق المدعي به فإن على من يدعي خلاف هذا الأصل الظاهر إقامة الدليل على مدعاة، والحكم إذ التزم هذا النظر لا يكون قد خالف القانون كما أن الحكم إذ أورد أن المطعون عليه الأول ذكر عن الشيكات أنه لم يستلم قيمتها ليكون مديناً بقيمتها أو لينفقها على شئون نفسه وإنما استلمها لينفق منها على أعمال والده فإن مقتضى هذا الإقرار وجود تلازم زمني بين قبض الشيكات وبين القصد في إنفاقها في شئون والده وذكر هذا القصد مما يجعل الإقرار من قبيل الإقرار الموصوف لا المركب وبفرض اعتباره إقراراً مركباً فإنه لا يكون قابلاً للتجزئة لتوافر الارتباط بين الواقعة الأصلية موضوع الإقرار وهي قبض قيمة الشيكات وبين الواقعة المصاحبة لها وهي القصد من القبض للإنفاق في شئون الموصي وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الأولى ووجودها القانوني فهو إقرار لا يقبل التجزئة عملاً بالمادة 409 فقرة ثانية من القانون المدني ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب النعي يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب من عدة وجوه - الوجه الأول. فساد في الاستدلال إذ استدل الحكم على يسار الموصي بمجرد موافقته على إرسال ابنه المطعون عليه الأول للتعليم بالخارج ومن ثم فلا يحق للطاعنة استنزال قيمة هذه النفقات من قيمة الحصة الواجبة قانوناً لهذا الابن في تركة أبيه وهذا الذي قرره الحكم لا يعدو أن يكون مصادرة على المطلوب لأن الطاعنة استدلت بهذا العمل على مدى الإرهاق الذي يحمله المورث في الإنفاق على ابنه والمادة 1896 من القانون المدني اليوناني أفادت بأن المشرع توقع في هذا الشأن أن ينفق الوالد في تعليم ابنه نفقات تتجاوز نسبياً قدرته المالية ومؤدى النظر الذي أخذ به الحكم تعطيل النص كله بفساد الاستدلال - والوجه الثاني. أن الحكم ناقض المستندات المقدمة في الدعوى وأقوال الشهود فيها. ذلك أن الفترة التي أنفق المورث فيها هذا المبلغ على تعليم ابنه في الخارج كان مجمل أرباحه فيها 1380 جنيهاً عن سنة 1940 كما هو ثابت من نموذج ربط الضريبة ومبلغ 1425 جنيهاً عن سنة 1941 كما هو ثابت من حافظة المستندات المقدمة كما ثبت من أقوال الشهود الذين سمعت محكمة أول درجة أقوالهم أن المورث كان في الفترة من سنة 1937 إلى سنة 1942 معسراً وأن المبالغ التي كان يرسلها إلى ابنه في انكلترا تخرج عن حدود النفقة العادية بالنسبة له وقالت الطاعنة تدليلاً على إعسار المتوفى أنه لم يستطع أن يدفع لابنته التي تزوجت سنة 1941 بائنة نقدية بل أعطاها إحدى المقاهي التي كان يملكها كما أنه أعطى لابنه المطعون عليه الثاني عقب عودته من الخارج تفويضاً للبحث عن مشتر لمقهى الفردوس ولم يستطع أن ينفق على ابنه الثاني في التعليم العلي بالخارج أسوة بالمطعون عليه الأول ولو تحرى الحكم قيمة ديون المتوفى لوجد أنها تزيد على قيمة أصوله. والوجه الثالث - أن من بين المبالغ التي استندت إليها الطاعنة على استيفاء المطعون عليه الأول ما يزيد على 500 جنيه من المتوفى أنه اقترض 1500 جنيه من والده في إبريل سنة 1944 ليستغله في تجارته الخاصة وقد دفع المطعون عليه الأول هذا القول بأن المبلغ المذكور لم يظهر في دفاتر المورث ابتداء من سنة 1951 وسايره الحكم المطعون فيه في ذلك دون دليل يؤيده مخالفاً في ذلك نص المادة 1895 من القانون المدني اليوناني التي توجب خصم ما يعطيه المورث لأولاده من نصيبهم في التركة. والوجه الرابع - أن الحكم قد انطوى على فهم خاطئ لمستندات الدعوى ودفاع الطاعنة إذ جاء فيه أنه لو صح ما تدعيه الطاعنة في حساب المبالغ التي أنفقت على المطعون عليه الأول لكان المبلغ الذي أنفق عليه أكبر بكثير من 5000 جنيه في حين أن الطاعنة قد سار دفاعها على أن المطعون عليه الأول استولى على ما يزيد على هذا المبلغ الذي اعتبره الموصي حداً أدنى للحرمان.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استدل على أن قيمة المبالغ التي أنفقها الموصي على تعليم ابنه المطعون عليه في الخارج طبقاً لما استخلصته المحكمة من أقوال الشاهدين الثاني والثالث من شهود الطاعنة تقع في حدود 3000 جنيه وأن ظروف الحال وملابساته تدل على أن هذا المبلغ لا يجاوز إمكانيات المورث لأنه كان يملك من ذلك ثلاثة مقاهي معروفة في مدينة القاهرة ولأن البائنة التي أعطاها لكل من بنتيه لا يعطى مثلها إلا من رجل ثري ثم استطرد الحكم وقال إن مجرد الموافقة على تعليم ابنه في الخارج يدل على هذا اليسار ولما كان ما استخلصه الحكم من هذا اليسار يكفي لإقامة ما استخلصه من أقوال الشهود ومن مظاهر اليسار بملكيته للمقاهي الثلاثة ودفعه بائنة كبيرة لابنتيه فإن استطراده بالاعتماد على قرينة اليسار من إرسال ابنه للخارج تزيد لا يضير الحكم إذ يستقيم بدونه وأما باقي ما تثيره الطاعنة في هذا السبب فهو جدل موضوعي في فهم الواقع وقد استدل الحكم فيه بأدلة سائغة لا رقابة عليه فيها من محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث لذلك يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق