الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 14 يونيو 2023

الطعن 372 لسنة 28 ق جلسة 21 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 152 ص 1067

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

----------------

(152)
الطعن رقم 372 لسنة 28 القضائية

موظفون. "التزامات الموظف". "الالتزام بتنفيذ العمل". "اختراعات الموظف". عمل. "التزامات العامل". "الالتزام بتنفيذ العمل". "اختراعات العامل". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
ما يكتشفه الموظف أو يهتدي إليه من اختراع أثناء أو بسبب قيامه بأعمال وظيفته ويكون داخلاً في نطاقها تملكه الدولة ولا يكون للموظف أي حق فيه. الأمر كذلك بالنسبة للعامل متى كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تتطلب منه إفراغ جهده في الكشف أو الاختراع وهيأت له ظروف العمل الوصول إلى ما اهتدى إليه من ذلك. إغفال الحكم بحث هذه القواعد ومدى العلاقة التي كانت تربط المطعون عليه بالشركة في فترة إعارته إليها ولا أثر البعثة الثانية التي أوفدته فيها المصلحة التابع لها على ما وصل إليه من اكتشاف. تعييب الحكم بالقصور.

---------------

مقتضى العلاقة التنظيمية التي تربط الموظف بالدولة أن ما يكتشفه أو يهتدي إليه من اختراع أثناء أو بسبب قيامه بأعمال وظيفته ويكون داخلاً في نطاق هذه الوظيفة تملكه الدولة دون الموظف الذي لا يكون له أي حق فيه. وهذا الذي تقتضيه علاقة الموظف بالدولة تقتضيه كذلك علاقة العامل برب العمل - على ما بين العلاقتين من تباين - وذلك إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تتطلب منه إفراغ جهده في الكشف أو الاختراع وهيأت له ظروف العمل الوصول إلى ما اهتدى إليه من ذلك. وهذه القاعدة التي تستمد أساسها من أصول القانون العام قد قننها المشرع فيما يتعلق بالاختراعات بما نص عليه في المادة 281 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 والمادة 688/ 2 من القانون المدني. وإذ كان اكتشاف المطعون عليه معدن الكروميت أثناء إيفاده في بعثة على نفقة شركة كانت قد استعارته من الحكومة لا يؤدى وحده إلى أن يكون هو صاحب الحق في هذا الكشف، إذ لو كانت هذه البعثة أو فدت خصيصاً لهذا الكشف وكان استخدام المطعون عليه في تلك الفترة لهذا الغرض فإنه وفقاً للقواعد المتقدمة يكون الحق فيما اهتدت إليه البعثة من كشف للشركة دون المطعون عليه، وإذ غفل الحكم المطعون فيه عن القواعد المتقدمة ولم يعن ببحث العلاقة التي كانت تربط المطعون عليه بالشركة في فترة الإعارة على ضوء هذه القواعد ولا أثر البعثة الثانية التي أو فدته فيها المصلحة التابع لها على ما وصل إليه من اكتشاف فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليه الأول أقام ضد الطاعن بصفته والمطعون عليه الثاني الدعوى رقم 3005 سنة 1948 مدني كلي القاهرة طالباً إلزامهما متضامنين أن يدفعا له مبلغ 5000 ج والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكتاب موضوع الدعوى، مقيماً دعواه على أنه استبان من دراساته لمنطقة البرامية في الصحراء الشرقية أنها منطقة غنية بالمعادن القيمة، وفي شهر مايو من سنة 1941 - وقد كان موظفاً في مصلحة المساحة الجيولوجية - أوفده بنك مصر إلى تلك المنطقة في رحلة استكشافية مدتها عشرة أيام كان خلالها في أجازه من عمله وخصمت الحكومة راتبه عنها فاستكشف أثناءها بالمنطقة معدن الكروميت وكان لاستكشافه هذا أثره في الأوساط العلمية ولما انتهت أجازته طلبت منه المصلحة التابع لها التقرير الذي أعده عن رحلته هذه فقدمه لها مبيناً فيه مواضع معدن الكروميت ونسبته رغم أنها لم تتكلف شيئاً من نفقات كشفه، وأنه على هدى من كشفه هذا عادت المصلحة التابع لها فأوفدته في بعثة حكومية لاستكمال البحث فواصلت بعثته الدراسية حتى منتصف مايو سنة 1943 حيث قدم للمصلحة تقريراً أولياً أوضح فيه ما بلغه من نتائج علمية باهرة وكشف فيه عن اتجاهات عروق معدن الكروميت وغير ذلك فأمرت المصلحة بطبع تقريره على نفقتها وأن الثابت من تقريريه أنه مكتشف معدن الكروميت في منطقة البرامية الذي لم يسبقه إليه غيره، ولكنه من بعد ذلك اطلع على نسخة باللغة الإنجليزية لكتاب عنوانه (جيولوجية منطقة مناجم البرامية) مؤلفه هو المطعون عليه الثاني ومطبوع بالمطبعة الأميرية سنة 1948 ويحمل اسم مصلحة المساحة الجيولوجية تضمنت مقدمته التي كتبها مدير المساحة أن موضوعه البحث عن الكروميت ورغم ذلك خلت من الإشارة إلى جهد الطاعن في كشف هذا المعدن كما حوي صلب الكتاب خريطة من رسمه وصورة شمسية لمواقع الكروميت منقولة من تقريره واقتباساً لبعض أفكاره، وأنه بذلك يكون المطعون عليه الثاني قد تعمد إغفال جهده واعتدى على ثمرة من ثمار فكره مما أضر بسمعته ضرراً يستوجب تعويضه يسأل عنه المطعون عليه المذكور ويضمنه فيه الطاعن باعتباره الذي سمح بطبع الكتاب، وقد تحصل دفاع المدعى عليهما في أن معدن الكروميت في صحراء مصر معروف من القدم فالمدعي لم يكتشفه وأنه في سنة 1941 تقدم أعرابي إلى قسم المساحة الجيولوجية بحجر استبان من فحصه أن به معدن الكروميت فلما علم كنهه قصد إلى شركة مصر للمناجم والمحاجر وأرشدها عن مكانه لقاء أجر فاستصدرت من الحكومة ترخيصاً بالبحث عن الكروميت فلما كان شهر إبريل سنة 1942 طلبت من مراقب عام المصلحة ندب المدعي للعمل لديها لمعانية وتحديد مواقع الكروميت على أن تتحمل راتبه ومصاريفه فندب لها لمدة استغرقت ستة أيام ولما عاد قدم للمصلحة تقريراً تولت طبعه فأصبح بذلك ملكاً للدولة وأنه في سنة 1943 أو فدت المصلحة ذاتها المدعي في رحلة ثانية إلى نفس المنطقة فلما عاد قدم تقريراً ثانياً عام العبارة خلوا من بيان مواقع الكروميت لا يمت إلى الجيولوجيا بسبب، فلما استبان مدير المصلحة عدم جدواه أوفد بعثة أخرى لدراسة المنطقة فمسحتها وعينت مواقع المعدن فيها وكتب المطعون عليه الثاني - وهو أحد أعضائها - تقريراً بعلمها طبعته المصلحة في المطبعة الأميرية وهو تقرير جديد في كافة نواحيه مقطوع الصلة بسابقيه، وبتاريخ 29 مايو سنة 1956 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام الطاعن بصفته والمطعون عليه الثاني أن يدفعا للمطعون عليه الأول مبلغ 500 ج والمصاريف وبمصادرة الكتب موضوع الدعوى، فاستأنف المطعون عليه الثاني هذا القضاء بالاستئناف رقم 871 سنة 73 ق القاهرة كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف رقم 797 سنة 73 ق القاهرة وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1958 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف، وبتقرير تاريخه 31 من ديسمبر سنة 1958 قرر الطاعن بالطعن بالنقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بطلب إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقرير مبدأ والقضاء في موضوع الطعن برفضه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة أول أكتوبر سنة 1961 إحالته إلى هذه الدائرة، وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة حدد لنظر الطعن جلسة 3 من أكتوبر سنة 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه نظر إلى المطعون عليه الأول نظرته إلى فرد حر مستقل يعمل لحساب نفسه مقطوع الصلة بالوظيفة العامة التي يتولاها مع أن المطعون عليه الأول عندما وضع تقريريه كان موظفاً في الحكومة - باحثاً جيولوجياً - ومهمته البحث عن المعادن لحساب المرفق العام الموظف فيه فإذا أسفر بحثه عن كشف فإن هذا الكشف وما يتعلق به من تقارير يكون من حق هذا المرفق ولا يكون للمطعون عليه الأول أي حق فيه ذلك أن الموظف إذا ما عين في الوظيفة العامة وتسلم عمله فيها تجرد عند قيامه بهذا العمل من ذاتيته الخاصة وأصبح قائماً بتكليف عليه للوظيفة فيكرس مجهوده الذهني لهذا التكليف وأن كل ما ينتجه من عمل في نطاق تكليفه يصبح ملكاً للدولة ولا حق له عليه إطلاقاً، وأنه لا يغير من ذلك أن المطعون عليه الأول عندما أوفد إلى منطقة البرامية في سنة 1942 وكان منتدباً للعمل في شركة مصر للمناجم والمحاجر إذ ندبه هذا لا يقطع صلته بوظيفته الأصلية أو بالمرفق التابع له بل يبقى رغمه في وظيفته يعمل لحسابها غاية ما هناك أن للشركة أن تستفيد من خبرته وعمله وفنه مدة ندبه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على أن المطعون عليه الأول صاحب الحق في الكشف عن معدن الكروم وإن له حق المؤلف على التقريرين اللذين وضعهما عن هذا الكشف فإنه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأحقية المطعون عليه الأول للتعويض على نظر حاصله أنه وهو المكتشف لمعدن الكروميت يعتبر قانوناً صاحب الاكتشاف دون الدولة وأن ما ورد بالتقريرين المقدمين منه من معلومات وبيانات يكون ملكاً خالصاً له وأن حقه عليهما لم ينتقل للدولة إذ أن انتقال الحق لا يكون بتعاقد صريح أو ضمني موضوعه الانتقال ذاته وأن قبضه الراتب من الحكومة أو قبوله التكليف الموجه له للعمل في مجال الاكتشاف لا يعتبر تعاقداً على انتقال الحق للدولة - وأن البعثة الأولى التي أوفد فيها كانت على نفقة شركة مصر للمناجم والمحاجر وليس على نفقة الحكومة، ولما كان مقتضى العلاقة التنظيمية التي تربط الموظف بالدولة أن ما يكتشفه الموظف من اكتشاف أو يهتدي إليه من اختراع أثناء أو بسبب قيامه بأعمال وظيفته ويكون داخلاً في نطاق هذه الوظيفة تملكه الدولة من دون الموظف الذي لا يكون له أي حق فيه وهذه القاعدة التي تستمد أساسها من أصول القانون العام قد قننها المشرع فيما يتعلق بالاختراعات بما نص عليه في المادة 281 من قانون موظفي الدولة رقم 210 سنة 1951 من أنه "تكون الاختراعات التي يبتكرها الموظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ملكاً للدولة إذا كان الاختراع داخلاً في نطاق واجبات الوظيفة" وهذا الذي تقتضيه علاقة الموظف بالدولة تقتضيه كذلك علاقة العامل برب العمل - على ما يبين العلاقتين من تباين - وذلك إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تتطلب منه إفراغ جهده في الكشف أو الاختراع وهيأت له ظروف العمل الوصول إلى ما اهتدى إليه من ذلك وقد قنن المشرع هذه القاعدة المقررة فنص في المادة 688/ 2 منه على أن "ما يستنبطه العامل من اختراعات في أثناء عمله يكون من حق رب العمل إذا كانت طبيعة الأعمال التي تعهد بها العامل تقتضي منه إفراغ جهده في الابتداع أو إذا كان رب العمل قد اشترط في العقد صراحة أن يكون له الحق فيما يهتدي إليه من المخترعات" لما كان ذلك، وكان اكتشاف المطعون عليه الأول معدن الكروميت أثناء إيفاده في بعثة على نفقة شركة مصر للمناجم والمحاجر لا يؤدي وحده إلى أن يكون صاحب الحق في هذا الكشف إذ لو كانت هذه البعثة أوفدت خصيصاً لهذا الكشف وكان استخدام المطعون عليه في تلك الفترة لهذا الغرض فإنه وفقاً للقواعد المتقدمة يكون الحق فيما اهتدت إليه البعثة من كشف لشركة مصر دون المطعون عليه ولما كان الحكم المطعون فيه قد غفل عن القواعد المتقدمة ولم يعن ببحث العلاقة التي كانت تربط المطعون عليه بشركة مصر في فترة الإعارة على ضوء هذه القواعد ولا أثر البعثة الثانية التي أوفدته فيها المصلحة التابع لها على ما وصل إليه من اكتشاف فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق