جلسة 9 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف، جلال الدين رافع وعبد الحميد المرصفاوي.
--------------
(234)
الطعن رقم 233 لسنة 45 القضائية
إثبات "عبء الإثبات". حجز "حجز ما للمدين لدى الغير".
عدم تقرير المحجوز لديه بما في ذمته. أثره. جواز الحكم عليه بالمبلغ المحجوز من أجله. عدم تقديم المحجوز لديه مستنداته للخبير لإثبات عدم مديونيته للمحجوز عليه وقت الحجز. القضاء بإلزامه بالدين لثبوته في ذمته. لا مخالفة فيه لقواعد الإثبات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1968 سنة 1970 تنفيذ عابدين وطلب فيها الحكم بإلزام وزير الحربية - الطاعن - بأن يدفع له مبلغ 400 جنيه وقال بياناً للدعوى إنه أوقع في 27، 29/ 8/ 1966 حجزاً على ما لمدينه المطعون عليه الثاني لدى الطاعن وفاء لمبلغ 400 جنيه، ثم استصدر بتاريخ 25/ 1/ 1967 حكماً في الدعوى رقم 630 سنة 1966 تجاري القاهرة الابتدائية بإلزام مدينه المذكور بأن بدفع له مبلغ 200 وبصحة إجراءات الحجز الذي وقعه تحت يد الطاعن، وإذ لم يقدم هذا الأخير شهادة بما في ذمته للمطعون عليه الثاني فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان وبتاريخ 29/ 10/ 1972 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول المبلغ المطلوب. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4558 سنة 89 ق مدني. وبتاريخ 9/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، إلا أنه أعاد المأمورية لما قررته إدارة الأسلحة والمهمات بوزارة إدارة الحربية من عدم وجود المستندات التي طلبها ولعدم تقديمها البيانات اللازمة لإنجاز العمل. وبتاريخ 8/ 1/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه قدم كتاباً من الإدارة المالية للقوات البرية وشهادة موجهة إلى المطعون عليه الأول يفيد عدم مديونية الطاعن للمطعون عليه الثاني. غير أن الحكم المطعون فيه استخلص من عبارات الخطاب المؤرخ 15/ 8/ 1966 الذي أرسلته رئاسة المهمات - حسابات المخازن - للمطعون عليه الأول أن الطاعن مدين للمطعون عليه الثاني، في حين أن ما تضمنه هذا الخطاب هو دعوة المرسل إليه - الحاجز - للحضور لبحث أمر الحجز، كما أن الحكم ذهب إلى أن الطاعن عمداً إلى عرقلة تنفيذ مأمورية الخبير ولم يقدم له ما يفيد عدم مديونيته للمطعون عليه الثاني، فقلب بذلك عبء الإثبات إذ أن المطعون عليه الأول هو المكلف بإثبات قيام تلك المديونية، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود - أولاً - بأن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته "أن الثابت من الخطاب المؤرخ 15/ 8/ 1966 أن إدارة المهمات التابعة للمستأنف بصفته - الطاعن - تقرر أن المستأنف عليه الثاني - المطعون عليه الثاني - يطلب منها صرف مستحقاته التي توقع عليها الحجز رقم 85 لسنة 1966 وتطلب من المستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - الحضور للبحث... ولو كانت غير مدينة للمستأنف عليه الثاني بشيء لما احتاج إلى مخاطبة المستأنف عليه الأول وأخذ رأيه في الطلب الأمر الذي يدل على أن هناك مبالغ مستحقه في ذمتها للمستأنف عليه الثاني...... وإذ كان لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير المستندات المقدمة بما لا يخرج عن عباراتها الواضحة، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من عبارات الخطاب المشار إليه من مديونية الطاعن للمطعون عليه الثاني وقت توقيع الحجز، هو استخلاص سائغ لم يخرج به عن مدلول تلك العبارات، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس والنعي مردود - ثانياً - بأنه لما كانت المادة 343 من قانون المرافعات تجيز الحكم على المحجوز لديه بالمبلغ المحجوز من أجله إذا لم يقرر بما في ذمته طبقاً للقانون، وكانت محكمة الاستئناف - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - قد رأت تحقيقاً لدفاع الطاعن من أنه لم يكن مديناً للمطعون عليه الثاني وقت توقيع الحجز، ندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم إلا أن الطاعن لم يقدم للخبير ما لديه من مستندات، فاستخلصت المحكمة من ذلك عجزه عن إثبات دفاعه في هذا الخصوص وقضت - على ما سلف البيان - بإلزامه بالدين بناء على ما ثبت لديها من قيام تلك المديونية، لما كان ذلك وكان هذا الذي انتهت إليه المحكمة لا مخالفة فيه لقواعد الإثبات، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.