(فتوى رقم 780 في 31/ 10/ 1995 جلسة 18/ 10/ 1995 ملف رقم 32/ 2/ 2551)
(20)
جلسة 18 من أكتوبر سنة 1995
آثار - طرق عامة - حماية الآثار - نزاع - المنافع المقصودة من حماية الأثر بإنشاء سور حولها متقدمة على الأضرار المقول بترتيبها على إقامته.
المواد 10، 12 من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة - المواد 3، 5، 13، 20، 21 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار - المواد الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 82 لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار - المادة (1) من قرار وزير الثقافة والإعلام رقم 362 لسنة 1972 بشأن إخضاع قطعة أرض بناحية أبو زعبل عرب العليقات والصوالحة مركز شبين القناطر للقانون رقم 215 لسنة 1951 في شأن حماية الآثار.
المشرع بالقانون رقم 84 لسنة 1968 أولى الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة والطرق الرئيسية والطرق الإقليمية رعاية خاصة - دليل ذلك: عدم جواز إقامة أية منشآت على تلك الأراضي - سبب ذلك: حتى لا تحد تلك المنشآت من خط النظر لقائدي السيارات - المشرع في الوقت ذاته بموجب قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 كفل رعاية وحماية خاصة للآثار - دليل ذلك: إنشاء مجلس أعلى للآثار يقوم على حمايتها وحفظها - نتيجة ذلك: حظر إقامة منشآت أو مرافق أو شق قنوات أو إعداد طريق في المواقع أو الأراضي الأثرية - الحظر ورد بصيغة على نحو يبسط إلى استحداث الطرق وإعدادها ابتداءً أو إجراء أية توسعات على طرق قائمة وموجودة بالفعل - مؤدى ذلك: أن المشرع قدم الحفاظ على المواقع والأراضي الأثرية على المصلحة المتحققة من إعداد طريق في منطقة معينة. تطبيق.
-------------------
تبين للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن المادة (10) من القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة وبإلغاء القانون رقم 53 لسنة 1949 في شأن الطرق العامة تنص على أن "تعتبر ملكية الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة لمسافة خمسين متراً بالنسبة إلى الطرق السريعة وخمسة وعشرين متراً بالنسبة إلى الطرق الرئيسية وعشرة أمتار بالنسبة إلى الطرق الإقليمية وذلك خارج الأورنيك النهائي المحدد بحدائد المساحة طبقاً لخرائط نزع الملكية المعتمدة لكل طريق، محملة لخدمة أغراض هذا القانون بالأعباء الآتية: ( أ ) لا يجوز استغلال هذه الأراضي في أي غرض غير الزراعة ويشترط عدم إقامة أية منشآت عليها. ولا يسري هذا الحكم داخل حدود مجالس المدن إلا في الأجزاء المارة بأراضي زراعية. (ب) وللجهة المشرفة على الطريق أن تأخذ من تلك الأراضي الأتربة اللازمة لتحسين الطريق ووقايته بشرط عدم تجاوز العمق الذي يصدر بتحديده قرار من مجلس إدارة المؤسسة ويؤدى لأصحاب هذه الأراضي تعويض عادل". وتنص المادة (12) منه على أن "مع عدم الإخلال بأحكام المادة (10) لا يجوز بغير موافقة الجهة المشرفة على الطريق إقامة أية منشآت على الأراضي الواقعة على جانبي الطريق العام ولمسافة توازي مثلاً واحداً للمسافة المشار إليها في المادة (10). وعلى صاحب الشأن أن يقدم إلى الجهة المشرفة على الطريق الرسومات والمواصفات الخاصة بالمنشآت المطلوب - إقامتها وللجهة المشرفة على الطريق الاعتراض على هذه الرسومات والمواصفات أو تعديلها وذلك وفقاً للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية". كما تبين لها أن المادة (3) من القانون رقم 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار تنص على أن "تعتبر أرضاً أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون التي يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص ..." وتنص المادة (5) على أن "هيئة الآثار المصرية هي المختصة بالإشراف على جميع ما يتعلق بشئون الآثار في متاحفها ومخازنها وفي المواقع والمناطق الأثرية والتاريخية ولو عثر عليها بطريق المصادفة". وتنص المادة (13) منه على أنه "يترتب على تسجيل الأثر العقاري وإعلان المالك بذلك طبقاً لأحكام المادة السابقة الأحكام الآتية: 1 - ... 6 - للهيئة أن تباشر في أي وقت على نفقتها ما تراه من الأعمال اللازمة لصيانة الآثار ...". وتنص المادة (20) من القانون ذاته على أن "لا يجوز منح رخص للبناء في المواقع أو الأراضي الأثرية. ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة. كما لا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها ورفع أنقاض منها أو أخذ أتربة أو أسمدة أو رمال أو إجراء غير ذلك من الأعمال التي يترتب عليها تغيير في معالم هذه المواقع والأراضي إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها ويسري حكم ...".
كما تنص المادة (21) على أن "يتعين أن نراعى مواقع الآثار والمواقع الأثرية والمباني والمواقع ذات الأهمية التاريخية عند تغيير تخطيط المدن والأحياء والقرى التي توجد بها ولا يجوز تنفيذ التخطيط المستحدث أو التوسع أو التعديل في المناطق الأثرية والتاريخية وفي زمامها إلا بعد موافقة هيئة الآثار كتابةً على ذلك ..
كما تبين للجمعية العمومية أن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 82 لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار تنص على أن "تنشأ هيئة عامة قومية تسمى "المجلس الأعلى للآثار" تكون لها الشخصية الاعتبارية ومقرها مدينة القاهرة، وتتبع وزير الثقافة". وتنص المادة الثانية منه على أن "يهدف المجلس إلى المشاركة في التوجيه القومي، وتنفيذ مسئوليات وزارة الثقافة في مجالات الآثار المصرية والإسلامية والقبطية وغيرها، وللمجلس في سبيل ذلك القيام بجميع الأعمال التي تؤدي إلى تحقيق أغراضه، وعلى الأخص ما يأتي: (1) ......... (2) إصدار التوجيهات والقرارات اللازمة لحفظ وحماية الآثار .." في حين تنص المادة (1) من قرار وزير الثقافة والإعلام رقم 362 لسنة 1972 بشأن إخضاع قطعة أرض بناحية أبو زعبل عرب العليقات والصوالحة مركز شبين القناطر للقانون رقم 215 لسنة 1951 في شأن حماية الآثار على أن "لا يجوز أخذ أسباخ أو أتربة أو غيرها من الأرض المبينة الحدود والمعالم على الخريطة المساحية لها الشامل بالقطعة 14، 20 والمرموز لها ( أ، ب، جـ، د، و، ز، ن، ل، ش، ع، م، خـ، ص، س) بحوض الزهار بناحية أبو زعبل بقرية شبين القناطر والملون من الدائر باللون الأحمر إلا بترخيص من هيئة الآثار".
واستظهرت الجمعية العمومية، مما تقدم، أنه ولئن كان المشرع بالقانون رقم 84 لسنة 1968 المشار إليه، أولى الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة والطرق الرئيسية والطرق الإقليمية، وذلك في حدود معينة بحسب نوع الطريق، رعاية خاصة، لا يجوز وفقاً لها إقامة أية منشآت على تلك الأراضي، حتى لا تكون تلك المنشآت - كما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون - سبباً يحد خط النظر لقائدي السيارات، مما يؤثر تبعاً على سلامة حركة السير وكفاءة الطريق. ولكفالة إجراء التوسعات المستقبلية للطرق المذكورة هذا فضلاً عما يرتبه ذلك المنع من إمكانية الاستفادة من الأراضي المشار إليها في تدبير الأتربة اللازمة لتحسين الطريق ووقايته، إعمالاً للسلطة المعقودة قانوناً للهيئة العامة للطرق والكباري، ولئن كان ذلك، فإن المشرع في الوقت ذاته، بموجب القانون 117 لسنة 1983 سالف البيان، كفل رعاية وحماية خاصة للآثار، بحسبانها تراثاً وثروة قومية يجب المحافظة عليها وعدم التفريط فيها، ومن ذلك أن أنشأ لها جهازاً متخصصاً، وهو المجلس الأعلى للآثار ناط به شأن تلك الآثار، وعقد له ولاية إصدار التوجيهات والقرارات اللازمة لحفظها وحمايتها، كما أنه حظر إقامة منشآت أو مرافق أو شق قنوات أو إعداد طرق في المواقع أو الأراضي الأثرية أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة. وأوجب مراعاة مواقع الآثار والأراضي الأثرية والمباني والمواقع ذات الأهمية التاريخية عند تغيير تخطيط المدن والأحياء والقرى التي توجد بها.
والحاصل أن حظر إعداد طرق في المواقع أو الأراضي الأثرية الذي قرره المشرع، بالقانون المشار إليه. ورد بصيغة مطلقة على نحو ينبسط إلى استحداث الطرق وإعدادها ابتداءً أو إجراء أية توسعات على طرق قائمة وموجودة بالفعل، الأمر الذي يمتنع معه قانوناً إجراء توسعات للطرق، بأنواعها، إذا كانت تلك التوسعات ستتداخل مع المواقع أو الأراضي الأثرية وبذلك يكون المشرع في نظرته إلى المصالح الجديرة بالرعاية قدم الحفاظ على المواقع والأراضي الأثرية وحمايتها على المصلحة المتحققة من إعداد طريق في منطقة معينة أو إجراء توسعات فيه أخذاً بعين الاعتبار أن المصلحة الأخيرة قد يكون لها من البدائل ما يتيح تحقيقها، في الوقت الذي يتعذر فيه ذلك إذا تضمن الأمر انتهاك حرمة المواقع أو الأراضي الأثرية باستخدام جزء منها كطريق.
كما استظهرت الجمعية العمومية أن السور الذي أقامه المجلس الأعلى للآثار إعمالاً لولايته حول منطقة المقابر الصخرية بقرية عرب العليقات والصوالحة مركز شبين القناطر وهي من المناطق الأثرية، وذلك بغية حماية الأثر من العبث به أو الاعتداء عليه - حسب الثابت من الأوراق - أقيم بعد مسافة مقدارها 6.5 متراً من الطريق الذي يربط بين مساكن أبو زعبل وطوخ. وأن الطريق في المسافة المقابلة لمنطقة الأثر المقام حولها السور - حسب ما يظهر من الرسم الكروكي المقدم بالأوراق - ليست به أية منحنيات، وإنما على شكل مستقيم ومن ثم فإنه ليس من شأن ذلك السور - والحالة هذه - أن يحد من خط النظر لقائدي السيارات على الطريق في المسافة المقابلة للسور أو القريبة منها، وبالتالي لا يؤثر على سلامة حركة السير وكفاءة الطريق، وتلك هي إحدى الغايات المستهدفة من حجم منع إقامة منشآت في الأراضي على جانبي الطرق العامة والطرق الرئيسية والطرق السريعة، طبقاً لما تقدم.
ولما كان الثابت على ما سبق أن إقامة السور محل النزاع كان يقصد المحافظة على منطقة أثرية وحمايتها، باعتبارها من تراثنا وثروتنا القومية، وذلك هدف ومصلحة أولاها المشرع رعاية خاصة وقدمها على المصالح والأهداف التي اتجهت إرادة المشرع إلى تحقيقها بالقانون رقم 84 لسنة 1968 بترك مسافات محددة على جانبي الطريق تستخدم، إن لزم الأمر في إجراء التوسعات المستقبلية للطرق، وكان الثابت من الأوراق أن موقع ذلك السور على الطبيعة لا يتعارض مع ما استهدفه المشرع في القانون الأخير من تجنب الحد من خط النظر لقائدي السيارات على الطريق والحرص على سلامة حركة السير عليه. وبالتالي تكون المنافع المقصودة من إنشاء هذا السور متقدمة على الأضرار المقول بترتيبها على إقامته داخل المنطقة الكائنة على جانب الطريق رقم 40 الذي يربط بين مساكن أبو زعبل وطوخ، التي لا يجوز إقامة منشآت بها. ومن ثم يكون إنشاء ذلك السور أمراً مشروعاً قانوناً، مما يغدو معه القرار رقم 574 لسنة 1992 الصادر عن الهيئة العامة للطرق والكباري بإزالته صدر مخالفاً صحيح حكم القانون، جديراً بالالتفات عنه، وعدم إنفاذ أثره في هدم السور.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز إزالة السور المقام حول منطقة المقابر الصخرية الأثرية بقرية عرب العليقات والصوالحة، مركز شبين القناطر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق