باسم صاحب السمو الشيخ / صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة وملحقاتها
محكمـة تمييـز رأس الخيمـة
الدائرة المدنية والتجارية والأحوال الشخصية
برئاسة السيد القاضي / يحيــــى جــــــلال فضـــل رئيــــس
المحكمــــة
وعضويـــــة القاضييـن / محمـــد ناجـــي دربالـــة و محمـد عبـد
الرحمـــن الجـــراح
والسيـــد / سعـــد محمـــد توكـــل أميـــــن
الســــــر
فــي
الجلســة العلنيــة المنعقــدة بمقـر المحكمــة بــدار القضــاء بإمـارة رأس الخيمــة
فـي
يـوم الأحـد 6 مـن ربيع الأول سنة 1428هـ الموافـق 25 مـن مارس سنة 2007 م
فــي
الطعــن المقيـد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 11 لسنـــة 1 ق (2006 م) مدنــي
الـــوقـــائــــــع
في يوم 12
/ 8 / 2006 م طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة الصادر بتاريخ 11
/ 6 / 2006 م في الاستئناف رقم 170 / 2006 وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن بقبول الطعن
شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وطلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
وفي يوم 14 / 1 / 2007 م أُعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
في
يوم 28 / 1 / 2007م أودع المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
وبجلسة 24 / 12 / 2006 م ، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت
أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة المرافعة .
وبجلسة 25 / 2 / 2007 م سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين
بمحضر الجلسة والمحكمة أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم .
المحكـــمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي
تلاه السيد المستشار المقرر/ يحيى جلال والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث
إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون
ضده أقام الدعوى رقم 179 لسنة 2005 رأس الخيمة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم
بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 155 ألف درهم على سندٍ من أنه اقترض منه مبلغ 150 ألف
درهم قام بتحويله من حسابه ببنك .... إلى حساب الطاعن ببنك ... ولم يوفِ من قيمة
القرض سوى مبلغ 15 ألف درهم ثم حصل منه على مبلغ 20 ألف درهم حرر به شيك تبين عدم
وجود رصيد له وإذ امتنع عن سداد المبلغين المذكورين فقد أقام الدعوى بالطلبات
سالفة البيان . ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات . استأنف الطاعن هذا الحكم
بالاستئناف رقم 170 لسنة 2006 لدى محكمة استئناف رأس الخيمة وبتاريخ 28 / 5 / 2006
قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض
الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أرجأت إصدار الحكم
لجلسة اليوم.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بهم الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان ذلك أنه تمسك
بأن المبلغ المطالب به يجاوز نصاب الشهادة فلا يجوز إثباته بغير الكتابة إلا أن
الحكم اعتبر الخطاب الصادر من بنك أبوظبي الوطني بتحويل مبلغ 150 ألف درهم من حساب
المطعون ضده لديه إلى حساب الطاعن في بنك أبوظبي التجاري مبدأ ثبوت بالكتابة واعتد
به كدليل ناقص دعمه بتوجيه اليمين المتممة في
حين أن الخطاب المشار إليه لم يصدر منه وليس بخطه فلا يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة
وبالتالي تكون الدعوى خالية من أي دليل بما لا يجوز معه توجيه اليمين المتممة
فضلاً عن أن الصيغة التي وجهت بها اليمين غير قاطعة في ثبوت المديونية كما خلا
محضر جلسة الحلف المؤرخ 31 / 5 / 2006 من توقيع الحالف ـ المطعون ضده ـ وهو إجراء
جوهري يترتب على تخلفه بطلان محضر الحلف ومن ثم بطلان الحكم المبنى على اليمين مما
يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي
في غير محله . ذلك بأنه لما كان النص في المادة 35
من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أنه [ 1- في غير المواد
التجارية إذا كان التصرف تزيد قيمته على خمسة آلاف درهم أو كان غير محدد القيمة ،
فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي
بغير ذلك ... ] وفي المادة 37 منه على أنه [ يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان
يجب إثباته بالكتابة في الأحوال الآتية : - 1- إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ،
ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود
التصرف المدعى به قريب الاحتمال . 2- ... 3- ... 4- إذا رأت المحكمة لأسباب وجيهة
السماح بالإثبات بالشهادة . ] وفي المادة 380 من قانون المعاملات التجارية على أن [
1- التحويل المصرفي عملية يقيد المصرف بمقتضاها مبلغاً معيناً في الجانب المدين من
حساب الآمر بالتحويل ويقيد ذات المبلغ في الجانب الدائن من حساب آخر وذلك بناءً
على طلب كتابي من العميل الآمر بالتحويل . 2- ويجوز بوساطة هذه العملية إجراء ما
يأتي : - أ ) تحويل مبلغ معين من حساب شخص إلى حساب شخص آخر لكل منهما حساب لدى
المصرف ذاته أو لدى مصرفين مختلفين . .... ] وفي المادة 384 من القانون ذاته على
أنه [ يتملك المستفيد القيمة محل التحويل المصرفي من وقت قيدها في الجانب المدين
من حساب الآمر بالتحويل ... ] هذه النصوص مجتمعة تدل على أن المشرع قد نظم في
الفصل الثاني من الكتاب الثالث من قانون المعاملات التجارية أحكام وآثار عملية
التحويل المصرفي بمقتضاها يجب على المصرف تنفيذ أمر التحويل طبقاً لتعليمات الآمر
مادام للأمر مقابل وفاء لدى البنك ويجري التنفيذ بقيد المبلغ الوارد بالأمر في
الجانب المدين من حساب الآمر وإضافته إلى رصيد المستفيد الذي تنتقل إليه ملكية
القيمة محل التحويل من وقت قيدها في الجانب المدين من حساب الآمر ، وإذا نفذ
المصرف الأمر فلا يجوز له الرجوع فيه متى قبله المستفيد صراحةً أو ضمناً ،
والتحويل المصرفي بعد ذلك عملية مجردة منفصلة عن علاقة الآمر بالمستفيد السابقة
على إصدار أمر التحويل ، مما مفاده أن المصرف يعتبر طرفاً في عملية التحويل
المصرفي بوصفه المنوط به والمسئول عن تنفيذها على النحو
الذي رسمه القانون ، وهو ما يجعل إثبات عملية التحويل ذاتها بعد صدور الأمر من العميل الآمر يتعلق في الأصل بالمصرف المنفذ ،
ويجعل منه المرجع الأساسي في إثبات التحويل وكافة البيانات المتعلقة به وبإجراءات
تنفيذه ، فإن طبيعة هذه العملية توجب أن يكون المحرر الصادر من المصرف فيما يتعلق
بهذه البيانات حجة بما دون فيه وله قوة الكتابة في الإثبات في العلاقة بين الآمر
والمستفيد إلى أن يثبت أيهما العكس بالطرق المقررة قانوناً وهو أمر تمليه الضرورات
العملية لاستقرار الحقوق وحماية حركة التعامل في المجتمع وهي اعتبارات جديرة
بالرعاية لاتصالها الوثيق بالمصلحة العامة ، إذ القول بغير ذلك يؤدي إلى مفارقات
خطيرة منها أنه قد يستحيل على الآمر الحصول على دليل كتابي لإثبات قبض
المستفيد قيمة التحويل إذا قام الأخير بصرف هذه القيمة عن طريق ماكينات الصرف
الآلي ، وهو ما من شأنه أن يقوض نظام التحويل
المصرفي ويضعف الثقة فيه ويقضي على الغاية التي استهدفها المشرع من تقنين القواعد
المنظمة له في تيسير المعاملات وتداول الأموال ، مما يقتضي الاعتداد بالمحرر
الصادر من المصرف الذي باشر إجراءات التحويل المصرفي في إثبات حصول التحويل وكافة
البيانات المتعلقة به فيكون له قيمة الورقة العرفية أي قوة الدليل الكتابي في
العلاقة بين الآمر والمستفيد حتى يثبت العكس بالطرق المقررة قانوناً . لما كان ما
تقدم وكان النص في المادة 37 من قانون الإثبات السالفة البيان لم يشترط في الورقة
التي تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة بيانات معينة أو نوعاً خاصاً من الكتابة ذلك أن
استعمال المشرع عبارة " كل كتابة " قصد به صرف لفظ الكتابة إلى أوسع
معانيه فهو يشمل كل كتابة من شأنها جعل التصرف المدعى به أو الواقعة المراد
إثباتها مرجحة الحصول وقريبة الاحتمال ويكفي أن تكون صادرة من الخصم أو يحتج عليه
بها ، وليس بلازم أن تنصب الكتابة على التصرف المراد إثباته وإنما يجوز اعتبار
الورقة دليلاً كاملاً في إثبات تصرف معين وفي ذات الوقت مبدأ ثبوت بالكتابة
بالنسبة لتصرف آخر . وكان القانون قد جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة
الإثبات متى تعزز بالبينة أو القرائن القضائية أو اليمين المتممة . لما كان ذلك
وكان الخطاب المؤرخ 25 / 10 / 2003 الصادر من بنك ... والمتضمن قيامه بتنفيذ تحويل
مصرفي بمبلغ 150 ألف درهم من حساب المطعون ضده لديه إلى حساب الطاعن لدى بنك ... ـ
فرع شارع ... ـ في 9 / 1 / 1997 هو محرر له قوة الكتابة في الإثبات في العلاقة بين
الآمر والمستفيدـ على النحو السالف بيانه تفصيلاً ـ وهذا الدليل الكتابي على
التحويل المصرفي الذي يحاج به الطاعن يعتبر في ذات الوقت مبدأ ثبوت بالكتابة
بالنسبة لعقد القرض المبرم بين طرفي النزاع بذات القيمة محل التحويل المصرفي بما
يجعل ثبوت ما يدعيه المطعون ضده قريب الاحتمال ، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد
بالخطاب المار ذكره الصادر من البنك باعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة ووجهت اليمين
المتممة إلى المطعون ضدها فحلفها وقدرت المحكمة من ذلك أن الدليل الكامل قد توافر
على صحة ما يدعيه ورتبت على ذلك أن الدين موضوع النزاع ثابت ومستحق في ذمة الطاعن
يكون قد التزم صحيح القانون ، وكان الثابت من مطالعة صيغة اليمين التي حلفها
المطعون ضده أنها قاطعة الدلالة في ثبوت مديونية الطاعن بالمبلغ المطالب به ، وكان
محضر الحلف ـ على خلاف ما يدعيه الطاعن ـ مذيل بتوقيع الحالف فإن ما يثيره بأسباب
الطعن من أن خطاب البنك سالف الذكر لا يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة وأن صيغة اليمين
غير قاطعة في ثبوت المديونية وخلو محضر الحلف من توقيع المطعون ضده يكون على غير
أساس .
وحيث إن المحكمة تنوه إلى أن المصارف أصبحت وسيطاً
أساسياً في الأغلب الأعم من المعاملات المالية بين الأفراد والجهات المختلفة سواء
كانت هذه المعاملات ناشئة عن روابط تجارية أو مدنية ، وبرغم تزايد واضطراد هذا
الدور بحيث أضحت وساطة المصارف هي الأصل والمعاملات المالية النقدية المباشرة هي
الاستثناء ، إلا أن القانون لم يعرض للمحررات الصادرة من المصارف بوصفها نوعاً من
الأدلة الكتابية في العلاقة بين طرفي المعاملة المالية التي تتم عن طريق المصرف مع
إنه في بعض الصور قد يستحيل الحصول على دليل كتابي لإثباتها في ظل استحداث أدوات
مصرفية لا تتطلب في استعمالها الكتابة أو التوقيع ، وهو ما يستوجب تدخل المشرع لسد
هذا النقص التشريعي .
ولما تقدم
يتعين رفض الطعن .